سياسة الكلام

09 ديسمبر 2013 22:21
مسرور المراكشي

مسرور المراكشي

مسرور المراكشي

هوية بريس – الإثنين 09 دجنبر 2013م

لقد احتدم النقاش بين النخب المغربية في وسائل الإعلام حول موضوع اللغة، بعد الإشكالات التي أثارتها مذكرة “نور الدين عيوش” بخصوص إصلاح التعليم التي قدمها للملك. والحقيقة أن موضوع اللغة جد مهم لأنه يمس الملايين من المغاربة حاضرا ومستقبلا. لهذا السبب كثر الكلام حول الموضوع واختلط فيه العلمي بالعاطفي انطلاقا من مقولة “اللسان ما فيه أعظم”، أي تسويق كلام دون النظر في بعض الأحيان إلى مآلاته.

ومساهمة في النقاش الدائر لكم وجهة نظري المتواضعة في هذا الملف الشائك، قد نتفق أو نختلف لكن نبقى مغاربة، فالكمال لله وحده. لقد خلق الله البشر وجعل اختلاف ألسنتهم آية من آياته المعجزة، ولو شاء لجعلنا نتكلم لسانا واحدا، وقبل الخوض في الموضوع يجب التأكيد على ضرورة الاهتمام بملف التعليم، ولابد من إصلاح حقيقي “شعبي، وطني، وديمقراطي” يراعي بصدق خصوصيتنا الحضارية. لقد قال البروفسور المهدي المنجرة عافاه الله وبارك في عمره في أحد محاضراته القيمة “الفرنسية كلغة أدب وتخاطب لا تثير لدي أية إشكالية لكن الشق الفرانكفوني فيها هو الإشكال إنه الاستعمار الثقافي”. وهذا صحيح و”مجرب” وتأملوا معي الأهمية التي تحظى بها المراكز الثقافية للدول العظمى من حيث التمويل الضخم واللوجستيك، وكذا الاهتمام الكبير لوزارات الخارجية بهذه المراكز وكأنها ثكنات عسكرية أو ” طابور خامس” يعمل من وراء خطوط العدو، ويمكن أن يساق في هذا الصدد نموذجين؛ الأول هو معسكر الدول “الفرنكوفونية” وهي تابعة للدولة الراعية “ماما فرنسا” والمغرب أحد زبنائها، والنموذج الثاني معسكر دول “الكومنويلث” تابع لبريطانيا “العظمى”.

إنها نوادي مغلقة تفتح فقط للناطقين بهذه اللغات، لهذا الكلام عن الانفتاح والتسامح في هذا الجانب يعد لغوا من القول لا يجوز، فلن تسمح فرنسا أو بريطانيا باختراق معسكريهما. ببساطة لأنها أسواق تروج فيها بضائع الدولتين فيما يخص الاقتصاد، ومواقفهما في السياسة الخارجية. و”أباعيوش واذوقني أوفهمني..”، فالبورجوازي المغربي المتحدث بلغة “موليير” يقصد أوتوماتيكيا سوق أربعاء “باريز” أو سبت “ليون”، وبالنسبة للناطق بلغة “تاتشر” فهو يقصد سوق خميس “لندن”، أو جمعة “مانشيستر” قصد التبضع.. فاللغة هنا لم تعد مجرد تحريك اللسان “قلقلة، إضغام..” إنها النصب، الرفع، الجر.. وافهمني أصاحبي..

أما لغة المغاربة ففيها شقين “المغموز” أو “المرموز”، والمنطوق الذي يفهم كما هو. ولقد أعجبني كلام عبد الله العروي عندما أجاب عن إشكالية كتابة الدارجة “لو كتبناها فبعد مرور 20 سنة يجب إعادة كتابتها مرة أخرى.. لأنها في حركية دائمة..”، ثم إن المغاربة لم يشتكوا لأحد حتى يقوم برفع شكاية باسمهم. لقد تعايشنا في الماضي السحيق، وسنتعايش في الحاضر والمستقبل.

إن لغة “الضاد” هي لغة التواصل مع أزيد من مليار نسمة “دين ودنيا”، إنها حلم السوق الإسلامية… فتخيلوا معي تواصل مغاربة أو جزائريين في موسم الحج وهم في عمارة يقطنها مسلمون من أندونسيا أو نيجريا أو روسيا! وأعتقد أن التخلي عن اللغة العربية الفصحى قد يضطر المغاربة إلى استعمال لغة الإشارة في تواصلهم مع العالم الإسلامي.

ختاما، يجدر الإشارة إلى أن حالة الجمود في تعلم اللغات غير مقبولة ومن واجبات المسلم في هذا العصر أن يتواصل مع الشعوب بأكثر من لغة، لكن هذا لا يعني الذوبان في الآخر ونصبح مجرد ظله واللغة تتطور بجد أهلها لا بالقوانين الشكلية. وابالمعطي أش اظهر ليك فهد النقاش؟ غدي نقولك كلمة وحدة “عاش المغرب حر مستقل فوق أرض التاريخية..”. 

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M