لمثل هذه الأوزار يصلح ذلك المزوار

11 يونيو 2014 15:40

علي بونوا

هوية بريس – الأربعاء 11 يونيو 2014

الآن عرفت أن الحكومة في نسختها الثانية إنما تمثل أطيافا وأطرافا متعددة لها مصالح مختلفة.. ولكل طيف فيها نصيب ولكلٍّ مصالحُهُ التي يسعى لجلبها أو الحفاظ عليها.. وكل حزب في تلك “التركيبة الرباعية” للحكومة التي تم تطعميها بعناصر تشبه “المواد الحافظة”، محكوم بمراعاة هذه الموازنة.. فهناك دائما ظروف تفرض على السياسي أن يوازي بين المصالح والمبادئ في ميزان الواقع محليا أو إقليميا أو دوليا.

 لو افترضنا جدلا أن السيد “سعد الدين العثماني” مازال وزيرا للخارجية، وطُلب منه أن يمثل رئيس الدولة في حفل تنصيب “السيسي” كما أجبر من قبلُ على دعم التدخل العسكري الفرنسي في مالي.. هل كان سيقبل يا ترى؟ المهم أن من خلف “العثماني” في الخارجية هو ذلك “المزوار التقدمي المتحرر” و ليست له أي “عقدة نفسانية” مع الحضور في مثل تلك المحافل.. فقد نفذ الرجل التعليمات وشد الرحال إلى بلاد الكنانة لتمثيل الدولة المغربية في تنصيب رئيس مصر الجديد المفروض قسرا على الشعب المصري.

هكذا إذن وبكل أريحية يذهب رئيس حزب “الأحرار المغاربة” إلى مصر، التي حاول شعبها أن “يتحرر” في 25 يناير 2011 من قبضة الاستبداد و”الحكم الجبري”، ليشارك في تنصيب قائد “العسكر” الذي هتف المصريون خلال “جهادهم السلمي” من أجل الحرية والانعتاق بإسقاط حكمه، مرددين ذلك الشعار المدوي: “يسقط يسقط حكم العسكر”، وبالتالي فحضور مزوار في حفل التنصيب هو تزكية للشخص الذي يُعيد مصر إلى أحضان الحكم العسكري رغم أنه خلع بذلة “المشير” ودخل غمار انتخابات رئاسية، بدون برنامج طبعا، في أسوأ “عرص سياسي” عفوا أقصد “عرس سياسي” تشهده منطقة شمال إفريقيا مؤخرا.. وهو الحدث الذي فضح من خلاله الشعب المصري مرشح العسكر “عبد الفتاح” بمقاطعة الانتخاب والتصويت عليه.. ليتبين أن المشير “عبد الفتاح” لم يفتح الله عليه أبواب المشهد السياسي المصري كما كان يتصور ويتمنى.

شخصيا، وكمجرد ملاحظ، أرى أن حضور وزير الخارجية المغربي في حفل تنصيب رئيس الانقلاب في مصر بعد مرور أسبوع تقريبا على الزيارة الأخيرة لعاهل البلاد وخطابه التاريخي إلى جمهورية تونس، التي بدأت مسلسل الثورات في شمال إفريقيا، والتي يرأسها شخص مثل السيد المنصف المرزوقي الذي لم يجد حرجا في رفضه لحضور حفل تنصيب السيسي (أرى أن ذلك) من غرائب الأحداث التي تستعصي على التحليل وتأبى الاندراج في قوالب المنطق، إلا أن يكون ذلك لعبا دبلوماسيا على جبهات مختلفة لكن تصب كلها في اتجاه مصلحة عليا موحدة تحددها المتغيرات الإقليمية والسياق الدولي، وتمليها ملفات داخلية حساسة ومصيرية.

إنه مجرد رأي ملاحظ يتمنى لو أن الأمور تكون واضحة للرؤية.. لكنه يؤمن أن الأمور تجري بمقادير، وأن الأقدار تقودنا وتسير بنا نحو ما خُلقنا له، ومهما فعلنا فلن نغير مجراها.. إنها حكمة الله في خلقه.. وإن له في الكون سننا.. فمن عرفها وخبرها فلا شك أنه يعرف كذلك أن خالق الكون يحاسب خلقه من بني آدم على بذل الجهود لا على حصيلة ونتائج ما يبذله من مجهود.

في الختام.. أقول متهكما على تناقضات اللعبة السياسية بنسختيها (شبه الديمقراطية والديكتاتورية) في حالة تنصيب المشير “عبد الفتاح السيسي” رئيسا للجمهورية المصرية بحضور الوزير “صلاح الدين مزوار”، وأنا أعتقد أن الوزير سمي كذلك ليس فقط لأنه يؤازر رئيسه لكن لأنه أيضا يحمل عنه بعض الأوزار الثقيلة:

“إنه لمثل تلك الأوزار.. يصلح ذلك المزوار”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M