هلوسات

24 يوليو 2015 19:26
هلوسات

هلوسات

سفانة إراوي

هوية بريس – الجمعة 24 يوليوز 2015

هلوسات 1

أزمعت أن أفاجئها بسؤال لا تجد مفرا من الإجابة عنه:

عذرا أيتها البطلة، رأيتك ساكنة، هادئة، صافية.. هل ستمطر سماؤك؟! ستكونين أجمل إذن.. ام.. ام.. أنت تلك الليلة، ليلة القدر أقصد، أليس كذلك؟

ضحكت ملء فكيها وأجابت بكبرياء معهود: تودين إغرائي بكلمات منمقة، نعم أنا هي، اليوم وغدا وبعد غد، وإن كنت قضيت أيامك الأولى تنتظرينني فتحسري على حظك العاثر لأنني كنت هناك أيضا.. وقهقهت باستماتة لتثير بواعث الألم والرهبة في صدري..

طأطأت رأسي وأنا في عنفوان الخجل وتمتمت: لكن ليس هذا ما أخبرت به، ألست تأتين في الليالي الوترية من العشر الأواخر؟

ردت بازدراء: هذا ما يظنه الناس، بل هو صحيح أجل.. لكن ولاءكم للمادة أيها الكسالى يحجب عنكم رؤية المقصد من هذا الاجتهاد.. أن أكون مدرسة، وأن يكون رمضان درسا، أن تدخلي المدرسة بعزم وتخرجي منها بشهادة الغفران وبذات العزم الذي ولجتها به..

لا تنتظريني من أجلي، لتنتشي الحب بدعوات وصلوات ترفعك لمقام النور وتمنحك الوصال الإلاهي الدافئ.. ثم تخرجي بعد أيام بغير النفس التي استقبلتني بها.. لكني أوافقك على تحريك لوقتي على ألا يكون تحري الكسالى.. أفهمت سري يا هذه التي تريدني بمقصد لحظي لا أزلي؟!

لا أعلم ما الذي توهج في صدري بعد تلك المناجاة الحكيمة معها.. صدقا، لقد كنت ساذجة، صدقا لأن المقصد أعلى وأسمى..

رمضان مدرسة لمن قرر أن يتتلمذ فيها ويستفيد من معارفها بعدها، رمضان لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..

هلوسات 2

اشرأببت بعنقي عاليا علني أحظى برؤية تلك الخيوط الذهبية الأولى من إشراقتها، لكنها لم تطل بعد، فلازال الشفق ينشر احمراره في الأفق مزهوا بسيطرته..

رآني متعلقة بنافذتي كعادتي في الصباح الباكر أنتظرها، ألقى تحية الصباح ومضى في إنشاد قصيدة الفخر بالفجر..

لم أترنم بها كثيرا فأردت استفزازه بشيء لأظفر منه بضالتي فقلت: لو أنك أخبرتني عن الليلة الماضية وأسرارها بدل أن تغوص في معامل التنميق.. أم أنك ترافق الفجر، ويأبى كبرك عليك أن تسأله عن ما خلف وراءه؟؟

ضحك المتكبر كثيرا قبل أن يجيب بمزاح ظاهر: ما أصلب رأسك، أما كنت قد حاولت معرفة ذلك الليلة الماضية فما أفلحت؟ فلم تصرين على ذلك اليوم؟!

أجبت وقد أدرت وجهي عنه: نسيت أني أكلمك، سأنتظر من كنت أنتظر حتى أعلم من مظهرها سر ما أبحث عنه.. امض سريعا، أتود السكنى هنا؟!

رد متداركا: لست أدري سببا لتهجمك هذا علي، عذرا على كل حال، لكني بت قاب قوسين من اكتشاف حمقك.. أما قيل لك بأن الوصال لن يكون كما تبحثين عنه؟!

أترين هذا الجمال الرائع، والرونق الباهر، هذه العظمة في الخلق، والدقة في الصنع.. كلها خفايا من أسرار ذلك الملكوت الذي لا يفتر متجددا، متألقا.. فلو جعلت لك فيه وردا للتأمل لأدركت حد شكر النعمة وسر الاستحثاث في دعاء المولى بها.. إن خطوت شبرا إلى الشكر وألحقت به آخر، ومضيت بعد ذلك بخطوات متسارعة إليه، لحققت جزء من غايات ذلك الوصال الذي تبحثين عنه في تلك الليلة، وربما أدركتها بالشكر في كل ليلة.. ألم يخلد فينا سيدنا تلك المقولة المعنونة لكل تذلل سام: “أفلا أكون عبدا شكورا؟!” فكيف بكم أنتم يا معاشر الخطائين؟!..

وانسحب الأحمر مقهقها بينما كنت غارقة في سكرة كلماته أتحسس النشوة فيها..

وأكرر: شكر وأمل ووصل، ما أعظمك يا إلاهي.. حتى بدت خيوطها ملوحة لي من بعيد..

لوحت بدوري منتشية فرحا وظفرا.. ومضيت..

شكرا أيها الملكوت الرائع..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* طالبة؛ أولى جامعي؛ شعبة العلوم الفيزيائية.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M