النصيحة لا الفضيحة لأحمد عصيد‎

03 يناير 2015 14:46
النصيحة لا الفضيحة لأحمد عصيد‎

النصيحة لا الفضيحة لأحمد عصيد‎

عبد العزيز الرهواني

هوية بريس – السبت 03 يناير 2015

جاءت النصوص على عدم إشاعة الفاحشة والترغيب في الستر والسترُ ليس معناه الرضى والقبول بالفواحش والآثام إنمّا معناه عدم الفضيحة ونشر الخبر بين الناس ليكونَ أقرب للرجوع والتوبة والخلاص من هذه الفواحش، فلا يجوز شرعاً لإنسانٍ فضح عيوب إنسان آخر سَترَ نفسَه بفعل الحرام أن يُشاع خبره ويُفضح بين الناس إلا لضرورة شرعية؛ أما لمجرد نشر الخبر أو التشهير به أن يُقال فلانٌ يفعل كذا أو فلانة فُعلَ بها كذا لمجرد الفضيحة فهو حرام!

فعلى الإنسان أن لا يتحدث عن المعاصي والذنوب والأفعال المحرمة أو كالإخبار عن بعض؛ أما المجاهرُ الذي هو فضحَ نفسه في العَلن فهذا كشَفَ مُغطى وهتَكَ سِترا، وعلى الذي يُريدُ النُصحَ أنّ يتبعَ أسلوب الستر والرفق لا الفضيحة والتشهير بين الناس، فإذا رأيتَ إنسانا قد ارتكبَ خطأ لا مجال فيه لعذر أو شُبهة، وجبَ عليك أن تتقدم إليه بالنصيحة سِراً، بينكَ وبينه لا أمامَ الناس، فإذا نصحتهُ سِرا، كانَ ذلك أرجىَ للقبول، وأدلُ على الإخلاص، وأبعدُ عن الشبهة، وأما إذا فضحته علناً أمامَ الناس فإن في ذلك قد يكون فيه شُبهة الحقد والتشهير، والتحقير، وهذه حُجُبٌ تمنعُ من إسماع النصيحة والاستفادة منها.

ولقد كانَ من خُلقُ النّبي صلى الله عليه وسلم وأدبُه في إنكار المُنكر وتبيين الحق، أنه إذا بَلغهُ عن أحدٍ أو جماعة شيء مما يُنكَرُ فِعلهُ لم يَذكُر أسماءَهم عَلناً، وإنّما كانَ يقول ك ((ما بالُ أقوامٍ يفعلونَ كذا وكذا))، فيَفهمُ من يَعنيه الأمر أنه هو المُراد بالنصيحة، وهذا يُعتَبَرُ من أرفَعِ أساليب النُصح والتربية والدعوة الى الله، فالمؤمن ليس له غرضُ في إشاعة عيوبِ وفضائح الناس، وإنمّا غرضُه إزالة المعصية التي وقع فيها، أما الإشاعة وإظهار العيوب فهو ممّا حرمَهُ الله تعالى ورسوله، ففرق بين من قصده النصيحة وبين من قصده الفضيحة، ولا تلتبس إحداهما بالأخرى إلا على من ليس من ذوي الفهم السليم.

وكانت الفرصة سانحة لنصح المسمى عصيد بدل فضحه لعله وعسى أن تكون هدايته، وليُعلم أنّ الله تعالى مُطلع على القلوب، فمن نصحَ فلينصح لله وليستُر ولا يفضَح، ففرقٌ بينَ النصيحةِ وبينَ الفضيحة، وليشفق المرء على من ابتلى بالمعاصي ويتمنى له الخلاص وحسن السمعة كما يتمنى لنفسه، والله تعالى أعلم وأحكم.

هذا من جهة أما من الناحية الإعلامية أرى والله أعلم أن لا ننساق أمام هذه الأخبار ونكون بذلك تبعا لإعلام نشر الرذيلة وإتباع خطوات الشيطان؛ إذا كان خلافنا مع المسمى عصيد خلافا جذريا فهذا لا يعطينا الحق في نشر معاصيه؛ الأولى والأجدر تقديم النصح له ومجادلته بالتي هي أحسن؛ أما هذا الأسلوب فلن يجدي ولن يزيده إلا كرها للإسلام وأهله فلا نكون عونا للشيطان عليه وليبق منبرنا منبرا إعلاميا دعويا بالحكمة والموعظة والنصيحة لا بالفضيحة.

(مجرد رأي).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M