الموريتانيون والسياسة

31 مايو 2014 20:43

حمودي ولد حمادي

هوية بريس – السبت 31 ماي 2014

تشهد معظم المدن الموريتانية بما في ذلك العاصمة نواكشوط، هذه الأيام ميلاد وابل من المبادرات تشارك فيها جميع أطياف المجتمع الموريتاني، وتأتي هذه المبادرات بعد إعلان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ترشحه لمأمورية ثانية، وهذا ما جعل كل المبادرات التي تكاثرت وأخذت كل التسميات، وأصبحت محل تنافس وربح كل الأطر الموريتانية بما في ذلك الشباب تطالب محمد ولد عبد العزيز بترشح لمأمورية ثانية وإلا فالشعب سيحاسبه، وتأتي هذه المبادرات بعد إعلان المعارضة مقاطعتها للانتخابات وعدم مشاركتها نهائيا في الاستحقاقات القادمة بعد فشل الحوار الذي جمع بين المعارضة والأغلبية، ويقوم الرئيس حاليا بزيارات مفاجئة لمقاطعات البلاد للتأكد والاطلاع على حقيقة الأمر.

 وتعتبر مقاطعة المعارضة للانتخابات فرصة لولد عبد العزيز للهيمنة على جماهير الأحزاب المعارضة التي بدأت تتساقط شيئا فشيئا، وإغرائها بتعيينات في الحكومة، كما أن المسار الذي تقوم عليه الانتخابات سينتهي بفوز ولد عبد العزيز وذلك نتيجة عدم وجود طرف قوي ينافس ولد عبد العزيز على كرسي الرئاسة الذي تولى قيادته منذ 5 سنوات عن طريق انقلاب على الرئيس الموريتاني الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله.

وإذا كانت كل الجهات تطالب بترشح محمد ولد عبد العزيز لمأمورية ثانية تجسيدا للديمقراطية والعدالة والمساواة والحكم الرشيد كما يقولون، فما الذي جعلهم يخرجون ذات يوم يطالبونه بالرحيل ويرددون “يسقط يسقط حكم العسكر” ويصفون حكمه بأسوأ حكم في تاريخ البلاد؟ هل نسي الموريتانيون من هو محمد ولد عبد العزيز؟ وهل نسوا الظلم والمعاناة والقهر والجوع والعطش والمرض وقلة الأمن والأمان والتعليم والصحة والبنية التحية والجهل والفقر والتخلف؟ شعب بلا موقف، هكذا هي جماهير السياسة في موريتانيا، تقف ضد الرئيس وتطالبه بالرحيل وتتظاهر ضده وتصف حكمه بكل صفات الفشل، ثم في الأخير تطالبه بالترشح.

لا يلقى المواطن الموريتاني أي اهتمام كما أنه ليس من أساسيات الدولة في موريتانيا، فهو يعيش كأنه غريب يبيع كل ما يملك ليقضي ليلته، ثم يصبح ليبحث عما يبعه ولو كلفه ذلك بيع عرضه وعائلته وكل ما يملك لأجل أن يبقى في حسابه من المال ما يلهو ويلعب به، وهذا ما يحدث غالبا مع رجال السياسة وجمهورها في موريتانيا، يقف أحدهم ضدك ألف سنة يهاجمك أنواع التهجم مستخدما في ذلك أنواع الشتم والقذف، ثم يعود إليك منحني الرأس طالبا العفو، وهذا ما نعني به الفقر وهذا هو العطش للمال الذي لا يزول، فعلى ماذا يبني الموريتانيون السياسة؟ طبعا ليست المبادئ والمواقف والوطنية.

شهدت الأيام الأخيرة لحكم محمد ولد عبد العزيز تظاهرات واعتصامات كادت تعصف بحكم ولد عبد العزيز وشعبيته، وكل ما يحول بقصر الرمادي، وتعددت هذه التظاهرات منها من تطالب بإعدام المسيء لخير البرية ومنها من تطالب بتطبيق الشريعة ومنها من تطالب بمعاقبة وشنق من قاموا بتدنيس القرآن الكريم وحرق الكتب المالكية، ومنها من تطالب أيضا بمعاقبة من تهجموا وضربوا العلماء، وهي أخطر اعتصامات لم سبق أن شهدت البلاد مثيلا لها، كما أن مثل هذه الحوادث لم تسبق أن شهدتها البلاد.

لكن المبادرات الأخيرة التي عمت أرجاء البلاد توضح عكس ذلك، ولم يعرف بعد أسباب الرئيسية وراء هذا الكم الهائل من مبادرات المطالبة بترشح ولد عبد العزيز الذي كان في الأمس يكن له الشعب كل الحقد و النقد و يطالبه بالرحيل، ماذا فعل محمد ولد عبد العزيز لشعب الموريتاني ليغير من نظرته الحقودة له، وكيف تمكن ولد عبد العزيز من إسكات الشباب، هل قام ولد عبد العزيز بتوزيع المال والمنصب على المواطنين بدون أن نعلم أم أن الشعب تراجع كليا عن كل متطلباته الغير القانونية و التي قد تحول البلاد إلى جحيم أم أن ولد عبد العزيز أكتسب تجربة من خلال الربيع العربي.

وإذا كان المال العام سيتم نفقته على الحملة الرئاسية، فلا يجوز منع أي مترشح من الترشح لان المال العام حق الجميع ومتساوين فيه، ومن حق المعارضة المشاركة في الحملة، وأخذ نصيبها من الخزينة العامة، وهل بإمكان إقامة حملة رئاسية لا تشارك فيها جميع الأطياف السياسية.

من سيمنع محمد ولد عبد العزيز من أخذ المنصب الرئاسي وكسب الرهان مرة أخرى إذا كانت المعارضة مصرة على عدم المشاركة في الانتخابات؟ وكل الطرق التزوير والرشوة والخدع مفتوحة أمام الرئيس مع إنه لن يحتاج لذلك لان منافسيه ليس قويا لدرجة ولد عبد العزيز ومن سيهزم رئيس الفقراء إذا كان إخوان المسلمين لا يفكرون في المشاركة في الاستحقاقات القادمة؟

ولا نستغرب إذا قام الإعلاميين الموريتانيين بتنظيم مبادرة لدعم ولد عبد العزيز ومطالبته بالترشح، لأن الموازين تغيرت وقد سبق أن شاهدنا تظاهرات عديدة لحركات فبراير كان القائمون عليها يطالبون برحيل النظام وإسقاطه وفي الأخير هي من أشرفت على تنظيم لقاء الشباب مع الرئيس وهي من تعكف حاليا على تنظيم المجلس الأعلى للشباب وهي من ستتولى القيام بالحملة الرئاسية لولد عبد العزيز وقد تم تعيين أشخاصا منهم لا مستحيل في أرض لا مواقف لأهلها.

ومن حظ ولد عبد العزيز توليه حكم شعب ضعيف الذاكرة،  تسيطر عليه القبيلة والوساطة والمال والجاه والمنصب، ولولا ذلك لكان حكم و نظام ولد عبد العزيز كأحكام ملوك العرب الذين هيمنوا على السلطة، خمسة سنوات من الظلم و التهميش ولامبالاة والجهل والفقر والجريمة والخطف و الاغتصاب والسرقة والتدهور الأمني والتهديد والقتل، وبيع وشراء لكافة المؤثرات وفساد ومع كل هذا يتجدد عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع ظهور مبادرات تطالبه بالترشح ومن يعلم قد تتراجع عن ذلك، حظا موفقا لولد عبد العزيز ولكل من يشارك في الانتخابات الرئاسية لعام 2014.

وتعتبر السياسة حدثا عظيما لدى الموريتانيين حيث تهدر فيها أموال باهظة على الرقص والغناء والندوات وشراء وبيع بطاقات الناخب، هذا وتبقى السياسة مهنة يمارسها كل من هب ودب وهي طريقة سهلة ومربحة لجمع المال وتحصيل المنصب، وهذا هو السر في توجه كافة أطياف المجتمع الموريتاني إلى السياسة والانتماءات الحزبية والفكرية.

ونذكر المترشحين والحكومة أن الداخل يتضور جوعا وعطشا، قبل الدخول في معركة الفوز بالكرسي الرئاسي.

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M