الإسلام المعتدل.. سينتصر ولو بعد حين

10 نوفمبر 2014 21:47
الإسلام المعتدل.. سينتصر ولو بعد حين

الإسلام المعتدل.. سينتصر ولو بعد حين

مسرور المراكشي

هوية بريس – الإثنين 10 نونبر 2014

لقد عاش المسلمون عبر العصور انتصارات وهزائم كثيرة، لكن في نظري نكبت انهيار الخلافة في عهد العثمانيين وانفراط عقد وحدتهم كانت جد قاسية، فبعدها مباشرة انقضت جيوش الغرب ـ”الإمبريالي”ـ على الدول المسلمة وبدأت تقسيم تركة العثمانيين، ولازلنا نعيش ارتدادات هذا السقوط إلى اليوم، فعلى الأقل كانت كلمة أغلبية الدول المسلمة موحدة في سياستها الخارجية، حيث كانت تميز بين الصديق والعدو، واليوم ظهرت تحالفات وتكتلات في نظامنا العربي يصارع بعضها بعضا، واختلط الحابل بالنابل وأصبح الصهاينة “حلفاء وأصدقاء” وصار الفلسطيني عدوا متآمرا، اللهم إنا نسألك اللطف في ماجرت به المقادير.

جامعة الدول العربية لم تستطع حتى الانعقاد في ظل العدوان على الشعب الفلسطيني، ولم تتخذ موقفا من حدث سقوط عاصمة عربية في يد ميلشيات مسلحة، وكذلك ما يقع في سوريا والعراق ثم ليبيا، كل هذا والعالم الإسلامي والعربي في موقف شرود.

ففي نظري لو كانت وحدة حقيقية بين الدول المسلمة، أي سياسة الجسد الواحد كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، لما تجرأ على أمتنا من هبّ وذب وسامها أشد ألوان العذاب والذل.

إن الإسلام المعتدل في هذا العصر، قد أصبح يشكل الأمل المنشود للخروج من هذا الفراغ الحضاري الذي تعيشه الأمة.

إن الدين في حياة الأمم ليس مجرد وطقوس فارغة، بل هو نظام يمس كل مناحي الحياة الثقافية والاقتصادية ثم السياسية، طبعا أقصد هنا الدين الحق الذي أنزل من فوق سبع سماوات وليس المحرف الخرافي، لقد حاول الشيوعيين المدعومين من المعسكر الشرقي ضرب الإسلام ببث الإلحاد في صفوف الشباب المسلم، ولازلت أذكر كيف كان الصراع الإيديولوجي بين الرفاق والإسلاميين، في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المعروف اختصارا بـ”أ وط م”، حيث كانت مجرد التلفظ بكلمة “باسم الله” كافية لسحب المداخلة من الطالب، ولن يأخذها من جديد إلا بعد سحب الكلمة “المشكل”، هذا كان في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، واليوم تغيرت الظروف وأصبحت إمكانية الحوار ممكنة بعد مراجعات عديدة ونقد ذاتي لكثير من الأطراف السياسية الفاعلة في الساحة المغربية والعربية من اليساريين والإسلاميين، طبعا هناك بعض الاستثناءات الشاذة و”الشاذ لا حكم له”، والمستقبل كفيل بتطويع هذه العناصر المتنطعة من الطرفين “فدوام الحال من المحال”.

إن الحركة الإسلامية المعتدلة التي تقبل بتداول السلطة سلميا، ستكون القاطرة التي ستسحب العالم الإسلامي إلى أفق أرحب من الحرية وتعيد الاعتبار للإنسان وتكرمه، وإنني أعتبر الهجوم الإعلامي على “الإسلام السياسي” المعتدل دليل على صوابية هذا الاختيار، ففي نظري التيارات الإسلامية المعتدلة تشكل الأغلبية في العالم الإسلامي، لكن السؤال المطروح هو كيف أصبح للمتطرفين حضورا إعلاميا كاسحا؟ ولماذا لا يحاول هذا الإعلام إظهار إنجازات المعتدلين؟

للأسف الشديد لقد انحاز الإعلام العالمي المغرض للأقلية المتطرفة ونفخ فيها حتى خيل للناس أنها الأصل، ولكم في تعامل الصحافة بكل أشكالها مع صورة الإرهابي “الداعشي” وهو ممسك بخنجره متأهبا لذبح أحد الصحفيين، إن هذه الصورة على بشاعتها ليست بأفدح من صور أطفال غزة المحروقين بقذائف الصهاينة، لكن صورة الصحفي شغلت العالم وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية المكتوبة والمرئية وبجميع اللغات، فقط ليثبتوا أن الإسلام دين يدعو للتطرف والإرهاب، فكلما ظهرت جماعة إسلامية متشددة لا يتعدى أفرادها أصابع اليد الواحدة، إلا وتسابق الإعلام “المخدوم” في نشر أفكارها والتبشير بمشروعها الدموي، ثم بعد استنفاذ مهامها ينقلب عليها هذا الإعلام الذي بشر بها في البداية ثم ينعتها بالإرهاب الإسلامي ويطالب بحرق الأخضر واليابس، مع تجفيف منابع التطرف.

إن الحركة الإسلامية المعتدلة التي تقبل بتداول السلطة سلميا عبر صناديق الاقتراع، تفسد مشروع “الظلاميين” داخل العالم الإسلامي وخارجه، لأنها ببساطة تفوت الفرصة على أعداء الأمة المتربصين بها، لأن أي صراع على السلطة تستعمل فيه الأسلحة، سيكون بمثابة الضوء الأخضر لدعوة الأجنبي كي يتدخل في الشأن الداخلي للأمة، والشعوب أعطت أصواتها لهذه التيارات الإسلامية المعتدلة رغم تشويش الإعلام، وعلى طول العالم الإسلامي الشعوب تمنحها الريادة، والربيع الديمقراطي دليل على ثقة الشعب بمشروعها، وفي نظري الخطر الوحيد الذي يهددها هو الاستبداد وتغييب اختيار الشعوب للمن يحكمها عبر الصناديق.

وابالمعطي أش ظهر ليك فحريرة التطرف؟ أولدي الله يجيب اللي يفهمنا أو يعطينا حقنا…

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M