كلمة تكريم وتثمين في حق مفتشين متقاعدين

14 فبراير 2014 23:09
كلمة تكريم وتثمين في حق مفتشين متقاعدين

كلمة تكريم وتثمين في حق مفتشين متقاعدين

ذ. محمد احساين

هوية بريس – الجمعة 14 فبراير 2014م

هذا نص الكلمة التي ألقيتها في الحفل التكريمي المقام على شرف مفتشي التربية الإسلامية بجهة الرباط سلا زمور زعير بتاريخ 01-02-2014م.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين، النبي الأمي المبعوث بشيرا ونذيرا، ورحمة للعالمين، رغم كيد الكائدين، وتنطع الجاحدين، وتطاول المغرضين.

 الحضور الكريم

بروح من الفخر والاعتزاز، يعبر مفتشو التربية الإسلامية بجهة الرباط سلا زمور زعير، عن ارتياحهم لهذه المبادرة الطيبة التي سنتها المنسقية الجهوية التخصصية لمادة التربية الإسلامية، مبادرة تكريم زملائنا، من طرف أساتذة مادة التربية الإسلامية ومفتشيها، لما تحمله هذه المبادرة من دلالات تبرز قوة ومتانة العلاقات بين أطر التربية والتعليم في بلدنا، محطمين بذلك تلك الحواجز الوهمية التي يريد البعض إقامتها في علاقة مفتش – أستاذ ؛ حيث نرى في هذا الحفل البهيج قد زالت تلك الحواجز والفواصل، ونأمل أن تترسخ ثقافة العمل التشاركي بين كل الفاعلين التربويين والإداريين، لما فيه من خير على منظومتنا التربوية، وتماسك فاعليها ؛ لأننا نعتبر أنفسنا جميعا وسائل سخرها الله تعالى لخدمة أبناء الوطن، وتحقيق أهدافه ومن مواقع متنوعة ومختلفة اختلاف تنوع وتكامل وإثراء.

أيها الحضور الكريم

إنها ليست لحظة تكريم عابرة، بل هي تجديد الصلة والتواصل مع أطر خدمت هذا البلد لمدة من الزمن، وتخرجت على أيديهم أجيال وأجيال، لذا فهي لحظة للاعتراف بالجميل والجزاء بالإحسان، والتأسيس لثقافة الاعتراف يتطلب نوعا من التضحية ونكران الذات، والانفتاح على مجهود واجتهاد الغير، كمدخل لتوثيق أواصر المحبة بين الأطر التربوية، وأيضا التشجيع على المزيد من الإنتاج والعطاء . ومن دلاة هذا الحفل أيضا أن هيأة مادة التربية الإسلامية تسن سنة حسنة، قوامها الاعتراف بما يبذلها أطرها من عمل دؤوب قصد الرفع من جودتها، والتي تتوخى الارتقاء بالوطن ورقيه، ولعل من أسباب الرقي الحضاري أن يكرم المرء ويقدر، لما أعطى وقدم، فبهذا التكريم يحس بقوة الانتماء إلى الأرض والأمة والشعب والتاريخ والماضي والحاضر والمستقبل، ويدرك أنه ليس وحده، ويزداد هذا الإحساس قوة عندما يكون التكريم من زملاء في المهنة، ومن داخل الوطن وليس من خارجه. وهنا يتخذ التكريم بعدا حضاريا، ولا تخفى علينا أساتذة ومفتشين أهمية أن يكرم المربي أثناء حياته وهو محاط بأهله وخلانه .

مضمار الذي يعمل فيه ذلك المرء ولعل في مقدمة

الحضور الكريم

عندما ندعو إلى حفل تكريم أساتذتنا وزملائنا فإننا نكون أوفياء لقيمنا الأصيلة، النابعة من نصوص ديننا الحنيف التي حفظها الله تعالى من كل محاولات التحريف والتغيير، ذلك أن الأصل في فعل التكريم هو القرآن الكريم، الذي نص على تكريم الله للإنسان حين جعله على الأرض خليفة “وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة“، وحين علمه الأسماء كلها “وعلم آدم الأسماء كلها“، وحين أسجد له الملائكة، “وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا“، وحين منحه البر، وحمله في البحر، وفضله على كثير من خلقه “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا“. كما أنه امتثال لتوجيهاته تعالى حين يقول: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان“…

فلا جرم أن في لحظة التكريم تحمل مغازي كثيرة، وإلماعات بارعة، يدركها الحصيف، ويتقبلها المنصف بقبول حسن، أيا كان المضمار الذي يعمل فيه ذلك المرء؛ ولعل في مقدمة تلك المغازي إغراء أولي العمل والفضل من مفتشين وأساتذة وإداريين بمتابعة ما سنوه لأنفسهم من طرائق، وما درجوا عليه من مواصلة المثابرة وتحمل المشاق والمحن في سبيل ما نذروا نفوسهم لأجله من تربية وتعليم أبناء الوطن، فالتربية والتعليم تكرم اليوم برجالها وتكريم الإنسان المربي إنما يعني الاحتفاء بالتربية أولا، وبالموقف الإنساني ثانيا.

كلمة تكريم وتثمين في حق مفتشين متقاعدين

أيها الحضور الكرام

في هذه العجالة من فسحة الزمان، لن يسعفني الوقت للوقوف عند تعداد خصال الأطر المحتفى بها، فكل من الأساتذة عبد السلام خليفي، وزكية مازغ، والعياشي المصمودي، رحلة من العمل المهني، وسفر في مسيرة من العطاء التربوي والتعليمي، رحلة زادها الصدق، ومسيرة خطاها الجهد النقي، واحتفاؤنا بهم اليوم احتفاء برجال حرصوا دائما على هويتهم، وأن تكون هذه الهوية غير مقطوعة الجذور، مترابطة الأوصال، تحافظ على أصالتها، من غير أن تتجمد أو تتقوقع، لتبقى منفتحة على كل ما يفيد منظومتنا القيمية والتربوية. وهذا ما عايشته ولمسته من المحتفى بهم، إذ الحديث عن خصال وأخلاق وجدية ولباقة الأستاذ خليفي قد يطول، والتذكير بما يتميز به المصمودي من حسن التواصل والضبط والالتزام وروح النكتة والقدرة على حل المشاكل لا يمكن حصرها هنا، والحفر في سيرة الأستاذة زكية واستقصاء ما تنطوي عليه شخصيتها من جدية وحزم وصبر وسعي إلى العطاء ونبذ الجمود والاتكالية قد لا ينتهي… وكل هذه المواصفات لا يمكن أن تتحملها هذه الكلمة في حق زملاء لنا، غادرونا بأجسامهم لكنهم يعيشون معنا بقلوبهم وأخلاقهم، ويكفينا فيهم قول الشاعر:

نظنه، في مراقي الرفد معتقلا — يعلو ويعلو وفي الخيرات قد سجدا

رسالة في معالي الشمل يحملها — يطير شوقا مع الآمال متحدا

ما هان يوما ولا شلت عزيمته — على الإله، ودوما، كان معتمدا

(للشاعر مروان الخطيب )

 ومن واجبي -وقد انتدبت لإلقاء هذه الكلمة- أن اغتنم هذه اللحظة للتأكيد على أن رجال ونساء التربية لا يمكن أن يثنيهم إنهاء الخدمة عن مواصلة العطاء، تحت شعار: العطاء من المحبرة إلى المقبرة، والتعليم والتكوين من المهد إلى اللحد… فبمناسبة انتهاء مهامهم المهنية، نهنئهم على ما أسدوا من خدمات جليلة لفائدة المادة وأساتذتها، والمنظومة التعليمية، بروح المسؤولية ونكران الذات. إننا نعتبر إحالتهم على التقاعد لا يعفيهم من مواصلة تبليغ رسالتهم التربوية في المجتمع، بما يتوفرون عليه من خبرة وتجربة في التأطير والتكوين والتوعية وإبداء المشورة والتوجيه، وتوظيف خبراتهم المتراكمة لصالح هذا الوطن.

 ورسالة الى زملائي الأساتذة والمفتشين بالسير على خطاهم، ومحاولة تجاوز اجتهاداتهم حتى يكونوا في مستوى اللحظة التي يطمح إليها المجتمع، وما ينتظره من اسرة التربية والتكوين ؛ لأنه لا يوجد أشرف من مهمة التعليم، ما دام رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام قد بعث معلما، ويشرف بالتعليم كل من سار على سنته، وأقتدى بها طيلة عمره حتى يلقى رب العزة بهذا الشرف العظيم، كما كان حال السلف الصالح رحمة الله عليهم .

أيها الكرام الأعزاء

 من حق هذه الثلة من رجال التأطير والمراقبة التربوية علينا أن نحتفي بهم، ونكرم جهودهم وهم أحياء بيننا، يشاركوننا الحياة وحب الوطن، والغاية دائما هي الإنسان وسموه نحو قيم الحق والخير والجمال، الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات في محكم التنزيل، وفضله على جميع مخلوقاته.

سعادتي غامرة لوجودي بينكم ومعكم، وإني إذ أكرر شكري لحضوركم، أتوجه إلى المحتفى بهم بأصدق التهاني والتمنيات، سائلا الله العلي القدير أن يحفظهم لأسرهم ولأصدقائهم، وأن يمن عليهم بالصحة وطول العمر ورغد العيش، إنه من وراء القصد، وبالإجابة جدير .

والختم بقول الشاعر:

 رعى الله حفلا في الوفاء لشخص — فمنهم علمنا كيف ننقش في الحجر

 فيا أهل ذا الحفل الكريم تقبلوا — سلامي وتقديري ضميره مستتر

(شعر: الصهيب العاصمي)

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

 محمد احساين – المنسق الجهوي التخصصي لمادة التربية الإسلامية.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M