عندما كان التعليم ومحاربة الأمية من أولويات الأحزاب المغربية

19 أكتوبر 2013 21:14
محمد بن العربي العلوي ومحمد بن الحسن الوزاني

محمد بن العربي العلوي ومحمد بن الحسن الوزاني

ذ. إدريس كرم

هوية بريس – السبت 19 أكتوبر 2013م

مقاومة الأمية في المغرب

هذا العنوان جاء في جريدة (البصائر) لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، سنة 1949م ومما جاء فيه:

من الأخبار السارة الواردة علينا من القطر الشقيق، أن الأحزاب السياسية فيه قد نهضت لمقاومة الأمية ومحاربة الجهل الفتاك في المجتمع المغربي بصورة عملية واسعة النطاق، إذ نظمت لهذا الغرض الشريف دروس القراءة والكتابة للكبار والصغار، ووزعتها على مراكز كثيرة في البادية والحاضرة.

وإنا لنرجوا من أحزابنا السياسية في أقطار هذا الشمال أن تشفع جهادها السياسي العتيد بإعلان حرب منظمة على الأمية والجهل المنتشرين في أوساطه، وإن قليلا من النضال في هذا الميدان لقمين بأن يعد لنا جيلا جديدا إعدادا صحيحا يريه كيف يتخلى عن الرذيلة ليتحلى بالفضيلة، وكيف يحبط أعمال السياسة الاستعمارية القائمة على التجهيل والتخريب، لا على التمدين والتهذيب كما زعم أقطابها انتهى منه بلفظه.

وعن الموضوع ذاته وفي نفس الفترة، كتب العلامة المؤرخ عبد الله الجراري في كتابه (من أعلام الفكر المعاصر ج1).

توجيه الشباب لمكافحة الأمية

إن حالتنا لسنة 1950 من ناحية الأمية تستدعي جهودا جبارة لا مناص للشباب المتنور في بلادنا من تحملها، فعليه بالخصوص تعود تبعية انتشال الوسط المغربي من هذا الوباء، ويتحتم أن يكون في طليعة المكافحين لاستئصال شأفته، وتطهير المجتمع من سمومه، بل يلزم أن يتزعم محاربة الأمية بنفسه لفقدان السلطة التي يرجع إليها أمر قيادتها وإحكام البرامج ووضع الخطط العلمية للقضاء عليها، فعلى الشباب أن ينظم الحملة ضد الجهل والأمية، وعليه ترجع مسؤولية الإطباق عليهما بكل الوسائل (ص:149).

لقد أحس المغرب المضطهد بخطر الأمية، فقام  تحت نير الاضطهاد يكافحها تحت ستار الدياجر ومخاوف التنكيل أواسط 1950 فاتحا أبواب المدارس الحرة ليالي رمضان، شانا حربا على الأمية، غير أن الحملة لم تؤت أكلها كما كان ينتظر، بسبب التهديد وإبعاد رجال المقاومة؛ أما حملة المكافحة لسنة 1951 فلم تبلغ نشاط السنة قبلها (ص:159).

هذا عن محاربة الأمية، أما إنشاء المدارس فكان للأحزاب معها شأن كبير، فابتداء من 1920 بدت أولى تلك المدارس على يد العلماء الذين سيصبحون في المستقبل قادة وزعماء مثل محمد بن العربي العلوي والفقيه محمد غازي والفقيه عبد السلام السرغيني بفاس، والفقيه محمد بن أحمد بناني الرباطي والفقيه الصديق بن محمد الشدادي والفقيه محمد بن اليمني الناصري بالرباط، ومثل ذلك في باقي المدن (ص:165).

عبد السلام السرغيني

وبعد ظهور التنظيمات الحزبية وقع التنافس بينها في مجال التعليم والتكوين وإرسال البعثات، وقد انخرط المغفور له محمد الخامس في تلك الأعمال  حيث كان يساهم بماله الخاص في المشاركة في بناء المدارس الحرة التي لم يكن هدفها الربح ولكن التكوين والتأطير ومحاربة الأمية والاستعمار.

ولعل أحسن نموذج لذلك هو معهد مولاي المهدي بتطوان ومدارسه في الشمال وبعثته العلمية إلى القهرة حيث تم إقامة بيت المغرب تحت إدارة  الفقيه محمد بن اليمني الناصري في أواخر الثلاثينيات.

هل تعود الأحزاب لخدمة المجمع؟ 

ترى هل تقوم الأحزاب المعاصرة بما قامت به الأحزاب في الماضي، ويتعبأ شبابها ومنخرطوها  لمحاربة الأمية وقيادة نهضة أخلاقية وإبداعية تتغيى الرفع من فاعلية  المشاركة الشبابية والفكرية  والتطوعية للإصلاح الاجتماعي والديني والقيمي، والإسهام في إبعاد السلبية والتواكل، وأن تصبح الأحزاب والمنظمات النقابية والمهنية أداة تطوير وليس أداة تشوير للمصالح الفئوية والمهنية في أحسن الأحوال؟ 


(الأستاذ إدريس كرم)

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M