«لالة العروسة» أي عُلْقَة بالشريعة والأخلاق؟؟؟

13 مايو 2014 22:59
«لالة العروسة» أي عُلْقَة بالشريعة والأخلاق؟؟؟

«لالة العروسة» أي عُلْقَة بالشريعة والأخلاق؟؟؟

مريم موحد

هوية بريس – الثلاثاء 13 ماي 2014

صدق من قال: “إن تعش ترَ ما لم تَرَ”. عجبا ما أنزل الله به من سلطان، “لالة العروسة” برنامج مخالف للشرع الحنيف والجهل بالدين داء عضال بل مخالف لأعراف وتقاليد هذا البلد المحافظ وقد رأينا بأعيننا منكرا ومن باب التناصح والتذكير وهذا حق علينا، فعن أبي رقية تميم بن أوس الداري -رضي الله تعال عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الدين النصيحة” قلنا: لمن؟ قال: “لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم”. رواه مسلم وما نُصحنا هذا إلا لعامتهم وبالله حولي واعتصامي.

فقد استرعى انتباهي ما تناقلته صفحات التواصل الاجتماعي من مشهد ببرنامج تلفزي المسمى بـ”لالة العروسة” مشهد يستوقف كل ذي دين وفطرة سليمين ما كان فيه من خلق سميج حيث تم تبادل العناق والأخذ بالأحضان والزوج يرى غيره يعانق زوجته ليس من محارمها ولا تتحرك فيه الغيرة ولا تشتعل فيه منبهات الرجولة على زوجته هذا تخط للحدود وتسريب خبيث لسلوكات يحاولون دسّها دس السم في مجتمعنا تطبيع الناس على رؤية ذلك والنتيجة تبليد الحواس سيما وأنه برنامج يشاهده الملايين يبث عبر الأثير يراه الصغير قبل الكبير وأي صورة يقدم لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم وحسبي الله ونعم الوكيل عنوانه جُرِّد من المحرم -آسي العريس- فكانت النتيجة “لالة العروسة” كل الأنظار توجه للعروس ومتى كانت العروس محط الأنظار وفرجة للجميع الكل يطلع على أسرارها ويعرف خصوصياتها وزوجها، متى كان هذا؟؟؟

فعربون الرجولة ذود الرجل عن محارمه وحِمى بيته وإذا صار عنده اختلاط زوجه ومصافحتها للأجانب ومعانقتها لهم وتبرجها أمام الملإ أمرا عاديا مألوفا فكبِّر عليه أربعاً لوفاته واغسل يدك منه فعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت”، رواه البخاري، ومثل قول الشاعر:

إذا لـم تخـش عاقـبـة الليالي *** ولم تستحي فاصنع ما تشاء

فلا والله ما في العيش خير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبق العود ما بقي اللحاء

فالحياء تاج الأخلاق، وزينة النفوس، ومن علامات الإيمان بل شعبة من شعبه إذا رُفع الحياء رُفع الإيمان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “الحياء والإيمان قرناء جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر” رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين، وعنه أيضا صلى الله عليه وسلم قوله: “الحياء لا يأتي إلا بالخير” رواه البخاري ومسلم، وفي رواية مسلم: “الحياء خير كله“، وأسوتنا في هذا الخُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ “كان أشدّ حياء من العذراء في خِدرها” كما روى ذلك البخاري عن أبي سعيد وقال فيه: “فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه”.

ورحم الله امرأة كانت قد فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها، فقال أحدهم: تسأل عن ولدها وهي منتقبة؟ فسمعته المرأة فقالت: لأن أرزأ في ولدي خير من أن أرزأ في حيائي أيها الرجل” رواه أبو داود، فمن كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه ولا يأتي إلا بالخير فعلى الزوج أن يمنع زوجه من السفور والتبرج ويحول بينها وبين الاختلاط بغير محارمها من الرجال تعظيما لها وخوفا عليها ورفقا بحالها وخيرا ووقاية لها من الفتن قال صلى الله عليه وسلم: “والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته” رواه البخاري، وقال عز من قائل: “يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا” التحريم:6، والزوجة من الأهل ووقايتها من النار بالنصح والعمل الصالح والتقوى وعدم استصغار مثل هذه الزلات وإمرارها ولا تستهينوا بالذنوب الصغار فإن الجبال من الحصى وما رأيناه دليل على ارتفاع الحياء وذهاب الغيرة من قلوب الرجال وما إن ترتفع غيرة الزوج على زوجه حتى تحدث لنا مستحدثات الأمور كما صرنا نرى من قلة المروءة وكثرة التبرج والاختلاط والخلق الهجين ورحم الله أبا بكر الواسطي حين قال: “ابتلينا بزمان ليس فيه آداب الإسلام ولا أخلاق الجاهلية ولا أخلاق ذوي المروءة”. (المنتظم، لابن الجوزي (4/140))، وهذا ما صرنا إليه الآن ولم يكن عند السلف منه شيء قال أحدهم: “لو أن رجلاً نشر فيكم من السلف ما عرف فيكم غير هذه القِبلة”، وعن معاوية بن قرة قال: “أدركت سبعين من الصحابة، لو خرجوا فيكم اليوم، ما عرفوا شيئا مما أنتم فيه إلا الأذان” (سير أعلام النبلاء).

فعلا هذا لكثرة بعدنا عن الدين وتساهلنا في الأخذ به، ما نراه اليوم جله منحرف من مثل هذا البرنامج الممسوخ الذي يسهم في استمراريته همج عوج، وذئاب مختلسة، وسباع ضارية، وثعالب ضوار فلو كانت نواياهم حسنة ونحن نحسن الظن لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “خصلتان ليس فوقهما من الخير شيء، حسن الظن بالله وحسن الظن بعباد الله“، وقال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم” (الحجرات:12)، لو كان الأمر كذلك ما كان ذلك وأنتم أهل الاسلام في بلد محافظ مسلم لما لم تُسموه “الزواج الصالح”؟؟؟ حتى يشع منه الصلاح ويسيج بأخلاق الإسلام لما فسختموه من معالم الدين وجعلتموه فرجة للعالمين، وقد يظن المشاهدون أن المغاربة كلهم كذلك، وأن هذا العهر والتساهل سار في المجتمع ككل؛ نحن والله نبرأ منكم ومن ذلك كله، ما هكذا أعرافنا وحاشا ديننا حاشاه ذلك، لو علم ذاك الزوج المسكين أنهم خدعوه بمبلغ مالي زائل وأغروه بشقة در رماد في العيون فضح أسرار البيت الذي يبنيه وحرمته، وكيف يقوم هذا البيت على الصلاح والاستقامة إذا كان من أوله بني على هذه النكراء، ولو ترك كل ذلك لله لأغناه كيف لا وهو مقبل على فتح باب من أبواب الرزق ومفاتيحه -الزواج- كان يكفيه الله ما وقع فيه من مهزلة الاختلاط والعناق، وأن يسمح لنفسه وزوجه بذلك التصرف البذيء والظهور في ذاك البرنامج الرديء كاشفا أسراره وجوهرة داره، ما هكذا يكون الرجل العربي المسلم القح الذي يشمخ بأنفه عن الرذائل ويتحلى بالفضائل.

إن قوم الجاهلية كانوا لا يقدمون شيئا على العز وصيانة العرض، وحماية الحريم، واسترخصوا في سبيل ذلك نفوسهم، أخلاق صرنا نفتقر إليها يكفيني أن أذكر منها قول عنترة العبسي:

وأغض الطرف إن بدت لي جارتي ***  حتى يواري جارتي مأواها

يحتجبون عن النساء وكذا النساء الحرائر يفعلن وفي وقتنا هذا وبعد أن أنعم الله علينا بنعمة  الإسلام شاع التبرج وقلَّ الحياء وأن يتأتى هذا من ذوات الأزواج فمتى كان يسمح للمرأة أن تصافح الأجنبي عنها؟ حتى صرنا نستسيغ ذلك ونتقبله وقد وردت في ذلك أحاديث بعدم جواز مصافحة الأجنبية والحكم منوط بكلا الطرفين أما سمعتم التحذير من ملامسة المرأة ومصافحتها: عن معقل بن يسار رضي الله عنه يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: “لأن يطعن في رأس أحدكم بمِخْيَط من حديد خير له من أن يمس امرأة أجنبية” رواه الطبراني والبيهقي.

وإن كنت مسلما فالزم غرز رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصافح قط صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم، وهو ولي لكل نساء العالمين للمبايعات له على الإسلام، ولو جازت المصافحة للأجنبية لجازت في هذه الحال، ولما لم يجزها صلى الله عليه وسلم في البيعة فعدم جوازها فيما سواها أولى وأحرى .وقالت عائشة رضي الله عنها: “والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمره الله تعالى، وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن: قد بايعتكن كلاماً” رواه الإمام مسلم، وفي رواية كذلك لعروة عن عائشة: “فمن أقرت بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد بايعتك كلاماً؛ ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة” رواه الإمام البخاري

وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب (7/45-46): فيه أنه عليه الصلاة والسلام لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه، لا في مبايعة ولا في غيرها، وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه، فغيره أولى بذلك، والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه، فإنه لم يعد جوازه من خصائصه. اهـ. وقد قال الفقهاء: “إنه يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها كالوجه، وإن اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة ولا خوف فتنة، فتحريم المس آكد من تحريم النظر ومحل النظر ما إذا لم تدع لذلك ضرورة…”.

وقال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان: “كونه صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أن الرجل لا يصافح المرأة، ولا يمس شيء من بدنه شيئا من بدنها، لأن أخف أنواع اللمس المصافحة، فإذا امتنع منها صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة، دل ذلك على أنها لا تجوز، وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم، لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره” اهـ.

قال محمد بن أحمد عليش: “ولا يجوز للأجنبي لمس وجه الأجنبية ولا كفيها، فلا يجوز لهما وضع كفه  على كفها بلا حائل” (“منح الجليل شرح مختصر خليل” (1/223).

وقال النووي: “ولا يجوز مسها في شيء من ذلك” (“المجموع” (4/515)).

وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا“؛ هذه سنته صلى الله عليه وسلم من رغب عنها فليس منا وما دامت صادرة عمن أدبه ربه فأحسن تأديبه فلن تكون إلا في غاية الدقة والوجاهة والأدب الرفيع يقول تعالى: “لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر” (الأحزاب:21)، ومن أخلاق المؤمن الحرص على اتباع الرسول الكريم والحذر من الوقوع في مهواة الضلال ولا يكون من المسلم إلا الطاعة لله ولرسوله ولا يعقل أن تكون مسلما وتخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بديع شنيع عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به” حديث حسنه بعض العلماء، فالأخلاق عمدة الدين وأساسه المتين مطلوبة في كل وقت وحين.

تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمرك في القياس بديـع

لو كان حبك صادقا لأطعتـه *** إن المحب لمن يحب مطيـع

أطيعوا الله ورسوله وكونوا على بينة من دينكم تفلحوا في الدارين وتكونوا على هدى من الله فالقلب الذي لا يغار على زوجه وعلى حرمات الله قلب ميّت، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيرة على حرمات الله من بعض أصحابه وأثنى عليها، كما روى البخاري في صحيحه عَنْ الْمُغِيرَةِ رضي الله عنه قال: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ؛ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ لاَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي“.

وروى أيضاً عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُن فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي”.

فالغيرة عنوان صحة القلب، إذا بقيت في حدودها ولم تتحول إلى فقدان الثقة، فيا له من دين لو أن له رجالا لم يدع شيئا إلا وبينه ووضحه ونبّه عليه تيسيرا للعباد ولطفا بهم وما علينا إلا الاتباع ونبذ الابتداع.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M