د. محمد وراضي: ضرورة فتح تحقيق حول مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق!!

08 سبتمبر 2015 14:54
عودة إلى ذات الموضوع: لماذا تأخر تعيين الحكومة الجديدة؟

د. محمد وراضي: ضرورة فتح تحقيق حول مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق!!

هوية بريس – د. محمد وراضي

الثلاثاء 08 شتنبر 2015

ما بات لدينا قاعدة راسخة، هو أن المشرفين على وضع خطط لإنجاز مشروع فلاحي أو عمراني أو اقتصادي، لا يخلصون جميعهم لحفظ كل ما يتعلق به من أسرار! قد يؤدي إفشاء بعضها إلى اختلالات خطيرة! من جملتها تدخل غير مسموح به للاستفادة اللامشروعة منه؟ تدخل تتقدمه عناصر من واضعيه. أو ممن لهم بهم قرابة عائلية، أو ممن هم بمثابة أصدقاء وسماسرة مستعدين لدفع رشاوى بالملايين! خاصة متى تعلق الأمر بشراء أراضي لبناء فنادق أو قصور، أو “فيلات” أو عمارات، أو مكاتب ومتاجر في مواقع حساسة استراتيجية.

فقد صدر ظهير شريف رقم 4-05-70 في 20 شوال 1426 هجرية (23 نوفمبر 2005م) بتنفيذ القانون رقم 16-04 المتعلق بتهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق.

فيكون من البديهي أن تدخل في إطار التهيئة ثلاثة عناصر: أولها تحديد المنطقة التي سوف يقام عليها المشروع. وثانيها تحديد المساحة التي سوف يغطيها. وثالثها وضع تصميم من شأنه تسهيل عملية الإنجاز. لأن الاستثمار المتوقع، مرتبط بالجاهزية المالية للمستثمرين. كانوا مغاربة أو أجانب.

هذا إذا رغبت الدولة في جني ثمار ما يستثمره المستثمرون. مع ضرورة الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤخر الإنجازات المتوقعة، أو يؤدي بعد تعثرات ما إلى إلغاء بعضها أو جلها لأسباب مختلفة. خاصة منها التقلبات المفاجئة التي تلحق أضرارا بالاقتصاد الوطني أو العالمي. دون أن يبعد القيمون على المشروع من أذهانهم كل هذه الاحتمالات الممكنة، إذ لا بد لهم من إدخالها في تصوراتهم قبل افتتاح الأشغال. حصل تحديد مدتها أو لم يحصل، وإنما تركت الحرية للمستثمرين الذين تهمهم السرعة للانتقال إلى مرحلة الاستعادة التدريجية لما دفعوه من أموال مقابل إنجاز ما أنجزوه. ثم الانتقال إلى مرحلة الحصول على الأرباح الصافية التي من أجلها استجابوا لرغبة هذه الحكومة أو تلك في الاستثمار، لتحسين الدخل العام المدعم لمدخرات الخزينة العامة للدولة.

فما الذي حصل مع وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق بخصوص المشروع الذي تغنى به المغنون مطلع الستينيات من القرن الماضي دون أن يتم إنجازه حتى الآن؟

1- لم يتم الوقوف بدقة عند حدود ما يمكن أن يعتبر داخلا في إطار ضفتي أبي رقراق؟ فقد شملت مساحة إنجاز المشروع دواوير تدخل فيما يعرف بـ”أوطا حصين”؟ وهي كلها بعيدة عن ضفتي النهر التي تشمل مئات الهكتارات. ومن جملتها (800 هكتار) في ملك وزارة الأوقاف. والتي انتزعت الوكالة ملكيتها لا شك بثمن بخس. مع حرمان من يعود إليهم حق استغلالها كوارثين لهذا الحق أبا عن جد؟

2- بتاريخ 28 نوفمبر 2005م، نشر بالجريدة الرسمية عدد 5373 مرسوم يتعلق بتهيئة ضفتي أبي رقراق. وقعه بالعطف الوزير الأول الأسبق: إدريس جطو. وكان من أبرز ما ورد في فصله الأول فقرتان:

أ‌-  فقرة تنص على منع بيع الأراضي في المنطقة التي سوف ينجز فيها المشروع. وكذلك رهنها رسميا وغير رسمي، وكرائها، والبناء فوقها، وإحداث أي مشروع اقتصادي بها. وأن حق الشراء مكفوف فقط للوكالة؟؟؟ وهذا ظلم وإجحاف في حق المواطنين أصحاب تلك الأراضي! خاصة وأن هذا الظلم قد تم الكشف عنه بواسطة جريدة مستقلة عدد 759 بتاريخ 8-9 2010م. فقد أخبرت قراءها بأن الوكالة اشترت بعضا من الأراضي بمبلغ (200 درهم) للمتر المربع الواحد. ثم باعتها لاحقا بمبلغ (4000 درهم) للمتر المربع الواحد. ونحن على استعداد للكشف عند الضرورة عن اسم تلك الجريدة كمصدر موثوق.

ب‌- وفقرة ثانية تقول: “تنتهي مدة وقف العمليات العقارية المشار إليها في الفقرة أعلاه، ابتداء من التاريخ الذي ينشر فيه بالجريدة الرسمية، المرسوم الصادر بالمصادقة على تصميم التهيئة المشار إليه أعلاه”.

ولنا على هاتين الفقرتين التعليق الآتي:

1- توقيف الرهن الرسمي بالخصوص، شكل ضربة قاسية للفلاحين على ضفتي النهر، وللفلاحين في الدواوير التي تعد من ضمن أراضي “أوطا حصين”. فقد كانوا يستفيدون من القرض الفلاحي لأغراض تتقدمها تربية المواشي والدواجن والأبقار لإنتاج الحليب واللحوم التي تحتاج إليها المنطقة.

2- إما عدم اتصال الوكالة بكافة الإدارات التي يتعامل معها السكان، وإما أنها اتصلت بها ووضعت بين أيدي رؤسائها ظهير إنشاء وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، ومعه مرسوم تطبيقي، مما يعني أن تلك الإدارات استهانت بالظهير ولم تقم عبر تعاملها مع المواطنين بتطبيق ما ورد فيه؟

وإلا كيف يحصل أحد الفلاحين في المنطقة على ترخيص من القرض الفلاحي باقتراض “40000 ألف درهم” (والترخيص عبارة عن وثيقة تعاقدية بين الإدارة والفلاح). ثم يصحح الفلاح إمضاءه بمجلس المقاطعة. ثم يتجه إلى مكتب الضرائب، ليؤدي رسوم العقد المبرم بينه وبين القرض الفلاحي، بحيث إنه دفع مقابل الرسوم (400 درهم). لكنه وجد في النهاية اعتراضا لدى المحافظة العقارية حيث قيل له: إن الرهن ممنوع بنص يحويه “ظهير إنشاء وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق”.

3- بعد التحري يتضح أن الخطأ لم ترتكبه سوى الوكالة. ففي الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من الكتاب المذكور قبله ورد ما يلي: “يودع نظير من تصميم تحديد المنطقة المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة الأولى أعلاه، المشتمل على بيان إحداثيات الأنصاب، لدى المحافظة على الأملاك العقارية المعنية، ويمكن الاطلاع عليه بها”!!!

4- ووضع “نظير من تصميم تحديد المنطقة” لدى المحافظة العقارية معناه: تصريح بعدم وضعه لدى بقية الإدارات التي يتعامل معها المواطنون؟ أما قول الفقرة الثالثة: “ويمكن الاطلاع عليه بها” فكلام عام يعني الإداريين ويعني المواطنين، إنما هل اطلع عليه الطرفان؟

5-          إن لم يتم إخبار المواطنين بمرسوم 28 نوفمبر 2005م، فيستحيل أن يتحركوا من عند أنفسهم في اتجاه المحافظة العقارية، لمعرفة ما سوف يجري بخصوص نزع الملكية، وما حددته الوكالة من إجراءات لإنجاز مشروع التهيئة، كمنع البيع والرهن والبناء، إلى آخر ما أشرنا إليه؟

وإن نحن استبعدنا علم المواطنين بما يدور حولهم بخصوص نزع الملكية وتنفيذ المشروع المذكور، فكيف نستبعد علم كافة رؤساء الإدارات الحكومية به، وكأنهم من جملة عامة سكان المنطقة؟

6- فإذا ورد “في ظهير إنشاء وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق” أن شراء الأراضي مكفول للوكالة وحدها دون غيرها (وقد تم فضح تصرفاتها حينما اشترت أرضا بمبلغ 200 درهم، ثم باعتها بمبلغ 4000 درهم كثمن للمتر المربع الواحد). فكيف نفسر ظهور رجل في المنطقة يحمل اسم “حمزة”، كمتهافت على شراء هكتارات من أراضيها، دون أن يجد أي اعتراض يذكر من طرف أية سلطة؟ بل إنه وجد كافة الأبواب مفتوحة أمامه لتمرير عملية الشراء، حتى باب المحافظة العقارية التي وضع بين يدي مديرها “نظير من تصميم تحديد المنطقة”؟

7- وكيفية شراء “حمزة” للهكتارات التي اشتراها في مناطق استراتيجية مطلة من الأعلى على أراضي ضفتي النهر. هذه الكيفية رافقها الإغراء والتدليس. فقد أطلق سماسرته الذين يوهمون المواطنين بأن كافة أراضيهم سوف تستولي عليها الدولة قريبا بأثمان بخسة، والأفضل لكم –يقول- بيعها بثمن مناسب يفوق الثمن الذي سوف تحصلون عليه عند انتزاع ملكيتها منكم!!!

فكان لزاما على من لم يتم تحفيظ أملاكهم أن يحصلوا على شهادة الملكية من المقاطعة الحضرية، أما من حفظت أملاكهم فتكفيهم شهادة يحصلون عليها من المحافظة العقارية.

وحتى يتم للمدعو “حمزة” شراء هكتار أو هكتارين، فإن تنفيذ إجراءات البيع والشراء، يتولاها هو نفسه! فكأن الطريق ممهد أمامه دون غيره! إنه مرة يشتري بواسطة العدول! ومرة عن طريق كتابة العقد المدني! أما إمضاء المتعاقدين، فيتم دون ما اعتراض من طرف المسؤولين عن الإمضاءات في مجلس المقاطعة!!! مما يعني أن لرئيس هذا المجلس دورا غير بريء فيما كان يجري بخصوص بيع غير مشروع!!! هذا إن كان على علم بمنع البيع في منطقة سلطته ونفوذه. مع أنه في كافة الأحوال، هو على بينة بأن المسمى “حمزة”، يشتري أراضي من حيث يمنع الشراء! إذ كيف يعرف المواطنون اسم الرجل وما يقوم به، في حين يجهله رؤساء كل الإدارات المشار إليها لمرات؟؟؟

8- فيتضح أن رئيس المقاطعة مشارك في التدليس والتزوير، جنبا إلى جنب مع المشتري. كما شارك فيه المسؤول عن مكتب جني الضرائب! والمسؤول عن مكتب المحافظة، لأنهم جميعهم مدعنون لرغبات “حمزة” المطاع! خاصة متى صدقنا الافتراض القائل بأنه مجرد سمسار، وأن من يشتري لهم الأراضي هم وراء الستار، ولكنهم على أية حال تعودوا على الابتزاز للحصول على مزيد من مصادر الإثراء اللامشروع!!!

9-          ولا نريد أن نمر هنا دون الإشارة إلى أن المدعو “حمزة” الوارد ذكره في هذا المقال، هو لا شك نفس “حمزة” الوارد ذكره في رسالة رجل الأعمال البيضاوي: المحجوب فهمي، كما هو بين في الموضوع الذي أنجزته مرية مكريم، لفائدة جريدة “الأيام”، عدد 347 عام 2008م، حول موضوع “حقيقة العملية التي أسقطت أم الملك ضحية”! حيث إنه قدم نفسه -وهو يمارس لعبته- لرجل الأعمال المتآمر عليه كعميد شرطة ممتاز بالقصر الملكي!!!

10ـ وبتاريخ 28 سبتمبر 2009م صدر بالجريدة الرسمية عدد 5773 مرسوم تحت رقم 2.094.72 يقضي “بالموافقة على تصميم التهيئة الخاصة بضفتي أبي رقراق”. وكان الساكنة يتوقعون بفارغ الصبر إعادة الأمور إلى نصابها، خاصة وأنهم كانوا رافضين كتابة لنزع الملكية من جهة، ولأن أسماءهم وأراضيهم لم يشملهما التصميم الذي تم وضعه من جهة ثانية؟ ومع ذلك بقيت الوكالة مصرة على نزع ملكياتهم أملا في أن تجعل من أراضيهم تلك منطقة لإقامة مشروع أطلقت عليه “المنزه الكبير”. فكان أن واجهتها تنسيقية ممثلة للساكنة، فانتهت في التحاور معها إلى قبولها بإلغاء نزع الملكية عن أراضي “أوطا حصين” بعد رسالتين قدمتهما التنسيقية في الموضوع إلى السيدين: مدير الوكالة، ورئيس الحكومة باعتباره رئيسا لها. فتم بعد الاجتماع الذي جرى بينهما، إلغاء نزع الملكية بمرسوم صدر بالجريدة الرسمية عدد 5228 بتاريخ 9 يناير 2013م. فكان أن استقبل المواطنون الخبر بترحاب خاص. لكن الوكالة مع ذلك لا تريد أن تخسر الرهان الذي يمثله إصرارها على تحويل المنطقة برمتها إلى ما سمته ب”المنزه الكبير”، إرضاء -في الغالب الأغلب- لرغبة من اشترى لفائدتهم “حمزة” أراضي تقدر أمتارها بالآلاف!!! مع التأكيد على أنه ماض في شرائها حتى الآن؟؟؟

مما يعني أن الوكالة تشبه في تصرفاتها تجاه أراضي “أوطا حصين” تلك الدويبة التي تعيش في الماء وتمتص الدماء! والمعروفة بـ”العلقة”!!! وحتى عندما وضعت تصميما للمنطقة وحددت عرض إحدى الطرق الرئيسية في: 40 مترا. فإن جانب هذا الطريق قد شهد بناء مسكن بمباركة مجلس المقاطعة والسلطة المحلية، وبمباركة الوكالة ذاتها ما دامت ساكتة على ما جرى! مع العلم بأن مرسوم 2005م يمنع البناء منعا كليا؟ والحال أن المنزل المشار إليه عرضة للهدم لأنه لا يبعد عن الطريق إلا بأقل من خمسة أمتار؟ فضلا عن استمرار البناء العشوائي في المنطقة على قدم وساق؟ دون أن تتحرك السلطة المحلية التي يشكل الشيخ والمقدم عيونها التي لا تنام؟ لكن هذين الحارسين، حتى يتم خرق القانون بفظاعة، وجدا في عمليات مخالفته ما يتزودان به من رشاوى! هذه التي لولا سكوت رؤسائهما على ما يجري، ما تجرأ أي منهما على تجاوز القوانين المتعلقة بالتعمير وغيره؟

فيلزم بعد الذي أوجزنا الكلام عنه -ولدينا المزيد لمد الصحفيين به متى اتصلوا بنا- أن يفتح تحقيق بسرعة للاطلاع في عين المكان على ما وقع ويقع، ولمعرفة هوية الشخص الذي لا تقف في وجهه أية عرقلة سلطوية لمنعه من شراء عشرات الهكتارات، معتمدا على التمويه والتدليس، كأن يحدد تاريخ البيع بشهور قبل ظهور المرسوم المذكور قبله! أي قبل 28 نوفمبر 2005م، فضلا عن كون العقود طالما كتبت على يد العدول. إضافة إلى دور رئيس مجلس المقاطعة والسلطة المحلية في تمكين من طالبوا بوثيقة التملك التي بدونها لا يستطيع البائع بيع أرضه. لكن البركة كما يقال في “السيد حمزة” الذي يسهل اجتياز كافة العقبات! يكفي أنه في هذه الأيام بالذات اشترى هكتارا ونصف هكتار لدى “…..” دون أن يتحرك البائعون الورثة للحصول على لوازم البيع! حتى العدول هو الذي أحضرهم إلى حيث تم عقد البيع… وللحديث بقية…

العنوان الإلكتروني: [email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M