دة. حنان الإدريسي: الإجهاض عنف ضد المرأة وتقنينه سيزيد من حالاته

03 أبريل 2015 20:06
دة. حنان الإدريسي: الإجهاض عنف ضد المرأة وتقنينه سيزيد من حالاته

دة. حنان الإدريسي: الإجهاض عنف ضد المرأة وتقنينه سيزيد من حالاته

حاورها: نبيل غزال

هوية بريس – الجمعة 03 أبريل 2015

ما تقييمكم للحجج التي يدلي بها دعاة الإجهاض؟

خطاب دعاة الإجهاض به العديد من المغالطات وعلى الإعلام أن ينقل الخطابين، وأريد أن أؤكد ها ههنا على حق الجنين في الحياة، فإن رأيتم جنين عمره 42 يوما وطوله 11 ملم يعني تقريبا سنتمتر، والذي كان في زمن مضى المرأة تسقطه ولا يظهر لها إلا الدم ولا تظهر لها صورة إنسان، فاليوم التلفزة Echographie توضح أن السنتمتر هي معالم إنسان برأس ويدين وقدمين، وعنده ملامح خاصة به، يحمل شفرة جينية خاصة، وبصمة وراثية خاصة أيضا، ينمو ويتطور بطريقة عجيبة تتجلى فيها معاني الإعجاز العلمي، فعلينا أن نفكر مليا قبل أن نتقدم بهذا المجتمع لمآلات خطيرة جدا.

فعند 21 يوم من حياة الجنين، أي أن المرأة عنها تأخر الحيض بخمسة أيام أو أسبوع، فدقات قلب الجنين موجودة، ومعنى ذلك تواجد حياة، والاعتداء على الحياة يعني عملية قتل.

هل الإجهاض السري يؤدي إلى وفيات الأمهات؟

هذه مغالطة كبيرة جدا؛ وسأعطي نموذجا من روسيا مثلا، فهي من أول الدول التي قننته، لكن رغم ذلك فسبة الوفيات المرتبطة بالمرأة الحامل 67 من 100.000 ولادة، الولايات المتحدة التي قننت الإجهاض في 1973 نسبة وفايات المرأة الحامل 17 وفاة في كل 100.000 ولادة، إيراندا التي لا تسمح بالإجهاض إلا في حالات الخطر وإقبال المرأة على الانتحار؛ عندها أقل نسبة الوفيات المرتبطة بالحمل، ولديها 5 حالات في كل 100.000 ولادة. بولونيا أيضا من الدول التي تمنع الإجهاض لديها 13 وفاة في كل 100.000 ولادة.

ماذا تعني هاته الأرقام؟

تعني أن الدول التي تمنع الإجهاض لديها حالات وفيات قليلة مقبل من تبيحه.

الرسالة التي أريد إيصالها أن وفيات الأمهات ليس لديها علاقة بتقنين الإجهاض أو عدم تقنينه، وإنما هي مرتبطة بجودة الخدمات الصحية المقدمة للمرأة الحامل أو عند الولادة.

ولنكن صرحاء، في المغرب المشكل عندنا أساسا في نوعية الخدمات المقدمة، لدينا إشكال كبير في نقص الأطباء والممرضين، ولنتلفت إلى العالم القروي لنرى لماذا تموت المرأة القروية، إنها تموت لعدم توفر مراكز ولادة وخدمات طبية، ولا تتوفر على سهولة ولوج المستشفيات، تموت على حمار نتيجة نزيف أو تعفنات..

 فالدول التي انخفضت عندها نسبة وفيات الأمهات المرتبطة بالحمل سبب ذلك راجع إلى جودة الخدمات الطبية، أم المغرب فلا زال يعاني مشاكل كثيرة في هذا المجال، وإذا وسع تقنين الإجهاض فسترتفع حدة مشاكل المطروحة في هذا المجال.

 في 1989 نسبة الوفيات المرتبطة بالإجهاض في الشيلي 10 وفيات في كل 100.000 ولادة، في 2007 انخفضت إلى 0,83، فالنسبة انخفضت لأن جودة الخدمات الطبية ترقت وتطورت، وهذا ما يجب أن يكون أولوية ونشتغل عليه. أن تلد المرأة في ظروف حسنة، أن نوفر لها على أطباء أكفاء في البادية والقرية.

في 1992 سجل المغرب 332 وفاة في كل 100.000 ولادة، وفي سنة 2011 انحفضت إلى 112 بسبب المجهودات الكبيرة لتطوير الخدمات الصحية، عندنا هدف الوصول إلى 50 حالة في 2016 في كل 100.000 ولادة.

 وبرنامج العمل الذي وضعته وزارة الصحة يؤكد الاشتغال على مراقبة الحمل على الوسائل على الإمكانيات على سهولة الولوج؛ هذا ما يجب أن نقوله بوضوح ولا يجب أن نربط المسألة بتقنين الإجهاض.

لماذا تعارضون ما يسمى بـ«الإجهاض الآمن» للمرأة؟

 ليس هناك ما يسمى بالإجهاض الآمن للمرأة، كل إجهاض يعتبر عنفا ضد المرأة، عنف جسدي، وعنف نفسي، وسأعطيكم معطيات توضح أن المرأة المجهضة تزيد مصاعبها الجسدية والنفسية.

الإجهاض سواء كان جراحيا أو غير جراحي، بالأدوية أو بالشفط، عنده مضاعفات على المدى القريب والبعيد، على المستوى الجسدي والنفسي أيضا، والمجهضة تعرض نفسها للنزيف أو التعفن والتأثير على ولادتها في المستقبل، وقد تحدث آلة الإجهاض ثقبا في عنق الرحم أو الرحم، وقد تصل حالتها إلى الإنعاش، هناك نساء تعرضن لثقب على مستوى الأمعاء؛ وهذا خطير جدا.

كما أن عمليات الإجهاض تأثر على عمليات الحمل في المستقبل، فتلد الحامل مولودها قبل الوقت المحدد، وقد تتعرض لعقم نهائيا، حيث أكدت دراسات أن نساء اللائي يعانين العقم 50 في المائة منهن قمن بعمليات إجهاض في وقت سابق.

وبسبب الإجهاض قد يقع حمل المرأة خارج الرحم grossesse extra uterine، فحين يقع تعفن تغلق قنوات فالوب فيقع الحمل المقبل خارج الرحم.

فالأمر خطير، وقد أثبت دراسات كثيرة العلاقة بين الإجهاض وسرطان الثدي أيضا، فلما نوقف الحمل بعملية إجهاض هذا يترك مثبوتا أن هناك خلايا سرطانية.

وبالمناسبة؛ ما يُروَّج للإجهاض الدوائي غير آمن أيضا، وقد أثبتت دراسات ذلك، وخصوصا على المدى القريب، فهو أكبر خطرا من الإجهاض الجراحي بالنسبة للنزيف والتعفن.

أما فيما يخص المعاناة النفسية للمرأة المجهض فهي معرضة للمرض النفسي بنسبة 81 في المائة، وللقلق والتوتر والاكتئاب، وقد يصل الأمر إلى تعاطي المخدرات والانتحار.

وفي فنلندا مثلا نسبة الانتحار عند المرأة المجهضة تفوق ست مرات أخريات لم يقدمن عليه. فالإجهاض خطر على صحة المرأة ولا وجود طبيا لإجهاض آمن.

ما صحة الأرقام التي تدلي بها بعض الجمعيات بخصوص عمليات الإجهاض في المغرب؟

 يجب أن نكون علميين في التعامل مع الأرقام، ليس هناك دراسة تؤكد أن تلك الأرقام حقيقية، أنا لا أكَذِّب ولا أصدق، فهناك دكتور باحث في أمريكا يدعى برنار نطنسن كان من المجهضين الكبار وقد فضح في مجلة أنه تلاعب بالأرقام المعلنة، وعوض التصريح بـ100.000 حالة إجهاض سري أعنوا عن وجود مليون حالة، كما أخبر بأن 60% من الأمريكيين مع تقننين الإجهاض والرقم كان غلوطا أيضا.

هذا تصريح الدكتور الأمريكي وهو منشور على الإنترنت، وقد أخبر نطنسن أن التلاعب بالأرقام معروف على دعاة تقنين الإجهاض.

«جان رو» التي ترافعت في أمريكا عن الحق في تقنين الإجهاض؛ رجعت عن موقفها، وهي منذ سنوات تناضل ضد الإجهاض وتدافع عن حق الجنين في الحياة، واعترفت أنها كانت تحت تأثير لوبي لتقنين الإجهاض.

فإذا أردنا الاستفادة فعلينا أن نستخلص العبرة من تجارب سابقة لدول قننت الإجهاض ثم رجعت عن ذلك فيما بعد، ففي فرنسا فمدير l’INED يتحدث في مجلة ويقول الأرقام التي تم اعتمادها في الأول والتي بلغت 300.000 كانت مغلوطة، لأنه تم اعتماد الوفيات ككل؛ وليس الوفيات الناجمة عن عمليات إجهاض، ولما تمت مراجعة الأرقام وجدوا 50.000 حالة في 1975.

هل توافقين بأن تقنين الإجهاض يخفض من حالاته؟

بل تقنين الإجهاض يزيد من حالاته لأن الناس ستتشجع أكثر، والدول التي قننت الإجهاض كأمريكا في 1973 كانت نسبة الإجهاض 120.000 حالة، والآن مليون ونصف حالة، وفي فرنسا كان من قبل 1975 الرقم الحقيقي 50.000 إلى 80.000 والآن نتحدث عن 210.000 فعند تقنين الإجهاض فالعدد يرتفع.

في إفريقيا الجنوبية سنة 1996 رصدت 1600 حالة، وفي 2005 بلغت 85.621، وفي كبيك/كندا وفق هيئة الإحصاء سنة 1971 رصدت 1275 حالة وفي سنة 2010 بلغت 26.124 حالة إجهاض.

فبتقنين الإجهاض ترتفع حالاته لا العكس، فكل سنة يتم إجهاض 50 مليون جنين، ألا يعد هذا إعدام أمة بكاملها؟

وفق تخصصكم مَن أكثر النساء إقبالا على الإجهاض؟

وفق الأرقام التي يعلنها المطالبون بالإجهاض فأغلب من يقبل على عمليات الإجهاض إما امرأة عندها حمل غير مرغوب فيه، فـ42% من حالات الإجهاض سجلت في إطار العلاقات غير الشرعية (الزنا)، أو حالات أسرية تقبل الأمهات على الإجهاض لتنظيم النسل، وتشكل هذه النسبة 25% من مجموع الحالات، و6% أرامل أو مطلقات.

وإذا كانت عندنا ظاهرة الأمهات العازبات فيجب أن نكون واضحين، فالتقنين سيفتح الباب أمام من يربط علاقات غير شرعية للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه، وبالمناسبة في 2010 في فرنسا تم إحصاء 13.500 حالة إجهاض أجرتها فتيات قاصرات، لأنه وفق القانون الفرنسي فمن حق القاصر أن تجهض دون إذن الوالدين.

يذكر أن تقنين الإجهاض سيوفر الغطاء القانوني لتجارة الإجهاض؛ فما تعليقكم؟

تقنين الإجهاض سيوفر الغطاء القانوني للأطباء واللوبيات عديمي الضمير والتجار في دماء الأجنة، التي تجني أموالا طائلة من وراء عمليات الإجهاض السري التي يقومون بها بالعيادات الخاصة خارج القانون، ويتحرك الآن بغرض أن تكون هذه الممارسة محمية قانونا وبعيدة عن المساءلة القانونية.

القانون الموجود حاليا لا يطبق، في 2008-2009  هماك 82 ملف إجهاض الذي سجل في وزارة العدل، هذا والقانون صارم ويعتبر الإجهاض جريمة، أما إذا فتح الباب فمن سيراقب الأطباء الذين يجرون الإجهاض داخل مصحاتهم ولا تشمئز أنفسهم من تقطيع أيدي وأرجل الجنين بدم بارد؟

وخلفية القانون الحالي المجرم للإجهاض خلفية المحافظة على الأسرة، أما من يطالب بتقنين الإجهاض فلديهم خلفية الحرية الفردية وخلفية حرية تصرف المرأة في جسدها، وحقها في التصرف في جسدها وأن تفعل به ما تشاء، وكأنه زائدة دودية ستزيله.

ومن يطالب بتغيير القانون اليوم هم من دعوا إلى عدم تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج إذا كانت بالتراضي وهم من دعوا إلى حرية الإفطار في رمضان..

فيجب أن يتكلموا بوضوح ولا يتوارون وراء اختلاف فقهي هم لا يعيرون له اهتماما.

وماذا عن إجهاض الجنين في حالة التشوهات الخلقية؟

من يجب أن يتحدث عن تشوهات الجنين هو من يتوفر على طب جنين متطور، والإجهاض بسبب تشوه لدى الجنين يقتل حاسة البحث العلمي في الطبيب وبالتالي تطور طب الجنين، ثم يجب التأكيد أنه ليست كل التشوهات قاتلة. بل إن أغلبها قابل للعلاج، وبعضها يمكن علاجه داخل الرحم، وأمراض الجنين التي لا تزال مستعصية قد لا تكون كذلك غدا.

فالعلم يتطور بسرعة مذهلة. ولذلك فإن الإجهاض العمدي بسبب بعض التشوهات يهدد مستقبل البحث العلمي لأمراض النساء وتطور طب الجنين، والمتخصصين في المجال الطبي يؤكدون أن أكثر من 90 في المائة من الأجنة المشوهة تسقط تلقائيا فضلا ومنة من الله تعالى، ونسبة الخطأ في التشخيص.

هناك تشوهات في زمن مضى وجد لها حل اليوم، وهناك عمليات تجرى داخل بطن الأم، وهناك مقاربات متطورة جدا فيها طب الجنين والطب الجيني.

كما أن الكشف عن تشوهات الجنين يحتاج إلى إمكانيات عالية، فـEchographie التي نجريها لا تتيح الوقوف على تشوهات الجنين، وسمعت من متخصص فرنسي يتحدث عن l’Echographie التي تكشف عن التشوهات تحتاج إلى ساعة من الوقت، وكل طبيب يشتغل على عضو، فليست هي التلفزة التي نشتغل بها في المستشفيات والمصحات.

فالأمر يتطلب إمكانيات وتقنيات وكفاءات وتطور كبير على مستوى المختبرات والمصالح المختصة، فيجب أن تطور على هذه المستويات قبل أن نبحث عن التطور القانوني.

ونسبة الخطأ كبيرة في هذا المجال، وعدد من النساء أخبروا بأن عندهم تشوهات جنين ولما وضعن كان المولود صحيح معافى بحمد الله.

ما هي المقاربة الوقائية التي تقدمونها فيما يهم حالات الاغتصاب وغيرها؟

يجب أن نشتغل على الرفع من نسبة الوعي، عند الأطفال والشباب والنساء أيضا، من خلال التربية والتعليم، في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام

 كي نعمل جميعا على المحافظة على جسد المرأة الذي يعد أمانة تجب المحافظة عليه، فإذا تعرضت المرأة للاغتصاب أو زنا المحارم يجب أن نكسر الطابوهات، قبل أن نصل إلى الإجهاض الذي لا يعد حلا.

ومقاربة المغتصبة يجب أن تكون مقاربة تعود بالنفع على المرأة دون أن تضر بصحتها أو صحة الجنين، وذلك بإلزامية أخذ المغتصبة لثلاث أقراص منع الحمل فور الإبلاغ وفي الساعات 12 الاولى من الاغتصاب لتجنب وقوع إخصاب ومنع حدوث الحمل وذلك تحت طائلة المساءلة القانونية.

وإلزام الجهة الموكول لها التحقيق بالإشراف على تناول المغتصبة لهذه الاقراص تحت طائلة المسؤولية الشخصية مع تضمين محضر الشرطة بكون المغتصبة قد تناولت هذه الأقراص بحضور الجهة المعنية. مع العلم أن هذه الاقراص كوسيلة للحد تماما من حدوث الحمل بنسبة 100% عند 12 ساعة الاولى من وقوع الجريمة. وبنسبة 95% عند 24 ساعة الاولى من وقوع الجريمة ثم بنسبة 85% عند 72 ساعة الاولى من وقوع الجريمة.

ومشاكل المجتمع ينبغي أن ينظر لها بعمق؛ وذلك بتوعية المرأة بتنظيم النسل من خلال الوسائل المعروفة «حبوب منع الحمل وغيرها وعندما يقع الحمل يجب تقبل هذا الأمر ويجب معالجته بالمواكبة النفسية للمرأة وبالرضى بقضاء الله ومساعدة المجتمع»، وتقديم المساعدة النفسية اللازمة للمرأة الحامل في وضعية صعبة ومتابعتها خلال الحمل وبعد الوضع، وتسريع نظام الكفالة وتشجيع المجتمع على تطبيقه.

كما يجب تشديد العقوبة على المُغتَصب، وعلى الرجل الذي يساعد زوجته على القيام بعملية إجهاض، ويجب أن تكون العقوبات رادعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دة. حنان الإدريسي: طبيبة في طب الادمان ورئيسة الائتلاف الوطني للدفاع عن حق الجنين في الحياة؛ وعضو الجمعية المغربية للدفاع عن الحق في الحياة.

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M