رسالة إلى أهل مصر

21 أغسطس 2013 02:53

إلياس الهاني

هوية بريس – الثلاثاء 20 غشت 2013م

لقد ظهرت حقيقة العلمانيين؛ وأبانت الديمقراطية التي اتخذوها إلها من دون الله، عن كشف ما تكنه صدورهم من حقد وبغض لكل من رضي بالله ربا ومشرعا، وبمحمد نبيا وقائدا، وبالإسلام دينا وشريعة ومنهج حياة، فما قام به الانقلابيون العلمانيون من الكفر بديمقراطيتهم، وتجاوز النتائج التي أسفرت عنها؛ من أغلبية إسلامية في مجالس الدولة، ودستور له نصيب وافر من ترسيخ للمرجعية الإسلامية، وفوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة إلا دليل واضح على هذا.

فكان الانقلاب العسكري بتخطيط مسبق ممن يكرهون الإسلام من أن يسود، فما كان من الشعب المصري الأبي إلا الخروج لاسترداد الشرعية والإرادة الشعبية، أمام هذا كله كانت إجابة واحدة هي التي استخدمها الجيش للابتعاد عن المساءلة والمحاسبة، -وأنى له ذلك- هي استعمال السلاح بأنواعه المختلفة، ووسائله المتعددة في صدور المعتصمين في ميادين مصر وبالأخص رابعة العدوية والنهضة، بطريقة تنبئك عن حجم ما يكنه صدور هؤلاء ضد الشعب الذي ارتضى شريعة ربه.

نتيجة لذلك آلاف من الشهداء بإذن المولى، وعشرات الآلاف من الجرحى، وتعطيل لمؤسسات وهياكل الدولة، وأزمة اقتصادية خانقة، وبلطجية ممولة تدمر وتقتل وتخطف وتفعل كل ما أملته عليها رغبتها، وإعلام خبيث يتعمد الكذب وهو يعرف أنه يكذب، كل هذا وغيره شيء يسير مما اقترفته أيدي الانقلاب ضد مريدي الشرعية.

ولذا كان لزاما على أهل العلم والفكر والدعوة والإرشاد والسياسة أن يبينوا حقيقة ما جرى، ويكشفوا زيف الدعاوى التي تلصق بأصحاب الشرعية، ومن جانبي ارتأيت أن أكتب لإخواني هناك رسالة من قلبي الذي يتفطر ألما لما يحدث لهم فأقول:

“إن الذين سقطوا في ميدان رابعة والنهضة وغيرها نحسبهم شهداء عند الله تعالى، فلا تجزعوا فحال المؤمن عند المصيبة هو كما قال جل وعلا: “الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون” [البقرة]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها؛ إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها” (صحيح الكلم الطيب) وقد أفرحتنا مشاهد في قمة الثبات والاحتساب، فأم تودع ابنها لأنه ختم القرآن، وسيلبسها تاج الوقار يوم القيامة، وأب عندما جاءه خبر استشهاد ابنته وهو يتحدث استرجع واحتسب وصبر، فبارك الله فيكم وأعظم الله أجوركم.

“لا يخفى على أحد حجم المصيبة التي تلاحق بكل أصحاب الشرعية من مطاردة واعتقال وإلصاق التهم الجاهزة، فيا أهل مصر لكم أسوة بأنصار نبيكم صلى الله عليه وسلم في مكة عندما كانت تلاحقهم تهمة الانضمام إلى صف محمدصلى الله عليه وسلمفما كان منهم سوى الصبر ورفع الأيدي إلى السماء لتتهاطل جنود الرحمن على أعداء الله لمن حاربوا أولياؤه.

أيها المظلوم صبرا لا تهن — إن عين الله يقظى لا تنام

نم قرير العين واهنأ خاطرا — فعدل الله دائم بين الأنام

وإن أمهل الله يوما ظالما — فإن أخذه شديد ذو انتقام”.

“لا شك أن الرسائل التي أرسلتموها إلى الشعوب المسلمة قد وصلت، وقد أحرقت قلوبهم وتألمت نفوسهم، وقد خرجت الجماهير المسلمة في شتى أنحاء العالم بمظاهرات عارمة تنديدا ورفضا ونصرة للشعب المصري، ولكن ما الذي يستطيعونه أكثر من ذلك فهم غرقى في أوحال مطارق الحكام، مقموعين من سنداتهم”.

“إن إصراركم وثباتكم على مبادئكم ومواصلة العزيمة على ما تؤمنون به من شرعيتكم التي اخترتموها؛ ليعلم العالم أجمع مدى ما يتمتع به الشعب المصري من قوة العزيمة والشكيمة، فمن أراد أن يتعلم كيف تسترد الشعوب كرامتها فعليه بأهل مصر، ومن أراد أن يتعلم الصبر والثبات فعليه بأهل مصر، ومن أراد أن يتعلم كيف تنال الشهادة فلينظر إلى أهل مصر”.

“أما حكام العرب فهم لم تؤثر فيهم هذه الأحداث والمحن التي عاشها إخوانهم في مصر، الكل أعلن عن ضعفه ورضاه بالإهانة بلزومه الصمت والحياد؛ بل إن منهم من بلغ به الأمر إلى المشاركة في إراقة الدم المصري كالسعودية والإمارات”.

“أما الفريق عبد الفتاح السيسي ومن معه، فهذه رسالة من فوق سبع سموات تقول فيه وفي أصحابه: (فلا تحسبن الله مخلف وعده. رسله إن الله عزيز ذو انتقام. يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار. وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد. سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار. ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب. هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب) [إبراهيم].

فيا أيها الظالمون: يا أيها المجرمون:

محال أن يموت المظلومون ويبقى الظالمون فاعملوا ما شئتم فإنا عاملون.. وجوروا فإنا إلى الله مستجيرون.. واظلموا فإنا إلى الله متظلمون..

أين الظالمون وأيـن التابعون — لهم في الغي بل أين فرعون وهامان

أين من دوخوا الدنيا بسطوتهم — وذكرهم في الورى ظلم وطغيان

أين الجبابرة الطاغون ويحهموا — أيــــــن من غرهم لهو وسلطان

هـل أبقى الموت ذا عز لعزته — أو هــــل نجا منه بالأموال إنسان

لا والذي خلق الأكوان مـن — عدم الكل يفنى فلا انس ولا جان

أسأل الله جلا وعلا أن يحفظ مصر وأهلها، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M