قضاة الانقلاب بماذا ستجيبون ربكم؟

13 أكتوبر 2013 23:39

ذ. يونس الناصري

هوية بريس – الأحد 13 أكتوبر 2013م

لا يشك المراقبون المنصفون لمجريات الأحداث المصرية أن أخطر مِعْول هُدمت به الشرعية الديمقراطية هو القضاء الفاسد؛ إذ ما فتئ الأشرار منهم المعادون للمشروع الإسلامي المعتدل يعرقلون مسيرة محمد مرسي بتعنتهم وتجبرهم على خلق الله، مستغلين هيبة القضاء حين كان شريفا في نفوس الناس ليمكروا بهم لصالح الدولة العميقة.

وكلما رفع بعض الشرفاء راية تطهير القضاء في عهد مرسي الذي لم يستجب للأسف لهذا المطلب المهم، انهالت عليه ردود المستشار الزند وعصابته الإعلامية، رافعين راية: القضاء خط أحمر، والتشكيك فيه ضرب في شرف الدولة ومصداقيتها.

وصدقت توقعات الكثيرين بعد وقوع فاجعة الانقلاب الغاشم، وتبينت للجميع أجنحة المكر الثلاثة (العسكر والقضاء والإعلام)، التي انقضت على إرادة الشعب المصري قمعا وقتلا وتحريقا وسجنا وإرهابا. والقضاء الظالم الذي لا يخشى الله طرفة عين أخطر تلك الثلاثة؛ فقد ابتدأ كيده ومكره بتعاونه مع الانقلابيين، وتحقيره لنفسه لما سمح لها بأن تكون خادمة ذليلة لدى السيسي ومحمد إبراهيم وأزلامهم البلطجية، واتهامه للرئيس الشرعي بقضايا أضحكت منهم عقلاء العالم، وزعمه النزاهة والعدل وهو يبرِّئ إلهام شاهين ويسجن الشيخ الجليل عبد الله بدر.

إنه لا ينقضي عجبي حينما أقرأ تحت منصة جلوسهم داخل المحكمة عبارة “العدل أساس الملك” وهم بعيدون منه بعد المشرقين، وجَوْرُهم ملأ ما بين السماء والأرض، يحتجزون الصالحين ويرضون عن تعذيبهم نفسيا وجسديا، ويمنعون منهم أهاليهم، ويطلقون في الآن نفسه سراح الذي قامت ثورة 25 من أجله والذين قتلوا حرائر المنصورة، وحمرة الخجل لا تظهر على وجوههم، بل إن لحم وجوههم قد ذاب لخستهم ودناءتهم.

قلوبهم فظة غليظة سوداء لا تخاف الله أبدا، ولا أدري كيف ستلقاه يوم الحساب، لما يقوم كل الشهداء بدمائهم يمسكون بتلابيب القضاة المفسدين يطلبون القصاص في حضرة جبار السماوات والأرض؟ والله إنه لمنظر تقشعر منه أبدان المؤمنين، وتدمع له عيون المخلصين، وتشفق منه نفوس القضاة العادلين، وتحار فيه ألباب المفكرين.

يقول ابن قيم الجوزية في “إعلام الموقعين عن رب العالمين” (2/67): “قال عليه الصلاة والسلام: يُؤتَى بالقاضي العدل يوم القيامة، فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط” هذا القاضي العادل الذي يحكم بصدق ونية خالصة لله تعالى، ويراعي أحوال كلا الخصمين المتحاكمين إليه، فلا ينحاز إلى أحد رغما عنه، ويظلم الطرف الآخر، يشتد عليه حساب الله -وإن كانت الجنة مثواه- إلى درجة تمنيه أن لم يكن قاضيا ولا درس القضاء ولا عرفه، فكيف بمن قتل الآلاف وسجن عشرات الآلاف وجرح أعدادا غفيرة لا يعلمها إلا الله ؟؟؟ وجاء في “أدب القضاة للسروجي” أن أبا حنيفة رحمه الله دعي إلى القضاء ثلاث مرات فأبى، حتى إنه ضُرب في كل مرة ثلاثين سوطا، وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني امتنع فقُيِّد وحُبس فاضطُر فتقلد.

لذلك أوعد اللهُ القضاةَ بالنار في حديث ابن بريدة عن أبيه عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: “القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة: رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى بين الناس بالجهل فهو في النار، ورجل عرف الحق فجارَ فهو في النار” (أصحاب السنن وابن ماجة والبيهقي، وهو صحيح بمجموع طرقه).

تالله إن أمر هؤلاء القضاة الذين يسرعون الحسم في القضايا الملفقة للرئيس الشرعي وقيادات التحالف الوطني لدعم الشرعية وكل الشرفاء المقبوض عيلهم ظلما وعدوانا، ويبطِّئون، بل يهملون بلاغات كثيرةً تطالب بمحاكمة السفاحين الحاكمين الآن، حتى لا تسمع لها حسيسا، إن أمرهم لشديد الخطر إن لم يتوبوا من قريب ويصبروا لمحاكمة الشعب لهم.

وأدهى من ذلك تقديمُ بضعة وخمسين قاضيا شريفا للاستجواب تمهيدا للملاحقة من قِبَل سلطة القهر بمباركة القضاء بتهمة التعاطف مع الشرعية، وواعجباه من تهمة سخيفة لا يقبلها عقل ولا حس ولا عرف ولا شهامة..

لقد استعجل الانقلابيون نهايتهم بهذه الخسة التي لم تشهدها أمة من الأمم، وما على الشعب الأبي إلا أن يصبر ويرابط بسلمية وحسن خلق لوقت وجيز حتى يأتي الله بأمره، فإن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M