رواد تقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة بين التأثير والتأثر.. «الفايسبوك» نموذجا

21 نوفمبر 2014 22:07
7 حقائق في «قصة نجاح» فيسبوك

رواد تقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة بين التأثير والتأثر.. «الفايسبوك» نموذجا

(الجانب الاجتماعي والدعوي)

عبد الغني ادراعو

هوية بريس – الجمعة 21 نونبر 2014

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

وبعد؛

ما إن ظهرت تقنيات التواصل الاجتماعي وبالأخص خدمة الفايسبوك، حتى ارتمى في أحضانها الصغير والكبير والرجل والمرأة، فصار إدمان هذه التقنية عند كثير من الناس أشد من كل شيء.

يصبح فيفتح عينيه على صفحته على الفايس، ويمسي ليكون آخر ما تودع عيناه صفحته على «الفايس» .

هل من جديد ؟

ماذا قال فلان؟

وبم علق عليه فلان؟

ماذا وضع فلان أو فلانة من صور أو فيديوهات أو مشاركات..؟

ماذا سأضع اليوم؟

هذا هو حال الغالب الأعم من مرتادي الفايس، صار «الفايسبوك» مرتعا لتفجير الشهوات المكبوتة عند الكثير، وميدانا لعرض شخصيات مكذوبة ومغلوطة عند آخرين. فهي صفحات في الغالب لا تعكس الحقيقة الواقعية بل تناقضها أحيانا كثيرة أشد المناقضة.

لقد أجلت نظري في كثير من الصفحات لشباب مهووس بالأنترنت. وآخرين حديثي عهد به، وصفحات لشخصيات مثقفة، وأخرى لعوام أو شبه عوام، وصفحات لساسة وأدباء وناشطين، ودعاة وعلماء.

فتبين لي أن الناس في تعاملها مع «الفايسبوك» مختلفة عن بعضها البعض من جهات متعددة، لا تسع المقالةُ بسطَ الكلام عليها كلها، لذا سأتناول الآن الكلام على جهتين اثنتين فقط لأهميتهما وهما:

– طريقة الإفادة، وطريقة الاستفادة، (أو اختصارا التأثير والتأثر).

من المعلوم أن خدمة «الفايسبوك» كانت في أول نشوئها بادرة طلابية محضة، ثم عرفت تطورات سريعة عبر سنوات قليلة لتصبح على ما هي عليه اليوم.

وإنني أريد من خلال إثارة هذا الموضوع بالضبط التنبه إلى هاتين القضيتين من جانب الانعكاس على حياة المرء اجتماعيا ودعويا. (وبالخصوص التأثير السلبي له).

فإذا كان «الفايسبوك» في الجانب السياسي سببا فاعلا في قلب أنظمة وتهديد أخرى، وزعزعة استقرار كثير من البلدان.

فإنه في الجانب الاجتماعي كان أيضا سببا فاعلا في تفكيك أسر بأكملها، وتدمير بيوت كانت إلى عهد قريب تعيش في استقرار وأمان. والواقع يشهد على ذلك من خلال الكثير من القصص الواقعية المريرة، لست في حاجة إلى توثيقها الآن.(حتى صار يدعى في كثير من البلدان بمفرق الجماعات).

وكان سببا أيضا في تغيير سلوك ونمط معيشة كثير من الشباب والشابات، بل في صور عديدة كان سببا فاعلا في تدمير حياة الشاب أو الشابة.

كما أن «الفايسبوك» في الجانب الدعوي كان حاضرا بقوة وسببا فاعلا في إذكاء صراعات كثيرة بين أهل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، والاستمرار في تغدية هذه الصراعات، وتوسيع الهوة بين المختلفين.

فهل نحن منتبهون إلى هذا الخطر العظيم الذي يحذق بنا من كل جهة ؟

يقول أحد الشباب المتدين من رواد «الفايسبوك» في أحد تدويناته:

“وداعا أحبابي وداعا أصحابي لم أجن من ثمرات فيس بوك إلا الهلاك والخراب والدمار الله المستعان وعليه التكلان. أطلب السماح والغفران من الجميع وفقكم الله وسدد خطاكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم”.

ويقول آخر: “أفكر في بيع حاسوبي فمنذ أن اشتريته وأنا أسير إلى الوراء. الله المستعان”.

هذه إحدى التصريحات وغيرها كثير التي تعكس الجانب المظلم والتأثير السلبي على حياة الشباب وغيرهم.

إن مَنْ مَنَّ اللهُ عليهم بالبصيرة والعلم الشرعي والمقام المؤثر ينبغي أن يكثفوا الجهود لاستباق الضربات القاتلة الموجهة للمادة التي يعول عليها بعد الله تعالى في نهوض الأمة؛ وهم شبابها. وذلك بالاجتهاد في نشر الوعي المطلوب بهذه التقنيات على اختلاف أشكالها. والتحذير من مزالقها. وترشيد الشباب من خلال عقد الندوات التوعوية، والأسابيع التثقيفية، والدورات التكوينية الهادفة. والعمل على استغلال كل السبل المشروعة المتاحة في ذلك.

إن من ترشيد التعامل مع «الفايس» عند شبابنا وشاباتنا، أن نطرح لهم نماذج عملية ناجحة في استغلال التقنيات الحديثة، تحفيزا لهم على تغيير سلوكياتهم في التعامل مع «الفايس». لأن خطاب اُترك أو لا تفعل غيرُ مُجْد لضعف أرضية القابلية له.

فمن الحقائق المرة أنه من الصعب أن تنتشل الشاب أو الشابة اللذين ولجا عالم الفايسبوك، لِذا كان من الضروري التفكير في السبل الكفيلة بتعديل سلوك الشباب اتجاه هذا الأخطبوط المزعج، إلى سلوكات نافعة منتجة.

دعونا نضع أمامنا هذه المقاربة:

عمر «الفايسبوك» عشر سنوات أو يزيد بقليل؛ هذه العشر سنوات كانت كفيلة بإحداث كل هذه التأثيرات السلبية؛ سواء التي ذكرنا أو غيرها مما لم نذكر وهي كثيرة، ولا زالت سلسلة التأثيرات سارية المفعول.

فماهي الخطوات العلمية والعملية التي واجهت بها الدول المسلمة بمؤسساتها الرسمية خطر هذا الأخطبوط وغيره ؟؟؟

يكفي في الإجابة أن ننظر في نموذج بلدنا الحبيب المغرب -سلمه الله من كل سوء- إِذْ لا زالت مناهجه التعليمية الموجهة لشبابه تَغْرِفُ من مرحلة ما قبل الثورة الإعلامية. في حين كان ينبغي تحصين الشباب منذ المراحل الأولى في تعليمه (الابتدائي) ضد انحرافات الأنترنت، بتثقيفهم وترشيدهم اتجاهها. لأن غياب هذا الترشيد والتوجيه والمواكبة من الأطر والمؤسسات التربوية، مع انفتاح الشباب على هذا العالم خارج نطاق التربية والتعليم ينتجان فاجعة عظيمة نرى شواهدها على أرض الواقع.

وماهي الخطوات العلمية والعملية التي ينتهجها الآباء لترشيد أبنائهم وبناتهم ضد خطر هذا الأخطبوط وغيره؟؟

يكفي في الإجابة أن نعلم أن أغلب الآباء والأمهات لا زالوا هم في أنفسهم بعيدين عن تحقيق أدنى معرفة بهذه العوالم الجديدة. فيكفي الشاب أو الشابة لتمويه الوالدين وصرفهما عن متابعته ومراقبته إخبارُهما أنه ينجز تمرينا مدرسيا أو أنه في إطار الاستعدادات للاختبارات، ثم هو في عالمه يسبح دون قيود ولا مراقبة.

لم أسهب في الإيضاح ولا في المعالجة إيثارا للاختصار، وحسبي أني أثرت الموضوع للمعالجة، وفي آخر هذه المقالة أدعوا قراءنا الكرام أن يشاركوا في تعليقاتهم، باقتراح حلول علمية وعملية، وخطوات منهجية تصلح أن تُسْلك في سبيل ترشيد الشباب في التعامل مع التقنيات الحديثة؛ للتقليل من تأثيرها السلبي على حياة الشباب ولم لا الإقلاع بهم نحو استغلالها في التأثير الإيجابي المنتج النافع بإذن الله تعالى.

أصلح الله الأحوال.. وللحديث بقية..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M