الكلمة المُعلِمة عن الإشارة المُفهِمة.. الشيخ رسلان وإشارة رابعة

22 أكتوبر 2013 02:05

ذ. طارق الحمودي

هوية بريس – الثلاثاء 22 أكتوبر 2013م

للإشارة والرمز محل معتبر في مسائل الفقه المبنية على ألفاظ المكلفين كالطلاق والحلف واللعان وغيرها وقد وردت في اعتبارها أخبار وآثار متواترة الدلالة والمقصد، ومن ذلك إشارات الرأس واليد والعين.. ولعل لإشارة اليد  الحظ الأوفر والنصيب الأكبر في هذا الباب.

ومن تلك الأحاديث مجموعة لا بأس بها جمعها البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الطلاق تحت باب الإشارة في الطلاق والأمور وباب اللعان بعده .

أما بعد:

فقد وقفت على مقطع لخطبة الشيخ رسلان أسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق في عيد هذا العام (1434) تحدث فيها عن عيوب الأضاحي الأربعة المنصوص عليها وأورد حديثا نبويا فيها متضمنا إشارة النبي صلى الله عليه وسلم بأصابعه الأربعة لها، ثم استطرد في الحديث عن إشارة رابعة استطرادا غير معقول منبها إلى سوء اختيار أصحابها لها للدلالة على موقفهم.. وأنهم يشيرون إلى عيوب ونقص.. سخرية منه واستهزاءا بهم.

قلت: الربط بينهما من الناحية العلمية ربط خطأ.. وتكلف في المقارنة غير محمود.. فاستعمال الإشارة بالأصابع الأربعة فقهيا غير محصور في التنبيه على العيوب…!

لنبدأ أولا بالتنبيه إلى أن الرمز هو الإشارة لقوله تعالى: (آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا)، قال الضحاك بن مزاحم: إلا رمزا إشارة. وقال الضحاك بن شراحيل: الرمز الإشارة.

وعن بشر بن المفضل قال في حديث أبي هريرة مرفوعا في ساعة الإجابة يوم الجمعة على ما ذكر ابن حجر كما في بعض الروايات: (ووضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر) وأصلها في البخاري على سبيل الإدراج على قول ابن حجر.

قال الحافظ العراقي في طرح التثريب (3/197): (الظاهر أن المراد أنملة الإبهام) وكأنها وضعت في وسط الكف كما في فتح الباري وهي إشارة تشبه إشارة رابعة !

وروى ابن أبي شيبة في المصنف (4/111) عن جرير عن بيان عن الشعبي أن رجلا سئل مرة: أطلقت امرأتك…؟ قال: فأومأ بيده بأربع أصابع.. وهذا يعني أن استعمال هذه الإشارة لا بأس به للدلالة على شيء معلوم؛ وبيان هو ابن بشر الأحمسي البجلي ثقة.

وقريب منه ما رواه عبد الرزاق في مصنفه (7/332) عن الثوري عن سالم عن إبراهيم قال: سأله وبرة عن ثلاثة نفر وامرأتين شهدوا على امرأة بالزنا؟ فقال: لا إلا هكذا.. وأشار بأربع أصابع.. يقول: إلا الأربعة! وها هو أحد الأئمة الفقهاء يجيب بالأصابع الأربعة في سؤال فقهي.. إذن فالإشارة بالأصابع الأربعة للدلالة على أمر ما جائز وليس فيه أي عيب إن كان لمقصد مشروع وغاية شرعية.

ولذلك قال ابن حجر رحمه الله عند حديث (وعقد تسعين): (ووجه إدخاله في الترجمة أن العقد على صفة مخصوصة لإرادة عدد معلوم يتنزل منزلة الإشارة المفهمة) وسبقه إلى ذلك ابن المنير في المتواري، وهذا لا يكون إلا بعد جوازها أصلا.. وكذلك حالها.. فالعلماء على جواز استعمال الإشارة عوض اللفظ في حقوق الله في أمور الديانة إذا كانت مفهمة !

لم يكن قصدي في مقالتي هذه بيان موقفي من إشارة رابعة وحيثياته بل كان غرضي.. إزالة التشويش مرة أخرى.. فقط! 

فليكفوا أو ليعفوا.. فقد سئمنا الحديث في هذه الأمور.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M