البيان الرابع للصحفي والحقوقي مصطفى الحسناوي بعنوان: «سياسة القتل العمد»

07 سبتمبر 2013 03:28

هوية بريس – إبراهيم الوزاني

السبت 07 شتنبر 2013م

أصدر الأستاذ مصطفى الحسناوي الصحفي والحقوقي المدان بأربعة سنوات سجنا نافذا على خلفية اتهامه بتكوين عصابة “إرهابية” بيانه الرابع، بعنوان: “سياسة القتل العمد”، توصلت “هوية بريس” بنسخة منه؛ يستنكر فيه الإهمال واللامبالاة التي تواجه بها إدارة السجن المركزي عددا من السجناء، ما أدى إلى وفاة ثلاثة منهم في شهر واحد. والإهمال الذي يقابل به هو كذلك حتى أنه دخل في إضراب إنذاري عن الطعام يوم الخميس (05 شتنبر الجاري)، ولم يلتفت له أحد، مما دفعه للتفكير في الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام إن لم يستجب لمطلبه بنقله من جناح الحق العام إلى جناح المعتقلين الإسلاميين. وفي الأخير وجه نداء إلى أصحاب الضمائر الحية والقلوب النابضة إلى لمساندة السجناء الذي يعانون في دروب الموت بصمت.. على حدّ قوله.

وهذا نص البيان:

“بسم الله الرحمن الرحيم

لم تكد صورة المغتصب الإسباني دانيال تتلاشى من مخيلة سجناء السجن المركزي بالقنيطرة وتغيب حتى تلاشت وغابت أرواح ثلاثة زملاء لهم نتيجة الإهمال واللامبالاة.

إن أرخص وأهون وأبخس شيء في هذه البلاد هي كرامة الإنسان وحياته، لذلك تم تمتيع مجرم مغتصب بالعفو ضدا على براءة الأطفال المغتصبين وكرامتهم وكرامة ذويهم.

أياما قليلة بعد ذلك سيعرف هذا السجن سلسلة فضائح لو حدثت في دول تحترم نفسها وشعوبها لقامت الدنيا ولم تقعد، حيث تعاقب الموت على ثلاثة سجناء يتخطفهم الواحد تلو الآخر.

يتعلق الأمر بكل من المسلك العربي وكروم عبد الجبار ومحمد الوالي؛ اثنان كانا يعانيان من بعض الأمراض الصدرية، والثالث مات مضربا عن الطعام؛ ويتناقل السجناء رواية مفادها أن أحد الثلاثة كان يعاني من الربو وأنه صبيحة وفاته أيقظ السجناء نتيجة الطرق المتواصل على باب زنزانته على الساعة الثانية فجرا طالبا الإسعاف من الموظف؛ ثم طلب شربة ماء باردة لكن الموظف أجابه بقوله: “إلى بغيتي تموت موت” وهو ما حدث فعلا.

الضحية الثالث كان قد دخل في إضراب عن الطعام من أجل النظر في بعض مطالبه، لكنه بقي مضربا لمدة طويلة دون أن يكلف أحد نفسه تحمل المسؤولية المنوطة به ويتنازل عن عنجهيته وتعنته، فبقي المسكين يصارع الإهمال واللامبالاة إلى أن صرعته فلفظ أنفاسه الأخيرة خاوي البطن شاحب الوجه خائر القوى منهك التفكير.

شهر واحد قضى فيه ثلاثة سجناء نحبهم نتيجة الإهمال والتعنت والاستخفاف بحياة المواطن وكرامته كما يموت الذباب والبعوض.

لا أريد أن أحمل وسائل الإعلام مسؤولية الصمت المضروب على هذه القضية ولست أدري بحكم غيابي عن الساحة الإعلامية والحقوقية الحجم والحيز الذي أخذته هذه الفاجعة، لكن قطعا لم تأخذ حجمها الطبيعي الذي يليق بروح البشرية وبحياة وكرامة الإنسانية.

لم يفتح أي تحقيق في الموضوع، لم تعين أية لجان للمراقبة والاستفسار ودراسة الوضعية وتحديد المسؤوليات؛ لا شيء من ذلك ظهر أو يظهر على أرض الواقع كأن ثلاثة صراصير قتلوا عن غير قصد ولم يأبه بها أحد.

إني أوجه النداء وأدق ناقوس الخطر بصفتي الإنسانية أولا، وبما يمليه علي ديني من أخلاق ويحملني من مسؤولية ثانيا، وبصفتي الحقوقية والصحفية ثالثا، وبصفتي معتقل رأي وبحكم معاينتي لأوضاع السجناء المزرية عن قرب؛ أحمل المسؤولية للفاعلين الجمعويين والمنتخبين والحقوقيين والإعلاميين وأطالبهم أن يقوموا بما تفرضه عليهم مبادؤهم ومهامهم ومسؤولياتهم وإنسانيتهم لأني عاينت وضعية وحالات من الحكرة والتعسف والإهمال والحرمان التي لا تليق بكرامة الإنسان.

وإني أخشى أن يتبع أولئك الضحايا الثلاث ثلاثة ضحايا أخر. فقد دخل كل من عريش إبراهيم ومحسن أرشتال ونور الدين بشري من المعتقلين الإسلاميين في إضراب مفتوح عن الطعام منذ 22 غشت 2013 وإني بصفتي شاهد عيان أراقب وضعية المضربين منذ حللت بالسجن، أبلغ الرأي العام أن حالتهم وصلت لمراحل جد حرجة حيث فقد الثلاثة القدرة على الحركة والكلام وبدأ محسن أرشتال يقيئ دما يوم الخميس 5 شتنبر 2013، وهم على مشارف الموت لا قدر الله بسبب مطلب بسيط يتجلى في نقلهم من الإقامة مع سجناء الحق العام بحي جيم إلى حي المعتقلين الإسلاميين دون أن يلتفت لمطلبهم البسيط هذا أي أحد. وقد شهد هذا الحي نفسه وفاة الميلودي زكريا بسبب الإهمال.


 

إن هذا التعنت من مسؤولي هذه البلاد ليوضح بالدلائل قيمة المواطن ومكانة حياته وكرامته في سلم أولويات القائمين على الشأن. لكنه إن كان أجنبيا مغتصبا لأطفالنا فهناك جيوش من المتملقين والفاسدين والمنتفعين التي تخدمهم وتسهر على حياته وكرامته وراحته وحريته. إنها مفارقات سجن القنيطرة بل مفارقات بلد بأكمله.

وإني منذ أن حللت بهذا السجن رمي بي في حي جيم في ظروف لا إنسانية وسط سجناء الحق العام لم أتمكن من لقاء أصغر مسؤول في السجن من أجل عرض مطالبي والاستفسار عن أغراضي كأن الأمر يتعلق بلقاء إمبراطور دولة عظمى حتى اضطررت فقط من أجل لقاء أي مسؤول في السجن بخوض إضراب إنذاري يوم الخميس 5 شتنبر 2013 لمدة 24 ساعة وقد وجهت بذلك إشعارا للإدارة وقد خضته دون أن يلتفت إلي أحد.

وإني أفكر بالالتحاق بقافلة المضربين والقتلى في سبيل قضاياهم وذلك بعد الاستشارة واختيار التوقيت المناسب احتجاجا على هذه الأوضاع المعكوسة والمنكوسة في هذه البلاد، واحتجاجا على مسلسل الظلم الذي لم ينته منذ أن فتحنا أعيننا، واحتجاجا على ما تعرضت له من ضغوطات وابتزازات وإغراءات من طرف المخابرات، وما تلاه من اعتقال ظالم وحكم جائر في حقي، وما تبعه من نقل تعسفي؛ وأخيرا للمطالبة بنقلي لحي المعتقلين الإسلاميين واحتجاجا على وضعي مع سجناء الحق العام رغم أني معتقل رأي وحوكمت بموجب قانون الإرهاب الإرهابي؛ واحتجاجا على واقع ووضعية التعنت والإهمال واللامبالاة التي تنهجها إدارة السجن المركزي بالقنيطرة.

وإن كانت بعض الجهات يرضيها موتنا ويريحها فإننا نتمنى أن تكون أرواحنا وأرواح كل الضحايا وبالا عليهم وكوابيس تلاحقهم وأشباحا تطاردهم ونارا تحرقهم وريحا تعصف بهم.

أوجه في الأخير نداء لكل ذوي الضمائر الحية والقلوب النابضة قائلا إن أعدادا كبيرة من إخوانكم المغاربة تعاني في صمت، تقاسي في صمت، تتألم في صمت، تناضل في صمت، وتموت في صمت، قلما يجد الواحد منهم شروطا ذاتية أو موضوعية للتعبير عن آماله وإيصال آلامه.

وقد كتبت هذا النداء نيابة عن كل أولائك السالكين درب الموت في صمت. فليتحمل كل من يصله هذا النداء مسؤوليته. وإن وطنا لا يحترم كرامة وحياة أبنائه لا يستحق أن يعاش فيه، لأنه وطن لا مكان فيه إلا للأموات.

الصحفي والحقوقي مصطفى الحسناوي.

من سجن الموت: السجن المركزي بالقنيطرة. 

الجمعة 06 شتنبر 2013م”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M