المواطن المغربي

11 ديسمبر 2014 21:32
المواطن المغربي

المواطن المغربي

محمد البوبكري

هوية بريس – الخميس 11 دجنبر 2014

عندما يفقد الإنسان تموقعه، عادة ما يصاب بالدوار ويختل توازنه وتفيض بطنه، تلك العادة لم تطرد مع المواطن المغربي! -استثناء- فبالرغم من تزاحم الأوراق، وتضارب الآراء، بل وتضارب الأحداث والأشخاص (الزايدي وعبد الله باها …)، وداعش، وأمريكا، والقاعدة، وإسرائيل، والسيسي، وغزة… كل هذا لم يزعزع سكون المواطن المغربي، وحفاظه على نظامه المعيشي منذ قرون، فما كان يفعله أبوه بل جده، هو بالضبط ما يفعله الابن أو الحفيد اليوم!!، معادلة صعبة وتغير للأوضاع في زمن المتغيرات.

لقد بقي المواطن المغربي في قفصه الذهبي، لا يلقي للعالم من حوله بالا، وإذا ما شاهد -قدرا- حدثا على التلفاز أو الإنترنت، فلا يكاد يتصفح العناوين الرئيسية دون تفصيل، بل حتى الفيديو يقتصر منه على التسمية التي أعطيت له من طرف ناشره!! كل هذا يجعلنا نتساءل هل المواطن المغربي غير واع بوضعه الإقليمي والدولي؟ أم أن لديه هموما حياتية تشغله عن العالم الخارجي؟ أم أن هناك خلفية فكرية وأيديولوجية تحكم رؤيتنا للواقع من حولنا؟

يبدو للوهلة الأولى أن نختبر كل هذه الاحتمالات لننظر منها ما يصمد جوابا عن السؤال، فبداية هل يمكن اعتبار هذا الوضع نتيجة لانعدام وعي المواطن المغربي بوضعه السوسيو مجالي؟ الجواب بنعم غير منطقي، ولا يمكن أن يكون جوابا، لأن المواطن المغربي يعلم يقينا موقعه ودوره في السياسة الإقليمية العربية والإفريقية، باعتباره بلد تعدد الثقافات والاستقطابات الجغرافية والاقتصادية، خاصة مع الدول الإفريقية مؤخرا.

أما من حيث اتفاقيات التعاون والشراكات الاقتصادية والثقافية الحاضرة في الحياة اليومية، إذن ليس هذا هو الجواب الصحيح! ننتقل إلى الاحتمال الثاني: وهو أن المواطن المغربي مشغول بنفسه وحاجاته الاقتصادية والمعيشية اليومية عن التفكير في محيطه الدولي العام، وهو كذلك أمر غير مستساغ من الناحية الواقعية التجريبية، حيث إن المواطن المغربي -عموما- رغم انشغالاته يبقى الجانب التدبيري من حيث النقد حاضرا سواء بوعي أو بدونه ولو عن طريق الرواية كسمعت.. وقالوا لي.. ويظهر لي… وغيرها، مما يوحي بأن المواطن المغربي مهتم بهذا الجانب، ولا أدل على ذلك من أن ربّ العمل يطرد كل متعلم صامت لا يناقش ولا يردد حتى النكت، فإن مصير هذا العامل هو الإقالة سواء في مجال البناء أو النجارة أو التجارة… وأصبح المتعلم الذي يردد النكت ويناقش السياسة هو المتعلم المفضل لدى أرباب العمل لأن الوقت معه يمضي بسرعة الضوء، وعليه فالعمل والتدبير اليومي لم يشغل المغاربة عن التساؤلات السياسوية والتدبيرية اليومية المحلية والدولية.

وفي الأخير لم يبق لنا سوى الاحتمال الثالث، وهو أن هناك أيديولوجية تحكم رؤيتنا للعالم من حولنا، تلك الرؤية هي أن كل مكونات السلطة توجه نظر المواطن إلى مجموعة من الاعتبارات، منها أننا بلد الاستثناء من حيث الأمن والاستقرار، وهذه حقيقة فمن حيث الأمن الداخلي فمفروض ولو بالظلم والتعسف؛ أو منها أننا محسودون، وهذه حقيقة أيضا من حيث إنهم محسودون فالسلطة هي المحسودة من حيث أنها استطاعت الحفظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية دون أن يمسها مكروه، أما المواطن المغربي فليس محسودا في الحقيقة بل وضعه لا يتمناه شعب من شعوب العالم، من الناحية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ فالضرائب أنهكته والمواد الغذائية أحدثت ثقبا غائرا في جيبه، والبطالة شيبت رأسه والإجرام يقض مضجعه كل ليلة… كل هذا وهو محسود!!!

وختاما، لا يعتبر كلامي نفيا باتا لما يعيشه المواطن المغربي من عيش يكاد يكون كريما؛ بل هذا جلد للذات من أجل النهوض بالوضع الاجتماعي للمجتمع المغربي الذي يعاني أزمات قلبية قد تؤدي به يوما ما إلى الوفاة، هذا على أقل تقدير من أضعف طبيب، أما إذا سألنا طبيبا مختصا فربما يعدنا أمواتا تتحرك على الأرض.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M