أهذه دولة أم عصابة؟!!

11 فبراير 2015 22:39
أهذه دولة أم عصابة؟!!

أهذه دولة أم عصابة؟!!

د. رشيد نافع

هوية بريس – الأربعاء 11 فبراير 2015

تنظيم الدولة في سورية والعراق خليط لا يستوعب العالم والعاقل مبادئها إن كان لها مبادئ.. فقد استباح الدماء وادعى الكمال، كما كفر الكثير من أهل السنة والجماعة وكل من تجرأ منهم وخالفها أو رفض مبايعتها والوقوف تحت رايتها الملوثة بدماء الأبرياء، هؤلاء اغتصبوا الحقوق جاعلين من أنفسهم آلهة يحرمون ويحللون… هم لا يعرفون إلا طريقا واحدا، ألا وهو سفك المزيد من الدماء، هؤلاء صافحوا النظام السوري والعراقي وادعوا خلاف ذلك.

القضية المطروحة هنا ليست “داعش” أو ما يسمى “الدولة” فقط، بل من تتلاعب وتلاعبت بهم هذه الجماعة المارقة كما وصفهم الأستاذ الدكتور “عبد العزيز بن فوزان الفوزان” القضية تتعلق بشعارات إسلامية اتخذتها “داعش”، وهي أبعد ما تكون عنها.. منها، وإليها.

“إن ما يسمى تنظيم (الدولة قد وقع في العديد من المخالفات -وهي منشورة من أقوالهم، ومتواترة من أفعالهم- التي تقتضي الحكم عليهم بأنهم خوارج منحرفون عن المنهج النبوي، وهاك بعضها:

أولا: الحكم على بلاد المسلمين بأنها بلاد كفرٍ وردة، وإيجاب الهجرة منها إلى مناطق سيطرتهم ونفوذهم.

ثانيا: الحكم على من خالفهم بالكفر والردة، ووصفهم بالصحوات، ورميهم بالخيانة والعمالة للكفار، بالشُّبه، وبما ليس كفرًا أصلاً، كالتعامل مع الحكومات والأنظمة الأخرى واللقاء بمسؤوليها.

ثالثا: استحلالهم قتال من خالفهم في منهجهم، أو رفض الخضوع لدولتهم الموهومة، فأعملوا في المسلمين خطفًا، وغدرًا، وسجنًا، وقتلًا، وتعذيبًا، وذبحا وحرقا وأرسلوا مفخخاتهم لمقرات السنة المجاهدين، فقتلوا من رؤوس الناس من المجاهدين، والقضاة والعلماء والدعاة والإعلاميين، والنشطاء والشيوخ والنساء والأطفال ما لم يستطع النظامان الطائفيان في العراق وسوريا فعله، وقاتلوا المسلمين بما لم يقاتلوا به الأعداء، وجميع ذلك يصدق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ» (متفق عليه).

لا يحترمون الموتى إذ لا يتورعون عن اللعب بجثث قتلاهم، فيعمدون إلى تصوير أنفسهم وهم يرفعون الرؤوس التي عمدوا إلى فصلها عن أجسادها ظلما وبهتانا.. تارة من رقابهم، وتارة من شعورهم..

رابعا: استحلال أخذ أموال المسلمين بحجة قتال الجماعات المنحرفة، ومصادرتها دون وجه حق، واحتكار موارد الدخل العامة من آبار نفط وصوامع غلال وغيرها، والتصرف فيها كتصرف الحاكم المتمكن.

خامسا: الخروج عن جماعة المسلمين، وحصر الحق في منهجهم، والحكم على جميع من يخالفهم في الفكر أو المشروع بالعداء للدين، وآخر ذلك ادعاؤهم (الخلافة الدموية)، وإيجاب بيعتهم على جميع المسلمين.

سادسا: ليس فيهم علماء معروفون مشهود لهم عند المسلمين، كما قال ابن عباس رضي الله عنه لأسلافهم من الخوارج: “أتيتُكُم من عندِ صحَابَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، مِنَ المهاجِرينَ والأنصارِ، وفيهِم أُنزِلَ، ولَيسَ فيكُم منهُم أحَدٌ(أخرجه الحاكم)، فغالبهم من صغار السنِّ الذين تغلب عليهم الخِفَّة والاستعجال والحماس، وقصر النظر والإدراك، مع ضيق الأفق وعدم البصيرة، فهم كما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: «حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ»، وقد أثر غياب أهل العلم والحكمة على تصرفاتهم فوقعوا في السفاهة والطيش، وعدم النظر لمآلات الأمور وعواقبها، وما تجره على المسلمين من ويلات ودمار، بزعم الصدع بكلمة الحق أو التوكل على الله.

سابعا: وجميع ذلك يدفعهم إلى الغرور والتَّعالي على المسلمين، فقد زعموا أنهم وحدهم المجاهدون في سبيل الله، والعارفون لسنن الله في الجهاد؛ لذا فإنهم يُكثرون من التفاخر بما قدموه وما فعلوه! قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الخوارج: «إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ، حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ النَّاسُ، وَتُعْجِبَهُمْ نُفُوسُهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ» (رواه أحمد).

وهذا الغرور هو الذي يدفعهم للتطاول على أهل العلم والحكمة، وعدم الأخذ بكلامهم، فيدعون العلم والفهم، ويواجهون الأحداث الجسام، بلا تجربة ولا رَوية، ويرفضون التحاكم لمحاكم مستقلة فيما شجر بينهم وبين الفصائل الأخرى، كما أنهم ناصروا النظام المعتدي ضد المجاهدين في القتال والحصار، وأظهروا الفرح بانكسار المجاهدين أمام النظام، واستيلائه على مقراتهم، حتى لم يعد بعيدا ما يظن من دخول أعداء الإسلام واستخبارات بعض الدول في صفوفهم، يضربون بهم المجاهدين ويحققون ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب المباشرة.

فاجتمع في تنظيم (الدولة) من الشر ما لم يجتمع في غيره من الخوارج من قبل، من الاجتماع على الباطل، والامتناع من الانقياد للحق والمحاكم الشرعية، والكذب، والغدر، والخيانة، ونقض العهود، وممالأة أعداء الإسلام، حتى صاروا أخطر على المسلمين والمجاهدين من النظام النصيري الطائفي، وفاقوا الخوارج الأولين شرًا وسوءًا وانحرافًا”.

سنة الله في الخوارج

يقول التابعي العالم الجليل وهب بن منبه اليماني رحمه الله:

إني قد أدركت صدر الإسلام، فوالله ما كانت للخوارج جماعة قط؛ إلا فرقها الله على شر حالاتهم، وما أظهر أحد منهم رأيه قط؛ إلا ضرب الله عنقه، وما اجتمعت الأمة على رجل قط من الخوارج .

ولو أمكن الله الخوارج من رأيهم لفسدت الأرض، وقُطعت السبل، وقُطع الحج من بيت الله الحرام، وإذن لعاد أمر الإسلام جاهلية، حتى يعود الناس يستغيثون برؤوس الجبال، كما كانوا في الجاهلية، وإذن لقام أكثر من عشرة أو عشرين رجلا ليس منهم رجل إلا وهو يدعو إلى نفسه بالخلافة، ومع كل رجل منهم أكثر من عشرة آلاف، يقاتل بعضهم بعضا، ويشهد بعضهم على بعض بالكفر، حتى يصبح الرجل المؤمن خائفا على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله، لا يدري أين يسلك، أو مع من يكون(أخرجه ابن عساكر في “تاريخ دمشق”، بإسناد صحيح).

وختاما فإن من جهل “داعش” الذريع أنها تستدل بكلام ابن تيمية الوارد في التمثيل بقتلى الكفار الذين مثّلوا بالمسلمين على تحريق الطيّار حيًّا!!

وهل تحريق الحيّ -قصاصًا كان أو قتلًا- يُسمى مثلة؟!

فاستدلال “داعش” بمسألة المثلة على فعلهم من أدل الأدلة على جهل القوم بالفقه، بل حتى بربط المسألة بدليل صالح عقلًا..

والعجبْ أنّ بعض طلبة العلم شُغلوا -إثر تحريق “داعش”- ببحث مسألة التحريق قصاصًا؛ مع أن “داعش” لم تستند إلى هذا أصلا، بل نصّت في فتواها على علة أخرى للتحريق!

فهل من العقل أن يلتمس المرء للمجرم وجها شرعيّا لم يعتمده، بل اعتمد غيره؟!

والواجب يحتم تعاون علمائنا الأفاضل وتوضيح حقيقة هذه الجماعة وأمثالها.. وعلماؤنا أهل لهذه المهمة العقدية ابتداء والأمنية انتهاء، فبعض شبابنا قد ينخدع بهم، فرسائلهم الملغمة بالكذب قد تخترق الأسوار والحدود من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الجماعة من الخطورة بمكان، فمع بداية ظهور هذه الجماعة انخدع بهم بعض العلماء الأفاضل الذين سرعان ما رجعوا عن موقفهم مظهرين تهافت مذهبهم بحمد الله.. فإن اختلط أمرهم على هؤلاء والتبس.. فكيف سيكون حال شبابنا الغض معهم؟!!

والحمد لله بدأ الكثير من المبايعين بالانفضاض عنهم بعدما تبين لهم زيف الخلافة الوهمية فلم يسلموا من بطشهم.

ألا يكفي المضطهدين والمشردين من أهل سورية والعراق ظلم بشار وشبيحته والمالكي والعبادي وأعوانهم القادمون من إيران ولبنان، ليخرج عليهم من كان يفترض أنه معهم يدافع عنهم..؟!!

والحمد لله ربّ العالمين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M