ابتزاز بلون التعاون ورشوة بطعم الدعم

20 ديسمبر 2013 20:22
ابتزاز بلون التعاون ورشوة بطعم الدعم

ابتزاز بلون التعاون ورشوة بطعم الدعم

مصطفى الحسناوي (من داخل السجن المركزي بالقنيطرة)

هوية بريس – الجمعة 20 دجنبر 2013م

إنها صيحة نذير وصرخة أسير تروم النبش في ملف من ملفات المؤامرة التي يؤدي مئات الأبرياء ثمنها من حرياتهم وحتى حياتهم في حرب قذرة وصفقة خسيسة دنيئة تغيب فيها رائحة المروءة والإنسانية.

صيحة أوجهها لدول الغرب الحية وحتى لتلك القوى الميتة علها تهز قلوب تلك الحية وتستفز ضمائرها وتبعث في رميم عظام الميتة الحياة وفي جثثها الروح. نعم أنا ابن ذلك الشرق بكل إيجابياته وسلبياته. بتاريخه وحضارته، بعروبته وإسلامه. بكل تلك الانطباعات والاتهامات والتصورات التي تموج في خيالكم سواء ما كان منها حقيقة أو أساطير.

لن أطلب من أحد التخلي عن أي فكرة مسبقة وهو يقرأ رسالتي. لن أترجاه أن يتخلص من تلك الصور النمطية عني. لندع جانبا اعتداد كل صاحب رأي برأيه ولغة التعالي والتفاخر أو التنقيص والتحقير.

لنضرب صفحا عن حوارات الصم والبكم والجدالات العقيمة، ليحتفظ كل بقناعاته وأفكاره على الأقل فيما نحن بصدده مما يتعلق بهذه الحرب القذرة التي ذكرت ولنتحدث لغة براغماتية واضحة نحن وإياكم. أنتم الذين خاطبتكم في بداية الرسالة قوى الغرب الحية والميتة. أقصد بالحية تلك المنظمات والجمعيات الحقوقية والإعلامية، والتي رأسمالها الدفاع عن الحقيقة والحرية أما القوى الميتة فهي تلك المعنية بالربح والخسارة الماديين فيكون معيار صواب العمل من عدمه هو مردوده وربحه، المال هو رأسمالها.

وموضوعنا الذي نحن بصدده يعني القوتين معا ويعزف على وتر رأسمالهما معا. أما أنا فنموذج لمئات ضحايا الحرب القذرة والمؤامرة الدنيئة سأتكلم نيابة عنهم؛ لكن لا بأس من نبذة مختصرة عني تساهم في تجلية الصورة.

أدعى مصطفى الحسناوي صحفي وحقوقي معتز بقيمي وثقافتي وحضارتي وعندي قناعات وأفكار تجعلني تلقائيا في الصف المعارض للظلم والاستبداد والاستغلال وتجعلني أيضا تلقائيا في الصف المعارض لكثير من قيمكم لكنني بحكم انفتاحي أحافظ دائما على قنوات التواصل ومساحات الاشتراك والالتقاء مع المخالف مهما بلغت درجة الاختلاف وأعتقد أن الحوار يحل كثيرا من المشاكل. أتمنى أن تعيش شعوبنا في دول تحفظ حقوقها وكرامتها وقيمها وأن تنعم بالأمن والأمان والاستقرار والحرية والعدل والمساواة.

دول تقوم على أساس تلك القيم التي أومن بها وتبني علاقات مع الدول الأخرى على أساس الندية والمصالح المشتركة عوض هذه الدول التي تعيش في ذيل الأمم تابعة مقلدة عالة على الآخرين تسوم شعوبها سوء العذاب.

إن قناعاتي مثل التي ذكرت، هي تهمة وجريمة قائمة الأركان في بلدي حتى وإن كنتَ تعتمد في تصريفها على الكتابة والحوار والوضوح والعلنية حتى وإن كنتَ منفردا لا تتبع لأي تنظيم سري أو قانوني حتى وإن راعيتَ عدة ظروف واعتبارات ليس من حقك أن تتبنى طرحا أو فكرا أو قناعات معارضة للظلم والاستبداد ليس من حقك انتقاد الرواية الرسمية للأحداث ليس من حقك إجراء تحقيقات أو مقابلات تسير بعكس ما تشتهيه سفن السلطات ليس أمامك سوى خيارين: أن تجندك المخابرات أو تسجنك.

وهما الخياران الوحيدان اللذان كانا أمامي لكن السجن والمتابعة لا تكون على أساس القناعات والأفكار لا بد من غطاء وضمانات لتتم العملية في سلاسة وهدوء لا بد من أسباب ومبررات مقنعة لضمان سكوت أو عدم دعم ما أسميناه سابقا بالقوى الحية أو القوى الميتة. إن هذه الوصفة السحرية ليست سوى الحرب على الإرهاب وتوابعها من ضربات استباقية وتجفيف للمنابع وتفكيك للخلايا وو و…

لا يزال حديثنا براغماتيا ولن أجنح للحديث عن الظلم والمظلوم والفاعل والمنفعل طالما أنها حرب قائمة جارية دخلتها الأطراف بكامل القناعة والرضى وتتحمل نتائجها بكل بسالة المقاتل وشجاعته، والحرب تقتضي استعدادا على كل الأصعدة ومراقبة لكل المنافذ وخطوط الإمداد وبناء تحالفات وجمع المعلومات.

هذه هي الصورة الواضحة التي تنقلها الكاميرا الرئيسية للجماهير والشعوب. لكن هناك كاميرا خفية مشوشة تنقل لنا حركة دؤوبة على هامش هذه الحرب، حركة فيها شيء من الارتزاق وشيء من الاستغلال وشيء من المكر والخداع وشيء من الرشوة. ورسالتي هذه لا تزيد عن كونها محاولة لتسليط الضوء على تلك الكاميرا الخفية طمعا فيمن يضبط الصورة جيدا وينقلها لنا بأصوات واضحة.

لا شك أن أنظمة مستبدة على طول عالمنا العربي والإسلامي تقتات على هذه الحرب القذرة وتصفي حساباتها مع المعارضين والمناضلين والمدافعين عن الحقوق والحريات تحت ستار الحرب على الإرهاب وهي بذلك تضرب عصفورين بحجر واحد التخلص من المعارضين لسياستها وجني الأموال ثم ضمان سكوت المنظمات الحقوقية.

إنه استثمار مربح وصفقة ناجحة وكل هذا بسببكم. إنكم تعمقون جراحنا وتزيدون معاناتنا وتزرعون أحقادا تزيد من اتساع الهوة والشرخ بيننا وبينكم والرابح الأكبر من هذه الصفقات هي هذه الأنظمة الحاكمة التي تستغلكم وتستنزفكم في كل مرة تعلن إحباط مخطط أو كشف خلية أو إيقاف عنصر خطير. الغريب أن كل هذه المخططات لا تستهدف إلا مصالحكم.

فهي إما شبكات لتهجير من سيقاتلون جنودكم في بؤر التوتر أو خلايا لاستهداف مصالحكم في بلداننا (شخصيات أو أماكن حساسة) فهل الأمر مصادفة بهذا الحجم أم أنها مسرحية سيئة الإخراج؟ لو كنت مكانكم لسعيت في تتبع كل قرش أصرفه ولطالبت بالمشاركة في التحقيقات حتى أضمن أن أموالي تصرف فيما يعود علي بالنفع. لا أعلم إن كان دافع الضرائب عندكم على علم بهذه الصفقات الخاسرة وعلى معرفة بأن أموالهم تمول الأنظمة المستبدة وتمول قمع المعارضين والمناضلين ومحاربتهم. أم أن شعوبكم مغلوبة على أمرها كما هو الأمر عندنا؟

دعونا الآن نقترب من الصورة أكثر بمثال عملي وواقعي. قبل أشهر عرضت علي عناصر من جهاز المخابرات ديستي DST الاشتغال معها وتكليفي بعدة مهام مقابل راتب شهري وامتيازات لا حصر لها ومن بين تلك العروض اقترحت علي جمع المعلومات حول كل من علمت أنه ينوي الذهاب لبؤرة من بؤر التوتر ومقابل كل اسم أبلغ عنه أحصل على مبلغ يتراوح بين 30000 و40000 درهم. هذه الآلية تنطوي على عدة مخاطر إذ أنها تفتح الباب لكل صاحب نفس خسيسة دنيئة ولكل صاحب طموح مادي وكل صاحب حسابات يود تصفيتها مع خصومه والانتقام منهم ليمارس دناءاته وحقاراته تحت غطاء مخابراتي. لا شك أن أعدادا من المرضى قبلوا بهذا العرض والسيناريو معروف معلوم.

يقوم العميل بالتبليغ عن ضحيته البريئة ولكم أن تتخيلوا الدوافع العديدة التي قد تدفع إلى ذلك يتم تحويل مبلغ 40000 درهم لحسابه أو تسليمها له مباشرة، يحول الضحية إلى الشرطة القضائية دون الحاجة لمبررات وبمجرد الشروع في التحقيق يتم تسريب الرواية الرسمية لبعض الجرائد ذات الارتباطات المخابراتية التي تبدأ في عملية التسخينات اللازمة وتهيئ الأجواء والرأي العام لتقبل التهم الجاهزة والأحكام القاسية. عناوين رئيسية كبيرة وعريضة تتصدر ثلاث أو أربع جرائد مخابراتية معروفة تحصل دون غيرها على نسخ من محاضر التحقيق دون مراعاة لسرية البحث ولا لأخلاق المهنة أو أخلاقيات الصحافة. التوقيت مهم جدا في هذه المسرحيات .

بالنسبة للمغرب توقيت 16 ماي يجب أن يبقى حصان طروادة لإرهاب المواطن وتذكيره بنعم وأفضال المخابرات عليه، لذلك غالبا ما يتم تفكيك الخلايا وتقديم الضحايا للشرطة القضائية وإحالتهم لقاضي التحقيق أو للمحاكمة في هذا التاريخ. وقد حدث معي نفس الشيء حيث اعتقلت يوم 16 ماي، هذا السيناريو الذي ذكرت عشته في سجن سلا 2 حيث نقرأ في تلك الجرائد المخابراتية خبر اعتقال فرد أو مجموعة وبعد يومين أو ثلاثة نقرأ تفاصيل التحقيقات وبعد أسبوع يكون الضحايا معنا في السجن لنسمع منهم الرواية الحقيقية. قرابين تقدم دون كلل أو ملل كل أسبوعين أو كل شهر على الأكثر.

الغريب أن كل تلك المجموعات أو الخلايا المزعومة  التي لا يربط بين أفرادها رابط غالبا ما يتم إقحام عدة أفراد لا يعرف بعضهم بعضا بخلية أو جماعة ومفروض في هذه الحالة أن يتم التفريق بين أعضاء الخلايا أو المجموعات خاصة وأن قضاياهم لا زالت معروضة على قاضي التحقيق ولا تزال أمامهم مراحل من التحقيق طويلة لكن الغريب أنه يتم وضع السجناء في حي واحد وفي زنزانة واحدة وقد يتم إحالتهم لمرحلة مواجهة بعضهم بعضا لمعرفة نوع العلاقة التي تربطهم ومفاجأتهم  بالأسئلة التي تربكهم. فتتم مواجهتهم لدى قاضي التحقيق بعد أن يكونوا قضوا مدة طويلة في زنزانة واحدة بإمكانهم فيها وضع مئات السيناريوهات وقد عايشت حالة لثلاثة متهمين كانوا معي في زنزانة واحدة قضوا أربعة أشهر دون أن يحالوا للمواجهة.

لا شك أن الأحكام جاهزة والملفات مطبوخة ولا تحتاج السلطات للتحري وضمان السير العادي والشفاف للتحقيق بل يدعي أعضاء المجموعة عدم معرفة بعضهم ببعض، فليختلقوا ما شاءوا من السيناريوهات فالأمر سيان وهو لا يغير من الحكم شيئا.

للعودة إلى قضية الضحايا التي تشترى بأربعة ملايين للرأس، المخابرات ليست في حاجة للتأكد من المعلومة لأن هذا الإنفاق السخي كان وراءه إنفاق أسخى وبيع هذا الرأس فيه من الأرباح المادية والمعنوية والسياسية والأمنية والإعلامية الأضعاف المضاعفة.

إننا نحس أنفسنا كرهائن تختطفنا السلطات فتدفعون أنتم فديتنا وبعد مدة قد تطول وقد تقصر يطلق سراحنا في عملية عبثية ندفع ثمنها حريتنا وتدفعون ثمنها أموال شعوبكم والرابح الأكبر هي أنظمتنا الحاكمة التي عرفت بكل مكر ودهاء كيف تستغلكم وتستنزفكم، وكيف تجعل من الحرب على الإرهاب ستارا للحرب على الحريات وغطاء لقمع المناضلين والمعارضين. إن أقل شيء تقومون به هو المشاركة في التحقيقات ومراقبة كل فلس تنفقونه. لقد كان ثمن رفضي لتلك العملية الدنيئة، رفضي بيع أبناء بلدي كما تباع الخراف، لقد كان الثمن حريتي واتهامي بالإرهاب وحتى تستثمر عملية اعتقالي ماديا ومعنويا فقد كانت التهمة محاولة التحاقي بتنظيم القاعدة في سوريا في الوقت الذي كنت ذاهبا فيه في مهمة صحفية لتركيا ومنعتني تركيا من دخول أراضيها بإيعاز من المخابرات المغربية.

فكيف علمت السلطات بنيتي الذهاب لسوريا وأنا لم أدخل حتى لأراضي تركيا وجواز سفري غير المختوم يشهد على ذلك؟

إنها صرخة أوجهها لقوى الغرب الحية للنظر في قضيتي إننا نقمع ونعذب بسبب صمتكم وتواطؤكم وإنكم تخسرون رصيدكم، وإن مبادئكم وقيمكم على المحك وسيسجل التاريخ أنكم وقفتم إلى جانب الظلم والاستبداد وأعطيتموه الضوء الأخضر ظنا منكم أنكم تحسنون صنعا وأنكم تحمون مصالح بلدانكم، وحقيقة الأمر أنه ليس كما تصوره لكم أنظمتنا الحاكمة وإعلامها المخابراتي. 

وهي صرخة أيضا أوجهها لقوى الغرب الميتة غير المعنية بحقوق أو حريات ولا كرامة ولا إنسانية. إن أموالكم تستنزف في أغراض ومصالح وأهداف لا علاقة لكم بها وإن قصتي وقضيتي أكبر شاهد على ذلك.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M