تضامننا المطلق مع المقرئ الإدريسي أبو زيد

14 يناير 2014 02:25
تضامننا المطلق مع المقرئ الإدريسي أبو زيد

تضامننا المطلق مع المقرئ الإدريسي أبو زيد

أسامة مغفور

هوية بريس – الثلاثاء 14 يناير 2014م

حديث الساعة اليوم في المغرب ليس البطالة المتفشية وضرورة التفكير لإيجاد الحلول الناجعة لها، ولا النقص في الخدمات للمواطن، ولا المرافق الصحية التي تعاني من انعدام التجهيزات، ولا التعليم الذي يريد البعض أن يحول مدارسه إلى سوق شعبي تعبث فيه العامية، ولا انتشار الفساد والمحسوبية في مؤسسات الدولة، ولا هيمنة الفرنسية على كل قطاعات المجتمع حتى بتنا نشعر بمشاكل في التنفس، ولا معاناة اللغة العربية الجامعة لكل المغاربة ولغتهم الدستورية الأولى. لا، كل هذه أمور ثانوية لا قيمة لها ولا تهم المواطن. هناك أولوية واحدة اليوم.

حديث الساعة بامتياز هو ردود الأفعال وسطو الجمعيات الأمازيغية على وسائل الإعلام وكتابة المقالات حول مظلومية الأمازيغ والنهيق في الساحات وأخيرا اللجوء إلى القضاء تنديدا بنكتة أطلقها الأستاذ المقرئ الإدريسي أبو زيد في إحدى محاضراته في السعودية حول بخل فئة خاصة من المغاربة.

نحن فعلا أمام انتكاسة الفكر وبؤس في المنهجية وعقم في التصور والتخطيط وضيق في الأفق. فكر لا يصنع حوارا هادئا ولا حضارة ولا مجدا ولا حتى ثقافة وإنما فقط يصنع المزيد من التشنج والصراعات داخل المجتمع ويساهم في تقسيم المقسم وتجزيء المجزء.

إن هذه الحملة المغرضة اليوم ضد المقرئ الإدريسي أبو زيد تثبت أننا أمام صراع مفتعل ومحاولة من التيار العرقي للعودة من جديد إلى الواجهة والتشويش وصرف النظر عن النجاح الباهر الذي حققه المؤتمر الوطني الأول للغة العربية الذي أصابهم بالإحباط، والذي أعاد إلى القمة الهوية العربية الإسلامية للمغرب بعد سنتين من الانتكاسات.

فالرهان الخاسر للحركة الأمازيغية المدعومة من التيار الفرانكفوني، على العامية لضرب اللغة العربية تم فضحه والتنديد به من قبل مثقفين ما زالوا يحملون شعلة الجرأة في نفوسهم ويرفضون سياسة التملق والنفاق السياسي لحركة شوفينية تقودنا إلى الدمار الفكري والمجتمعي. وكان لا بد لهذه الحركة أن تستغل أي همسة لخطف الأضواء وبث سمومها وأحقادها ضد العرب. فانقضت على نكتة يعرفها القاصي والداني ويرددها كل المغاربة حتى دخلت في مخيالهم الشعبي.

والحق يقال أن تجار التقسيط السوسيين ساهموا إلى حدّ بعيد في هذه الصورة النمطية التي لا تمثل كل هذه الفئة من المغاربة. فمنهم أناس شرفاء عرف عنهم إكرام الضيف والاعتناء به.

إلا أن هذه وغيرها من النكات تبقى للدعابة والمرح ولا تحمل أي حمولة عنصرية. ولا يخرجها عن هذا النطاق إلا من يشعر بالدونية أو من يعاني من انفصام حاد ومرض نفسي وضيق في الأفق. ولو قيلت هذه النكتة في حق عرق جبلي أو دكالي أو حساني أو في حق مئات القبائل العربية في المغرب، لما قامت كل هذه القيامة المطالبة بالثأر، لسبب بسيط هو سعة صدر عرب المغرب وابتعادهم عن الانفعالات المجانية وحرصهم على وحدة المغاربة.

نحن أمام زوبعة في فنجان وجعجعة بدون طحين لا تساهم إلا في مزيد من التفرقة والتقسيم. ولو كانت هذه الجمعيات الأمازيغية تتسم بالدهاء والحنكة لتصرفت بشكل حضاري عبر دعوة الأستاذ الإدريسي إلى حفل عشاء لتثبت له كرم أهل سوس ومدى اعتنائهم بالضيف.

ولي أن أذكر أنني من أصول جبلية من إقليم تاونات ولنا دائما نكات نسخر فيها من أهل فاس وهم يفعلون الشيء ذاته حين يصفوننا بالمغفلين وبائعي الحليب. ولم يخطر لي يوما أن آخذ هذه الدعابة على محمل الجد أو أعتبرها عنصرية. بالعكس من ذلك فأنا أضحك منها ومع من يحكيها لي. وهناك نكات عديدة في المخيال الشعبي المغربي حول الصحراويين والمكناسيين والعروبيين والبركانيين وغيرهم دون أن يشعر أحد يوما بالإهانة ولا لجأ إلى القضاء لاسترداد حقوقه ولا نهق في الساحات وكتب المقالات النارية.

نحن أمام حركة أمازيغية بائسة تصفي حساباتها السياسوية الضيقة مع الحزب الحاكم وتلهي الشعب عن مشاكله الحقيقية عبر التركيز على خلافات جانبية عقيمة لا تهم المغاربة في شيء. وكلنا يعرف حساباتها الشخصية مع الأستاذ الإدريسي الذي يمثل التيار العروبي داخل حزبه والحريص على الهوية العربية الإسلامية للمغرب.

إن المؤسف في الأمر هو التصرف الأخرق الذي عبر عنه وزير الخارجية الأسبق الذي عودنا على طائفيته المقيتة عندما أدان تصريحات رفيقه في الحزب، ليرد الاعتبار لأبناء قبيلته. ونحن لم نسمع منه تنديدا واحدا لمئات المقالات العنصرية ضد العرب التي تنشرها جماعة عصيد يوميا على صفحات الجرائد ويتفاعل معها أتباعه ومريدوه في شبكة التواصل الاجتماعي عبر بث الكراهية وشتم وتحقير العرب في غياب مطلق للسلطات. وكم نأسف للموقف المخذل والصمت المريب لحزبه الذي لم يحرك ساكنا إزاء هذه الحملة المغرضة الموجهة ضده، ولم يقف إلى جانبه في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها.

إن هذه الحملات الممنهجة للحركة الأمازيغية تذكرنا بما تقوم به شقيقتها الحركة الصهيونية في كل أنحاء العالم عندما تقيم دعاوى وتنهق في وسائل الإعلام وتحرض على كل من يتجرأ على إدانة الجرائم الصهيونية أو حتى يسخر من اليهود ولو كان على شكل مزحة، بتهمة معاداة السامية. ولا غرابة أن يكون الكيان الصهيوني هو الوجهة المفضلة لمنظري الحركة الأمازيغية التي لا تخفي تحالفاتها في مواجهة عدو عربي مشترك، فهناك يتلقون الأوامر ويُعطون النصائح لتمزيق المغرب وتقطيع أوصال الأمة العربية.

إن من يتحدثون اليوم عن انتشار الأمازيغوفوبيا هم أنفسهم من يتفننون في كتابة المقالات التي تشتم العرب وثقافتهم وتعتبر لغتهم ميتة ولغة استعمار لا مكان لها على ًأرض الأمازيغً. هؤلاء هم الذين يتحدثون عن نظرية ًالأرض الأمازيغيةً بكل ما فيها حجرا وبشرا وطيرا وشجرا في إلغاء تام لبقية المكونات الثقافية وخصوصا مكونها العربي الأساسي. ألم يقل منظر الفتنة في المغرب أنه لا يعرف شيئا اسمه عربي ولا ثقافة عربية في المغرب. وهو ما يشبه إلى حد بعيد ما قالته غولدامئير عندما تحدثت عن أرض بدون شعب لشعب بدون أرض.

إننا نعلن تضامننا المطلق واللامشروط مع الأستاذ المقرئ الإدريسي في مواجهة قوى ظلامية تمتهن التشنج وافتعال الأزمات وخلق صراعات جانبية وهمية وعقيمة لا تؤدي بنا إلا إلى المزيد من الانتكاسات. وإذا كان الأستاذ الإدريسي سيقدم إلى المحاكمة بتهم واهية فعلى القاضي أن يضع أمام القضبان آلاف المغاربة الذين يبدؤون نكتهم بًكان هناك أحد الشلوح.. 

كلنا المقرئ الإدريسي أبو زيد..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M