سفينة الخليفة تبحر على بحر من الدماء

05 يوليو 2014 15:36
سفينة الخليفة تبحر على بحر من الدماء

سفينة الخليفة تبحر على بحر من الدماء

د. رشيد نافع

هوية بريس – السبت 05 يوليوز 2014

دولة الخلافة المزعومة بمفهومها الجديد بدأت الحرب على أهل السنة ولقبتهم بالكفار والمرتدين الأقربين أبناء الجلدة الواحدة و اشتغل السيف بقطع الرؤوس، وانهمر الرصاص يمزق الأجساد، وارتفعت منصات المشانق، وعلقت الأجساد البريئة ومُثل بها، وتفاخر الخوارج الجدد بالتنافس في من يجز أكبر عدد من رؤوس المخالفين ممن رفض البيعة لأمير المؤمنين الذي أصبح بين ليلة وضحاها خليفة المسلمين بإجماع المؤمنين الوحيدين على وجه هذه الأرض وهم الداعشيون فقط!

نهض فكر «دولة الخلافة الإسلامية» الموهومة التي تتشكل الآن كحلم دموي صخري على أجزاء من أرض العراق والشام على مبدأ «الكفر والردة» لا غير.

فالمستضعفون من العوام وسواد الناس والموظفين المجبرين على العمل فهم مرتدون يستتابون، فإن تابوا وأذعنوا وأعلنوا البيعة لخليفة المسلمين الجديد إبراهيم بن عواد السامرائي الملقب بـ«الكرار» أو بأبي بكر البغدادي وإلا فإنهم فالِقُو رؤوسهم بالرصاص، كما قال نص بيان إعلان قيام الخلافة الذي ألقاه أبو محمد العدناني الشامي!

تطور فكر الداعشيين فأصبح الجميع هدفاً مشروعاً لهذه العصابة التي أطلقت على نفسها دولة ومنحت زعيمها لقب «خليفة» متسترة بالدين ورافعة دعاوى نصرته وداعية إلى إعادة مجده، وهي تهدم أسس الدين وتقوض قيمه وتشوهه وتكره الناس فيه بما تقترفه من جرائم وما تستهين به من إراقة الدماء المعصومة وما تثيره من ذعر وتشريد وتخريب، ولا يصدق عاقل مطلع منصف وغير متحامل أن قيم الدين السمحة يمكن أن توصي أو تحض على إراقة قطرة دم بريء أو ارتكاب أفعال التسلط والتعذيب والحرق بالنار أو القتل على الهوية الطائفية، لقد ألغى الخوارج الجد كما فعل أسلافهم من قبل متوسلين بالدين كذباً وزوراً مفهوم الحلال والحرام في الإسلام؛ فلم يعد ثمة فاصل أو موانع بين ما يجوز وما لا يجوز وما يحل وما يحرم، فقد دفع الهوس النفسي وأنتجت مكونات الإحباط والشعور بالهوان أمام العالم والفشل للأمة في هذه المرحلة إلى الانتقام من الجميع وإعلان العداء على الجميع القريب قبل البعيد وابن الملة قبل المنتمي إلى غير ملة الإسلام!

والتوسل بالدين لتحقيق الغايات البعيدة أو الأحلام المخبأة عند الزعامات المخفية ليس جديداً في التاريخ فقد استحل الخوارج في عهد الخلافة الراشدة دماء المسلمين وعاثوا في الأرض فساداً وقاتلوا خليفة المسلمين علي بن أبي طالب ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم سنة 40هـ وكانوا حفاظاً للقرآن زهاداً عباداً على غير فقه في الدين!

وقبل البغدادي بأكثر من ألف ومائة عام أي في سنة 287هـ أعلن حمدان بن الأشعث الملقب بقرمط ثورته على الخلافة العباسية رافعاً الآية الكريمة على أعلامه (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) [القصص:5] وتاريخه الدموي وعداؤه للإسلام لا يخفى على أحد!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M