في الحاجة إلى ثورة للملك والشعب على محاربي الفكر المغربي ومجففي منابعه

25 أبريل 2014 18:17
في الحاجة إلى ثورة للملك والشعب على محاربي الفكر المغربي ومجففي منابعه

في الحاجة إلى ثورة للملك والشعب على محاربي الفكر المغربي ومجففي منابعه

ذ. إدريس كرم

هوية بريس – الجمعة 25 أبريل 2014

بمناسبة “معرض الرباط الدولي الأول للكتاب”، هالني التباس عنوانه وتهميش مكانه، وعدم قدرته على استيعاب المضمون الذي يراد للكتاب أن يقدمه كدلالة على تحضر البلاد وتقدمها، فخطر في ذهني الدعوات الأولى للأجيال السالفة عندما كان الكتاب سلعة نادرة في مطلع القرن الماضي، ومع ذلك كان طموح الشباب يتطلع إلى أيام لإبراز المواهب الفكرية في التأليف والإبداع، وجاء الاستقلال وظهر أن هناك إرادة طمس تلك الأحلام بوضع قضايا جديدة مخالفة لما كان يطمح له، وإن كانت تلبس لبوسها، فآثرت أن أحرر هذا الرأي لأبرز أن المسألة أخطر مما يتصور.

تطلع الماضي

في فبراير سنة 1932 نشرت (“مجلة المغرب”، عدد:17، ص:6) ما يلي:

يوم للأدب بالمغرب

توصلنا من المجلس الإداري لجمعية قدماء تلامذة المدرسة اليوسفية بالرباط بنسختين من كتابين ننشرهما مؤملين أن تحقق الجمعية الفكرة في أول فرصة تتيح لها ذلك وهما:

* حضرة الأديب المحترم السيد عبد الكريم بوهلال رئيس جمعية قدماء تلاميذ المدرسة اليوسفية الرباطية.

تحية وسلاما وبعد؛ فالباعث لي على كتب هذه السطور هو تنبيهكم إلى مقال جيد عنوانه: (يوم للأدب بالمغرب)، نشرته (مجلة المغرب) الغراء بعدد جمادى الثانية عامه، وقد اقترح فيه صاحبه تأسيس (يوم للأدب) في كل سنة يعلى فيه شأنه ويكون أعظم عامل للدعاية له ومن أنفع الوسائل إلى إنجاح نهضتنا.

وبما أن غايات جمعيتنا رفع مستوى أعضائها الفكري ونشر الثقافة الأدبية، أرى من المتعين في حقها أن تدرس هذه الفكرة السامية درسا شافيا، وتبذل كل مجهودها في إبرازها إلى حيز الوجود والعمل النافع.

وعليه فبناء على مادة:14 من قوانين جمعيتنا أرجو منكم أن تعرضوا كلمتي هذه على المجلس الإداري لتقع فيه المناقشة أثناء جلسة من جلساته المقبلة.

وفي الختام تقبلوا فائق احترامي وتحياتي والسلام.

الرباط في 23 شعبان عام 1352.

مسعود الشيكر”.

* حضرة الأديب المحترم السيد مسعود الشيكر

تحية عاطرة وسلاما فائقا وبعد؛

فقد استلمنا كتابكم المؤرخ في 23 شعبان 1352، تقترحون فيه على الجمعية إنشاء يوم للأدب بالمغرب، ولقد عرضنا اقتراحكم هذا على المجلس الإداري أثناء جلسته المنعقدة في 14 شوال 1352 فصادف ارتياحا واستحسانا من لدن الجميع، بعدما بحث المشروع من جميع نواحيه. وستعمل الجمعية على تحقيق هذه الفكرة في المستقبل حيث تتيح لها الظروف تنفيذ ذلك.

وفي الختام نقدم إليكم أسمى اعتباراتنا، شاكرين لكم إحساسكم النبيل، وحسن ظنكم بجمعيتكم الموقرة والسلام.

في 23 شوال الأبرك عام 1352.

كاتب الجمعية عمر بن محمد القباج”.

مجلة المغرب

وقد سبق لنفس المجلة أن تحدثت عن وجوب الاهتمام بالإنتاج الفكري المغربي في مقال نشر بالعدد الرابع سنة 1932 تحت عنوان: “المفقود من تاريخ المغرب”.

ومما جاء فيه ص:14 “ولأمتنا تاريخ علمي حفيل يجد فيه الباحث علماء عرفوا العلم الصحيح وخدموه حق الخدمة، وتركوا آثارا عظيمة في جميع أنواعه لا تقل قيمة عما تركه علماء شرقيون وغربيون، كانت حياتهم مجالا للبحث والتحليل، وأفكارهم موضع إعجاب وإكبار.

وقد كان جهلنا بهذا من أهم العوامل التي قطعت الصلة بيننا وبين ماضينا المجيد، وصرنا كأننا أمة خلقت الآن” انتهى.

ولعل المعارض الدولية للنشر والكتاب تكرس هذا المعطى من خلال تغييب الإنتاج المغربي والقفز على مدونيه المختلفي المشارب، بحيث يخرج زوار تلك المعارض التي توالى تنظيمها بتبخيس المنتوج المغربي لصالح منتجات مشرقية وغربية.

لقد جعلني “معرض الرباط الدولي الأول للكتاب” المنظم بالمركب الرياضي مولاي عبد الله، الذي يحيلنا إلى لغة الدوارجيين، التي لا تستقيم لها قاعدة، ولا يعرف لها معنى تداولي، حيث تتداخل أفعالها وتتنافر أسماؤها، مما يجعلها لغة هجينة لا على مستوى التدوين، ولا على مستوى النطق، الأمر الذي جعلني أجزم بأن هناك إجماعا على محاربة الإنتاج المغربي والترويج للكتاب المغربي، وإلا فما معنى غياب المؤسسات التي تنتج الكتاب المغربي سواء الأكاديمي أو الفني أو المدرسي في أروقة المعرض مع أنها تبيعه في مناسبات مختلفة؟!!

فلماذا لا تعرض كلية الآداب بالرباط كتبها القيمة ومجلتها الهامة؟

ولماذا غابت المندوبية السامية لقدماء المحاربين، وهي التي تأخذ من ميزانية الدولة ما تصدر به كتبها ومجلتها؟

وأين هي وزارة الأوقاف، وأكاديمية المملكة، ومعهد التعريب، والإسسكو، والمعاهد المتخصصة، وكلية الطب والصيدلة، والمعهد الوطني للزراعة والبيطرة، والوثائق الملكية، ووزارة الثقافة التي كان من واجبها تنسيق هاته الجهود لأن هذا هو واجبها وإلا وجب إزالتا وحذفها وتحويل باقي اختصاصات إلى وزرات ومؤسسات أخرى أقل كلفة..

وأين معهد الإحصاء وكلية علوم التربية، والمعهد الأمازيغي، والمجالس البلدية، وغيرها من المؤسسات التي تمولها الدولة لتنتج كتبا ومجلات في الشأن الذي تتولاه، فإذا بنا نفاجأ بمعرض للكتاب لا يوجد فيه إلا الفراغ القاتل الذي يعتبر في حدّ ذاته إهانة بالغة للأمة.

معرض الرباط الدولي الأول للكتاب

لصالح من المحاربة والإقصاء

في القديم كان يقال بأن المثقف يعادي النظام، فالتضيق عليه وعلى إنتاجه يمتح من ذلك العداء؛ بيد أن هناك من كان ينفلت من تلك المحاصرة بدعوى أنه من الموالين أو الرجعيين أو المداحين؛ أما اليوم وقد استوى الماء والخشبة بعدما تمت المصالحة، وصار التدافع حول التدبير والتسيير وضمان الاستفادة، مما أخرج السؤال من مكمنه وتبين أن المحارب الذي كان مختفيا وراء النظام صار سافرا مفضوحا لا لون له ولا طعم ولا رائحة، بحيث أصبح المستهدف الأول هو المواطن المغربي وحضارته وقيمه وإسهاماته مهما كانت ومن أين جاءت؟

لقد صرنا أما نسق تدميري يستهدف الكيان المغربي متوسلا له بذرائع شتى مما يجعلنا نقول بأن النظام المستهدف ليس الملكية وحدها، ولا الدين ولا الهوية، وإنما هو الكل مفتتا إلى أجزاء؛ مما يجعلنا لا نفرق بين حجب الكتاب المغربي ورميه في الأقبية، أو حرقه حتى لا يقال بأن هناك نهضة علمية أو إبداعات فكرية، وسد مسادها بالتوريد مثلما يفعل في الصناعة والتجارة والتدابير الأخرى لضمان التناغم والتناسق والتبعية.

لذلك فنحن نطالب بثورة للملك والشعب في مجال نشر ما هو موجود من معارف، وتنظيم معارض لها وإخراجها للوجود ومحاسبة المقصرين، أو على الأقل رفع أيديهم وتخطيطاتهم عن تدبير إقصاء الإبداع المغربي، مثل ما هو الأمر بالنسبة للإنتاج الصناعي والتبادل التجاري، ولتكن في فشل هذا المعرض عبرة لأولي الألباب.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M