مذكرات المعتقل منير المتصدق (ح2)

09 سبتمبر 2015 20:51
مذكرات المعتقل منير المتصدق (ح2)

مذكرات المعتقل منير المتصدق (ح2)

رحل إلى ألمانيا ليدرس الهندسة فوجد نفسه مدانا بأحداث 11 شتنبر

منير المتصدق*

هوية بريس – الأربعاء 09 شتنبر 2015

وبعد، فقد ذكرت فيما سبق أن أهم ما اعتمد عليه الادعاء العام للدولة الألمانية في إدانتي واعتمدت عليه المحاكم الألمانية تبعا للمدعي العام هو أن تبرهن أنه في غضون سنة 1999 تكونت «خلية إرهابية في هامبورغ» هدفها تنفيذ عمليات إرهابية ضد اليهود الأمريكان وذلك باستعمال طائرات مدنية.

وقد أشرت أن الادعاء العام هذا لم ينسب «لتنظيم القاعدة» مشاركته في «عملية 11 شتنبر» إلا كونه كان معينا؛ لا أن أصل العملية نفسها من تخطيطه وتنفيذه، فالمدعي العام والقضاة تبع له لم يبرحوا عاكفين على تأكيد هذه الأسطورة؛ وعلى أن كل تخطيط لهذه العملية ثم في سنة 1999 من طرف أعضاء «خلية هامبورغ» وذلك، وكما أوضحت سابقا، أن القانون الألماني آنذاك لم يكن بعد يعاقب على تأسيس «جمعية إرهابية» خارج ألمانيا!

تعال معي -أيها القارئ الكريم- لأريك ولتشاهد كيف يصنع الباطل وأين معدن الخديعة في دولة القانون.

سأسرد على مسامعك ثلاث تصريحات لثلاث شهود اعتمدت عليها المحاكم الألمانية واعتمد عليها المدعي العام غاية الاعتماد أو قل كل الاعتماد في تنصيص الإدانة.

الشاهد الأول shahid nickels:

هذا الشاهد الذي تزعم المحكمة أنه كان من أقرب الناس إلى هذه «الخلية» يسأل في محضر الشرطة من طرف المحقق عن «الخلية» فيجيب: «أنا لم أقل أنها خلية ولكن كانوا عشرات من الشباب يعرف بعضهم بعضا وكانت لهم حلق علمية دينية في بعض المساجد…».

… ثم يعيد المحقق سؤاله ويقول: «لو افترضنا أنها جمعية فكيف يكون في نظرك ترتيبهم في الجمعية تنازليا؟».

الشاهد: «إذا يكون «محمد عطا» و«ابن شيبة» في القمة ثم بعدهم «مروان الشحي» و«زياد جراح» ثم بعدهم الآخرون…».

هذه الشهادة يأخذها المدعي العام والقضاة أنفسهم دليلا قاطعا على أن «الخلية الإرهابية» تكونت في هامبورغ وزعيمها «محمد عطا» أحد منفذي العملية.

بقي الآن أن نبين أهداف هذه «الجمعية الإرهابية»

ثم يأتي دور الشاهد الثاني (Hoger Liszkowski):

هذا الشاهد كان أحد سكان «بيت الطلبة» الذي قطنت فيه… فهو يقول في محضر الشرطة أنه تنصت خفية في أحد الأيام أخاطب جارا لي في السكن نفسه وأنا أقول على زعمه «إننا سنفعل شيئا كبيرا ونرقص على مقابر اليهود» واللفظة له، ثم يضيف بعدها قائلا أن: سبب تذكره لهذه المقالة أنها قيلت في وقت كان هو -أي الشاهد- يأمل في سلام بين اليهود والفلسطينيين وذلك برئاسة «إسحاق رابين» آنذاك للدولة في إسرائيل وقيامه بمفاوضات للسلام مع الفلسطينيين .. انتهى كلامه.

بقي أن تعلم أيها القارئ أني لم أسكن «بيت الطلبة» هذا إلا في شهر أبريل من عام 1996 «04/1996» وأن مقتل «إسحاق رابين» كان قبل عام في نونبر 1995 «Nov/1995».

فهو -الشاهد- تنصت على اثنين لم يرهما، وسمع قولا لم يحفظ منه إلا هذه الجملة، ولم يستطع أن يدلي بأي كلمة قبلها ولا بعدها، وفي وقت استحال فيه تواجدي في هذا السكن.

ثم إذ هذا الشاهد الذي هو عضو لجمعية كنيسية نصرانية؛ والذي سكن أخوه “إسرائيل” لمدة؛ زعم أني كنت أرفض الحضارة الغربية وذلك لثلاث أمور أدلى بها أمام القاضي فهو يقول: «إن منيرا كان يمنعنا من تعليق صور النساء العاريات على الجدران في السكن، ثم إنه كان يرفض رمي قوارير الخمر الفارغة حين يكون دور النظافة عليه، وأخيرا فإنه كان يكثر من الذهاب إلى المسجد» انتهى كلامه.

… فهكذا تكون حضارة الغرب عنده…

أضف إلى ذلك جواب الجار الذي أنا خاطبته على زعمه بهذه المقالة حيث قال: «إن هذا هراء لم يقع وأن منيرا لا يأتي بهذه الألفاظ بتاتا».

هذه الشهادة لهذا المتنصت يستلمها قاضي المحكمة بصدر رحب؛ ويدافع عنها أشد الدفاع ثم ينقِّيها من الشوائب التي هدمت أصلها، فيقول إن هذه المقالة من المتهم حصلت بالفعل، وأن الشاهد وإن أخطأ في تعيين وقت مقالتها فهو صادق لا يتصور منه الكذب، وأن الجار المخاطب بهذه المقالة لم يرد بنفي هذه المقالة إلا أن يبعد نفسه عن عواقب وتوابع لا يريد هو أن يقع فيها إن هو أكد هذه المقالة.

الشاهد الثالث وهي عاملة في المكتبة العمومية لمدينة هامبورغ واسمها «Duile»:

هذه الشهادة تزعم أنها تتذكر وبعد سنتين أن الشباب العرب المشاركين في العملية الإرهابية في أمريكا والذين أذيعت صورهم عبر قنوات التلفزة كانوا يداومون على زيارة المكتبة العمومية بهامبورغ خلال سنة 1999، وأن في أحد الأيام يأتي واحد منهم، وهو «مروان الشحي» أحد قواد الطائرة التي أصابت المبنى التجاري في نيويورك، يأتي متوجِّها نحوها ويصرخ بألفاظ ضد اليهود وأمريكا، وتذكر أيضا أنه خلال «فورته الغضبية» هذه ذكر «المجمع التجاري بنيويورك WTC».

وتشير كذلك إلى أن صديقها السابق كان حاضرا لهذه الواقعة.

هذه الشاهدة لما سألتها أنا شخصيا خلال المداولات أن تصف لنا أشكال هؤلاء الشباب التي تتذكرهم لترددهم على المكتبة خلال 1999، تأتي بما هو مخالف تماما لأوصافهم: فأطول الشباب صار أقصرهم، وأضخمهم أصبح أرفَعَهم، فهي لا تتعرف عليهم إلا بما شاهدته من الصور المذاعة آنذاك عبر القنوات التلفازية والتي لم تكن إلا صورا لبطاقات هوياتهم.

أما عن جوابها فيما إذا كانت تتعرف عن المتهم منير المتصدق فتجيب بالنفي القاطع.

… كيف لا وصورتي لم تدع بعد في قنوات التلفزة؟؟

لكن أغرب من ذلك أن تعلم أن هذا الذي «فار فورته الغضبية» ونطق بما نطق لم يكن أصلا يقطن مدينة هامبورغ في هذه الفترة التي هي تزعم أنها رأته فيها مرارا يتردد على المكتبة، وهذا ثابت بجميع الوثائق التي هي بحوزة المحكمة نفسها.

فمروان الشحي هذا كان يدرس في مدرسة بمدينة «بون bonn» والتي تبعد بمئات الكيلومترات عن هامبورغ، يستحيل أن يتردد بين المدينة والأخرى في يوم واحد فيحضر المدرسة بمدينة «بون» ثم يزور المكتبة العمومية مع أصدقائه في مدينة «هامبورغ»؟

اللهم إلا إذا كان يتنقل بالطائرة النفاثة؟؟

فأما عن حضوره المدرسة بـ«بونbonn» فهو ثابت على قائمات الحضور التي هي في حوزة المدرسة وعليها توقيعاته.

فكيف يعقل بعد هذا أن يأتي قضاة يزعمون أن الفهم والذكاء انحصر عنهم؛ ثم يثبتون هذه الخزعبلات ويبنون عليها حكما أزج بسببه في السجن لمدة خمسة عشر سنة (15)؟؟

وأما عن صديق هذه الشاهدة الذي حضر على زعمها فورة غضب «مروان الشحي» أو قل إن أردت «شبح مروان الشحي» فإنه أدلى أمام المحكمة بأنه لم يتذكر مما قالته صديقته سابقا شيئا.

المحكمة وعلى نهجها في التحري تقرر أن عدم تذكر الصديق للحادثة لا يطعن في كون الشاهدة صادقة في قولها.

أعرفت الآن كيف تقام محاكم الإدانة في دولة القانون، فبعد أن اخْتُلِقَت الجمعية الإرهابية لهامبورغ وحدِّد زعيمها وأعضاؤها واتضحت أهدافها؛ ثم بعد ذلك تم التعرف على موقع تنفيذ العملية، أصبح كل ما قام به المتهم «منير المتصدق» في حياته اليومية ومعاملاته مع زملائه وأصدقائه وخدماته لهم، إعانةً لتحقيق أهداف «الجمعية الارهابية».

فمثل هذه الخيوط العنكبوتية وعلى شاكلتها تنسج محاكم «العدالة» في ألمانيا ثوب الظلم والخسارة وتلبس الحق بالباطل، لا والله لا إقامة للعدل ولكن انتقاما ودسيسة.

فمحاكم الإرهاب في ألمانيا معظمها على هذه الوثيرة، ترحب بكل شهادة -أي شهادة تدين المتهم-، وتقصي كل شهادة تدفع التهمة عنه بل وتتجاهلها أصلا.

فلا تغر برونق وبهاء صالات المحاكمة في دولة القانون ولا بإنارتها ولا بزَيِّ قضاتها، فبظلم هؤلاء هدمت أسر واستبيحت محارم.

… هذا «ولتستبين سبيل المجرمين».. وللحديث بقية..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* منير المتصدق

سجن هامبورج/ألمانيا

رقم السجين 6/07/522

الزنزانة 524.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M