عادات سيئة في تنظيم الحفلات

07 فبراير 2015 14:45
عادات سيئة في تنظيم الحفلات

عادات سيئة في تنظيم الحفلات

عبد الرحيم بنجلون

هوية بريس – السبت 07 فبراير 2015

أصبح من الطبيعي خلال السنوات الأخيرة في كثير من مناطق المغرب الرجوع في وقت متأخر من حفلات الزفاف والعقيقة وغيرها، يصل في بعض الأحيان إلى الساعة الواحدة ليلاً (وعند بعض العائلات إلى حين أذان الفجر لليوم الموالي)، والسؤال المطروح هل مشاركة الآخرين فرحهم وسعادتهم تتطلب السهر والإرهاق حتى ساعات الصباح الأولى؟!

فالمدعوون يبقون في الحفل حتى الساعة الواحدة ليلاً، ليذهبوا إلى منازلهم بعد الانتهاء من تناول وجبة دسمة، في الغالب لحم ودجاج وفواكه، طعام العشاء هذا في أكثر الأحيان لا يقدم إلا في الساعة الثانية عشرة ليلاً، وأرى أن هذا من العادات السيئة التي ابتليت بها كثير من المناطق في المغرب، وذلك لما فيها من مخالفة لمقاصد الشريعة وقواعد الصحة، أضف إلى ذلك ما يكون في الغالب من إيذاء لجيران صاحب الحفل وإزعاجهم، إلى وقت متأخر من الليل بمكبرات الصوت.

ومن أوجه الاستدلال على أن تأخير حفلات المناسبات حتى ساعة متأخرة من الليل من العادات السيئة ما يلي:

أولاً: السهر في هذه الحفلات يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن الحديث بعد صلاة العشاء كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، وحتى الفقهاء الذين تحدثوا عن جواز سمر المضيف مع ضيوفه بعد العشاء ربطوه بحاجة الضيف للمؤانسة وحرصه عليها، وهي غير موجودة في حالة الولائم، بل عكسها هو الذي يرضاه المدعو، والسمر والمؤانسة تكون لأجل الضيوف، وليس لأجل المضيف، وفي حدود قاعدة لا ضرر ولا ضرار.

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياك والسهر بعد هدأة الليل، فإنكم لا تدرون ما يأتي الله من خلقه)) أورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.

ثانيًا: أن من آثار السهر وأضراره في مثل هذه المناسبات، إضاعة صلاة الفجر أو تفويتها من طرف كثير من المدعوين، وقد جاء الوعيد الشديد للذي ينام عن الصلاة المكتوبة، ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرؤيا الطويل قال: ((أما الذي يثلغ رأسه -أي: يكسر ويشج- بالحجر فإنه يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة)).

وقد أنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الذي أحيا الليل بالصلاة ثم غلبته عيناه ونام عن الصلاة المكتوبة، أي: عن صلاة الفجر، وقال عمر له: (لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إليّ من أن أقوم ليلة) أخرجه مالك في الموطأ. هذا يقال فيمن قام الليل فكيف بمن أسهر ليله على حفل .

ثالثا: ومن آثار السهر وأضراره أنه يخالف السنة الكونية الإلهية، فالله قد جعل الليل للنوم والراحة، وجعل النهار للانتشار وطلب الرزق، قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا[الفرقان:47].

وأن من آثار السهر الصحية، أضراره على صحة الإنسان إنما هو تفسير وتوضيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا السهر جهد وثقل)) رواه الدارمي وصححه الألباني.

رابعا: لا يخفى ضرر تناول وجبة العشاء على المعدة في وقت متأخر من الليل، فالأطباء ينصحون بتناول وجبة العشاء مبكرا قبل النوم بفترة كافية لا تقل عن ساعتين، فكيف بمن تناول عشاء دسما في الثانية عشرة ليلا، أن يزيد ساعتين ثم ينام؟

خامسا: أن بعض المدعوين لمثل هذه الحفلات لا تساعده الظروف لسبب أو لآخر البقاء حتى حين وقت تناول العشاء، فتظهر عليهم ملامح الضجر والضيق، ولا غرابة في ذلك، لان طبيعة وفطرة الجسم تميل للهدوء والسكينة بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً، فيخرج المدعو من المناسبة وهو محرج، وربما سبب الحرج لأهل الحفل.

سادسا: أن من الآداب التي يجب أن يراعيها المضيف مع ضيوفه تعجيل الطعام، لأن ذلك من إكرام الضيف، قال حاتم الأصم العجلة من الشيطان إلا خمسة، فإنها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إطعام الضيف، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنبابن حبان: روضة العقلاء ص:117.

سابعا: إزعاج أهل الحي، وخاصة الجيران القريبين من بيت الحفل، بسبب ضرر أصوات الحفل الذي يمتد في كثير من الأحيان حتى الواحدة ليلا.

فما هي أبرز المقترحات لتجاوز هذه العادات السيئة؟؟

– تنظيم الحفلات بالنهار بدل الليل: فالنهار جعله الله تعالى للحركة، وتناول وجبة الغذاء في الحفل يستفيد منه البدن، وتعقبه حركة ومشي تساعد في هضمه…

– تحديد الوقت: ضرورة الحد من تأخير السهر في حفلات الزواج والعقيقة وغيرها.. إذا كان تنظيمها ليلا لأجل ضرورة ما، لينتهي الحفل في الساعة الحادية عشرة ليلا كحد أعلى، ويمكن ذلك من خلال تضمين دعوات الحفل برنامج فقراته.

– التأكيد على وقت تناول وجبة الطعام: وإشاعة أهمية الالتزام بالوقت، وتجنب إحراج المدعو بالتأخر، لأن صاحب الحفل قد يكون أعد الطعام في الوقت المضبوط، لكن تأخر عدد كبير من الناس يمنعه من تقديم الطعام، لما في ذلك من ضرر مادي ومعنوي. وينبغي تأكيد أهمية الالتزام بالوقت خاصة بالنسبة للنساء اللاتي تكون عندهن الدعوة للغذاء فلا يحضرن إلا بعد صلاة المغرب، وقد يتسببن في تأخير الرجال إن كان الحفل مقسم بين الرجال والنساء…

– تحسيس ممول الحفلة (أو المكلفين بإعداد الطعام من الأهل) مسبقا، بضرورة الالتزام بتقديم وجبة العشاء في الوقت المتفق عليه، وأخذهم الوقت الكافي ليكونوا في الموعد .

– مطالبة السلطات المحلية بسن أو تفعيل قانون منع استعمال مكبرات الصوت في الحفلات بعد الحادية عشرة ليلا كما هو معمول به في بعض المدن.

وأرى أنه أفضل طريقة للحد من هذه الظاهرة هي أن يكتب في بطاقة الدعوة، أو رسالتها، فقرات برنامج الحفل مع تحديد ساعة بدايته ونهايته.

على سبيل المثال: يبدأ الحفل في الساعة السابعة مساءً، مع ذكر فقرات الحفل (الافتتاح بالقران الكريم، أمداح وأشعار، كلمة بالمناسبة، وجبة العشاء، أمداح وأشعار، قراءة قرآنية، دعاء الختم)، مع التنصيص مثلا على أن تناول العشاء في الساعة التاسعة ليلاً (ليكون العشاء في وقت معقول) ولا مانع من استمرار الحفل بعد العشاء إلى حدود الحادية عشرة ليلا، ففي هذه الحالة، المدعوون مخيرين بالبقاء أو الانصراف.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M