قوانين الجماعات الترابية.. أي مستقبل في ظل «أمية» الرئيس؟

27 مايو 2015 16:01
قوانين الجماعات الترابية.. أي مستقبل في ظل «أمية» الرئيس؟

قوانين الجماعات الترابية.. أي مستقبل في ظل «أمية» الرئيس؟

أكاديميون وباحثون يضعون المشاريع الخاصة بالجماعات الترابية تحت مجهر التشريح

هوية بريس – المساء

الأربعاء 27 ماي 2015

نظم فريق البحث حول تقييم السياسات العمومية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسلا، أخيرا، بمقر الكلية يوما دراسيا حول موضوع: «مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية: أية حلول لتجاوز إشكالات التنظيم الترابي اللامركزي؟» حيث طرح السؤال حول مدى استجابة المشاريع المطروحة للنقاش لكل الهواجس والإشكالات العالقة والانتظارات المعبر عنها؟ وبالتالي إلى أي حد يمكن اعتبارها مدخلا لهندسة ترابية لامركزية جديدة تقطع بين عهد وآخر في مسار الإدارة الترابية المحلية ببلادنا؟

شكل هذا اليوم مناسبة للمساهمة في إغناء النقاش العمومي حول مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، وتم التركيز خلاله على مناقشة محاور متعددة، استطاع من خلالها المشاركون والمتدخلون الإجابة عن أسئلة آنية متشعبة ومتفرعة، وذلك انطلاقا من زوايا متعددة، حاولت الإحاطة بكل الجوانب المتعلقة بإشكالية التدبير الترابي والبحث عن أفق تطويره، انطلاقا من مناقشة كل ما جاءت به النصوص المضمنة بالمقتضيات الجديدة لمشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، عبر رصد نقط القوة فيها ومكامن الخلل.

أي حكامة مع «أمية» الرئيس؟

وقف خالد مبروكي، الأستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية، في تشريحه لوضعية رئيس الجماعة بين القانون الحالي ومشروع القانون التنظيمي للجماعات رقم 14-113 على المستجدات التي تضمنها مشروع القانون التنظيمي، محددا إياها في جملة نقط، منها مبدأ العلانية في انتخاب الرئيس وهي مسألة إيجابية -في نظره- كونها تؤسس لشفافية التحالفات وتضع حدا للمزايدات، في مقابل ذلك، تم تقزيم حالات التنافي التي اقتصرت على حالتين فقط، وهما المتعلقتان على التوالي بمهام رئاسة أو نائب رئيس جماعة ترابية أخرى أو غرفة مهنية.

كما سجل المتدخل ذاته عدم اشتراط مستوى تعليمي لتولي مهام الرئاسة، حيث طرح السؤال عن أي نوع من الحكامة أو التدبير الحر في ظل عدم وجود حد أدنى من التكوين. وانتبه أيضا إلى مسألة إثقال كاهل رئيس الجماعة باختصاصات جديدة في مجال الشرطة الإدارية، من قبيل مراقبة الملك العمومي واختصاص تنظيم ومراقبة نشاط الباعة المتجولين، سيما أن الرئيس لا يتوفر على وسائل الردع التي تتوفر لدى السلطة المحلية التي كان يرجع إليها هذا الاختصاص في الأصل. وفي السياق نفسه، انتقد خالد مبروكي مسألة الوصاية التي يرى أنها، وإن اختفى التنصيص عليها في المشروع بشكل واضح، فإنها أقحمت بشكل ذكي داخل ثنايا المشروع، حيث أن جل المقررات التي يتخذها الرئيس تخضع لرقابة العمال…

غلبة منطق التحكم والضبط المجالي

من جهته، رأى الدكتور نصير مكاوي، الإطار في غرفة التجارة والصناع بالمحمدية، أن الفلسفة التي تحكمت في إعداد مقتضيات مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، غلبت منطق التحكم وضبط المجال الترابي من طرف وزارة الداخلية، إذ جاءت اختصاصات العمالات والأقاليم في المشروع، فضفاضة وعامة ومتضاربة، مما يفتح المجال -في نظره- أمام كثرة التأويلات.

كما أن المقررات الكبرى لمجلس العمالة أو الإقليم (برنامج التنمية والميزانية..) لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد تأشيرة العامل، الشيء الذي يتيح التدخل الدائم للسلطات العمومية، وهو ما يتنافى مع مبدأ التدبير الحر، معتبرا أن هذه الوحدات بمثابة الجزء القليل الأهمية في البنية الإدارية الترابية، يبرز ذلك -حسبه- من خلال طريقة الانتخاب، والاختصاصات، وحجم الاعتمادات، بدليل تضخم مبدأ الوصاية وإمعان المشروع فيه، من خلال كثرة حالات التدخل (أكثر من 58 حالة)، وتعدد المتدخلين (العامل والوالي ووزارة الداخلية)، فضلا عن اعتقاده بكون الإحالات المتكررة على النصوص التنظيمية، تنبئ عن خلفية إعدادها على نار هادئة، بعيدا عن مناقشة ومراقبة البرلمان، وبالتالي تكريس عقلية الضبط والتحكم.

ترسيخ نظام المقاطعات

خصص رشيد لبكر أستاذ بكلية الحقوق بسلا، مداخلته للحديث عن إشكالية وحدة المدينة، مشيرا إلى أن المقتضيات الجديدة التي جاء بها مشروع القانون التنظيمي للجماعات، لم تحدث تغييرا كبيرا في بنية هذا النظام، الشيء الذي يدل – في نظره- على أن المشرع يرغب في حسم النقاش في هذا الخيار الذي كان محط انتقاد وصل إلى حد المطالبة بإلغائه.

وخلص الباحث إلى انتقادين اثنين، أولهما إبقاء المشروع على المقتضى الذي يحصر العمل بنظام المقاطعات في ست مدن وهي: الدار البيضاء، الرباط، سلا، مراكش، فاس، طنجة، مطالبا بضرورة الرجوع إلى معيار التعداد السكني الذي كان معمولا به بمقتضى ظهير 2002 لتصنيف المدن الكبرى وهو 500 ألف نسمة، على اعتبار أن إحصاء سنة 2014 الخاص بالسكان، قدم تصنيفا جديدا للمدن، صعدت بموجبه مدينة مكناس إلى مصاف المدن الكبرى بالمملكة بتعداد سكني يصل إلى 632 ألف نسمة، أي أنها فاقت تعداد سكان الرباط وهو 577 ألف سنة، فبأي منطق -يتساءل الباحث- يتم تمتيع الرباط بمجالس القرب أي المقاطعات، وتحرم منه مدينة في حجم مكناس، وبالتالي يطرح السؤال عن مدى قدرة مجلس جماعي واحد على إدارة شأن هذه المدينة

أما الانتقاد الثاني، فيتجلى في إبقاء المشرع على تسمية جماعات القرب بـ« المقاطعات» الشيء الذي كان قد ساهم -حسب الباحث- في إحداث ارتباك لدى المواطن في فهم واستيعاب خصوصيات هذه الوحدات الإدارية، على اعتبار أن المقاطعة ترسخت لدى المواطن باعتبارها جهاز المخزن بامتياز وليست جماعة منتخبة، وطالب بالتالي بضرورة العمل على تغيير هذه التسميات حتى تكون «المقاطعات» أكثر قربا وإحساسا من لدن المواطنين.

مشروع لا يضمن استقلالية الجهة

في تحليله لمضامين مشروع القانون التنظيمي رقم 111.14 الخاص بالجهة، رأى الشريف الغيوبي، الأستاذ بكلية الحقوق بسلا، أن المشروع ورغم توسيعه للصلاحيات التنفيذية للرئيس، فقد احتفظ بتدخل ممثلي السلطة المركزية في مهام الأجهزة التسييرية المنتخبة، والتي تتمظهر من خلال الحضور القوي للوالي ممثل وزارة الداخلية في بلورة وتنفيذ قرارات الرئيس ومقررات المجلس. وخلص إلى أن المشروع، ورغم تضمنه للعديد من المقتضيات التي استهدفت معالجة الاختلالات واللاتوازن بين سلطتي الرئيس والوالي، إلا أنه لم يصل إلى مستوى تجسيد استقلالية السلطة التنفيذية الجهوية. إذ أنه فتح المجال أمام الوالي لمتابعة كل صغيرة وكبيرة في مهام المجلس والرئيس في مجالات متعددة، كالنظام الداخلي، جدول الأعمال، الحضور الفاعل في دورات المجلس، طلب الاستفسار، الدورة الاستثنائية، توقيف المجلس… وهذا ما يعد -في نظر الشريف الغيوبي- تراجعا عن الطموح المعلن من قبل، داعيا بالتالي إلى ضرورة التخفيف من هذا الحضور، عن طريق إعطاء مزيد من الاستقلالية للجهة ورئيسها لتتحمل مسؤولية أعمالها أمام الناخبين بعد أن أصبحوا ينتخبون أعضاءها بكيفية مباشرة.

المعادلة الصعبة

في تقييمه للمستجدات التدبيرية التي جاءت بها مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، وقف محمد حيمود، الأستاذ بكلية الحقوق سلا، على الشق المالي منها، حيث أشار إلى أن رئيس مجلس العمالة أو الإقليم ورئيس الجهة سيصبحان آمران بصرف الميزانية الترابية، مع إعادة هيكلة الميزانية الترابية عبر تقديم النفقات داخل الأبواب في فصول منقسمة إلى برامج ومشاريع أو عمليات، وإعداد الآمر بالصرف لمشروع نجاعة الأداء المحتضن لأهداف البرامج ومؤشرات قياسها

كما أن النزاع حول شرعية المقررات والقرارات المالية تبت فيه المحكمة الإدارية، مع توسيع مجال التدقيق والتدقيق المالي وإمكانية تشكيل لجنة للتقصي والتنصيص على اعتماد الرقابة الذاتية (المراقبة الداخلية، الافتحاص، التقييم)، وتقوية آلية تصريف المعلومة والإخبار بها.

ورغم هذه المستجدات، إلا أن مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية تعتريها العديد من الثغرات منها عدم التمييز بين الجماعات الترابية في إعمال إجراءات التدبير العصرية، واختزال مضامين المبادئ الدستورية (مبدأ التدبير الحر، مبدأ التفريع،…) في مشروع قانون تنظيمي وحيد انعكس على جودة المحتويات والتفاصيل المحددة لهذه المضامين، عكس ما جاء في الفصل 146 من الدستور.

وسجل الأستاذ محمد حيمود غياب أية آلية، لاسيما بسند قانوني، لضبط عبارة الموارد الذاتية من حيث علاقتها بالموارد الإجمالية، كما أن المقررات والقرارات المالية لا تدخل حيز التنفيذ بمجرد اتخاذها، بل بعد التأشير عليها، مما يعني بأن المراقبة الإدارية هي بخلفية وصائية.

وشكل اختفاء الحساب الإداري كمحطة رقابية سواء في جوانبها السياسية أو القضائية إحدى النقط التي عكست غلبة السياسي على التدبيري، لأن الاختفاء شمل الوثيقة السياسية وليس الجانب الإداري منها، بل حتى عندما عبرت وزارة الداخلية عن تعويض ذلك بتدقيق سنوي، فهي اعترفت بالحاجة لمرحلة انتقالية بالنظر لعدد الجماعات الترابية (1503 جماعة، 75 عمالة وإقليم، 12 جهة).

هكذا يخلص الباحث، إلى أن أهم إشكالية تواجهها هذه المشاريع تتمثل في: كيفية حل المعادلة الصعبة المتمثلة في التطور المستمر للنص القانوني من جهة وشبه جمود للممارسة والفعل الترابي من جهة ثانية؟

التعاقد لتجاوز الأزمة بين المركز والمحيط

خصص خالد البهالي، الأستاذ بكلية الحقوق بأكادير، مداخلته للحديث عن البعد التعاقدي في مشروع القانون التنظيمي للجهات، باعتباره آلية حديثة لتجاوز أزمة علاقة المركز بالمحيط، ومن تم الارتقاء بالمحلي إلى مصاف الشريك الفعلي. وللوصول إلى هذا التطلع، اقترح الباحث ثلاث مقومات: مقوم التمكين الذاتي ويعني به قدرة الجهة على تملك مقومات الفعل والمبادرة والانجاز من خلال التقطيع الترابي الناجع والموارد المالية الملائمة…، مقوم التمكن السياسي ويقصد به تمتيع الجهات بأطر وقيادات محلية تتميز بكفاءة سياسية واحترافية في التعاطي مع الشأن المحلي.

أما المقوم الثالث فهو التعاقد الترابي، ومعناه تعزيز دور الجهة كإطار ترابي لتحقيق التجانس المجالي وتنسيق التدخلات بين مجموع الفاعلين الترابيين. ولتحديد شروط نجاح آلية التعاقد الترابي، خلص المتدخل إلى المبادئ التالية: التدبير الحر ويعني التأكيد على حرية الجهات في التعاقد بالاستناد على خمسة مرتكزات أساسية وهي: مجلس منتخب ذو صلاحيات فعلية ويتوفر على سلطة تنظيمية، استقلال مالي محصن بتدابير للمراقبة والتدقيق، قدرة تدبيرية على إبرام العقود، إقرار نظام داخلي خاص من أجل حفظ الشخصية الترابية، ضمانات قانونية وعملياتية للتحفيز على التعاقد، التطبيق الجيد لمبدأ التفريع القاضي بتكريس واقع التعاون الأفقي بين الجماعات ثم تحديد أمثل للصلاحيات عبر تجاوز العبارات الفضفاضة في تحديد الاختصاصات.

مشروع مخيب للآمال

تطرق عبد النبي اضريف، الأستاذ بكلية الحقوق سلا، لموضوع مدى تجاوز مشروع القانون التنظيمي للجهة لمشكل محدودية الموارد الجهوية، مؤكدا أن فشل التجربة الجهوية بالمغرب، فرض تعيين اللجنة الاستشارية للجهوية لرصد المعوقات واقتراح البدائل، وهي اللجنة التي جاءت أهم توصياتها مضمنة في دستور 2011، لكن، وفي الوقت الذي كان منتظرا من مشروع القانون التنظيمي للجهة تنزيل جميع هذه التوصيات، جاءت نصوصه -حسب الباحث- مخيبة للآمال، إذ رغم تنصيصه على الزيادة في الموارد من خلال الزيادة في نصيب الجهة من الضريبة على الشركات (5%)، ومن الضريبة على الدخل(5%)، ومن رسوم عقود التأمين (20%)، فإن الأمر، وبالنظر إلى حجم الانتظارات، ينذر مرة أخرى بمحدودية هذه الموارد، لاسيما في ظل افتقار المشروع لتصور قادر على حل المشاكل العالقة: خزينة ترابية تعوزها الموارد البشرية الكافية والمؤهلة، عجز بنيوي في تجاوز مشكل الباقي استخلاصه، غياب إحصاء حقيقي للملك العمومي المتسم أصلا بضعف المردودية

وعليه، يخلص الباحث إلى أن عدم حسم المشروع في هذه المسائل التقنية والمصيرية في العمل الجهوي، سيفسح المجال من جديد لتدخل أجهزة الوصاية، ومن تم، المس باستقلال الجهة، خصوصا أن المشروع جاء مثقلا بكثرة الإحالات على النصوص التطبيقية التي سيصدر كثير منها بعيدا عن مراقبة البرلمان.

من أجل جماعة مبادرة

خصصت جميلة دليمي، الأستاذة بكلية الحقوق بسلا، مداخلتها لموضوع: «الاستقلال المالي للجماعات على ضوء مقتضيات مشروع قانون التنظيمي رقم 113.14»، مؤكدة على أن غياب الاستقلال المالي للجماعات يطرح إشكالية مدى تمتع الجماعة بالشخصية المعنوية المكرسة بموجب الدستور، ويحولها بالتالي إلى جماعة مستهلكة للميزانية وليست جماعة مبادرة وقادرة على تحقيق التنمية. تبعا لذلك، خلصت الباحثة في معرض تحليلها إلى النتائج التالية: تكريس مشروع القانون التنظيمي رقم 113.14 لعدم إشراك المجلس الجماعي في مرحلة تحضير الميزانية، عدم منح المجلس إمكانية التعديل في مشروع الميزانية المعروضة عليه، الحد من الاستقلال المالي للجماعة بسبب رهن الميزانية بضرورة عرضها على عامل العمالة أو الإقليم من أجل التأشيرة، تعويض المراقبة الإدارية (عن طريق مراقبة المحاسب، ومراقبة المفتشية العامة للمالية، وكذا المفتشية العامة للإدارة الترابية) للمراقبة على المستوى السياسي التي يقوم بها المجلس من خلال المصادقة على الحساب الإداري، أكيد أن المتتبع للشأن المحلي يرى في الحساب الإداري محطة تثير مشاكل وتشنجات، لكن هل المشكل في الآلية أم في المورد البشري المنتخب.

ورغم تثمين المتدخلة لبعض المستجدات ومنها: الارتقاء بالتنظيم المالي إلى قانون تنظيمي؛ هيكلة الميزانية؛ حل المنازعات قضائيا. فإنها آخذت على المشروع: إبقائه على “الوصاية” القبلية على المقرارات المالية، مما يعني عدم الثقة في المنتخب المحلي..

اللاتمركز.. حضور قوي

خلصت نجاة عماري، الأستاذة بكلية الحقوق بمراكش، في مداخلتها حول «آفاق العمل اللاممركز للإدارة الترابية المرتقبة» إلى أن مشاريع القوانين التنظيمية الحالية تنص على مبدإ التدبير الحر الذي يعطي للجماعات حق تدبير نفسها بنفسها، لكن هذا المبدأ، لا يمكنه أن يتحقق دون تمتيعها بسلطة تنظيمية حقيقية، وذهبت في تدخلها إلى القول بأن دستور 2011، دشن فعلا لهذه السلطة، لكنه في الوقت ذاته، ترك الباب مفتوحا أمام سلطات الوصاية لتقليص كل تمدد مرتقب لتدخلات الجماعة الترابية، وبالتالي فتدخل الشخص اللاممركز ما زال حاضرا بقوة في هذه المشاريع مستدلة على ذلك بكون أغلب الأنشطة الاقتصادية المحلية ما زالت خاضعة لضرورة تأشير الدولة، كما أن كل المداولات المهمة أو التي هي على درجة كبيرة من الأهمية في المجال الاقتصادي أو المالي تكون خاضعة لإعادة القراءة من طرف سلطات الوصاية، لأجل ذلك دعت إلى ضرورة تجاوز هذا الوضع عن طريق تأهيل العمل الجماعي ورفعه إلى مستوى « الاحتراف» الذي ينظم العلاقة بين اللامركزي واللاتمركز على أساس تعاقدي يحدد لكل طرف مجال تدخله وفق حدية أفقية، لا يمارس فيها طرف وصايته الكاملة على الطرف الآخر وكأنه جهاز قاصر.

العمال والمراقبة الإدارية

ذهب الباحث في الشأن المحلي والإطار في وزارة التعليم العالي المحجوب الدربالي، في مداخلته حول «المراقبة الإدارية في ظل مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية» إلى التأكيد على أن الحديث عن اللامركزية الإدارية لا يعني منح الإدارة المحلية الاستقلال المطلق، موضحا أن الدستور الجديد أكد في الفصل 145 منه على أن الولاة والعمال يمارسون المراقبة الإدارية، ويساعدون رؤساء الجماعات الترابية خاصة رؤساء المجالس الجهوية على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية، وهذا يعني -في نظره- أن المشرع الدستوري له الرغبة في الانتقال من وصاية الملاءمة التي تبنتها قوانين اللامركزية، والتي تعطي لسلطة الوصاية مجالا كبيرا في مراقبة الجماعات الترابية، إلى المراقبة الإدارية والتي من خلالها تتم مراقبة شرعية القرارات والمقررات من طرف سلطات الوصاية.

وبالرغم من أهمية المستجدات التي جاءت بها مشاريع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، فإن ذلك لا يمنع من القول -حسب المتدخل- بضرورة التركيز على المراقبة البعدية، خصوصا مراقبة المحاكم المالية، وهو التوجه الذي نهجه التشريع الفرنسي، حيث تعتبر مراقبة الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الميزانية من طرف الغرف الجهوية للحسابات، في التجربة الفرنسية، كبديل للوصاية الإدارية التي كانت تمارسها السلطات المركزية في مجال البت في الخلافات المتعلقة بالتأخر في التصويت على الميزانية، أو المصادقة على الحساب الإداري للجماعات المحلية.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M