الأمازيغية في المخبزة

01 ديسمبر 2014 23:04
الأمازيغية في المخبزة

الأمازيغية في المخبزة

جمال بخوش*

هوية بريس – الإثنين 01 دجنبر 2014

كثيرا ما يتردد في أوساط المجتمع المغربي أن المغاربة الأمازيغ خصوصا المنحدرين من منطقة سوس لا يليقون إلا لإدارة المحلبات والمخبزات والمحلات التجارية، ويرجعون ذلك إلى ضعف مستواهم التعليمي والثقافي والفكري والسياسي على حد سواء. قد تصدق هذه المقولة في الأجيال السابقة إلى حد ما، ولكن الجيل الجديد تجده مثقفا واعيا مناضلا من موقعه عن كل القضايا العادلة بما فيها القضايا الأمازيغية.

ومناسبة هذا الكلام أني دخلت إلى إحدى المخبزات القريبة من منزلي، ودون سابق إنذار فاتحني صاحبها بنقاش حول الأمازيغية مذكرا مستخدمه الشاب الأمازيغي أني أمثل جمعية تعنى بالدفاع عن الثقافة الأمازيغية، لكن سرعان ما سمع اسم “الرابطة المغربية للأمازيغية” حتى انتفض قائلا: “إنهم شباب العدالة والتنمية يريدون أن ينقضوا على القضية الأمازيغية ويقوموا بتسيسها، إنهم جاءوا بعد أن حقق المناضلون الحقيقيون مكاسب للأمازيغ، بل أين كانوا وقت كان المناضلون يقمعون ويسجنون”.

أنصتت بإمعان لهذا الشاب الأمازيغي وأنا أتذكر البيان المدبج ضد الرابطة بمجرد تأسيسها من طرف 400 جمعية أمازيغية (يمكن الاطلاع على البيان بموقع هسبريس)، والذي حذر من تهديها للسلم الاجتماعي بالمغرب واستغلالها لمكتسبات الحركة الأمازيغية.

ولهؤلاء ومن خلال الحديث الماتع مع هذا الشاب المحترم أقول:

1-الرابطة المغربية للأمازيغية إطار مدني مستقل لا ينتمي لأي إطار سياسي، له مبادئ واضحة وأهداف قاصدة ينطلق من المرجعية الإسلامية في مقاربة القضية يتبنى خيار التوافق والتكامل والانسجام مع مختلف الفاعلين في الموضوع، لا يؤمن بالإقصاء والتخوين والخوف من الآخر، ينبذ مقولة الصراع بين اللغة العربية والأمازيغية. وأولا وأخيرا الرابطة المغربية للأمازيغية تشتغل في إطار هوية وطنية جامعة كما وردت في دستور 2011، بعيدا عن سياسة التجزئة والانفصال.

2- الرابطة المغربية للأمازيغية تقر بفضل بعض الفاعلين ودورهم في تحقيق مكتسبات للأمازيغية، ولكن هذا لا يعني أنها تقبل أن تقصى من النقاش والتدافع بمثل هذه البيانات التي تسيء إلى أصحابها بدعوى أنها مولود جديد (وهذا الأمر ليس صحيحا، لأن الرابطة نتاج التراكم الذي حقق من داخل المقاربة الإسلامية للموضوع)، فرب مولود جديد أفضل وأفيد للقضية ممن يعتبرون اليوم عالة على الموضوع ويسترزقون بها داخليا وخارجيا وهمهم الشاغل تحقيق المكاسب الفردية وتلميع صورهم في الإعلام؟

3- مهما تعالت هذه الأصوات لإفشال هذا المشروع الطموح في مقاربة القضية الأمازيغية مقاربة جديدة مستمدة من مرجعية الأمة والدولة، لن تستسلم الرابطة المغربية للأمازيغية، بل إنها عازمة كل العزم لمواصلة الجهود لخدمة هذا الموضوع، وسلاحها: مبادئها وأهدافها الواضحة، ورأسمالها: الصدق في النضال والفاعلية في الميدان، وطموحها: الرقي بالأمازيغية لغة وثقافة وحضارة بعيدا عن المزيدات السياسية الحزبية الضيقة التي بدأ البعض ينهجها اليوم.

ختاما، يمكن القول إن الذي يقبل بالتنوع في مقاربة القضية واحترام الطرف الآخر المختلف عنه في مرجعية المقاربة، سيقبل بالعيش مع الآخر المختلف عنه لغويا وثقافيا، بل سيدافع عن حقه في التعبير عن اختلافه وهذا ليس بغريب عن الأمازيغ، فتاريخهم يشهد بأنهم ضحوا من أجل حماية التعدد والتنوع بعيدا عن الإقصاء والصراع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الكاتب العام للرابطة المغربية للأمازيغية.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M