متى يخرج المسلمون من حالة الخضوع والانهزام أمام الصهاينة والأمريكان؟؟

29 يونيو 2017 13:48

إبراهيم الطالب-هوية بريس

لماذا نرى الأمة الإسلامية في ذيل الأمم رغم مقدراتها المادية وثرواتها المتنوعة الهائلة وعدد شعوبها البالغ المليار والسبعمائة مليون؟

 لا أدعي امتلاكًا لجواب شامل متكامل تفصيلي لهذا السؤال الذي يعكس الواقع المتأزم، إلا أني كغيري من المسلمين أومن أن الحل في الرجوع إلى الإسلام شريعة ومنهاجا عقيدة وسلوكا.

ورغم أن هذا الجواب غارق في الإطلاق والعموم، إلا أن صدقيته وتفصيلاته وتطبيقاته شهد لها التاريخ الإسلامي، واعترف بها الأعداء قبل الأبناء.

ولقد ازداد إيمان المسلمين في هذا القرن بأن الحل لكل معضلاتهم يكمن في الرجوع إلى مقومات الهوية ومن أهمهما وأعلاها الدين الإسلامي؛ الذي يُنهض الهمم، ويأبى لأهله الخنوع، ويمنعهم من أن يكونوا تحت حكم اليهود والنصارى أو المشركين من كافة الملل؛ ويجعل ذلك من أهم معتقداتهم التي تفرض عليهم إقامة الشريعة التي لا تكون بدون استقلال في الحكم، وامتلاك لأسباب القوة والمنعة.

لكن يبقى القصد من السؤال هو حلحلة المعضلة، ورفع الوعي بخطورة الوضع، مع التنبيه إلى مكامن الحل، التي يُغيِّبها مكر الأعداء في داخل الجسم وخارجه؛ ويحول دون تنزيلها على أرض الواقع كيدُهم الذي وإن كانت لتزول منه الجبال؛ لكنه يبقى ضعيفا مهما كبر أمام قوة الجبار التي منحها للأمة الإسلامية، عندما جعل لها عقيدة خالدة تأبى الاندثار، وشريعة صالحة ومصلحة لكل زمان ومكان وإنسان؛ وجعل الذل والصغار على من خالف أمر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ الذي تَنَبّأ بِحال الأمة وبسقوطها في الذل؛ لعدم انضباطها بالشريعة في الاقتصاد والعدل، وتركها الدفاع عن الدين بالسلاح والإعداد لذلك، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) رواه أحمد وأبو دَاوُد وصححه الألباني.

ولست في هذه العجالة واعظا ولا خطيبا؛ بل مشاركا في نقاش عام نتوخى منه بيان معالم الطريق نحو الانعتاق، والذي يبدو موغلا في الظلمة الشديدة التي تكتنف عادةً زمان الفتن وأحداثها.

وللأسف، فكثيرٌ من المسلمين اليوم فقدوا الثقة بربهم ودينهم فاستهانوا بأهمية الرجوع إلى هويتهم، ومنهم الغالبية من أصحاب القرار من السياسيين والحكام.

فقدان الثقة في قوة دين الإسلام  ونجاعته هو الذي يجعلنا لا نرى على أرض الواقع إرادة سياسية في جعل الدين الإسلامي جزء كبيرا من الحل لمعضلاتنا.

بل الغريب أن القائمين على إدارة الدول الإسلامية أصبحوا يَرَوْن أن تطبيقات أحكام الإسلام الحقيقي أصبح مشكلة عليهم مواجهتها؛ خصوصا في ظل اعتبار الغرب وأمريكا وكل العالم أن الشريعة بأصولها وفروعها تطرف، وأن العقيدة الإسلامية كما عرفها التاريخ تفضي إلى الإرهاب.

فنراهم، بفعل الضغط الدولي، في سباق محموم مع الزمن من أجل إعادة قراءة نصوص الإسلام؛ وفي صراع مع أبنائهم خصوصا أولئك الذين يطالبونهم بالرجوع إلى عقيدة الإسلام وشريعته وإقامتهما.

إن الأمة منذ أرغمت على إلغاء نظام الخلافة بعد تركيع الغرب للعثمانيين -آخر الخلفاء المسلمين- في مؤتمر لوزان 1923؛ فقدت أقوى مكونات وحدتها؛ التي مزقها الغرب من خلال خريطة سايس/بيكو، وقسّمها بدقة وخبث متناهيين، حتى يكرس دوام الفرقة والخصومات بين دويلات.

فصَّلها حسب مصالحه؛ وانتخب لها من يحكمها من القبائل والنخب، والتي لم تجتمع أبدا إلا لتختلف وتتخاصم؛ وإذا اتفق بعضُهم فلا يتفقون إلا ضد بعضهم الآخر.

إن حصار قطر والموقف من “الإخوان المسلمون” ومن حماس كلها شاهدة على أن الدويلات التي نشأت بعد سايس/بيكو آيلة للسقوط واحدة تلو الأخرى لأنها بنيت على توافقات مع أعدائها.

توافقات منعتها من أي تقدم أو ازدهار فعاشت تجمع الثروة من خيراتها لتسلمها لأعدائها الذين تفتقر إليهم في مأكلها ومشربها ودوائها وسلاحها وكل شأنها المدني منه والعسكري.

فظل لذلك حتى أمنها القومي بيد عدوها؛ تشتريه منه في شكل صفقات للأسلحة بمليارات الدولارات، تعلم مسبقا أنها لن تُطلق منها رصاصة واحدة أو صاروخا إلا إذا كانت وجهته إلى بلاد الإسلام لقتل المسلمين.

فكل أسلحة المسلمين، التي أنفقت عليها الدول من مقدرات شعوبها الملاييرَ العديدة، تستعمل اليوم في سوريا واليمن والعراق ومصر وليبيا لقتل المسلمين.

 هذا في الوقت الذي تنعم فيه دولة الكيان الصهيوني بالراحة الشاملة والأمان الكامل.

 فذلك القتل المستشري بين المسلمين وهذا الأمان الذي يعيشه عدوهم التاريخي جعلا وزير الأمن العام في الكيان الصهيوني، “جلعاد أردان”، يصرح أن: (هناك فرصة تاريخية لإقامة ائتلاف جديد بين إسرائيل والدول الغربية الأخرى والدول العربية والسنية بالاستناد على المصالح المشتركة). وذلك في مؤتمر “هرتسيليا” الإسرائيلي للسياسات والاستراتيجية لهذه السنة والذي عقد تحت عنوان “التوازن الاستراتيجي الإسرائيلي: الفرص والمخاطر”.

فما طبيعة هذا الائتلاف الجديد؟

الائتلاف الجديد بين الكيان الصهيوني والدول العربية؛ والذي سيبنى على قاعدة المصالح المشتركة هو مقدمة لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تم إعلانه منذ أكثر من 13 سنة؛ والذي أطلقته إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش ويشمل جغرافيًا كامل البلدان العربية إضافة إلى تركيا و”إسرائيل” وإيران وأفغانستان وباكستان وحسب الإدارة الأمريكية، فإن المشروع سيكون في إطار شامل يسعى إلى تشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.  وقد تم الإعلان عن نص المشروع في مارس 2004 بعد أن طرحته الإدارة الأمريكية على مجموعة الدول الصناعية الثمانية.

ولقد بات واضحا أن شروط إقامة شرق أوسط كبير تحكمه “إسرائيل” بالشراكة مع إيران؛ تطلَّب ويتطلب:

1- إسقاط دولة طالبان وتصفية القاعدة وملحقاتها وخلق نظام موال للإدارة الأمريكية وقد تم ذلك متزامنا مع إعلان مشروع الشرق الأوسط الكبير.

2- سحق كل مقاومة وعلى رأسها حركة حماس؛ وقد حاول الكيان الصهيوني سنة 2008 إبادة غزة ولم يفلح؛ فإن حصل لا قدر الله فستتبعها كل الفصائل المقاومة الأخرى؛ وقد بدأ العد التنازلي لذلك نسأل الله السلامة؛ وما الغارات الإرهابية التي شنها الكيان الصهيوني هذا الأسبوع على غزة إلا مقدمة استفزازية لتسويغ اكتساحه.

3- إبادة كل مقاومة محتملة والمتمثلة في الجماعات الجهادية وقد صنعوا لها بالفعل حروبَ استنزاف لا نهاية لها لإبادة بعضها بعضا في سوريا والعراق وليبيا.

4- إسقاط حكومة العدالة والتنمية في تركيا وقد حاولوا أكثر من مرة؛ حتى تدخل تركيا إلى الشرق الأوسط الكبير ضعيفة سياسيا واقتصاديا، ومجرد تابع ذليل للكيان الصهيوني الحاكم الديمقراطي والقوي في المنطقة.

5- حل جماعة “الإخوان المسلمون” واعتبارها إرهابية ليلجأ  أتباعها إما إلى جبهات القتال حيث الاستنزاف أو إلى السجون بتهمة الإرهاب.

6- أما الدول العربية فستَستنزف كل قواها في صراعاتها التافهة بينها؛ وتدخل الجسم الجديد مجرد مستهلك للبضائع والمنتجات الصهيونية؛ بعد تدمير احتياطاتها من العملة الصعبة في صفقات الأسلحة التي تستهلكها اليوم في حروبها لبعضها بعضا.

ولأن كل هذا يجب أن يتم أغلبُه في صمت فالأمر يتطلب تدمير قناة الجزيرة المزعجة بتغطياتها الميدانية؛ وقد أخبرتنا تسريبات ويكليكس أن محمد بن زايد قد طلب من أمريكا قصف قناة الجزيرة خلال هجومها لنشر الفوضى الخلاقة في العراق سنة 2003؛ وحيث لم تفعل فهي تطالب اليوم قطر أن تغلقها بنفسها تحت التهديد بالحرب والحصار.

إذًا لن نستغرب إذا تطابقت الشروط التي يقتضيها إنشاء الشرق الأوسط الكبير مع مطالب الدول المحاصرة لقطر وعلى رأسها السعودية؛ ونذكِّر رغم الإطالة ببعضها:

– إغلاق مكتب الجزيرة وكل القنوات المنبثقة عنه.

– الوقف المباشر لعمليات إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر ووقف أي تعاون عسكري بين الدولتين.

– إعلان قطع العلاقات مع منظمات إرهابية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة وحزب الله وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا).

فهل تطابق المطالب مع شروط إقامة المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة مجرد مصادفة؟

 أم أن المعركة تدار بأيدٍ صهيونية أمريكية من الإمارات كما أديرت معركة إسقاط الرئيس مرسي من هناك في دبي، التي يعتبرها أغلب مفكري الخليج وعلى رأسهم عبد الله النفيسي “تل أبيب” الخليج؟؟

فمتى يخرج المسلمون من حالة الخضوع والانهزام أمام الصهاينة والأمريكان؟؟

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. السلام عليكم.موضوع ثقيل شائك .في نظري التدين الحالي (وليس الدين) فيه خلل كبير.لم يجعلنا بعد نصل الى ان نكون سادة العالم.التدين اصبح جزء من المشكلة.كثرة العلماء والفقهاء والمفكرين ولا نتيجة الا انتشار الفوضى والنفور من الدين.والضعف في الافراد والجماعات.شكل التدين غير صحيح اذا كنا ننتظر النصر والتمكين من الله..مؤامرات الاعداء تزول منها الجبال.ولكن طريقة تدين الصحابة والتابعين لاتشبه طرقتنا المعاصرة..فقهاءنا علماءنا دوو ثقافة وفهم كبير ولكن لايؤثرون في الناس باحوالهم ولايكونو مركز جدب روحي للافراد المتدينيين.والله اعلم

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M