د. حميد العقرة: عاشوراء بين المشروع والممنوع

21 أكتوبر 2015 20:42
عاشوراء بين المشروع والممنوع

عاشوراء بين المشروع والممنوع

هوية بريس – د. حميد العقرة

الأربعاء 21 أكتوبر 2015

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى

وبعد؛ عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم.

والفضل الذي ورد في حقه شرعا هو الصيام لحديث أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ) وفي لفظٍ (أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَه) رواه الشيخان.

وكانَ رسول الله يتحرى صيامَ هذا اليوم، فعنِ ابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهماٍ قال: (مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إلا هَذَا الْيَوْمَ: يَوْمَ عَاشُورَاءَ) رواه الشيخان.

والأفضل صيام التاسع والعاشر لما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع“. قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

خاصة وأنه صادف هذه السنة يوم السبت، وقد صح الحديث بالنهي عن صيام يوم السبت منفردا تطوعا لحديث الصماء رضي الله عنها أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ((لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاءَ عنبة، أوعود شجرة فليمضغها)) رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه جمع منهم الألباني رحم الله الجميع، فخروجا من الخلاف يصام التاسع والعاشر يعني الجمعة والسبت، لتحقيق السنة والخروج من الخلاف بين أهل العلم في مسألة هل يصام السبت منفردا تطوعا.

وأما ما يفعله الناس اليوم من التوسعة على الأهل والعيال بشراء الفواكه الجافة وطبخ الطعام بأشكال وأنواع فأخشى أن يكون من بقايا النواصب الذين قابلوا الرافضة الذي اتخذوا هذا الشهر شهر حزن وعويل وضرب الخدود وشق الجيوب وغيرها من أعمال الحمقى والجاهلية وما ورد عن بعض أهل العلم من التوسعة عمدته حديث: “من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته” راه الطبراني في الأوسط واسحاق في مسنده وغيرهما.

وقد حسن سنده أبو الحسن بن القطان الفاسي في فضائل عاشوراء (اللوحة 114 و115 مخطوط ضمن مجموع بخزانة ابن يوسف بمراكش)، وضعفه جمع منهم الحافظ أبو العلاء العراقي الفاسي (ت1384) في جزء (التنبيهات الحسنة على حديث التوسعة، انتهيت من تحقيقه) وابن القيم في المنار المنيف ص:111) والألباني في الضعيفة برقم:6824.

وهو الحق إن شاء الله.

ومما انتشر في زمننا بهذه المناسبة: شراء لعب للأطفال وقد ذهب إلى جوازه العلامة أحمد بن خالد الناصري السلاوي صاحب الاستقصا (ت1315) في كتابه “تعظيم المنة بنصرة السنة وهو مخطوط (ق 46/أ) استدلالا بحديث الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قرَى الأَنْصَارِ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائمًا فَلْيَصُمْ قَالَتْ: فَكنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ” رواه الشيخان.

ومن المخالفات كذلك اتخاذه عيدا:

روى ابن وضاح الأندلسي في كتابه (البدع؛ ص:117) عن سعيد بن حسان قال: “كنت أقرأ على ابن نافع -هو الزبيري (ت 216) صاحب الإمام مالك- كتبه، فلما مررت بحديث التوسعة ليلة عاشوراء قال لي: حوق عليه، قلت ولم ذلك يا أبا محمد؟! قال: خوفا من أن يتخذ سنة”.

ومن المخالفات تزين النساء بالحناء:

قال ابن الحاج المالكي في المدخل (1/291): “ومن البدع التي أحدثها النساء فيه استعمال الحناء على كل حال، فمن لم يفعلها منهن فكأنها ما قامت بحق عاشوراء”.

ومن المخالفات: تخصيص زيارة القبور يوم عاشوراء

قال ابن الحاج المالكي: “ونفس زيارة القبور في هذا اليوم المعلوم بدعة مطلقا” المدخل (1/290).

ومن المخالفات: إيقاظ النيران في الطرقات واللعب بالمفرقعات التي تروع الناس، وهذا من شعائر المجوس عباد النار، قال الناصري: “ومن بدع عاشوراء ما يفعله بعضهم من إيقاد النيران ليلتها” تعظيم المنة (ق 39/ب).

ومن المخالفات: خروج النساء متبرجات متزينات ويجتمعن أمام أبواب المنازل يغنين ويضربن بالدفوف والطبول، فأين الحياء والحشمة؟! ينطقن بكلام سافل ساقط (عيشوري عيشوري دليت عليه شعوري..) أو (حنا بنات بابا عيشور ما علينا الحكام) يعني يباح لهن فعل ما يردن في هذه الليلة حتى الحرام عياذا بالله.

ومن المخالفات: “قولهم بابا عيشور”

ويخرج شخص يلبس فرو الخروف ونحوه بزعم أنه (باباهم عيشور).

وهذا فيه مشابهة للنصارى عياذا بالله في احتفالاتهم الكفرية عند رأس السنة الميلادية بما يسمى (بابا نويل).

فالواجب لزوم الشريعة الإسلامية الغراء وما كان عليه سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثر السلف الصالح رضوان الله عليهم، مع البعد عما أشرت إليه من المخالفات حذرا وتحذيرا.

والله ولي التوفيق.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M