عندما تهب رياح الإيمان! في تفكيك الأسباب الكامنة وراء اعتناق الغربيين للإسلام

09 ديسمبر 2014 18:37
عندما تهب رياح الإيمان! في تفكيك الأسباب الكامنة وراء اعتناق الغربيين للإسلام

عندما تهب رياح الإيمان! في تفكيك الأسباب الكامنة وراء اعتناق الغربيين للإسلام

زهير بلحمر*

هوية بريس – الثلاثاء 09 دجنبر 2014

قال الله تعالى: “بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)“.

أعداء الأمس هم إخوة اليوم (أرنودفان دور)

من أسباب اعتناق الغربيين للإسلام المرور من محن الحياة مثل تجربة السجن التي تعزل الفرد عن صخب الحياة، والأهل، والأصدقاء… فتجعله يفكر مليّاً في الأسئلة الكبرى.من مثل: لماذا أنا هنا؟ وما الهدف من حياتي؟ وماذا بعد الحياة؟ هذه الأسئلة الجوهرية وغيرها لابد لها من جواب، وإلا عاش المرء في حيرة من أمره، وتخبط في سعيه.

والملاحظ في معتنقي الإسلام الجدد أنهم صفوة القوم من حيث المكانة الاعتبارية داخل مجتمعاتهم: ثقافيا، أو سياسيا أو اقتصاديا.. فنجد رجل الأعمال والبرلماني والسفير والأستاذ الجامعي…

أما عن الأسباب الجوهرية التي دفعت هؤلاء إلى اعتناق الإسلام فهي -بعد هداية الله عز وجل لهم واصطفائهم للخروج من ظلمات التيه والضلال إلى نور الرشاد والاستقامة- فهي متنوعة ومختلفة منها ما هو شخصي ومنها ما هو علمي.

يأتي نور القرآن -على رأس هذه الأسباب- ولا غرو في ذلك فهو “حبل الله المتين وهو النور المبين وهو الشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه”، ولهذا فقد كان له الأثر الكبير، رغم أنه يقرأ مترجما بغير اللسان الذي نزل به -اللسان العربي-؛ ذلك لأنه يجيب عن الأسئلة الجوهرية، وهذا ما صرح به غير واحد من الذين دخلوا في دين الله أفواجا.

في مقابل الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد -الإنجيل والتوراة- الذي وجدوا فيه التناقض والاضطراب والغموض عوض الوضوح والإبهام عوض البيان والتلميح عوض التصريح.

في هذه المقالة سنبحث الأسباب المشتركة التي أدت إلى اعتناق عدد هائل من الغربيين للإسلام. ما الذي أغراهم في اعتناق دين الإسلام؟ ما الدوافع التي أسهمت في تغيير دينهم والتمسك بدين الإسلام؟ لماذا لم يحصلوا على الإشباع الروحي والإرواء النفسي والعاطفي لعطشهم بما كانوا يعتنقونه؟

في قراءة تفكيكية تركيبية للكتاب الصادر عن دار الفكر سنة 2013 بعنوان: “الآن: ربي له اسم!“، والكتاب عبارة عن قصص وثائقية مترجمة تحكي عن 35 تجربة واقعية تحكي عن أناس هُدوا إلى دين الحق من أعراق مختلفة وملل متباينة وبلدان متنوعة -تدل على عالمية هذا الدين- جاءت في 207 صفحة، من إعداد الدكتورة هالة صلاح الدين لولو.

إن أغلب من يعتنق الإسلام يتعرف على الإسلام من مصادره من القرآن الكريم والسنة النبوية؛ وهو ما ينتج عنه فهم عميق لدين الإسلام، ناتج بدوره عن مقارنة بما كان فيه من تمزق عاطفي وحيرة عقلية ونفسية سببها الفراغ الروحي.

منطق الدين ودين المنطق:

تقول دبي روجرز عما قرأته عن الإسلام من مصادره الأصلية: “كل شيء قرأته كان منطقيا” (ص:62)، كما صرحت بذلك أيضا كيري أنساري بقولها: “اكتشفت في القرآن تعاليم ذات منطق سليم”، مضيفة: “اتصل عقلي بقلبي، فأومض بريق الحياة في روحي. شعرت أن الله يكلمني من خلال القرآن وسيرة حياة هذا الرسول الصالح” (ص:96).

في مقابل المسيحية المليئة “بعدم الانسجام المنطقي” (ص:62). مما يشوش على الفكر كما تقول بترا: “حينما قرأت الإنجيل تشوشت أفكاري في التاريخ” (ص:69).

فوضوح القرآن وإجابته على الأسئلة الجوهرية، نتج عنه أيضا وضوح أحكامه؛ إذ اتسمت بالمنطق والدقة، تقول آسية إنايا عن الفقه الإسلامي المستمد من القرآن الكريم والسنة المطهرة: “عندما كنت في الجامعة أدرس القانون، تبدَّى أمامي نقاءُ الإسلام للمرة الأولى، وذلك بفضل مقرر دراسي عن القانون العائلي – القانون الهندوسي والقانون الإسلامي المتعلق بالزواج، والطلاق، والميراث، إلخ.

ففي حين أن القانون الهندوسي كان مليئاً بتفاصيل شتى لا أهمية لها، وبالتباسات وآراء مختلفة إلى الثبات، كان القانون الإسلامي من ناحية أخرى واضحاً، دقيقاً، راسخاً” (ص:152).

فمنطق الإسلام وأحكامه هو منطق الفطرة السليمة التي لم تشوه ولم تحرف، يقول نور الدين وايلدمان: “لقد اكتشفت أن كل شيء تقريباً حسبته جزءاً من الإسلام وعارضته، كان الإسلام في حقيقة الأمر يعارضه” ص157.

الإسلام هو الحقيقة:

تقول بترا عن الله عز وجل منزل الشرائع ومرسل الرسل مبشرين ومنذرين وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم: “إن ذلك الذي هو فوقنا، إنما هو حقيقة، وليس نسج خيال” ص71. ويقول طارق برستون: “إن القرآن هو كتاب الحق” ص101.

فالإسلام هو الحقيقة والحقيقة هي الإسلام، هذه الفكرة التي ننشأ عليها نحن المسلمون من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية -ونحمد الله عز وجل على ذلك- تطلب الأمر من غيرنا من المسلمين الغربيين أن يقطع رحلة معرفية وروحية وجدانية ليصل إليها بشق الأنفس فيرى صوابها شعوريا وفكريا وسلوكيا. إن هذه اللحظة التي “تدرك فيها الحقيقة، لحظة تبصر فيها جمال الإسلام” ص150. “إذ الإسلام لابد أن يكون الطريق المستقيم” ص183.

فغموض ما وجدوه في المسيحية واليهودية وغيرهما قابله وضوح حقيقة الإسلام ناصعة البياض وضوح الشمس في واضحة النهار (ص113-114). هذا الحس النقدي كان له فضل في التحول إلى دين الإسلام.

هذه الحقيقة لا يمكن الهروب منها أو الفرار أو حتى الإعراض عنها لمن رزقه الله البصيرة وهداه الصراط المستقيم فـ”كم من الزمن بوسعك أن تهرب من الحقيقة؟ أنت لا تستطيع العيش مع كذبة “وإن كان قبول الحقيقة يحتاج إلى شجاعة” ص153.

إن من يقرع الباب لابد أن يفتح له ولو بعد طول انتظار و”متى أغلق حتى يفتح؟” كما تقول رابعة العدوية، تقول مارغريت تملبتون: “منذ زمن بعيد، كنت أبحث عن حقيقة سبب وجودي في هذا العالم، ولمَ أنا هنا، وما الذي يُفترض بي أن أفعله… لقد كنت أطلب معرفة الحقيقة طيلة حياتي، لا معرفة دين محدد. الحقيقة، شيء ذو معنى بالنسبة إلي، شيء فتح قلبي وجعل حياتي جديرة بالاهتمام” ص168.

 هداية الله عز وجل:

يقول الله عز وجل: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” القصص:56.

تقول إحداهن بعد أن شرح الله صدرها للإسلام: “في النهاية أسبغ الله رحمته على روحي، وهداني من الظلمات إلى نور الحقيقة: الإسلام وطاعة إله واحد وحسب” ص85.

وهو ما صرحت به أيضا لورين بوث بقولها: “تخليتُ عن الله، لكن الله لم يتخلّ عني” ص108. وكذلك أماليا رحمن عندما تعزو الفضل إلى الله بوضعها في موضع هيَّأها لسماع الإسلام. ص114.

تقول أماليا عن نعمة الهداية إلى الإسلام: “يُقبل الله إلى الناس بالأسلوب الذي هم بحاجة إلى التقرب عبره. لقد تقرب الله إلي بالأسلوب الذي احتجت إلى التقرب بواسطته، وذلك بإثارة فضولي، وتعطشي إلى المعرفة، وتوقي إلى معرفة أسرار الحياة والموت ومعنى الحياة” ص115.

 تقول شارون -وهي أسترالية صمّاء سمعت صوت الحق بقلبها فآمنت-: “يسعدني دائماً أن أوضح معالم الإسلام. الحمد لله، نمو إيماني أشبه بزهرة تتفتح ولقد أدركتُ هداية الله إلى الطريق المستقيم” ص148.

إن البحث وحده عن الحقيقة لا يجدي نفعا إذا لم تصاحبه هداية الله عز وجل للعبد الملحاح، الباحث عن نور الإسلام للخروج من دياجير الكفر وظلمات الضلال، يقول يوسف تيم شمبرز: “لقد تبين أمامي جلياً أنه سواء أكنتَ في الكنيسة، أم في أي مكان آخر، أو أياً تكن، فكل ذلك سيّان إن لم يهد الله المرء. ما من شخص بوسعه أن يساعدك” ص180.

أثر السيرة النبوية في هداية غير المسلمين:

تقول مريام فرنسوا سيرا: “أمور عديدة كانت بالغة الأهمية في إحداث ذلك التغيير في داخلي، أحدها هو تفحصي لسيرة النبي محمد؛ أعتقد أنه من الشخصيات العظيمة التي أسيء فهمها على مرّ التاريخ” ص:89.

وتقول كيري أنساري في نفس السياق وبنفس الفهم العميق لدور السيرة في فهمها للإسلام: “اتصل عقلي بقلبي، فأومض بريق الحياة في روحي. شعرت أن الله يكلمني من خلال القرآن وسيرة حياة هذا الرسول الصالح.” ص:96.

البحث عن أجوبة للأسئلة الجوهرية:

تقول مريم فرنسوا سيرا: وفي عالم تحكمه النسبية، يوجز القرآن الحقائق الأخلاقية الموضوعية وأسس الأخلاقيات، وحيث أني كنت دائما أهتم اهتماما بالغا بالفلسفة فقد بدا أنه دروة كل ذلك الفكر الفلسفي. إنه يجمع الفلاسفة؛ كانط، وهيوم، وسارتر، وأرسطو. وهو بطريقة ما نجح في توجيه الأسئلة الفلسفية العميقة المطروحة على مرّ قرون من الوجود الإنساني، وفي الإجابة عنها وعن أكثرها جوهرية؛ وهو: لم نحن هنا؟ ص:90.

تقول أم عمر: “فقد كنت دائما أطرح أسئلة وأطلب أجوبة عن كيفية حدوث الأشياء وكيف وجد العالم” ص103.

أما أماليا رحمن التي “التزمت بمدرسة داخلية عبرية، لكنها شعرت بأنها منفصلة عن الديانة اليهودية وتنظر بعين الريبة إلى أنصار الدين. وإذ ظلت تنشد صلة دينية، تسجلت لاحقا في دروس التلمود، وفي الوقت نفسه كانت تواصل دراستها للحصول على دبلوم علم النفس في جامعة شيكاغو. وتتذكر تلك الفترة على أنها فترة سارة في حياتها، حيث شعرت بإمكانية الارتباط الحقيقي بدين أجدادها”. لكن مع كل هذا تقول إنها لم تعثر إطلاقا على الإجابات التي كانت تبحث عنها” ص113.

يقول نور الدين وايلدمان: “لاحظت أن كل سؤال أطرحه كان لدى الإسلام إجابة مقنعة عنه” ص159.

ويحدثنا يوسف تيم شمبرز عن تجربته وبحثه عن الحقيقة: “في مرحلة ما انصرفت إلى العلوم؛ درست علم الطبيعة، وعلم الفلك، وذلك ممّا أدّى إلى حيرتي وحسب لأني أدركت أن العلم إنما يلصق بطاقات على الأشياء التي هي واضحة فقط، لكن دون أن يعطي تفسيرا. ذلك فعلا أمر أقلقني؛ لأني أيقنت آنذاك أن هذين العلمين لا يملكان مفتاح اللغز، إنهما في الواقع كانا يخفيان الحقيقة عن باقي البشر؛ لأنهما لديهما الحقيقة لكنهما لن يختبراها على الوجه الصحيح، إنهما لم يسألا السؤال الصائب مثل: لم أنا هنا؟ وإلى أين سوف أذهب بعد ذلك؟ وتلك هي الأسئلة المهمة، الأسئلة الجوهرية التي يحتاجها كل إنسان ليسأل نفسه ومن حوله” ص 180-181.

البحث عن هدف في الحياة:

تحدثنا كيري أنساري عن وضعها قبل الدخول في الإسلام: “كنت أعيش حياة مفعمة بالعبث والقرارات الأنانية. كنت أجري عبر السنين وأستجيب لما يعرض لي دون خطة محددة واضحة. أعتقد أني كنت أسعى لملء فراغ كنت أشعر به في أعماق نفسي” ص94.

وتحدثنا ديامس نجمة الراب الفرنسي سابقا عن وضعها بعد الدخول في الإسلام “لقد أبهج الإسلام قلبي فأنا أعرف اليوم الهدف من وجودي ولم أنا هنا على سطح الأرض” ص190.

 أثر القرآن الكريم:

تقول سيرا في سياق آخر عن دور القرآن في تنوير العقل والقلب معا: “لقد وضّح كثيرا من الشكوك التي كانت تساورني حول المسيحية. لقد جعلني امرأة راشدة حينما أدركت فجأة أن قدَري وأعمالي لها نتائج أتحمل بمفردي مسؤوليتها الآن” ص90.

وتقول دينيس هورسلي أستاذة الرقص سابقا عن أسلوب القرآن في الإقناع بالحجج والبراهين القاطعة: “كان تمت شيء فيه يقنع العقل تماما، بدا أنه يجيب عن جميع الأسئلة التي تدور في ذهني” ص:124، ونفس الشيء عبرت عنه مارغريت تمبلتون أثناء حديثها عن القرآن ودوره في الوصول إلى الحقيقة: “وربما هذا الكتاب -تقصد القرآن الكريم- يدلني عن الحقيقة التي أبحث عنها”.ص 169.

و تضيف أيضا أثناء حديثها عن المشترك بين الرسالات السماوية:” والقرآن حافل بمعلومات عن المسيح، ومريم، والملائكة، والتوراة. إنه جزء من تحول طبيعي” ص:25.

 وتقول إنغريد ماتسون -الأستاذة المتخصصة في الفن- في حديثها عن أثر القرآن في نفسها: “إحساس بأن الكون بسط لقصد وغاية. هذا هو فعلا ما بعثه القرآن فيّ قبل كل شيء” ص:137.

فهي تتحدث هنا عن تجربتها الشعورية والنفسية الخاصة والتي عبرّ عنها غير واحد ممن دخل في دين الله عن اقتناع صادق وحب جارف بعد اطلاع واسع، وإيمان عميق بأن القرآن كتاب هداية للطريق المستقيم. يقول يوسف تيم شمبرز: “لقد آمنت أن القرآن يمكن أن يحل مشاكلي” ص184.

تناقضات المسيحية واليهودية الناتجة عن التحريف والتزوير الذي طال أصل الدين:

يقول طارق برستون عن المسيحية: “حاولت أن أقرأ الكتاب المقدس، لكن المسيحية بدأت تظهر لي غير منطقية” ص99.

وتقول أماليا رحمن عن اليهودية: “لا يستشهد اليهود بالتوراة؛ إنهم يتبعون الحاخامات، ولا يتبعون كلام الله” ص113-114.

ويقول يوسف تيم عندما دار بخلده الحصول على شهادة علم اللاهوت في شهادة صادمة عن معتقد المسيحية وهي الحقيقة المرّة التي تزعج كل مؤمن بها: “لكني رأيت أن كل تلك الأمور إنما هي أشبه بعقيدة بلا دليل وهي ليست منطقية بالنسبة إلي إنها لا تحمل الحقيقة بين طياتها” ص179.

وتقول صفية: “تركت المسيحية حينما كان عمري عشر سنوات ومن حينها لم أستطع أن أعثر على أي شيء مفهوم عقليا، لاسيما أمر الثالوث الأقدس” ص196.

يفسر هذا ما قاله العلامة عبد الله كنون في كتابه على درب الإسلام وهو يحصي في مقالة -بعنوان: هؤلاء أسلموا- ماتعة من أسلم من الأجانب في بدايات القرن20 بطنجة ويتحدث عن أسباب ذلك فيقول: “وما لا جدال فيه هو أن القوم لا يجدون في المسيحية التي بأيديهم شفاء ما بأنفسهم من علة، لانحرافها عن الاتجاه الحنيف الذي كانت عليه أولا، ولذلك جاء الإسلام مجددا لدعوة الحق، مصححا للوضع الديني كما أرادته العناية الربانية، فلا محيد لهم إذا عن الدخول في كنفه الذي هو كنف الله، والاستمساك بعروته الوثقى التي لا انفصام لها” ص 25-26.

تشويه الإعلام لكل ماله علاقة بالإسلام:

لقد لعب الإعلام الغربي دورا عكسيا في دخول الغربيين في الإسلام رغم مكره وكيده وكذبه وتشويهه للحقائق وتزييفه لها ولكن الله غالب على أمره.

تقول كيري أنساري: “كان ذلك الرجل اللطيف على النقيض مما تظهره وسائل الإعلام عن العربي أو المسلم؛ من أنه مجنون وشرير، وهكذا أصبح لدي إطلالة مختلفة عن الإسلام عن طريقه وقبلت الزواج به. لم يبد الأمر تهديدا لأولادنا القادمين، أو لي؛ كان يصوم بصمت، ويصلي بهدوء، كان يعيش ويدع الآخرين يعيشون حسب ما يرغبون” ص95.

يحدثنا نور الدين وايلدمان عن الكليشهات أو الصور النمطية -المبنية على أحكام جاهزة- التي يشكلها الإعلام الغربي عن الإسلام دون تمحيص أو فحص لمصادره وأصوله: “قبل أن أبدأ القراءة عن الإسلام، كان في ذهني بعض الأفكار السلبية المتعلقة بهذا الدين، كنت أتساءل كيف يمكن لمسلم متدين أن يظن نفسه رجل تقوى بينما هو يضطهد امرأته.

أو كنت على سبيل المثال أتساءل لم يعبد المسلمون حجرا مكعبا في مكة في حين أن التماثيل أو الأبنية ليس لها حول ولا قوة ولا تجدي نفعا لأحد؟

لم أستطع أن أفهم لم المسلمون غير متسامحين جدا إزاء الأديان الأخرى بدلا من أن يقولوا ببساطة إن الجميع يؤمنون بالإله نفسه.

مع كل تلك الأفكار في ذهني، بدأت قراءة ذلك الكتاب.

بعد ذلك الكتاب الأول جاء الكتاب الثاني، وبعد الثاني جاء الثالث، وهلم جرا. ومع انقضاء سنوات قليلة، كنت قد قرأت بالفعل بعض الكتب عن الإسلام، وكنت مدهوشا حقا. لقد اكتشفت أن كل شيء تقريبا حسبته جزءا من الإسلام وعارضته، كان الإسلام في حقيقة الأمر يعارضه” ص157.

وتقول صفية الطالبة البرتغالية عن دور الإعلام الغربي في تشويه صورة الإسلام والمسلمين: “هكذا كثير من الناس في الغرب تتم برمجة تفكيرهم” ص197، وتضيف في سياق قريب: “وبعضهم الآخر غسلت نشرات الأخبار أدمغتهم” ص199.

ورغم كل ما يقوم به الإعلام الغربي من تشويه للحقائق وتزوير لها، إلا أن ذلك لا يفت في عضد من يبحث عن الحقيقة بصدق، فيصل بعد هداية الله له إلى بر الأمان بفهم عميق للإسلام؛ يميز فيه بين ما هو من أصول الدين وما هو من الأعراف والتقاليد التي تختلف من بلد لآخر، وما هو من المقاصد وما هو من الوسائل.

 تقول مريام فرنسوا سيرا: “ثمة حاجة إلى هوية بريطانية مسلمة، واثقة وواضحة، تستطيع أن تسهم في نقاشات عصرنا. لا يرمي الإسلام إلى الظهور بمظهر الدين الأجنبي، علينا أن لا نشعر بأننا فقدنا كل مَعلم من مَعالم ذواتنا، الإسلام هو تصديق للخير في نفوسنا ووسيلة لتصحيح السيء”.ص91.

و هذا ما عبّر عنه بول مارتن: “لا يمكن القول البتة بأنك لا تستطيع ان تكون مسلما بريطانيا وأنت ترتدي بنطال جينز وقميصاً وجاكيتاً” ص119.

إنه الحذر من الانزلاق في الفصام الهوياتي بين الإسلام والحضارة الغربية، بين الدين وتقاليد الوطن في محاولة المزج بينهما في انسجام وتناغم -ما أمكن ذلك- يتفادى الصراع ويتجنب التخبط المؤدي بالضرورة إلى الرفض فالعنف بكل أشكاله وألوانه.

بعد الإسلام تأتي السكينة والراحة النفسية التي لا تقدر بثمن:

يقول يوسف تيم واصفا الحالة النفسية التي كان يتخبط فيها في جاهليته قبل الإسلام، يقول -بعد أن انشرح صدره للإسلام فغمرت قلبه السكينة والطمأنينة-: “قبل أن أعتنق الإسلام، لم أكن أدري ما الرضا حقا؛ لأن الرضا إنما يأتي من اكتشافك لنفسك عبر الحقيقة، وإن أنت عثرت على الحقيقة فسوف تكون راضيا. أنا لا أتكلم عن يوم وحسب؛ أنا أتكلم عن أي شيء يحدث لك أينما تكن، ومع أي شخص تكون، فستغمر قلبك أقصى درجات السلام والطمأنينة.

وهكذا، حينما أصبحت مسلما، حينما اكتشفت من جديد الفطرة، اكتشفت أن كآبتي تلاشت. اكتشفت أن اتكالي على المشروبات الكحولية في ذلك الوقت قد اختفى تماما، وأني لست بحاجة إلى أي شيء، أو أي شخص؛ لأني تبينت أن الحقيقة الجوهرية من الداخل والخارج.و بالتأكيد كان لدي إخوة في الدين” ص184.

وتحدثنا ديامس نجمة الراب الفرنسي سابقا التي عاشت الفراغ الروحي والكآبة النفسية والتيه قبل الإسلام في بحث دائم عن وهم السعادة خارج الإيمان: “في الخارج كنت إلكترونا طليقا يبحث بنشاط عن السعادة دون أن أعلم أني لن أستطيع أن أعثر عليها إلا في ذاتي، ومن كثرة سيري في الصحراء، معتقدة أني أقترب من الواحة دون أن أصل إليها، خارت قواي…، وأعيتني الحياة، وتلاشى الوهم” ص188.

فكانت لحظة دخولها في الإسلام لحظة ارتياح نفسي وسكينة روحية تقول ديامس: “لقد عشت آنذاك لحظات صدق ودفء تعجز الكلمات عن وصفها” ص187.

وتضيف أيضا: “حينما تعرف حب الله، تشعر بالاكتفاء، لاشيء ينقصك… إني سعيدة جدا إلى حد أن سعادة قلبي لن يستطيع أحد أن يسرقها مني. لدي الإيمان” ص189. إنها باختصار بهجة الإسلام: “لقد أبهج الإسلام قلبي، فأنا أعرف اليوم الهدف من وجودي ولم أنا هنا على سطح الأرض” ص190.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي.

البريد الإلكتروني: [email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M