فوائد من محاضرة «قطرات الولي» للدكتور عادل رفوش

22 مايو 2014 23:49
فوائد من محاضرة «قطرات الولي» للدكتور عادل رفوش

فوائد من محاضرة «قطرات الولي» للدكتور عادل رفوش

هوية بريس – عيسى بنكرين/إبراهيم الوزاني

الخميس 22 ماي 2014

نظمت لجنة المسجد بالمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية أيام “نفحات إيمانية من معين الأخلاق”، وكان من بين أنشطتها محاضرة للدكتور الشيخ عادل رفوش، تحت عنوان: “قطرات الولي”، ألقاها أمس ليلا بقاعة المحاضرات بالمؤسسة.

حيث بدأ الشيخ المفضال الدكتور عادل رفوش محاضرته الماتعة بفائدة متعلقة بإفشاء السلام وأنه خير دليل على تسمية دين الإسلام بدين الأخلاق وبدين المثل العليا، ثم ساق أثرا عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يبين أفضلية المشتغلين بعلوم الهندسة والطب والنبات وغير ذلك، وأنه كان يقدمهم في الدخول عليه للتزود من العلم الشرعي والإفادة من علم الإمام الشافعي رحمه الله، ولهذا الأمر أصل في الشريعة الغراء منه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا“، وهذا منوط بعقل صاحبه، ولذلك ترجى رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة من أعلام العرب ممن عرفوا بحكمتهم ورجاحة عقولهم، من بينهم جبير بن مطعم، وعمرو بن هشام (أبو جهل)، وعمرو بن سهيل خطيب مكة، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيرهم.

ثم ذكر أن موت الأخلاق في النفس يحول بينه وبين صاحبه في أن يفهم معالي الأخلاق وأن يعي مكارم الخصال بله أن يمتثلها أو أن يدعوا إليها، وقد أورد قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه وشدة غيرته وذوده عن حياض أهله؛ والأخلاق لا تسمو بالإنسان فقط وإنما تعلي من درجته يوم القيامة وتثقل ميزانه، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أدناكم مني منزلا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا“.

وإنما تستشف حقيقة التدين وجمالية الدين وكنهه وحقيقته من خلال امتثال صاحبه وتحليه بالأخلاق الفاضلة.

فوائد من محاضرة «قطرات الولي» للدكتور عادل رفوش

وبين الشيخ حفظه الله أنه من قول الله تعالى: “هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم…”، يمكن أن نثبت بأن فضل أهل العقول وأصحاب الحكمة في البيع والشراء وأمور التجارة، بحيث يطرح اعتراض وهو كيف يكنى عن الشريعة الغراء ذات المقاصد الجليلة بالتجارة التي هي من أمور الدنيا، وقد صرح الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بحقارة الدنيا وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة؟!! وقد فعل ذلك ليستنفر أهل العزائم الضعيفة ويستثير هممهم للعمل بهذه الشريعة الخاتمة، وأن يوظفوا عقولهم ليدركوا حكمها وأسرارها.

ومن أدل الأمور على كون العقل منوط بالتجارة وخوض التجارب الحياتية ما أثر عن عبد الرحمن بن عوف وقد كان تاجرا وكان جوادا بماله إلا في التجارة فسئل عن ذلك فقال: “إذا جدت بذلت مالي، وإذا اتجرت بذلت عقلي، والحر لا يجود بعقله”.

ثم أكد على أن الأخلاق هي واجهة الشريعة، وينبغي للحفاظ عليها مراعاة الرقابات الخمس، وهي:

1- رقابة الله تعالى على الناس، “وكان الله عليكم رقيبا“.

2- شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم ووجود سنته في الناس في مثل زماننا رقابة له علينا فعلينا حفظها والعمل بها ونشرها بين الناس.

3- شهادة الناس على بعضهم، “أنتم شهود الله في الأرض”، “ولتكونوا شهداء على الناس“.

4- شهادة الملائكة على الناس، ومنهم الرقيب والعتيد.

5- شهادة كل إنسان على نفسه، “كل نفس بما كسبت رهينة“، “بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره“.

وحسب الشيخ فالمرء ينبغي أن يتطلع نفسه ويراجعها في ثلاثة مواضع كما نبّه على ذلك أحد من السلف، عند قراءة القرآن؛ وفي مجالس الذكر؛ وفي الخلوات مع النفس.

ثم قال حفظه الله: إن بعض الطوائف غلوا في معنى الولاية وتشددوا في حدّها وتعريفها وأناطوها بخوارق العادات؛ وإنما الأصل أن يكون برا متخلقا، وبموت العلماء تنقص الأرض من أطرافها، فإذا قل العلماء قل من يحمل الناس على الخير والفضيلة والبر، قل من يدعوا إلى إكرام الضعفاء وإعانة الفقراء وإطعام الحيوان وإكساب المعدوم؛ فالبر لا يؤذي الذر كما يقال؛ فالشريعة تعلي من شأن العلماء ما داموا قائمين بواجبهم اتجاه الأمة؛ ويمكن استخلاص معنى الولاية من قوله تعالى: “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون“، فالولي هو من جمع الإيمان وتقوى الله؛ وفصل الشيخ في معنى الإيمان والتقوى بالكثير من آيات كتاب الله سبحانه.

فوائد من محاضرة «قطرات الولي» للدكتور عادل رفوش

ثم ذكر أن الإمام الشوكاني صنف في حديث الولي شرحا وتأصيلا وتفصيلا، كتابه: “قطر الولي”، ومنه أخذ عنوان المحاضرة، وقد تفرد الإمام البخاري رحمه الله بذكر هذا الحديث في صحيحه وأخرجه في كتاب الرقاق الذي جعله بين كتاب الدعوات وكتاب القدر، وفي صنيع هذا الإمام الهمام حكم ومقاصد كثيرة، أتى بها الشيخ في نظم مفيد وسياق فريد.

والولي في عنوان المحاضرة المقصود به المطر الذي يلي المطر الوسمي، والقطرات تعبر عن الخواطر والإشارات التي يجود بها القلب والفؤاد في هذا الباب.

والموعظة الحسنة إذا أريد أن يكون لها أثر في الإنسان فإنها تفتقر إلى قلب يحضنها، وعقل يستوعبها، وخلق يمتثلها.

وقال الدكتور رفوش إن قول الله تعالى: “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون“، تبعث في نفس المؤمن العزم، وترفع الهمة، وتشرح الصدر، فينبغي أن يبقى المؤمن متقدا وقويا وصامدا في مواجهة التحديات؛ ومن جهة أخرى فالآية عطاء رباني وسنة كونية وقاعدة قرآنية ومنحة إلاهية، لا تتخلف ولا تتبدل ولا تتغير، “لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة لا تبديل لكلمات الله…“.

فالأولياء هم المستقيمون على دين الله تعالى، والولاية متوزعة على أهل الصلاح عموما، من أهل الصناعة وأهل الفلاحة، وأهل الطب وأهل الهندسة وأهل التجارة، والعلم الشرعي سبب من أسباب حصول الولاية فقط، فلا ينبغي أن تحتقر أحدا من المسلمين أو أن تنزل من شأنهم وقدرهم، فرب عبد لا تعلم له قربة أو طاعة لو أقسم على الله لأبره.

وقد قال ابن تيمية رحمه الله: “وأعظم كرامة دوام الاستقامة”؛ والتقوى متنوعة كما أفاد وأجاد في ذلك الإمام ابن جزي رحمه في بداية تفسيره حيث عدد أنواع التقوى، فجعل منها: – تقوى الإسلام – تقوى الورع – تقوى الزهد – تقوى السنة أو الطاعة – تقوى المراقبة.

والإضافة في قوله سبحانه “ألا إن أولياء الله…”، إضافة تشريف وإعلاء للمنزلة، وهي أيضا إضافة تكليف؛ فأولياء الله حقا هم المتقون، والتقوى أن يجدك الله حيث أمرك، وأن يفقدك حيث نهاك.

وقد افتتح الشيخ الهمام المحاضرة بكونها قطرات على صيغة جمع القلة، فإذا هو أتى بسيل من الفوائد والحكم والمقاصد والاستشهادات والقصص، وغير ذلك مما لم يستطع بناني أن يجاري سرعة لسان الدكتور في بث الفوائد وتأصيل الفرائد.

والله العظيم نسأل أن يبارك في الشيخ الدكتور عادل رفوش، وأن يزيده علما على علمه، وأن ينفع به الأمة.

فوائد من محاضرة «قطرات الولي» للدكتور عادل رفوش

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M