أنصفونا.. ثم حاسبونا

28 مايو 2014 19:04
أنصفونا.. ثم حاسبونا

أنصفونا.. ثم حاسبونا

ذة. لطيفة أسير

هوية بريس – الأربعاء 28 ماي 2014

بين ماضٍ تليدٍ احتفى به وأعلى من شأنه حتى غدا من صفوة المجتمع، وحاضرٍ يكاد يدوسه بالأقدام، يقف المدرس اليوم وقد أضحى مضغة تلوكها ألسنة الجهلاء والحمقى قبل العلماء والدارسين، يقف ونظرات الغضب تلتهمه، وأصابع الإدانات لا تكاد تفارقه في كل محفل.

فهل مدرس اليوم بريء أم متهم؟

لن نجانب الصواب إن قلنا أن قطاع التعليم ولجته فئات لا علاقة لها بالتربية والتعليم، فئات تتعامل مع التدريس على أنه مهنة وليس رسالة سامية ونبيلة، فئات يخجل المرء أن يطلق عليها صفة “مربي” لأنها تفتقد لهذه الخصلة في سلوكاتها وعقلياتها وطريقة تعاملها مع النشء، وهذا ما يجعلنا نطرح آلاف الأسئلة عن طرق تأهيل الأطر التربوية واختيارها، قبل أن نعهد لها بأمانة تربية فلذات أكبادنا.

حين يعاقر رجل التعليم الخمر، ويتحرش بتلامذته، ويتلفظ بألفاظ بذيئة في حضرتهم، من حقنا أن ندينه ونضعه في قفص الاتهام.

حين يحصر المدرس دوره في تلقين المعلومة للتلميذ متغاضيا عن دروس الوعظ والإرشاد بدعوى عدم الاختصاص، من حقنا أن ندينه ونضعه في قفص الاتهام.

حين يصبح التعليم في نظر المدرس مرتعا للكسب من خلال الدروس الخصوصية على حساب عمله في المدارس العمومية، من حقنا أن ندينه ونضعه في قفص الاتهام.

لكن الذي ليس من حقنا هو أن نسقط هذه الحالات على كل أسرة التعليم، فننسى من أخلصوا النية في عملهم، وعاهدوا الله قبل غيره على الجد والاجتهاد، من أفنوا زهرة شبابهم بين السبورة والطبشورة دون كلل ولا ملل، وكل أملهم غرس بذور الفضيلة والصلاح في أجيال عشقوا أن يروها تسود الأمم، من عاشوا في صمت وماتوا في صمت متعالين عن كل الإكراهات التي تحيط بعملهم، من رفضوا الخضوع لكل الضغوط التي تفرضها المخططات الرامية لقتل التعليم وضرب مصداقيته من خلال النيل من رموزه وقدواته. من حفظوا وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم وأيقنوا أنهم حاملو مشعل الخلافة في العلم والعمل بعد الأنبياء والرسل.

يا سادة.. يا كرام..

قطاع التعليم كغيره من القطاعات فيه الغث والسمين، الصالح والطالح، وأمره ليس بيد المربين للأسف؛ فما هم إلا أدوات تنفيذ قهرتها ظروف الحياة الصعبة وأوجبت عليها قبول تلك المخططات، فلنكن منصفين في انتقادنا للمدرس، ولنُعِد له هيبته ونمنحه ما يستحقه من التكريم والإجلال، فهو مربي الأجيال، وما خابت أمم أعلت شأن مدرسيها، وما حال الدول المتقدمة عنا ببعيد. ولنعكف على دراسة مشاكل التعليم دراسة حقيقية تستحضر كل مكونات القطاع، بدل الاكتفاء بحلول ترقيعية لا تزيد الطين إلا بلة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M