«أشباح» بلا حدود

11 فبراير 2015 12:56
«أشباح» بلا حدود

«أشباح» بلا حدود

مسرور المراكشي

هوية بريس – الأربعاء 11 فبراير 2015

قد يعتقد البعض أننا بصدد تحليل فيلم سينمائي “هتشكوكي” حول “الأشباح” لكننا في الحقيقة بصدد تحليل ظاهرة خطيرة تنخر مقدرات الدولة المالية دون وجه حق، إذن فالأمر جد وليس بهزل نبتغي من خلاله تسلية المتلقي بحكايات “ألف ليلة أو ليلة” أو حكايات “شمهاروش وجنوده”، فهذا واقع ملموس تكتوي به ميزانية الدولة المغربية كل حين، إذن فمن هم الموظفين الأشباح؟ وهل هناك إحصائيات جادة لعددهم والأموال التي نهبوها؟ وما هو الحل المقترح للتخلص من فسادهم؟ و هل هناك موظفون “أشباح” أصلا أم أن الأمر مجرد خيال “علمي” لا غير؟

لقد قامت الحكومة الحالية بمحاولات للحد من خسائر هذه “الكائنات”، ففي سنة2012 تم ضبط 757 موظف “شبح” وفي سنة 2013 تراجع الرقم إلى 750 “موظف “شبح”، ثم إلى رقم قياسي مقارنة بالسنتين المنصرمتين حيث بلغ عدد “الأشباح” الموقوفين 800 في سنة2014.

ونعتقد أن الأمر لازال في بدايته فهذا غيض من فيض “والحبل على الجرار” كما يقول المثل، ففي نظري يجب إحصاء دقيق للسادة “الأشباح” المحترمين، وعدم الاكتفاء بالإحصاء العادي للسكان كل10سنوات ، وعلى كل القطاعات والوزارات تحمل المسؤولية كاملة، وضبط موظفيها دون حسابات سياسوية ضيقة من قبيل”هذا من جهتنا أو ديالنا..”، فليتقوا الله في أموال الشعب المغربي المفقر، وكل من يأخذ أجر دون تقديم خدمة مقابل ذلك الأجر فهو مصاص دماء الكادحين.

 إن الدول المتقدمة لم تبلغ تلك الدرجة من الرقي اعتباطا، فهي تكافئ كل من يقدم مجهودا ماديا أو معنويا في سبيل ازدهارها، لقد تقدمت الدول الغربية ودول الشرق الأقصى كالصين واليابان، بعد تقديسهم للعمل وطبقوا معادلة “كل عمل له مقابل” وبمفهوم المخالفة من لا يعمل ليس له أجر، أما في الدول المتخلفة فهناك معادلة أخرى: “أخدم يا التاعس من سعد الناعس”، يعني أن هناك من يكدح ويشقى وآخر يأخذ المقابل ويجني ثمرة جهد الآخر وهو في فراشه الدافئ. عجبا كيف يستسيغ البعض المواظبة على استخلاص أجر في آخر الشهر، وهو يعلم أنه لم يقدم شيء يستحق عليه أخذ تلك الأموال، في الحقيقة “الله يعطينا أوجاهكم”.

 لقد استفزني تصريح الناشطة مليكة مزان وهي تعترف على صفحتها بالفيسبوك فيما أسمته بالتحدي: “أنها موظف شبح.. لعدة سنوات تأخذ أموال دون عمل..”، وطالبت الدولة بمحاكمتها واستخلاص الأموال التي أخذتها، لقد قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: “..إذا لم تستح فاصنع ما شئت“، كما أن هناك العديد من الموظفين “الأشباح” وفي كل التخصصات و”الحمد لله”، ففي الميدان الفني هناك “شبح” يتقن دور المحقق في الأفلام “البوليسية” “وجه قاسح”، وفي التعليم والرياضة، وكذلك موظفون “أشباح” بمجلس النواب، المهم سرقة الأموال في وضح النهار دون وخز الضمير أو “نغز..”، فالأمر استفحل وأصبح أكبر من إمكانات الحكومة، فلابد من وحدة وطنية “تفطم” هذه العصابة، لقد أصبح عندهم الأمر مكتسب، لقد تفوق الغرب علينا في الصناعة الحربية، فكانت له طائرات “الشبح” وغواصات “الشبح” وربما وصل إلى صناعة بوارج “شبح”، ولحسن حظنا أننا حققنا توازن في الموارد البشرية، حيث عندنا مهندس “شبح”، ومدرس “شبح”، وطبيب “شبح”، ونائب “شبح”، وقد نصل بعد مجهود مشكور إلى بلدية “شبح”.

 مقترح مهم للإخوة الموظفين “الأشباح” المحترمين: “قوموا بتأسيس جمعية “أشباح بلا حدود” على غرار أطباء بلا حدود، مع نادي “الأشباح المتحدين” وكذلك جمعية الرحلات السياحية “للأشباح المستقلين”، فأنتم في الأخير مغاربة لكم ما علينا وعليكم ما علينا، طبعا مع استثناء بسيط يعفيكم من الحضور للعمل بسبب شخصيتكم “الشبح”.

إن المغاربة عندما يسمعون أو يشعرون بحضور “الأشباح” تلقائيا يسارعون إلى قول: “باسم الله الرحمان الرحيم”، ثم هناك من يقرأ المعوذتين، والأمي الجاهل يقرع الحديد ويقول “اسكوكو” أو “التسليم “أشمهروش”، لكن الموظف “الشبح” قد يختفي تلقائيا في أوقات العمل دون “جاوي” و بخور، لكنه لن يغيب حتما في آخر الشهر، أي وقت استخلاص الأجر “الماندة”، وهو مستعد أن يستظهر معك 60 حزب من القرآن، ويمكنه استظهار البخاري وسنن أبي داود، إنه نسخة مطورة ومنقحة من الجن والشياطين.

 أبالمعطي أش ظهر ليك في الموظفين “الأشباح”؟ اولدي الله يعطينا أو جاهم..

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M