الاتحاد الإفريقي والدور المطلوب فيما يعانيه مسلمو أنغولا

04 ديسمبر 2013 22:00
احمد التيجاني احمد البدوي

احمد التيجاني احمد البدوي

أحمد التيجاني أحمد البدوي

هوية بريس – الخميس 05 دجنبر 2013م

ظلت إفريقيا لقرون طويلة حظيرة للرقيق ومورد لتجارته، حتى وقت قريب قبل مائتين سنة، وقبل أن تلغي الحكومة البريطانية قانون تنظيم تجارة الرقيق، كما كانت مغلقة الأبواب أمام أي مدّ ثقافي أو تمدد حضاري، حتى تبقى كذلك مخزن للثروات الظاهرة والباطنة، وبما فيها من الرجال أي العبيد.

ظل الحال كذلك حتى خلال فترة “الاستعمار” الذي برر مجيئه لإفريقيا لبث الثقافة وإشاعة التعليم، ولكن الواقع كذب ذلك، وقد خرج “الاستعمار” وترك إفريقيا على وثنيتها حفاة عراة، بل كبل بعض المناطق ببعض القوانين التي تحد من الانفتاح وتبادل الثقافات، وذلك بزرع بعض الفتن الإثنية، وسن القوانين التي من شأنها أن تدعم هذه الفكرة، ومنها قوانين المناطق المقفولة في السودان، والذي بعدها خرج الاستعمار من السودان ولم يترك وراءه شيء يذكر في كل المجالات الخدمية، لم يترك جامعة واحدة ولا مدارس تذكر، ولا مستشفيات ولا طرق ولا سكة حديد ولا الكنائس، وتعاليمها لم تكن بالكثافة التي تجعل من الإنسان واعيا عارفا حقوقه عالما بواجباته، لكنهم خرجوا وتركوهم عراة كما وجدوهم، وهكذا فعلوا في كل إفريقيا إلا القدر القليل من الخدمات الذي يعينهم على إدارة الدولة.

وبعد خروج “المستعمر” خلف وراءه كذلك الشعور بالدونية وقدسية الرجل الأبيض وأفكاره ودينه، ومن المؤسف أن هذه الأفكار كان يرعاها الحكام الأفارقة الذين خلفهم “الاستعمار”، وظل يدعمهم ويحيك المؤامرات على كل من يرفع صوته مناديا بحق أو حرية او استقلال، بالإضافة إلى ارتباطهم روحيا واقتصاديا مع الدول المستعمرة، يفعلون ذلك وقد نسوا التاريخ وتناسوا كل المرارات التي فعلها بهم البيض عبر التاريخ، والذي كان فعلا ممنهجا ومقننا ترعاه السلطة وعلى مرأى ومسمع من الكنيسة.

ظل الحال كذلك إلى وقت قريب، وإفريقيا ترزح في التبعية وتنفيذ التعليمات وتمرير السياسات والتي غالبا ما تكون مدفوعة الثمن، لكن بعد إنشاء الاتحاد الإفريقي وظهور بعض الأحرار من بين الحكام والنخب، بدأ الوضع يتغير وخطا خطوة نحو الاتجاه الصحيح، وذلك باتخاذه موقفا مستقلا مما يجري في العالم من أحداث، وفي مقدمتها الموقف من المحكمة الجنائية والمشهد المصري والسوري الذي عرى الغرب وكشف عن عورته، وأزاح الستار عن ثقافته وضحكه على الذقون بأنه حامي الديموقراطية وحارس حقوق الإنسان!!

فعلى الشعوب أن تعي وتتحسس موطئ أقدامها، وتعرف هؤلاء على حقيقتهم، وتتعامل معهم من هذا المنطلق، وما في التاريخ من سير وما في الحاضر من عبر، يكفي وإلا نكون أمواتا، وليس لضرب بميت إيلام، وإلا ينطبق علينا المثل: من نشأ في العبودية لا يعرف الحرية ولا يتطلع إليها ولو كانت السماء تمطر حرية لرأيت بعض العبيد يحملون مظلات.

على الاتحاد الإفريقي أن تكون له مواقف أكثر جرأة وشجاعة في مواجهة الأحداث والقضايا الإفريقية خاصة، وليعلم الاتحاد أن مواقفه الأخيرة جعلت له قيمة في وسط الرأي العام العالمي والمحلي، وأكسبته ثقة الشعوب ونال احترامها.

نأمل أن لا يتراجع عن هذا الخط المبادر المتقدم الذي جعل من دولة قطر الصغيرة دولة كبيرة لها وزنها وأثرها على السياسات الإقليمية والدولية، فإن لم يكن لإفريقيا وضعية وإمكانية أكبر لم تكن أقل من ذلك.

فإلى مزيد من التحرر والاستقلالية والعزة والكرامة التي يكتسبها الإنسان بتصرفاته، وليست منة من أحد ولا مطلوبة من أحد، ومن لم يهو صعود الجبال يبقى أبد الدهر بين الحفر. فليفعل الاتحاد الإفريقي ذلك ولا يلتفت إلى المساعدات والمعونات الفتات المحشوة بالذل والهوان وتكريس التبعية ورهن القرار، فليفعل ذلك الاتحاد الإفريقي ويستذكر بيت الشعر الذي قاله عنترة وهو إفريقي الجذور: “لا تسقني ماء الحياة بذلة — بل فاسقني بالعز كأس الحنظل”.

على الاتحاد الافريقي في خطواته التحررية الريادية تلك أن لا يجزئ الحرية ولا يلون حقوق الانسان كما يفعل الغرب، بل يتعامل مع ذلك بشفافية ومثالية مجردة من كل غرض حتى يكتسب مزيدا من الاحترام، ومن هذا المنطلق نناشد الاتحاد الإفريقي أن يقف على الحقيقة في أنغولا وما يعانيه المسلمون من اضطهاد ومنعهم من أداء شعائرهم، ويقول رأيا واضحا لا لبس فيه، وأظنه يفعل ذلك حسب تجاربنا معه وثقتنا فيه.

ونقول لأنغولا أن تتعامل مع مواطنيها بالعدل والسوية وهذا حق تكفله القوانين والأعراف الدولية، كما يمكنها أن تسن بعض القوانين لمحاربة كل ما من شأنه أن يخل بالأمن والاستقرار، ولكن ليس من العدل إغلاق المساجد التي لم تغلق في باريس ولا لندن معقل “المسيحية”، ولا أي دولة في العالم، مع حدوث بعض التفجيرات والهجمات في تلك المدن. وإلا فإن هذا التصرف هو الذي يدفع إلى التفجيرات والهجمات الجهادية والذي سوف يقود البلاد إلى الفوضى والصدامات، وهذا ما تريده الجماعة تلك لدول العالم الثالث، فانتبهوا أيها العاقلون من الأفارقة وغيرهم إلى ما يراد بكم وبشعوبكم وبدولكم ومستقبلكم. إلى متى أنتم في غفلتكم سادرون؟ 

فليثق الاتحاد الإفريقي أنه إذا سار في اتجاهه هذا سوف يكون مؤهلا لقيادة العالم، نقول ذلك لأن الشعوب قد فقدت الثقة في كل ما يقوله ويفعله الغرب بناء على ما يعيشه العالم اليوم من اضطراب وهرج ومرج، وفي أغلبه متسبب فيه الغرب نفسه بعدم جديته وصدقه وتعامله المتجرد من المثل والأخلاق والتي هي قيمة الإنسان، وليس شكله ولا لونه ولا ماله، فهيا بنا إلى العلا يا أفارقة والله المستعان.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M