تصوروا معي وقوع السلاح الذري بيد «الإرهابيين»!!!

24 يونيو 2014 23:15
تصوروا معي وقوع السلاح الذري بيد «الإرهابيين»!!!

تصوروا معي وقوع السلاح الذري بيد «الإرهابيين»!!!

د. محمد وراضي

هوية بريس – الثلاثاء 24 يونيو 2014

إن السلاح الذري، حتى ولو تخصص العسكريون ومهندسوه في معرفة أسراره ونتائجه الوخيمة، المدمرة حين استخدامه، فإن للمدنيين نصيبهم من الاطلاع على المخاطر التي يشكلها، إن تم اللجوء إليه للقضاء على عدو، لم يفلح السلاح العادي في دفعه، أو دحره، أو وقف زحفه.

ولمن لم يقفوا بعد تطبيقيا على ما يخلفه فور استعماله، نسوق هذه الحقائق:

يتميز الانفجار الأرضي لقنبلة ذرية بإحداث حفرة “قد يبلغ قطرها نحو 400 متر… ويقذف إلى أعلى بنواتج الحفرة وما حولها من طين وتراب وحجارة مستعرة إلى ارتفاعات، قد تصل بضع كيلومترات، ثم لا تلبث أن تتساقط هذه الحمم الملوثة على منطقة الانفجار، فتنشر الموت والدمار”.

وتتولد عن القنبلة عند تفجيرها “موجات مستعرة من الوهج الحراري التي يبلغ تسعيرها أقصاه في الثواني الأولى للانفجار، إذ تزيد درجة حرارتها عن 10 آلاف درجة مئوية.

وتنتقل هذه الموجات بسرعة كبيرة جدا تقارب سرعة الضوء، فتبدو كالنار المنتشرة في جميع الاتجاهات، أو كالغاشية التي تطبق تماما على المنطقة المنكوبة. ويعتبر الوهج الحراري من أشد نواتج الانفجار الذري تأثيرا في زيادة آلام الإنسان وإهلاكه. ويتراوح هذا التأثير بين احتراق الإنسان -والكائن الحي عموما- وتفحمه تماما في لحظات، وبين معاناته من حروق مختلفة الدرجات، كما أن شدة ضوء الانفجار تؤثر في العيون فتسبب عمى مؤقتا أو عمى مستديما حسب الأوضاع والحالات المختلفة”.

وفي اليوم التاسع من شهر أغسطس عام 1945م، في الساعة الحادية عشرة “تفجرت قنبلة ذرية على ارتفاع 550 مترا فوق ماوتسوياماكي، قلب حي إيراكامي الرئيسي في مدينة نجازاكي (اليابانية). وأخذ صفير العاصفة يجتاح المنطقة بسرعة ألفي متر في الثانية، يقلب الأرض ويجتاحها وما احتوت. وقد رفع الفراغ الذي نشأ من ذلك في منطقة الانفجار كل ما تناثر، ثم ألقى به على الأرض، وكانت الحرارة الناشئة من الانفجار هي تسعة آلاف درجة، فأحرقت كل ما صادفها.

وأذاب التفجير المعادن التي ارتفعت ثم هبطت كالشهب الملتهبة، فأضاءت وأشعلت الحرائق في كل مكان، وسبحت سحب من الزجاج المتناثر، حجبت الشمس، وأحالت نورها كسوفا، فعم الظلام، وبعد ثلاث دقائق، أخذت هذه السحب تتضاءل تدريجيا، بينما كانت تسقط جزئياتها على الأرض. وأعقب ذلك ضوء خافت أضاء من جديد حقول المذابح الآدمية. لقد قتل ثلاثون ألف آدمي، وجرح أكثر من ألف شخص، وأصيب عشرات الألوف بأمراض ذرية، نتيجة الإشعاع الذري الخطير”.

وقالت الممرضة اليابانية هاشيموتو تحكي ما شاهدته وعاشته: “كانت الممرات وقاعات الانتظار أو المعامل ملأى بأكوام من البشر! ثم تحولوا إلى أجسام فوق أجسام، الكل عراة دكن بسبب التراب وقطع الزجاج. كان منظر الضحايا مؤلما للغاية، وكان الدم ينبثق في كل مكان من أجسادهم، من العين والأذن والأنف. وكان المخ في الجثة قد سحق تماما! بل كان البعض يلفظ من فمه قطعا مكورة من الدماء. وكانوا قصيري الاحتضار، طرحوا أرضا والتصقوا بها في قوة خارقة.

لقد انتشرت الحرائق وتناثرت جثث الموتى، ولم يبق ثمة بناء قط من أبنية الكلية، ولم يعد هناك غير بحر من النيران، أما قلب المستشفى فهو عبارة عن كتلة من اللهيب، لم يكن في استطاعتنا اقتحام تلك النيران، ولم نتمكن من حصر الجرحى”!

إنه إذن سلاح ذري معروف خطره على المحاربين وعلى المسالمين، من رجال ومن نساء ومن أطفال! إنه قانون الغاب في حرب لم تحترم فيها الأرواح البشرية! والحال أن الإسلام يحرم قتل الأطفال والشيوخ والنساء وكل من لم يشارك في الحرب. نقول هذا حتى يستيقظ وعي من يقدسون الغرب الطاغوتي الظالم الذي يتاجر بالقيم الإنسانية، بينما هو لا يعيرها أدنى اهتمام، لأنه يضع مصالحه وطموحاته فوق جميع الاعتبارات.

ثم إن السلاح الذري معروف خطره على العمران من مساكن، ومن قناطر، ومن معامل، ومن مصانع، ومن مستشفيات ومعاهد وكليات، ومراكز البحوث، والمآثر التاريخية، وآثار ثقافية وحضارية! إلا أن السلاح الهيدروجيني أفتك منه بمئات المرات! إذ لو أصاب نفس المنطقة لكانت الخسائر أضعافا مضاعفة مما أحدثته قنبلة ذرية واحدة! لم تقم بإلقائها سوى دولة متزعمة حتى الآن للإرهاب الدولي!!!

فماذا عن الإرهاب وعن الإرهابيين؟ ماذا عن هؤلاء الذي يخشى أن يقع السلاح الذري في أيديهم فيستخدمونه ضد خصومهم السياسيين والأيديولوجيين، وإن كانوا مثلهم متدينين بنفس الدين وهو الإسلام أو المسيحية إن وجد الإرهاب والإرهابيون في صفوف المسيحيين عبر العالم؟

لا شك أن تحديد مفهوم الإرهاب لا إجماع حوله. فكثيرة هي الندوات والمحاضرات والتجمعات واللقاءات والحوارات الإقليمية والدولية لغاية تعريفه أو لغاية تحديد ما يعنيه، بحيث تدفع بعض الدول إلى وصف أي مناضل لأجل نيل حقوقه بأنه إرهابي. فيكون الفلسطينيون جميعهم قبل صعود أسهم حماس في الساحة النضالية ضد العدو الصهيوني إرهابيين! ويكون ثوار ليبيا -وهم يواجهون الدكتاتور القذافي إرهابيين- ويكون اليمنيون الذين عانوا من استبداد الطاغية علي عبد الله صالح إرهابيين؟ وبعبارة واحدة: توصف بالإرهاب كل جماعة تقوم بمحاولات لرفع الظلم المسلط على الشعب من طرف حاكمها الدكتاتوري الغاشم جماعة إرهابية! بينما يوصف هذا الحاكم الطاغية بالحاكم العادل الذي يرعى الديمقراطية بامتياز قل نظيره، أو لا نظير له على الإطلاق؟

إن وصف جماعات معينة بكونها إرهابية لم يكن بالأمس القريب مجانيا إلى هذه الدرجة! فعندما اشتد الاحتدام بين الشرق والغرب على عهد الحرب الباردة، كان المنتمون إلى المنظمات السرية، أو إلى الجماعات المسلحة يوصفون بالثوار، أو بالمناضلين الشرفاء الأحرار! وهذا ما كان الإعلام الحزبي الاشتراكي أو الشيوعي يؤكد عليه، بينما الأنظمة التي كان الثوار يستهدفونها لا تصفهم إلا بالمخربين أو بالخونة الذين ينفذون مخطط أسيادهم في الدول المعادية لزعزعة الأمن والاستقرار. مع أن الممارسات الميدانية لتلك المنظمات النضالية الثورية، لم تكن تميز في هجماتها بين الأخضر واليابس. ولنذكر للتاريخ وللمغاربة وللعالم كله، كيف أن مسرح محمد الخامس عام 1973م، كان مستهدفا من طرف منظمة الفقيه البصري، إلى حد أنه تم زرع متفجرات بداخله من طرف أشخاص أحدهم عاد إلى المغرب مرفوع الرأس والهامة، بحيث إنه كان في استقباله بمطار الدار البيضاء، رئيس حكومة التناوب التوافقي عبد الرحمان اليوسفي! إلا أن الأمنيين المغاربة اكتشفوا تلك المتفجرات وأبطلوا مفعولها، حتى لا تحدث ما زرعت في المسرح من أجله! وما سوف تحدثه لو انفجرت، سوف يتجاوز مئات الأرواح! دون أن نتساءل هنا عن العلاقة الحميمية المباشرة التي جمعت بين اليوسفي وبين من هرع إلى استقباله ليجد له لاحقا منصبا مهما فيما عرف باسم “هيأة الإنصاف والمصالحة” حيث تهيأت لي فرصة مقابلة المرحب به لأنه من زملائي القدامى في ثانوية النهضة بسلا!

لكن اليوم -وخريطة العالم بعد سقوط جدار برلين- عرفت تغيرا من ضمن نتائجه الارتماء اللامشروط في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية، كقوة وحيدة تملك قرار توجيه العالم كله إلى الوجهة التي تريدها.

لقد تلقت صفعة موجعة من الشعب الإيراني كي تستفيق من سباتها، وتدرك كيف أن الخطر الداهم المحذق بها لم يعد مصدره المعسكر الاشتراكي الذي هوى أو تهاوى، وإنما يمثله المسلمون متى تمكنوا من الوصول إلى سدة الحكم بأية طريقة. بطريقة الانقلاب العسكري. أو بطريقة الثورة الشعبية. أو بطريقة الانتخابات الحرة النزيهة.

فقد تبين -ونبهاء الشعوب يراقبون تحركاتها (أي أمريكا)- أنها هي التي كانت وراء إفساد الديمقراطية في الجزائر عندما رشح الشعب جبهة الإنقاذ الإسلامية لقيادة البلاد! وهي التي كانت وراء القطيعة بين فتح وحماس تأييدا لأطروحة الصهاينة، لأن حماس جماعة إرهابية! وهي التي كانت وراء إعادة الدكتاتورية العسكرية إلى مصر، لأن قادتها تلامذة الصهاينة المطواعين! وهي التي حاولت الزج بتونس في أتون من المواجهة بين الإسلاميين والعلمانيين!

وهي التي تملي على الحكام مخططات ما عليهم غير تنفيذها على الأرض! ثم إنها هي التي تملي عليهم كيفية التعامل مع الإسلام المسمى بالسياسي!

وما لم يقدم عليه قادة العالم حتى الآن، هو التركيز قبل كل شيء على تحديد ما يعنيه الإرهاب الرسمي مقارنة مع الإرهاب الفردي والجماعي. فإن أدى الأمر بالحكام المنفذين لمخطط الأمريكيين إلى حد عنده لن يسمحوا لأي كان أن يرفع رأسه بالإسلام الحق، فإن حملة الإسلام المتسامح أو المعقلن، مرحب بهم كشركاء، بشرط احترام العلمانية التي لا ترى في الدين غير عرقلة للتقدم، تماما كما ينظر إليه كارل ماركس كأفيون للشعوب! وهو في الحقيقة أفيون منظورا إلى اعتماده كغطاء من طرف الحكام حتى قبل اصطفافهم وراء الأمريكيين! حيث إنهم ينومون الشعب باسم حماية الدين والدفاع عنه! وحيلتهم هذه يدركها حق الإدراك من لهم نصيب من الحس السياسي النقدي وإن لم يصل إلى درجته العليا.

و”الإسلاماويون” مع الطرقيين والقبوريين، لا يرون أي بأس في الانضمام إلى الفريق العلماني الحاكم، حتى ولو لم يستفيدوا من انضمامهم غير ما يستفيده المتعودون على التغذي بفتات الموائد، مثلهم مثل الضباع والجوارح من الطيور التي تقتات ببقايا ما تركته الضواري من الفرائس التي تسرع إلى تناول الجيد من أجسادها قبل أن تنصرف، لتبقى في الغالب مجرد عظام وأحشاء، لا تصلح إلا للنهمين إلى الطعام مهما خلا من الجودة والنظافة إن صح التعبير!

والحال عندنا أن الإرهاب -إن تمثل في الأفراد والجماعات- لا يمكنه الحصول على السلاح الذري كما يوحي بذلك الأمريكيون وحلفاؤهم في الغرب الأوربي. يكفي أن إيران الموصوفة بكونها دولة إرهابية، لم تصل بعد منذ شروعها في تخصيب الأورنيوم إلى صنع أول قنبلة ذرية لها كحال كوريا الشمالية. فضلا عن كون القنابل الذرية تحتاج من بين ما تحتاجه – هذا إن تم صنعها – إلى منصات للإطلاق. أو إلى طائرات تحملها من بلد إلى بلد. أو إلى بوارج حربية مجهزة بالحماية الضرورية لقطع مسافات في البحر لا يستهان بها! ثم إنها تحتاج إلى غواصات من الصعب على العدو مراقبتها. إلا إذا أصبح بالإمكان أن تتحول صناعة الأسلحة الذرية إلى مجرد عملية أشبه ما تكون بصناعة القنابل المحلية العادية، عندها يجري الحديث عن إرهابيين مزودين بقنابل نووية في حجم الرمانة. مع ما يمكن أن تحدثه من دمار شامل! غير أن الواقع الذي لا يمكن جحده أو إلغاؤه بجرة قلم، هو أن الإرهاب بمعناه العريض الشامل، لا تمارسه غير الدول الكبرى وغير الدكتاتوريين على الشعوب المحرومة من حقوقها الأساسية في الحرية والمساواة والكرامة.

فالقنبلتان اللتان ألقتهما أمريكا على كل من هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين تمثلان قمة في الإرهاب الدولي! هذا الإرهاب الداكن القاتم المدمر الذي لم يوجه ضد إرهابيين، ولا حتى ضد جيش محارب في ميدان المعركة، وإنما وجه إلى المواطنين والمنشآت التعليمية والمصانع والمستشفيات، وحتى إلى دور العبادة! ونفس من قاموا بالعملية الإرهابية تلك، لم يمر يوم من الأيام أثناء الحرب الباردة وبعدها إلا وأصحابها -كعلمانيين متوحشين- ماضون في قتل آلاف المواطنين بمختلف الأسلحة! بما فيها تلك التي تم تطعيمها بمقدار من الذرة المحرم استخدامها دوليا كما يقولون! قتلوهم بكيفية مباشرة، أو زودوا الدكتاتوريين عبر العالم كله بمساعدات مادية ومعنوية لمواصلة قتل الأبرياء بحجة أنهم إرهابيون! فإن قصدوا شخصا واحدا تم لهم الاطلاع عبر مخبريهم على تحركاته، قتلوا معه خمسة أو ستة أو عشرة ممن يوجدون حيث ألقيت قذيفتهم الجهنمية عن قصد! بل دفعوا بالدكتاتوريين كخدامهم أولئك إلى إصدار مسمى قانون الإرهاب. وهو عندنا وعند غيرنا أسفر عن اعتقالات من نتائجها الحكم على من شملتهم بثلاثة عقود سجنا بدون ما مبرر قانوني! ومع ذلك لم يحملوا السلاح، ولا تدربوا على حمله، ولا حتى يعرفون استخدامه، وإنما لأنهم يكفرون الحكام أو المسؤولين! أو لأنهم يحرضون على عصيان أوامر الدولة ومخططاتها الدينية تحديدا من باب عدم تطبيقها لشرع الله سبحانه.

والحال أن إرهاب الدول مستمر، هذا الذي تتزعمه أمريكا ودول غربية أخرى، حيث أصبحت طائرات بدون ربان وسيلة لإلقاء وابل من القذائف على مناضلين هم في مواجهة مفتوحة بينهم وبين الأنظمة الفاسدة! مع أنه بين أمريكا وبين البلدان المستهدف مناضلوها من طرفهم آلاف الكيلومترات! دون أن نغض بصرنا عن الدعم الذي تلقاه الانقلابيون على المشروعية، أو على الشرعية في مصر المجاهدة المناضلة لإسقاط نظام عميل هو امتداد لمن وقع اتفاقية كامب ديفيد (= مخيم داود). هذه الاتفاقية التي لقيت معارضة شديدة الوقع على الشارع العربي حينها، فكان أن امتص الحكام العرب غضب الشارع المحتدم المشتعل، فقاطعوا حينها حكام مصر لسنوات! ثم ما لبث أن مد نفس الحكام أيديهم لمصافحة أحفاد الفراعنة تحت ضغط الأمريكيين الذين لهم القول الفصل بين ما هو حلال في السياسة، وبين ما هو حرام فيها! فالحلال فيها -كمجرد مثال- هو امتلاك بضعة دول للسلاح النووي! أما الحرام فمنع أية دولة أخرى غيرها من امتلاكه حتى ولو أدى الأمر إلى مهاجمتها في عقر الدار! فقط لتظل ممارسة الإرهاب الدولي منحصرة في تلك الدول الكبرى لا غير!!!

 الموقع الإلكتروني: www.islamtinking.blog.com

العنوان الإلكتروني: [email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M