أمين صوصي علوي: بين نسبية التحاليل السياسية المستقبلية ووثوقيات العِرافة

10 يوليو 2014 00:15
أمين صوصي علوي: بين نسبية التحاليل السياسية المستقبلية ووثوقيات العِرافة

أمين صوصي علوي: بين نسبية التحاليل السياسية المستقبلية ووثوقيات العِرافة

ياسين گني

هوية بريس – الأربعاء 09 يوليوز 2014

برز الباحث الأكاديمي في “البروباكاندا” وصناعة الرأي العام أمين صوصي علوي كأحد أهم الباحثين والأكاديميين البارزين الذي شدّ انتباه الشباب العربي سواء عبر لقاءاته التلفزيونية أو صفحته “الفايسبوكية” التي يهتم بها كثيرا وتلقى تجاوبا منقطع النظير بينه وبين المعجبين بها، ويعتبر الرجل فعلا مرجعا تاريخيا في ميدانه حيث يتوفر على عدد هائل من المعلومات المنشورة والمسربة عن أجهزة الاستخبارات الدولية.

مع انطلاق الثورات العربية وضع الباحث نفسه في خندق المحاربين للربيع “العبري” كما وصفه مما جعل العديد من الشباب خاصة الثوري منه يتخذ منه مواقف سلبية باعتبار الرجل كان سباقا لاتهامهم بالعمالة والتدرب خارج الأوطان لتأليب الرأي العام وتهييج الجماهير وهي التهمة التي نفوها عن أنفسهم.

من خلال الكثير من أقاويل وتحليلات الباحث أمين صوصي علوي يبدو أن الرجل يبني استنتاجاته من خلال الوثائق التي يقول أنه يحصل عليها ويحللها انطلاقا من رصد الأحداث وهو ما يجعله يتنبأ بالعديد من الأحداث التي ستقع والتي هي مخططات في مجملها لضرب العالم العربي وتقسيمه وتفتيته إلى كانتونات عن طريق الثورات العربية الأخيرة وعن طريق ما يسمى بالفوضى الهدامة كما يدعوها، والتي تتخذ الجماهير التي صنعت توجهاتهم من خلال الإعلام والشباب المدرب والأجهزة المخابراتية أدوات تنفيذية للمشروع العالمي الأمريكي الجديد القديم.

طبعا من التحري العلمي أن يقف المنصف على أقوال أمين صوصي العلوي ومعارضيه موقف الشك والاحتمال ونسبية الصواب والخطأ عند كليهما، لكن الباحث أمين العلوي من خلال منشوراته لم يعد يرى نسبية في أقواله، بل أصبح يتحدث بالوثوقيات مرتكزا كما يقول على الوثائق التي تحت يديه وعلى ما يحدث على الأرض من ممهدات للمخططات القادمة الحدوث، بعيدا عن الخطابة والعاطفة والأوهام، بل إن الباحث ينشر في صفحته كل مقال ليقول انظروا ها هو مقال أو حدث يؤكد أقوالنا القديمة ويحتفي بذلك مزهوا بانتصارات تحليلاته ومن هذا اغتنم الفرصة لتوجيه تساؤلات للباحث:

ألا ترى إن تحليلاتكم قد جعلت من أمريكا والنظام العالمي إله إذا ما قال للشيء كن يكون؟ أين إرادة الله من كل هذا؟

ألا ترى أن العلم وتاريخه لم يؤمن يوما بالوثوقيات وأن المنهج العلمي في العلوم الإنسانية يلزمه وضع احتمالات وممكنات متعددة؟

تقول إن الثورات العربية قام بها شباب درب في النمسا وتركيا، أقول لسيادتكم إننا في الحالة المغربية نعرف جل الشباب الذي قاد الحراك ونظر له ونعرف إنهم لم يغادروا أرض الوطن من قبل وليسوا ممن يورط في عمالة أجنبية، وعلى فرض أن هناك شبابا مدربا في البلدان الأخرى وحتى في المغرب، هل نحن في العالم العربي نمتلك شعوب تستجيب لشباب في خرجات قد تودي بحياتها؟ أليس هذا استصغار للجماهير التي شاركت وهي نخبة الشعب ولفهمها ولتقديرها للأمور، خاصة إن العامة كانوا مع الأنظمة أو حايدوها اتقاء لشرها؟

تقول إنك تعتمد في تحليلاتك واستنتاجاتك وتوقعاتك على وثائق وما تنشره رجالات المخابرات والمؤسسات الكبرى في العالم كـ”راند” وغيرها، ألا تظن معي أن هؤلاء الناشرون الذين يتبعون لحاملي مشروع التقسيم العربي والمشعلون للثورات العربية غباء منهم أن ينشروا ما سيفضح مخططاتهم خاصة إن هناك من المحللين من يفهم مقصدها من أمثالكم وما تقولون به؟

تقول إن قيام الثورات بشكل متزامن دليل كبير على المؤامرة، أقول أليست هناك ثورات عربية قامت بشكل منفرد خلال كل العقود الماضية بعد الاستقلال وتغيرت أنظمة وأطيحت بأخرى وكان منها ما تم بشكل متزامن؟

ألا ترى أن الأنظمة القائمة اليوم العميلة بشكل أو بآخر لأمريكا ونظامها العالمي أو لنقل المتحالفة معها على الأقل، هي أضمن وأجدى وأكثر تحقيقا للمصالح الأمريكية العالمية من أنظمة قد لا تعطي ما تعطيه القائمة حاليا؟ ثم ماذا فعلت الأنظمة القائمة ضدا على المصلحة الأمريكية حتى تثير الناس عليها؟

تقول أن هناك دولة أو نظاما أو كيانا كبيرا سيقوم في المنطقة العربية بديلا لـ”إسرائيل” تبقى فيه “إسرائيل” حاكمة مع تغيير اسمها والعاصمة هي القدس، ألا تظن أن التقسيم قد لا يؤدي بالضرورة إلى كيان كهذا وأن التقسيم أجدى للنظام العالمي من كيان كبير؟ ثم أليس من شأن قيام كيان كهذا تأليب تحالف ضد “إسرائيل” التي لن تتوفر لها شرطة حدود كالذي توفره لها الأنظمة العربية المجاورة؟

ألا ترون أنكم النسخة العلمية والأكاديمية للأصل الديني الذي يقول إن الخروج على الحاكم حرام حتى بالمظاهرات؟

أخيرا أقول إنه إذا كنتم تعرفون المخططات وتتكهنون بالنتائج وفي نفس الوقت تختلفون مع الأنظمة القائمة اليوم، فما هو بديلكم الذي تطرحونه لوقف المخطط العالمي وفي نفس الوقت لإصلاح البلدان العربية التي يجمع الكل على فساد أنظمتها؟ 

هذه التساؤلات وغيرها أطرحها ليس فقط للباحث أمين صوصي علوي ولكن لكل المفكرين والأكاديميين حتى لا تترجح نظرية أن العرب بين خيارين الواحد أسوأ من الآخر وإن عليهما اختيار الأقل سوء والذي هو الأنظمة القائمة، وكأننا لا نستحق عيشا أفضل.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M