أي مناهج الإصلاح أوفق وأمتن؟

18 يوليو 2014 17:46
أي مناهج الإصلاح أوفق وأمتن؟

أي مناهج الإصلاح أوفق وأمتن؟

هوية بريس – أحمد سالم

الجمعة 18 يوليوز 2014

كان في بني إسرائيل من ضروب الشر والفساد ما يحوج إلى إصلاح كثير، ورغم ذلك جاءت رسالة موسى أول ما جاءت إلى فرعون المتسلط عليهم، حتى إذا أبى ولم تكن لموسى شوكة= هاجر موسى ببني إسرائيل وعانى بعد ذلك إصلاحهم حتى مات في التيه ولم يبلغ مراده منهم. ورسالة موسى أصل في أن التوجه بالإصلاح للساسة والسلاطين قبل أو مع المجتمع= أصل مشروع يقصد، والغرض منه هو أن يُخلى بين الداعية وبين الناس، وأن يسهل عمليات الإصلاح المجتمعي، مما يؤكد مركزية هذا الأخير لكنها مركزية لا تعني إهدار غيره بل قد تجعل غيره وسيلة له.

وبُعث المسيح لإصلاح دين يهود، ولم يتوجه برسالته لقيصر روما ولا نائبه الوثني على الأرض المقدسة، رغم ما كان لهذا الحاكم من فساد قاده إلى قتل يحيى النبي عليه الصلاة والسلام.

ورسالة عيسى أصل في أن التوجه بالإصلاح للمجتمع وترك مجابهة السلطة المتحكمة في هذا المجتمع= أصل مشروع يقصد، وليس علمانية ولا شيئاً من كذب الناس الذي يلوكونه، وهي أصل مشروع يقصد رغم ضحالة النتيجة الإصلاحية نتيجة لتدخل السلطة.

ورسالة لوط عليه السلام أصل في الإصلاح الأخلاقي ومركزية حفظ المجتمع من الفواحش.

ورسالة شعيب أصل في إصلاح الفساد المالي ومركزية حفظ المجتمع من علمنة الاقتصاد.

وجاءت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم جامعة للخير في كل الرسالات مفعلة جميع جوانب الإصلاح في الرسالات قبلها، وكانت جديرة بهذا؛ لأنها الرسالة الخاتمة التي لا رسالة بعدها ولا نبي بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم. والداعية إلى الله مأمور بتفعيل جوانب الإصلاح هذه بحسب حاجة مجتمعه وبحسب قدرته وعجزه أيضاً.

وإذا عدنا للتأمل في رسالة موسى وعيسى ثانية سنجد أن حال بني إسرائيل في زمن موسى لم يكن أحسن من حالهم في زمن عيسى ومع ذلك كانت رسالته المركزية إلى السلطة وأتى بنو إسرائيل وإصلاحهم بعد إياسه من السلطة وعجزه عن مواجهتها. وسنجد أن السلطة في زمن عيسى لم تكن أحسن حالاً من السلطة في زمن موسى ومع ذلك كانت رسالة عيسى الأولى إلى المجتمع، رغم علمه أن السلطة لن تتركه بل ستعاون على الشروع في قتله، ولكن على كل ذلك أرسله ربه وهو العليم الخبير.

وهذا يثبت فساد قولين، قول من يلغي طلب إصلاح السلطة من المطالب الإصلاحية، وأيضاً قول من يجعل إصلاح السلطة هو المركزي أو تحصيل السلطة هو وسيلة الدعوة الأساسية، كل ذلك باطل.

والأصل: هو الجمع بين مسارات الإصلاح عند القدرة وما دامت إقامة الدين تفتقر إلى تحصيلها كلها، وتجويد هذا الجمع بحيث لا يفسد مسار مساراً ولا يؤدي السعي في أحدها إلى إفساد العملية الإصلاحية كلها بكل شعبها.

ومن هنا تعلم: أن ضعف القدرة على تفعيل مسار، والتي قد تؤدي للمطالبة بترك هذا المسار مؤقتاً أو تقليل الجهد المبذول فيه وتحجيم أهدافه مؤقتاً= أن ذلك من الفقه وأنه على مثله أرسل نبي عظيم من أولي العزم من الرسل، ولكن أكثر الناس لا يفقهون.

ودعوات الأنبياء قبل نبينا إنما نسخ منها اتباع غيره وبعض تفاصيل الأحكام، أما الخير المحكم في دعوات الأنبياء فلم ينسخ وإنما احتوته دعوة نبينا وأكملته وأصلحته واستعملت كل خير منها في موضعه، وفقه هذا عزيز يحتاج لتدبر الدعاة واستنباط المصلحين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M