الغارديان: لماذا تخاطر السعودية بدعم الانقلاب في مصر؟

24 أغسطس 2013 11:41

هوية بريس – متابعة*

السبت 24 غشت 2013م

الملك عبد الله يخشى الإخوان المسلمين الذين يمثلون تحديا لادعاء المملكة الدائم بأنها حامية للإسلام.

استغرق الأمر ما يقرب من 60 عاما لوكالة المخابرات المركزية لتأخذ دورها في الانقلاب المدعوم من بريطانيا ضد رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق يوم 19 أغسطس 1953م.

لكن دعم المملكة العربية السعودية لانقلاب مصر الأخير، والتي يرأس استخباراتها الأمير بندر بن سلطان وكان يعمل بلا كلل لإنجاحه، تم بشكل سريع وبلا مقدمات.

وعندما أدى عدلي منصور اليمين الدستورية، وهو الرئيس السابق للمحكمة العليا في مصر، في منصب الرئيس المؤقت، بعث له الملك عبد الله برسالة مشيدا فيها بالجيش المصري، لأنه أنقذ البلاد من نفق مظلم.

وقد ألقى العاهل السعودي يوم الجمعة الماضي خطابا فضا يختلف عن النمط المعهود عن الرجل، قال فيه: “لندع العالم كله يعرف”، كما أعلن “أن شعب وحكومة المملكة العربية السعودية وقفت ولا تزال تقف اليوم مع إخواننا في مصر ضد الإرهاب والتطرف والفتنة، وضد من يحاول التدخل في شئون مصر الداخلية”.

وكان هذا غير عادي، ليس لأن عبد الله كان يصوب كلماته ضد حليفة أخرى له، وهي الولايات المتحدة، والمنافس الخليجي الإقليمي (قطر)، التي اتهمها “بتأجيج نار الفتنة وتشجيع الإرهاب، التي يزعمون أنهم يقاتلونه”، فحسب، ولكن كان ذلك أيضا نادرا لأن العاهل السعودي، الذي يفضل الدبلوماسية من وراء الكواليس، كان صريحا هذه المرة.

وقد دعمت المملكة كلماتها بالمال والنفط؛ ورصدت بالفعل حزمة مساعدات تقدر بـ12 مليار دولار جنبا إلى جنب مع دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، والتي تعادل أربع أضعاف المنح العسكرية والاقتصادية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعة (1,5 مليار دولار، و1,3 مليار دولار على التوالي).

وبعد عودته من لقاء الرئيس الفرنسي في عطلة نهاية الأسبوع، تعهد وزير الخارجية، سعود الفيصل، بتعويض مصر عن أي خسارة مالية من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة. ويعوض باراك أوباما عجزه في الشرق الأوسط من خلال أقرب حليف عربي عسكري  للولايات المتحدة.

وكان الأمير بندر قد اتجه أيضا إلى موسكو في موقف معاكس من الحرب الأهلية في سوريا (حيث تسعى المملكة لسقوط بشار الأسد، الذي يُدعم عسكريا من روسيا)، إلا أن ذلك لم يكن عائقا أمام زيارة مثمرة.

واتفق الجانبان على الحفاظ على ارتفاع أسعار النفط، ووجدوا أرضية مشتركة في كراهيتهم للإخوان المسلمين، ذلك أن كبار المستعربين الروس في وزارة الخارجية يساوونهم مع المتطرفين الإسلاميين.

وترى روسيا أن لديها أسبابا مشروعة للخوف من الإسلام السياسي، خاصة مع ارتفاع عدد سكانها من المسلمين الأصليين من القوقاز، والمتوقع أن يصل إلى 19 مليون أو ما نسبته 14٪ من إجمالي السكان في الاتحاد الروسي بحلول عام 2020.

“هل أنت مجنون؟”، قال مسؤول في وزارة الخارجية الروسي لنظيره الأمريكي: “لتدعم الرجال من ذوي اللحى على الرجال ذوي ربطات العنق؟”.

لماذا تضع المملكة، الشهيرة بالحذر على المسرح الدبلوماسي، كل البيض في سلة واحدة، والذي، بالنظر للتقلب في مصر، لا يزال هشا ولا يمكن التنبؤ به.

من يدري أي جانب في مصر سيسود، وإذا كان الأمر كذلك، لماذا أظهر قائد الانقلاب اللواء عبد الفتاح السيسي ذلك علنا؟ شكر السيسي المملكة وأطنب في ذلك، وقال إن التدخل السعودي لم يسبق له مثيل منذ حرب أكتوبر عام 1973 مع إسرائيل، وذلك يعد مدحا في الواقع.

ترى الدكتورة مها عزام، زميلة مشاركة في برنامج شمال أفريقيا في معهد “تشاتام هاوس” الشرق الأوسط، إن بث المملكة لنار الانقلاب لا يعتبر مفاجئا بشكل ملفت، وهذا ليس فقط للدهشة التي أصابتها تجاه تخلي واشنطن عن أقرب حليف إقليمي للمملكة، وهو حسني مبارك، وهذه نقطة واضحة جدا أثناء محاكمته، ولكنهم أيضا رأوا كيف تم استبداله في الانتخابات بجماعة الإخوان المسلمين التي تتحدى ادعاءات المملكة بأنها حامية للإسلام.

وتقول عزام: “كان لديهم معادلة قاتلة، الديمقراطية مع الإسلاميين تحت عباءة جماعة الإخوان المسلمين، كان ذلك ضربة قاصمة لتقويض شرعية المملكة خاصة على المدى الطويل، وهم يعلمون جيدا أنهم لا يريدون الديمقراطية، ولكن وجود مجموعة أخرى تمثل الإسلام، كان أيضا أمرا لا يطاق”.

للملك عبد الله سبب وجيه للخوف من الإخوان، فقد حصلوا على دعم غير مسبوقة في المملكة العربية السعودية منذ انقلاب 3 يوليو.

ملأت عبارات التعاطف مع محمد مرسي تويتر في البلاد، ودعم مرسي على وسائل الإعلام الاجتماعية لديها شعار خاص بها، تحية بأربعة أصابع، والمعروفة باسم علامة رابعة.

وهذا شيء أزعج الطبقة الوسطى والمثقفين، وهناك أمر آخر تماما، وهو أن يكون علماء الدين في البلاد منددين ذلك، حيث قام مجموعة من 56 منهم بذلك، وقد أصدروا بيانا يصف أحداث 3 يوليو، بأنه “مما لا شك فيه انقلاب عسكري وعمل إجرامي غير قانوني وغير مشروع”. كما تم نقد الملك في خطبة ألقاها الشيخ في المسجد النبوي، ثاني أقدس موقع في الإسلام.

 كما ردت العائلة المالكة على الحملة التي توجهها وسائل الإعلام الاجتماعية من خلال إقالة واعظ تلفزيوني كويتي له صلة بالإخوان. وقد قيل لطارق السويدان، الذي لديه أكثر من 1,9 مليون متابع في موقعه على تويتر، إنه لا يوجد مكان لأولئك الذين يحملون الأفكار المنحرفة في الشركة التي تدير قناة الرسالة.

غير أن هذه إستراتيجية خطرة. فعندما كان مرسي رئيسا، قاوم دعم أعدائه الإقليميين بالمال للسياسيين في المعارضة المصرية: الأحزاب والقنوات التلفزيونية الخاصة.

وهناك نحو 2 مليون مصري يعملون في السعودية، وكانت تحويلاتهم هامة بالنسبة لاقتصاد ينهار. وكان مرسي يخشى أن تقوم السعودية بطردهم إذا اتهم المملكة بشكل مباشر بتقويض رئاسته.

لكن اليوم، المغتربون المصريون ليسوا مشكلة أو مسؤولية الإخوان. وما يمكن أن يترتب على هذا هو حملة غير مقيدة لأعضاء الإخوان لزعزعة استقرار الأنظمة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وقالت عزام: “بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، هناك منطقة صغيرة رمادية. فإما أن يكون لديك أنظمة استبدادية، كنظام الأسد، أو أن يكون لديك الربيع العربي.

الأنظمة الاستبدادية تقول: “إذا استخدمنا ما يكفي من القوة، يمكننا قمع موجة الديمقراطية”. وبالنسبة لواشنطن، فهذا يعني غياب لاعب إقليميي يمكنه الآن التوسط مع الجيش المصري، “إذ لا أحد يمكنه أن يلعب دور الشرطي الصالح”.

 إن خطوط المعارك الآن رُسمت بشكل واضح في جميع أنحاء العالم العربي. الانقلاب العسكري في مصر، والدعم السعودي لذلك، يمثل محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لوقف موجة الديمقراطية التي بشر بها إسقاط المستبدين العرب.

ومن غير المرجح أن يكون ما يحدث هو الكلمة الأخيرة أو المعركة الأخيرة فيما يبشر بنضال ملحمي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* بقلم: ديفيد هيرست (صحيفة “الغارديان” البريطانية)

ترجمة: زانة الشهري

رابط المقال الأصلي:

http://www.theguardian.com/commentisfree/2013/aug/20/saudi-arabia-coup-egypt

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M