من المستفيد من حادثة «شارلي ايبدو»

21 يناير 2015 17:29
من المستفيد من حادثة «شارلي ايبدو»

من المستفيد من حادثة «شارلي ايبدو»

مصطفى بن محمد الدويبات

هوية بريس – الأربعاء 21 يناير 2015

لا شك أن أغلب الناس يستنكرون هذا العمل الذي تم بحق صحيفة “شارلي ايبدو” وأنا واحد منهم، لكني أشكك في كل ما جرى بأنه عملية مدبرة، الغرض منها ما سأذكره لاحقا، والذي ينبغي أن نكون متيقنين منه هو أن هذه العمليات المزعومة يدور حولها علامات استفهام كثيرة، لا إجابة عنها؛

لن أدخل في النفق المظلم لهذه الاسئلة، لكني سأركز على من يمكن أن يكون صاحب هذا الفعل الشنيع مباشرة أو من وراء ستار، وذلك بالرجوع إلى المستفيد الأول مما حدث، وهو صاحب الدافع الأكبر الذي يمكن لأي كان أن يشير له ليس بأصبع الاتهام، وإنما بالأصابع العشرة كلها، فمن تراه المستفيد الأبرز من هذا الحادث؟ وهل فرنسا أضحت متضررة بسببه أم مستفيدة؟

في الحقيقة لقد خمنت طويلا من يمكن أن يكون وراء ما وقع لهذه الصحيفة حتى يقوم بذاك الفعل الشنيع، فلم أهتد إلى ذلك، -(ولا أقبل هنا فكرة انتقام المسلمين من الصحيفة بفعل ما تنشره من تفاهات، فقد سجل المسلمون موقفا عظيما في رسوم مسيئة سابقة قبلها، والتي كان لها وقع إعلامي أكثر مما تنشره صحيفة شارلي ايبدو البئيسة)- لكني سبق أن قررت في التقديم كلاما مؤداه أن مَن وراء هذا الحادث لا يمكن إلا أن يكون مستفيدا منه أقصى مراتب الاستفادة، وعند تتبعي لمن يمكن أن يكون مستفيدا من هذا الحادث بالدرجة الأولى لم أجد أحدا غير فرنسا، فما هي معالم استفادة فرنسا من حادث شارلي ايبدو؟

تتركز معالم هذه الاستفادة فيما يلي:

1- التوقيت الدقيق لهذه العمليات، الذي تعرف فيه فرنسا حالة من سخط الرأي العام حول بعض السياسات الخارجية، فالحادث جاء بالدرجة الأولى ليبرهن للرأي العام الفرنسي أن ما تقوم به فرنسا هو لحماية شعبها من مثل هذه الهجمات، وبالتالي تملكها لحق محاربة الإرهاب، وهذا يعني شرعنة العمليات الحالية التي تقوم بها، وأي عمليات مستقبلية، وأنا أضمن أن فرنسا قد ضمنت التصويت الجماعي في أي تدخل قادم في بعض الدول بحجة الإرهاب.

2- التعاطف الشعبي الفرنسي (والعالمي) مع الصحيفة (البئيسة) المستهدفة، وظهور صحف أخرى ستنتهج نفس خطها في تسفيه المسلمين ومقدساتهم، وهذا جلي واضح، والدليل على هذا التعاطف هو ما أعلنته الصحيفة من كونها تعتزم إصدار مليون نسخة (وقد فعلت ذلك)، وهو رقم لم تكن تحلم به الصحيفة (البئيسة) حتى في أجمل أحلامها الوردية والبنفسجية، وهو حلم تحقق، لا يهم إن كان على حساب 12 نفسا، ولكن الأهم هو تشويه المسلمين ورسولهم ودينهم ومقدساتهم، أليس هذا هو هدفهم؟ وقد بدأ بالتحقق، فلا يهم ما يبذل من أجل بلوغه… ولن أتفاجأ إذا ما رأيت الكل في الصفحات الاجتماعية (الفرنسية) يكتب je suis charlie، وتعني أنا شارلي ايبدو بل وفي الملاعب والمباريات التي يشاهدها عشرات الآلاف، وفي القنوات والأخبار … والمعنى أننا شارلي ايبدو ونحن مع الصحيفة فيما تقدمه من مس بكرامة المسلمين ومعتقداتهم ومقدساتهم، وهو أمر قد تدفع من أجله فرنسا ودول الغرب مجتمعة 12 بثلاثة أصفار لتحقيق ذلك، وها قد تحقق بتكلفة أقل من ذلك بكثير.

3- الأزمة الاقتصادية: فكلنا يعلم ما تمر به أروبا من أزمة اقتصادية خانقة، تكاد تعصف ببض الدول، ولا شك أن فرنسا ليست خارج هذه الدائرة الاقتصادية المترنحة، وبالتالي فما قد وقع من هجوم مدبر يحمل في طياته دلالات شتى تهم الجالية المسلمة بفرنسا، أي أن هناك قرارات وقوانين سنعرفها عاجلا وليس آجلا سيتم من خلالها تمرير أمور شتى، من بينها كل القوانين التي ستمس الجاليات الأجنبية والمسلمة على وجه التحديد في مسائل المعاش والبطالة والتقاعد والتعويض وغيرها من القرارات النوعية في هذا المجال…

4- ربط الإسلام بالإرهاب، وبالتطرف والتشدد، وهي محاولة ما فتئ المجتمع الغربي يعمل جاهدا على ترسيخها في مجتمعاته خوفا من أسلمة أروبا، سيما ما نشهده من تزايد وتيرة الدخول في الإسلام، فهذا الحادث هو أداة من أدوات التنفير التي تستعملها المخابرات الغربية والتي تعمد من خلالها خلق ترابط بين مثل هذه الأحداث الإجرامية، والإسلام، وإن كانت فرنسا كما صرحت على لسان وزيرها لا تحارب دينا بغيره (وهو يقصد الإسلام) فإن الشعب الفرنسي قد فهم الرسالة بسرعة وفي ظل يومين فقط، سجل الهجوم على أكثر من مسجد بمختلف ضواحي فرنسا، وهذا يبرز مدى نجاحهم من ربط هذه العمليات بالإسلام، وهذا من أكبر استفاداتهم في هذا الشأن.

5- إن أهم ثمار هذا العمل الشنيع المدبر (-الذي نرفضه من أي طرف كان، خصوصا إذا كان مفتعلا من أجل تشويه الإسلام من طرف لوبيات معادية للدين و للمسلمين-) بالنسبة لفرنسا أهم ثمار هذه التمثيلية هي ما ستتلقّاه الجالية المسلمة بفرنسا من التضييق والتنكيل وحرق المساجد، والمقرات الإسلامية، وقد سمعنا لحد الآن كم تعرضت المساجد للتخريب في ظرف وجيز، بل وستعمل الحكومة الفرنسية على منع أي تراخيص لبناء المراكز الدينية الإسلامية، والمساجد والمدارس وغيرها من الأمور بحجج عدة..

6- كما يمكن أن نسجل هنا ما تسوِّق فرنسا نفسها للعالم كونها بلد للحريات، وأن هذا العمل لن يزيدها إلا مواجهة لأعداء الحرية (المسلمين) من المتطرفين والإرهابيين، وطبعا الحرية التي تعمل فرنسا على تصديرها، وتسويقها، هي حرية شارلي ايبدو (الصحيفة البئيسة) أما ارتداء الحجاب فليس من الحريات التي تدافع عنها، وكذلك إنكار الهولوكوست (المزعوم) لا يندرج تحت مسمى الحريات … ففي ظل دعم فرنسا لحريات مثل شارلي ايبدو فإننا ننتظر بعد هذا الهجوم المدبر الشنيع أن يخرج لنا عشرات من شارلي ايبدو، ولا عجب في ذلك، فهذا واحد من الأهداف غير المعلنة، لكن يمكن للمتفرس البسيط قراءتها من بين السطور.

فكما يظهر فالمستفيد الأول من ما وقع أظن أنه ظاهر للمتبصر الفطن، والخاسر الأكبر هم المسلمون بفرنسا، والإسلام بدرجة أدنى لأن الإسلام مهما حاولوا تشويهه فتح الله له بابا من حيث لا يعلمون، والمستفيد بحسب المنطق أقرب إلى الفعل من غيره …

وأخيرا فإني أتعجب عجبا شديدا!! وأتساءل كيف يدفع الخوف من الإسلام أو “الإسلاموفوبيا” البعضَ أن يقوم باستهداف الأبرياء، استهدافا مباشرا (وهذا مستبعد لكونه خيانة عظمى) أو من وراء ستار، كتخفيف القبضة الأمنية مع العلم بوجود تهديدات معينة تقصد جهة معينة، وذلك كمحاولة فاشلة لإيقاف زحف الإسلام الذي يغزو القارة الصفراء في عقر دارها خصوصا في بريطانيا ألمانيا و فرنسا… ومحاولة تشويه دين الإسلام كعامل أساس لصد الراغبين فيه، وتنفيرهم منه بتصويره -أي الاسلام- دين دم وقتل وعنف وإرهاب -بنظرهم-، وهذا لا شك وراءه من هو مستفيد، والمستفيد الأبرز من له حقد على الإسلام وأهله، وهي الحركة المنتشرة في كافة ربوع اروبا وأمريكا.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M