حقيقة ما زرعته الحرب الأمريكية في العراق

26 مايو 2015 13:40
حقيقة ما زرعته الحرب الأمريكية في العراق

حقيقة ما زرعته الحرب الأمريكية في العراق

هوية بريس – متابعة

الثلاثاء 26 ماي 2015

عام 2003 أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش بدء الحرب على العراق، الآن بعد 13 عاما من الغزو وتجارب الفوضى الخلاقة لا يزال العراق في دوامة العنف.

عام 1997 في افتتاحية برنامج «لوجران إشيكيه» على قناة «فرانس 2» أعلن «زبيغنيو بريجنسكي»،السياسي الأميركي ومستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، بوضوح أنه في سبيل استمرار هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على مراكز القوى في الشرق الأوسط فإن عليها أن تسيطر على تطلعات وطموحات ممثلي الأنظمة في الشرق الأوسط.

بعد غزو الكويت وحرب التحالف ضد العراق في عهد صدام حسين في عام 1991، هذه الخطرات كانت معنية إلى حد كبير بمنع صدام حسين من فرض هيمنته على الساحة الإقليمية في الشرق الأوسط.

هذه الرؤية الجيوسياسية للعراق والدور المحوري الذي طمحت إليه بغداد في عهد صدام حسين يفسر انعدام الثقة المتزايد للولايات المتحدة في نظام صدام حسين، والتي تمت بلورتها بعد ذلك في الحرب عام 1991 و2003 بالإضافة إلى الغارات الجوية، عاصفة الصحراء، التي نفذتها الولايات المتحدة في العراق في الفترة بين غشت وسبتمبر 1996 .

في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 رأى بعض أعضاء إدارة «بوش»، منهم وزير الدفاع «دونالد رامسفيلد» ومساعده «بول وولفوتز» شن حرب ضد العراق، ومع إنعدام الصلة بين هجمات 11 سبتمبر والنظام العراقي يظهر أن غزو العراق جاء لدوافع جيوسياسية.

وبإلقاء نظرة موضوعية على خطوة الغزو نجد أنها كانت خطوة لضمان استمرار الهيمنة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط، كما جاء على لسان المحلل السياسي المختص بشئون الشرق الأوسط «فيليس بينيس» في تقرير كتبه بمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.

أما «زبيغنيو بريجنسكي» فقد قال: «توسيع السيطرة الأمريكية على الشرق الأوسط ، بالاعتماد على المركزية في السياسة الخارجية التي كان يتبعها بوش، اقتضي إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، ومن هذا المنظور فإنه يفترض سيطرة الولايات المتحدة على العراق».

الفوضى الخلاقة:

بالنسبة للأستاذة «ميريان بن رعد» أستاذ العلوم السياسية ومؤلفة كتاب «العراق، ثأر التاريخ من الاحتلال الأجنبي للدولة الإسلامية»، فرأت أن الولايات المتحدة اعتمدت مبدأ الفوضى الخلاقة التي تولدت عن سياسية الحرب الدائمة كسمة مركزية في الحرب على العراق.

المحافظون الجدد يقبلون على تولي أطروحة هنتنغتون حول «صدام الحضارات» وفوكوياما عن «نهاية التاريخ»، والاعتماد على الإطاحة بنظام صدام حسين من أجل انتصار الديمقراطية في الخطة السياسية واقتصاد السوق الحر.

وتقول «مريم بن رعد»: «من قلب سياسة الصدمة التي تم تطبيقها على العالم العربي تظهر مركزية النزاع العربي الإسرائيلي. بعد فشل عملية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يرى المحافظون الجدد أن هناك حاجة لتحويل منطقة الشرق الأوسط، ونقطة البداية لتحوله هي العراق. وبنظرة مستوحاة من الاتحاد السوفيتي السابق أدعو أن الديمقراطية الجديدة في العراق سوف تنتشر في جميع أنحاء العالم العربي، كمنطقة أخيرة تبدي مقاومة».

وكانت الخطة الثالثة لواشنطن هي تعزيز نفوذ معارضي نظام صدام حسين من الطائفة الشيعية، كوسيلة لقلب موازين القوى على غرار الثورة في إيران. وكانت التوقعات الأمريكية تدور حول أن تدعيم نفوذ شيعة العراق لصالح واشنطن سوف يضعف حتما النظام في طهران ويهدد بقاؤه «هذه الرؤية الأمريكية كان لها نتائج كارثية في زرع بذور عنف لا نهاية لها. والأمريكيون مسئولون عن زعزعة الاستقرار في العالم العربي التي بدأت بالعراق وانتهت مؤخرا بالعودة إلى قوى الاستبداد في شكلها الجامح» بحسب الباحثة.

الإجابة القوية:

في البداية دعمت الولايات المتحدة حكومة نوري المالكي وسياساته في تهميش سنة العراق. فقد كانت النظرية التي دعمها المحافظين الجدد في الأصل هي نظرية الصلة بين بن لادن وصدام حسين، فكانت استراتيجيتهم إضعاف المكون السني الذي يجسد بالنسبة لهم الإرهاب والاستبداد.

وتشرح مريم بن رعد دور المعارضة الشيعية في عملية تهميش السنة قائلة: «في البداية كان السنة هم دعاة القومية العراقية وذلك مع استيعاب النظام البعثي للسنة، إلا أن هذا الموقف تحطم تماما في الفلوجة عام 2004، كان يجب أن يكون هناك رد قوى، وتمثيل حكومي سني عادل».

وبعد قدوم نوري المالكي إلى السلطة ، وظهر منذ بداية توليه كرئيس وزراء ضعيف وتقول «بن رعد»: «لكن الأمريكيين لن يدركوا إلا أنه خيار استراتيجي، وسوف يتبنى نهج خصمه السابق صدام حسين منطق المستبدين ويشن حملة واسعة ضد السنة الذين طالبوا سلميا بإجراء إصلاحات سياسية».

هذه السياسية هي التي مهدت الطريق لظهور تنظيم الدولة الإسلامية، وبحسب «مريم بن رعد» فإن سوريا وفرت موارد إضافية للنخبة العراقية من القادة البعثيين القدامى الذين شكلوا وقادوا تنظيم الدولة الإسلامية.

ما هو الحل اليوم؟

بالرغم من التغيرات التي حدثت على الساحة الدولية إلا أن الفراغ الاستراتيجي الحاصل بعد انسحاب الأمريكيين ساهم في الحفاظ على ديناميات النزاع التي حدثت منذ بداية التدخل الأميركي في العراق.

في سياق آخر، حيث تطورت العلاقة بين القوى العالمية، لم يعد بإمكان الولايات المتحدة إدارة سياسة أحادية الجانب وفقا لمبادئها ومصالحها الخاصة. نهاية الحرب في العراق وسوريا لا يمكن أن تحدث إلا عن طريق التعاون بين القوى الإقليمية المتعارضة، ترى «مريم بن رعد» أن: «مع وجود الدول المجاورة المتورطة في سوريا والعراق في حروب بالوكالة لتفضيلها نظام بعينه يصعب الوصول إلى حل، الحل في أن نساعد هذه الدول بشكل مباشر على التعافي  والوقوف على هامش التدخل الإقليمي قدر الإمكان».

ـــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:

 http://www.lorientlejour.com/article/923122/ce-quont-reellement-seme-les-americains-en-irak.html

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M