أيتها المرأة.. شاركي هموم أمتك

16 أغسطس 2013 03:00

إكرام الفاسي

هوية بريس – الجمعة 16 غشت 2013م

قد يبدو موضوع فاعلية المرأة في المجتمع من المواضيع المستهلكة، والتي غالبا ما تكون الكتابات حوله بعيدة عن النموذج الإسلامي للمرأة. لست أكتب مقالتي تكرارا لما قيل، ولا أكتبه بنزعة أنثوية بل أكتبه بنزعة ثورية!

في ظل الأحداث السياسية التي يشهدها العالم العربي، غالبا ما تجد الرجال أكثر تتبعا للأحداث والأخبار، ولست أقلل من شأن النساء في هذا الباب وإنما ألوم بعض النساء هداهن الله ممن لا يبالين بهموم الأمة، إن لم أقل بهموم بيوتهن بشكل أولى.

فغالبا في مجتمعنا تعتاد النساء على تتبع برامج الطبخ والأزياء والمسلسلات، ومطالعة المجلات المختصة بذلك. وقد يندر متابعهن للأخبار السياسية وتجد بعضهن يشمئزون من متابعة أزواجهن للأخبار الدولية غالب الوقت.

أحيانا أجدني في شوارع العاصمة أمام كشف للجرائد، وسط نظرات ذكورية مستغربة، فالأمر طبيعي في ظل أزمة ثقافية في مجتمع تعلو فيه نسبة الأمية، خاصة لدى الإناث وقلة اهتمام المتعلمات بالصحف.

إن كانت الأمة تطمح إلى جيل جديد يحمل همها، فلا بد  للأبناء أن يرضعوا معاني العزة والكرامة ويتربوا على معاني القوة والتعاون والبطولة ويتشربوا روح المسؤولية؛ في بيت يسوده الإيمان ويحكمه شرع الرحمان؛ في جو أسري مفعم بالود والألفة، وعلى الأمهات أن يزرعن في أبنائهن أنهم أمل هذه الأمة بعد الله سبحانه وأنهم رجال الغد، وعلى الأمهات أن يعين عظم مسؤوليتهن.

أجد أنني أكرر كلاما تقليديا مألوفا بعيدا عن الواقع، نسمعه كل حين؛ فلا خطاب لأم تجهل هذه المفاهيم، ولو تكرر الكلام أبد الدهر فلن يغير من الواقع شيئا إن لم تكن المرأة نفسها أهلا للمسؤولية وللأمومة.  

فقبل تربية الأبناء علينا تربية الأمهات! إذ كيف لأم همها مطبخها ومسلسلها ومفاخرة الجارات؛ وأخرى همها عملها وزينتها وملابسها.. كيف لأمهات لم يتشربوا معاني الأمومة وروح التدين أن يسهمن في تربية بناءة لجيل الصحوة؟

أخاطب المرأة بكونها أما أو فتاة، تذكيرا لها أنها اللبنة الأساسية للأسرة، وأن الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع، ودعوة لها إلى التعلم والثقافة وقراءة التاريخ وسير الصالحات، والانخراط في المجتمع  بما تملكه من إمكانيات، والإسهام فيه بأنشطة تطوعية وإصلاحية..

وأدعوا أخواتي النساء إلى الاهتمام بشؤون المسلمين ومتابعة هموم وجراح الأمة، وإلى التخلي عن الأنانية والانغلاق على هموم الأسرة والمشاكل الشخصية، كما أذكرهن أن عيشهن الكريم ليس عذرا لعدم مشاركة المستضعفين همومهم، فليس ذلك من دين الإسلام في شيء، يقول الله سبحانه: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْو تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه البخاري، وعنه صلى الله عليه وسلم: “ليس المؤمنُ الذي يبيتُ شبعانًا وجارُه جائعٌ إلى جنبِه” صححه الألباني.

فكم من أخت لها منطق فاسد، تظن أنها ما دامت تنعم بحياة هنيئة فتكفيها همومها وليست في حاجة لتحمل مآسي المسلمين؛ وهنا أخاطبك أيها الزوج وأيها الأب والأخ أن عليك القيام بتوعية أهل بيتك، وتنبيههن إلى هذا الزعم الخاطئ، ومشاركتهن ما يستجد حول العالم من تقلبات، وتذكيرهن بنعم الله من أمن وإيمان، وأن الله سبحانه قادر أن يبدل الأمن إلى خوف لا قدر الله، وأن عليهن شكر نعم الله والدعاء للمسلمين بالفرج والتمكين.

أختي، عندما تنامين في بيتك بين أهلك وأبنائك في أمن واطمئنان؛ تذكري أن غيرك ينام تحت القصف والدمار!

عندما تطعمين أطفالك ، ذكريهم أن إخوانهم لا يجدون لقمة خبز يسدون بها جوعهم!

عندما يلبسون ثيابا جديدة ويشترون لعبا؛ علميهم أن يجودوا منها على أبناء الفقراء، علميهم الصلاة وذكريهم أنه لولا فضل الله لما عندهم مثقال ذرة مما يملكون، اغرسي فيهم القيم النبيلة وعلميهم أن الأقصى مسجد للمسلمين ينتظر قادة فاتحين..

احكي لهم تاريخ بطولات المسلمين والفتوحات لتعظم الشجاعة في نفوسهم، أبعديهم عن الميوعة والترف وربيهم على الرجولة.

أختي عندما تشاهدين مآسي المسلمين على التلفاز أو الإنترنت، أفهمي أبناءك ما يحصل ولا تدعي أنهم صغار قد لا يستوعبوا، أفهميهم بما يناسب سنهم؛ عامليهم معاملة الكبار واغرسي الثقة في نفوسهم وارفعي قدرهم، فمنذ الصغر تترسخ المفاهيم العظيمة وتبنى شخصيات العظماء، نريد لأبنائنا أن يحيوا أعزة بعقيدتهم مدافعين عن وطنهم ودينهم.

بنيتي، استعدي لتحمل المسؤولية قريبا وأصلحي نفسك وتعودي على العمل الصالح وفعل الخير، وذكري أخواتك بالله، وعلميهم ما ينفعهم واحتسبي ذلك عند الله صدقة جارية، تعينينهن على الهداية والصلاح، فيكن بإذن الله أمهات صالحات مصلحات، ولك أجر ذلك بإذن الله.

أمي، لا تنسي المستضعفين في بقاع الأرض من دعوة صالحة يكشف الله بها غم الأمة إن خرجت من قلبك الصادق.

أدعوكن أخواتي وأمهاتي إلى تجديد نياتكن في تربية أبنائكن وفي تعاملكن مع بعضكن وإعادة النظر في بعض تصرفاتكن اليومية واستغلال أوقاتكن بما يعود عليكن بالنفع وعلى أمتكم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M