طاحت الصمعة.. علقوا السلفيين

31 مارس 2014 22:57
طاحت الصمعة.. علقوا السلفيين

طاحت الصمعة.. علقوا السلفيين

نجاة حمص

هوية بريس – الإثنين 31 مارس 2014

لعل الولايات المتحدة، التي ألفت واخترعت قصة “الإرهاب السلفي”، تنظر في دهشة إلى خطابات الحكومات العربية الدعية بعد كل عملية اغتيال أو تفجير، حيث أن هاته الحكومات فاقت ما لقن لها وأصبح بإمكانها إعطاء دروس و تنظيم دورات تدريبية للخارجية الأمريكية، في تجل واضح لظاهرة تفوق التلميذ على الأستاذ المعلم. بل قل إن الشيطان ليزاحم بالركب لاهثا ليقتنص مكانا يمكنه من تدوين أحدث ما اخترع في “تاحريميات”.

فما إن تنفذ أي جريمة يجهل مرتكبها وتحاصر الداخلية في قفص الاتهام والتخوين حتى ترفع سبابتها مشيرة إلى “الحجام” الذي يجب تعليقه: “السلفيين”. كبش فداء جاهز يسيل له لعاب وسائل الإعلام، حيث تحرص هذه الوسائل على تأليف أفضع سيناريوهات الإجرام وأجود برامج صناعة الموت معتمدة على “كومبارس” يرتدون لحى مزيفة وثياب مشرقية مغبرة.

إن أهداف السياسة الأمريكية في خلق الفرقة والنفور، من كل من يتسنن بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فيطلق لحيته، قد آتت أكلها وفاقت كل التوقعات، فالمشاهد العربي الذي شحذ لا وعيه بكم هائل من أفلام الحركة التي تظهر بطولة رجال الكوماندوز الأمريكان الدعاة إلى الخير ومحاربة الشر، حماية للعالم ودرئا لشر السلفية المتأبطة شرا، ما إن يرى جريمة تصفية أو عملية تفجير حتى يسرح بخياله باحثا عن الفاعل المحتمل مسابقا موعد خروج الناطق باسم الداخلية، فيراه بعين المتتبع المتشبع مرتديا للزي الأفغاني معتمرا عمامة طرفها ينسدل على كتفه، ذو لحية كثة ونظرة نارية نابعة من عيون حمراء إجرامية، يراه حاملا كلاشينكوف ومسددا سبابته الى الكاميرا متوعدا بالويل والثبور للكفار والمتعاونين معهم.

ذلك ما يراد للمشاهد العربي أن يراه ويتوقعه، حيث يضرب جدار منيع بين الحقيقة ووسائل الإعلام، التي تغالط وتدلس غير مقتنعة بعجزها عن طول حقيقة ما جرى، فتضرب أخماسا في أسداس متمثلة دور العراف الذي يجحد قصور قواه مرسلا أسراب الجن استقصاء للغيب. غير أنه ما إن ترجع تلك الأسراب حاملة خفي حنين مجرجرة أذيال الخيبة حتى تشمر على ساعد الفبركة والفوتوشوب، هذا ما يحدث الآن بتونس الخضراء عقب اغتيال المعارض اليساري البراهمي، اغتيال جاء بعد 6 أشهر من تصفية بلعيد الذي لم يفك لغز قتله بعد، وإن وضع وزر مقتله هو الآخر على صدر” السلفية”، حيث يحتفظ بكل اوسمة الإرهاب ونياشينه ليعطي لها في الوقت والمكان المناسب.

فـ”السلفية” تعتبر ورقة “الجوكير” لكل الاستخبارات الفاشلة، كحل أخير أمام تزايد أعداد خفاف حنين، غير أن كل من له إلمام بالفرق الإسلامية ليسقط على قفاه ضاحكا من مهزلة الجهل المركب لدى أعلى جهاز استخباراتي يعتمد على المعلومات كتحصيل حاصل، فالسلفية أو كما يسمونها في التراجم: “السلفية العلمية”، تعني منهجا تعليميا يدعو للرجوع إلى الإسلام الحقيقي عن طريق التصفية والتربية، تصفية الدين مما علق به من بدع وضلالات وتربية النشء على هذا الإسلام الصافي، وليست السلفية جماعة أو حركة كما تصر وزارات الداخلية العربية، المتخلفة بآلاف السنوات الضوئية عن ركب العلم والمعرفة، بل إن بعض المستشرقين وطلاب الدول الأوروبية والأمريكية ليقهقهوا ضاحكين من تصريحات حاملي الحقائب والقابضين على الكراسي وهم يصرحون في جدل عن خيبتهم وجهلهم.. “المسؤول هم: سلفيون متشددون”.

إذن السؤال الذي يطرح نفسه أمام تلك التصريحات هو: “ماذا يستفيد السلفيون من مقتل معارض للحكومة؟”، لقد كان المعارض يصول ويجول في غياب للأمن عقب سقوط “بنعلي” فلم لم تناله أيادي “السلفية” آنذاك. ثم لماذا تتم تصفية المعارضين على يد السلفية كلما علت أصوات اعتراضهم على الحكومة؟ فهل ذلك غباء أم هو استغباء للمواطن العربي.

إذ كيف يضع السلفيون أقلامهم وكتبهم ليخلصوا الحكومة من لسان مناهض، الذي يعرف ماهي السلفية يعلم كم هم حريصون على النأي بالنفس عن ترهات السياسة والسياسيين، فلم تصر الحكومات الإسلامية على الزج بهم متجاهلين الإسلاميين الناشطين والمحاربين طمعا في الكراسي والحقائب، أليس في ذلك ظلم واستفزاز للحليم وشحذا لغضبه الذي حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم؟

إن ما يحدث للسلفيين ليذكرنا بقصة سعيد بن جبير مع الحجاج، فالحجاج مارس ظلما وتجبرا على عباد الله في الأرض لكنه حينما أراد الله له ولملكه الفناء سلطه على سعيد بن جبير الذي كان قد آثر اللجوء إلى الله والهرب من دروب السياسة، فكم قصم الله من ظهور بعد تصويب سهم دعاء ذو مظلمة في الثلث الأخير من الليل، وكم أذل الله من حكام احتملوا بهتانا بعدما رموا عباد الله بغير ما اكتسبوا : “والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا“.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M