النزعة القومية الأمازيغية

20 أبريل 2014 00:10
النزعة القومية الأمازيغية

النزعة القومية الأمازيغية

ذ. الحسن العسال

هوية بريس – السبت 19 أبريل 2014

القومية هي فكرانية وحركة اجتماعية سياسية نشأت مع مفهوم الأمة في عصر الثورات (الثورة الصناعية، الثورة البرجوازية، والثورة الليبرالية) في أواخر القرن الثامن عشر.

«والعناصر الأساسية في تكوين القومية هي وحدة اللغة ووحدة التاريخ، وما ينتج عن ذلك من مشاركة في المشاعر والمنازع، وفي الآلام والآمال…».

وهناك تعريفات ونظريات عدة لمفهوم القومية، أبرزها ثلاث نظريات:

1-القومية على أساس وحدة اللغة. وتسمى النظرية الألمانية لأن المفكرين الألمان كانوا هم أول من أشار إليها.

2- القومية على أساس وحدة الإرادة (مشيئة العيش المشترك): وكان أول من دعا إليها إرنست رينان في محاضرته الشهيرة في السوربون سنة 1882، بعنوان «ما هي الأمة»؟

3- القومية على أساس وحدة الحياة الاقتصادية، التي تقف خلفها الماركسية، وترى هذه النظرية أن المصالح الاقتصادية والتماسك الاقتصادي تكون أقوى الأسس في وحدة الأمة.

وأضاف العلماء الألمان وعلى رأسهم هيردر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحدة الثقافة النابعة من وحدة اللغة ووحدة مصادر التأثير الروحي النابعة من الدين ومن التراث الثقافي الواحد في اللغة الواحدة.

أما أول من استخدم مفهوم «النزعة القومية» فهو جويسيبي ماتزيني الزعيم والسياسي القومي الإيطالي حوالي 1835م، ويعني به انتماء جماعة بشرية واحدة لوطن واحد شريطة أن يجمعها تاريخ مشترك ولغة واحدة في أرض هذا الوطن.

والسؤال المطروح هو: هل النزعة القومية الأمازيغية وضرتها النزعة القومية العربية هما وليدتان أصيلتان، أم أنهما مجرد رجع صدى لما وقع في الغرب؟

إن الإرهاصات الأولى للنزعة القومية الأمازيغية بدأت مع الاستخراب الفرنسي، كما أن ضرتها النزعة القومية العربية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، متمثلة في حركة سرية تألفت من أجلها الجمعيات والخلايا في عاصمة الخلافة العثمانية، ثم في حركة علنية في جمعيات أدبية تتخذ من دمشق وبيروت مقرًّا لها، ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1912م.

والمستهدف من خلال النزعتين هو الإسلام، أي أنهم يتوسلون باللغة لتحقيق هدفهم، مثلما قامت اللغة بدور أساسي في انهيار الدولة العثمانية، فانفصلت عنها كل الشعوب التي لا تتكلم التركية.

لذلك يرى بلقاسم لوناس أن «البربري، جوهريا، علماني».

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن كل كولود يولد على الفطرة، وهذا الوناس يرى أنه يولد علمانيا، كما ادعى شبيهه في مصر أن المصريين علمانيون بالفطرة، تشابهت قلوبهم.

بل يكشف بلقاسم عن مرجعيته الحقيقية، وليست الأصلية، بالقول: إن الأمازيغ وجدوا «في أسس المجتمع الفرنسي القيم الأساسية التي عليها يقوم مجتمعهم: الديمقراطية، العلمانية والإنصاف».

ويقول الشاعر القروي:

صياماً إلى أن يُفطِرَ السيفُ بالدمِ وصمتاً إلى أن يصدح الحقُّ يا فمي

أَفِطرٌ وأحرار الحمى في مجاعة؟ وعيدٌ وأبطال الجهاد بمأتم؟!

بلادك قدِّمها على كلِّ ملَّة ومن أجلها أَفطِر ومن أجلها صُمِ!

فما مسَّ هذا الصوم أكبادَ ظلَّمٍ ولا هزَّ هذا الفطرُ أرواح نوَّمِ

هبونيَ عيداً يجعل العُربَ أمَّةً وسيروا بجثماني على دين بَرهمِ!!

فقد مزَّقت هذي المذاهب شملنا وقد حطمتنا بين نابٍ ومنسمِ

سلامٌ على كفرٍ يوحِّد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنَّم

إذن، فالقوميتان حركتان سياسيتان فكريتان متعصبتان تدعوان إلى تمجيد قوميهما، وإقامة دولة موحدة على أساس اللغة، وإحلالها محل رابطة الإسلام، وهما رجع صدى للفكر القومي الذي سبق أن ظهر في أوربا.

فإذا كان «العروبيون» يحلون العربية محل الإسلام، ويجعلون منهما خصمان، مع أنهما متكاملان، فإن متطرفي الأمازيغ آلوا على أنفسهم أن يهدموا الإسلام والعربية معا، مقابل الإعلاء من شأن تاريخ نوميديا، وبطولات يوغرطة وكسيلة والكاهنة، مَاسِحِين، بجرة حقد، ودواة ذيلية، التاريخ الأمازيغي لطارق بن زياد، والدولتين المرابطية والموحدية، فضلا عن الأمازيغ الذين أسلموا منذ 5هـ/670م.

إن متطرفي الأمازيغ لم يكتفوا بالتآمر مع الاستخراب الفرنسي، بل لم يذروا فرصة إلا واستنجدوا بالأمريكان، كما حدث في 18 دجنبر 2007، حسب برقية من السفارة الأمريكية بالرباط، إلى وزارة خارجيتها في واشنطن، مضمونها أن مجموعة من نشطاء الحركة الأمازيغية طلبوا من الولايات المتحدة الأمريكية التدخل للدفاع عن الأمازيغية من أجل مناهضة «التطرف العربي›› الذي يهدد العالم.

وقالت البرقية التي نشرها موقع ويكيلكس: أن هؤلاء الناشطين الأمازيغ أبلغوا المستشار السياسي بالسفارة الأمريكية: أن على الولايات المتحدة دعم القومية ‹‹البربرية»، من أجل مواجهة «جذور التطرف العربي، كما ساعدت فرنسا وبريطانيا في بداية القرن العشرين على تقوية القومية العربية لمواجهة الإمبراطورية العثمانية. وإنهم شددوا على ضرورة إضعاف العرب وقالوا: نحن لسنا عربا، ولكننا أكرهنا أن نكون كذلك».

كما اعتبر أحد الناشطين الأمازيغ بأنه لا شيء يجمع بين الثقافة الأمازيغية والثقافة العربية، وبأن هناك إمكانية كبيرة للتحالف مع الولايات المتحدة، وبأن الحركة الثقافية الأمازيغية ليست موجهة بنفس الاتجاه المضاد للغرب مثل تلك التي يؤمن بها التيار القومي العربي والتيار الإسلامي. حيث قال أحد هؤلاء الناشطين: «إننا أقرب جغرافيا وفلسفيا إلى واشنطن أكثر من الرياض أو طهران. نحن حلفاؤكم الطبيعيون».

وفي الشهر الجاري من 2014م، وبالموازاة مع زيارته إلى المغرب، وجّه التجمع العالمي الأمازيغي رسالة إلى وزير الخارجيّة الأمريكي جون كيري، حول «حالة حقوق الإنسان للمواطنين والشعب الأمازيغي في المغرب»؛ وطالب التجمّع من وزير الخارجيّة الأمريكية، حسب ما تضمّنته الرسالة، «النظر في انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرّض لها الأمازيغ، من طرف السلطات المغربية».

ومن ضمن النقط التي أثارتها رسالة التجمّع العالمي الأمازيغي، التي دعا وزيرَ الخارجية الأمريكية إلى طرحها في لقاءاته مع المسؤولين المغاربة، عدم تفعيل إقرار الأمازيغية لغة رسمية للدولة، من خلال حظر استعمالها، سواء شفويا، أو كتابيا، في مختلف المؤسسات العمومية، وتغييبها، كتابةً، في العُملات الوطنيّة الجديدة، التي تمّ سكّها بعد التنصيص على الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية في دستور 2011.

وإيغالا في الذيلية والتبعية فقد أعلن (بيان مكناس 5 أكتوبر 2002، الذي كان موضوعه: حرف كتابة وتدريس اللغة الأمازيغية): إن الحرف الذي يمكن حاليا من كتابة الأمازيغية وتدريسها بيسر، وبنسبة أقل من المعيقات البيداغوجية والتقنية، ويسمح باقتصاد أكبر في الوقت والجهد والمال، هو الحرف العالمي «اللاتيني».

أما جمعية بويا للتنمية والثقافة والرياضة بابن الطيب فقد نظمت مائدة مستديرة، وذلك يوم: 17/07/2010، أعلنت في ختامها، للرأي العام المحلي والوطني والدولي، الأسس الفكرية للقومية الأمازيغية، والمتمثلة في عزمهم على بلورة فكر قومي أمازيغي تحرري قائم على أسس:

– اعتبار أرض تمازغا الوطن التاريخي والشرعي للأمة الأمازيغية.

– اعتبار اللغة الأمازيغية كمرجعية أساسية للأمة الأمازيغية وضامنة لاستمرارها.

بيد أن ‹‹عصيد» ينهج موقف التقية بقوله: “إنّ خطاب الحركة الأمازيغية في مجمله لا يعتبر أن النزوع القومي حلّ بديل، بعد أن رأى المصير البئيس الذي آلت إليه القومية العربية”.

وإذا كان “صادقا”، فهل يندد بالعلم الأمازيغي، وبدولة تامازغا الوهمية، لأنهما يمثلان وطنا غير المغرب، وهو المدافع الشرس عن المواطنة والقطرية، في معرض نقده لكل من يتحدث عن العمق المشرقي لكل مسلم؟

فالعلم الأمازيغي علم قومي بامتياز، مع أن القوميين الأمازيغ يلعنون القومية العربية، وإذا كانت العربية تعرف بلغة الضاد، فإن حرف الزاي، الذي يحتل وسط العلم الأمازيغي، يعتبر رمز تيفيناغ، وهو مرسوم باللون الأحمر لون الحياة والمقاومة.

إضافة إلى الشريط الأزرق الأفقي الذي يمثل البحر الأبيض المتوسط، ثم الشريط الأخضر الذي يمثل الجبال الخضراء، وأسفلهما شريط أصفر يمثل الصحراء، بمعنى أن هذه الخطوط تمثل أرض تامازغا.

إن مخططات متطرفي الأمازيغ، إذا طبقت إلى نهايتها، ستدخل المغرب، وباقي المنطقة في حرب أهلية بين العرب ومتطرفي الأمازيغ من جهة، وبين الأمازيغ المسلمين والأمازيغ العلمانيين من جهة أخرى.

عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ، ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسْودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى، إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ“.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M