5 تحديات كبرى أمام المالية الإسلامية بالمغرب

28 ديسمبر 2015 23:23
5 تحديات كبرى أمام المالية الإسلامية بالمغرب

هشام بن لامين

هوية بريس – الإثنين 28 دجنبر 2015

صناعة التمويل الإسلامي من أكثر الصناعات المالية نموا بالعالم، إذ تحقق في بعض الأسواق معدل نمو برقمين مع مستقبل يعد بمزيد من الإزدهار والتوسع، بعد 40 سنة من العمل المالي، تبدو هذه الصناعة رغم كل شيء في بداياتها، إنها لا تتعدى 1% من مجموع الموجودات المالية عالميا ولازالت تحاكي المالية التقليدية خاصة في النموذج البنكي المتبع.

بتبني المغرب للقانون البنكي الجديد الذي يسمح “للأبناك التشاركية” بإطلاق معاملات مالية متوافقة مع الشريعة، يكون “آخر” بلد مسلم بعد سلطنة عمان يلتحق بركب التمويل الإسلامي، وفي الواقع لا يشكل ذلك إلا الخطوة الأولى في مسار طويل، فالمالية الإسلامية التي تقدم حلول التمويل والتحوط والإستثمار من منظور إسلامي يروم تنزيل نظرية “الإقتصاد الإسلامي” تحتمل كذلك نماذج التأمين الإسلامي، السوق المالي الإسلامي، إدارة الأصول… وطبعا البنك الإسلامي.

لا تخلو الطريق في اتجاه هذه الصناعات الواعدة من التحديات الجسام، فمسار القانون البنكي الجديدة  وخروجه أخذ أكثر من ثلاث سنوات في تأخر واضح، بينما لا زالت التراخيص الأولى والدوريات التي ينص عليها القانون في الإنتظار وتحديات أخرى عددنا أهمها في خمسة:

  1. الإرادة السياسية

لا تقوم أي صناعة إلا بإرادة سياسية مشجعة أو على الأقل محايدة، تأخر المغرب في هذا السياق راجع لعوامل إديولوجية أشبه إلى التصور الفرنسي، السلطات السياسية والنقدية كانت أقل برغماتية في التعامل مع هذا السوق، تفوقت علينا نماذج بلدان تبنت المالية الإسلامية لجلب السيولة الضخمة خاصة من دول الخليج وإدماج ساكنتها المسلمة في القطاع المالي دون غاية محددة في طابعها الديني أو حتى الأخلاقي.

كون المغرب بلدا مسلما يجعل من الرهان على هذه الصناعة كبيرا خاصة وأن المعدل الفعلي للإستبناك لا يتعدى 30% وما يعنيه من تفلت ملايير الدراهم من الدخول في دورة اقتصادية منتجة وشفافة وحاجة رساميل أجنبية (خليجية بالخصوص) لقنوات المالية الإسلامية المواكبة كشرط لولوج السوق المغربي.

تحييد بعض المنتوجات التشاركية في القانون المالي ل2016 خطوة إيجابية ترمي إلى الحياد الضريبي لكن غير كافية كونها لم تشمل كل المنتوجات دون الحديث عن ضرورة الرعاية اللازمة التي تستحقها صناعة وليدة لم تتملك بعد مقومات المنعة والتي تستحق توجيه السوق إليها بالإعفاء والتحفيز الضريبي.

  1. البنية التحتية

تحتاج الأبناك الإسلامية-التشاركية لنظام تأمين إسلامي مواكب كما تحتاج لسوق بين بنكي لإدارة السيولة وتخفيف المخاطر المرتبطة بها، كما تحتاج كذلك لهياكل استثمارية مرتبطة بما سبق كالصكوك الإسلامية وقنوات إدارة الأصول، كل ذلك في إطار نظام متكامل متوافق مع الشريعة وهو ما سيكون ممكنا بإخراج القانون (أو المرسوم) المتعلق بالتأمين التكافلي (الإسلامي) وقانون التسنيد وكذا مراجعة قوانين ومراسيم تمس مجال عمل الأبناك التشاركية بالخصوص كمدونة الضرائب والقانون التجاري، التحفيظ العقاري، قانون الشركات..

  1. التكوين

تكوين أطر عالية في المالية الإسلامية تقنيا وشرعيا وخاصة في مهن البنك والتأمين التكافلي والتدقيق الشرعي وذلك لتلبية حاجة السوق التي ستكون عالية جدا في السنوات الأولى، الحاجة إلى دورات تكوين مكثفة وجادة وملتقيات أكاديمية وعلمية تبقى ملحة لتخريج أطر مستوعبة لنموذج مالي مرتبط أشد الإرتباط بالتوافق مع الشريعة وذي مقاصد اقتصادية وأخلاقية مستدامة.

  1. وعي الزبون

ضعف درجة وعي شرائح الزبناء المستهدفة الضعيف بآليات عمل المالية الإسلامية وما سيشكله ذلك من تحدي سيكلف زمنا ومالا لرفع اللبس عنها شرحا وتبسيطا من مختلف المتدخلين وخاصة من جهة أطر الأبناك التشاركية التي ستكون في اتصال مباشر مع الزبون والتي ستجد نفسها أمام سيل من التساؤلات عن تشابه النظام البنكي التشاركي بالتقليدي، مدى مطابقته للشريعة وأسئلة أخرى من قبيل احتمال مجانية  خدماته أو انخفاض تكلفتها وهي أسئلة من بين أخرى كثيرة تطرح غالبا من الجمهور العام الذي يحتفظ بصورة ذهنية عما هو موسوم “بالإسلامي” ومن هنا الحاجة إلى تسليط الضوء إعلاميا على المالية الإسلامية توعية وتربية مالية لمختلف شرائح المجتمع.

  1. نموذج مغربي

بناء موديل مغربي خاص داخل المنظومة المالية الاسلامية العالمية يأخذ بعين الاعتبار رسوخ العمل بالمذهب المالكي مع الانفتاح على التجارب الدولية وخاصة بتطبيق المعايير الدولية في هذا الصدد كمعايير الأيوفي التي راكمت تجربة رائدة في الإنتاج والنضج في جوانب المعايير الشرعية، الحكامة والإمتثال والمعايير المحاسبية، المناخ الإقتصادي المغربي المتميز عن نماذج الإستهلاك ومجتمعات الرفاه بنسيج كثيف ومتنوع من المقاولات وخاصة الصغيرة والمتوسطة يجب أن يكون دافعا لبلورة خدمات مالية تشاركية تستجيب لحاجيات مقاولاته الأكثر جدية ومنه إمكانية أن يستفيد الإقتصاد الوطني ليس فقط من تمويل الإستهلاك ولكن كذلك  تمويل المقاولات ما سيخلق فرص شغل جدبدة ونمو اقتصادي إضافي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

+ متخصص في المالية والمالية الإسلامية

مستشار جماعي

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M