احسان الفقيه تكتب: السعودية ومصر.. مفترق طرق

30 يوليو 2015 17:41
احسان الفقيه تكتب: السعودية ومصر.. مفترق طرق

احسان الفقيه تكتب: السعودية ومصر.. مفترق طرق

هوية بريس – احسان الفقيه

الخميس 30 يوليوز 2015

على صهوة جواده، كان عنترة يقف في شموخ كالجبل الأشم، وقد أصابه سهم مسموم، أطلقه شيخ ضرير موتور، وهو على يقين من أن الفارس الأسود سيُجهز عليه ما بقي فيه نفس يتردد.

إلا أن عنترة لم يشأ أن يختم حياته بقتل شيخ ضرير فتكون وصمة عار، تلتصق به أبد الدهر.

* كم هزني ذلك المشهد الذي جسد روحا عربية سائدة في المجتمع العربي، وزادها الإسلام حُسنا، تحمل صاحبها على أن يُخاصم ويعادي بشرف وفروسية، فأين نحن وأولئك الفرسان؟!

* كُن خصما ونِدَّا، كن عدوا لدودا، كيفما شئت، لكن أن تضرب تحت الحزام، وتطعن في الظهر، وتطلق الكلاب خلف خصمك وأنت تدّعي المودة، وتروّج الأكاذيب لتُمهّد للقطيعة، فليست هذه أخلاق الفرسان.

* بدأ القلق ينتاب نظام السيسي بعد تولّي القيادة السعودية الجديدة، عندما تم استبعاد شخصيات مُقرّبة للنظام المصري، وذلك ضمن الإصلاحات الداخلية، وحركة التغييرات في الهيكل الإداري للدولة.

تنامى هذا القلق بعد أن تعاملت السعودية بفتور مع الانقلابيين، ثم تعاظم وبلغ ذروته عندما فتحت السعودية صفحة جديدة مع الإسلاميين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، وتقاربت مع حركة حماس، وهذا وحده كفيل بإثارة فزع السيسي ونظامه، حيث أنه جعل من مواجهة الإخوان القضية الأولى، والمظلة التي يكتسب تحتها صفة البطولة والظهور بمظهر القائد المُخلِّص، وفي نفس الوقت يستخدمها للتغطية على فشله الإداري.

وانطلق إعلام الانقلاب للنيل من المملكة العربية السعودية، بما يطرح سؤالا هاما يفرض نفسه بنفسه: هل الإعلام الانقلابي يتحرك بمعزل عن سياسة النظام المُعلنة تجاه السعودية، أم أنه موجَّه من قِبل ذلك النظام؟

الأسطورة تقول:

أن الإعلام المصري أصبح نزيها ويتناول القضايا والأحداث بموضوعية وحيادية، بغضّ النظر عن مدى توافقها مع سياسة النظام الحاكم.

لكن الحقيقة تقول:

أن الإعلام المصري كان ولا يزال تابعا لنظرية الإعلام السُلطوي، الذي يُعبّر عن سياسة النظام وتوجهاته ويروج له، وأن الفترة الوحيدة التي كان الإعلام المصري لا يخضع فيها لتوجهات النظام، هي العام الذي تولى فيه الرئيس محمد مرسي إدارة البلاد، لكنه كان إعلاما مأجورا وعميلا للعسكر والدولة العميقة.

ومن ثَمّ فلا يمكن بحال النظر إلى الهجوم الإعلامي على السعودية على أنه وجهة نظر مستقلة.

* فعندما تتطاول صحيفة الأهرام -وهي الجريدة الرسمية الناطقة بلسان الدولة- على السعودية، فاعلم أنها فعلت بمباركة السيسي.

* وعندما تقوم مجلة روزاليوسف -التي تتلقى أوامرها من الاستخبارات- وتكتب: السعودية باعت مصر، فاعلم أنها فعلت بمباركة السيسي.

* وعندما يهاجم عرّاب الانقلاب ومُعدّ البيان الانقلابي محمد حسنين هيكل، المملكة السعودية ويتغزل في إيران وحزب الله، فاعلم أنه فعل بمباركة السيسيين وأنه يُعبّر عن توجهات زعيم الانقلابيين.

وهذا الأخير (هيكل) معروف منذ نشأته الصحفية بقربه من النظام الحاكم، وبقربه كذلك من إيران، لذا مثل تصريحه الأخير -المثير للجدل حول السعودية وإيران- هو بمثابة تدشين لعهد جديد من العلاقات المصرية السعودية، والعلاقات المصرية الإيرانية.

* فأما عن العلاقات المصرية السعودية، فالصورة واضحة..

 نظام السيسي يرى أن (الرز) السعودي التصقَ في قيعان القدور ولم يعُد يُقدّم محروقا على إيقاع تمايُل الخصور في مهرجانات السماسرة الأكابر الذين باعوا مصر وكرامة المصريين بثمن بخس.. وأن السعودية الجديدة تختلف معه في عدّة ملفات، أبرزها التعامل مع الإخوان، حيث أن المُتحكم في درجة التقارب المصري مع أي دولة هي موقفها من هذه الجماعة.

* كما أنهما يختلفان في موقفهما تجاه الأزمة السورية، ففي الوقت الذي تُصرّ السعودية على الإطاحة بنظام الأسد كحلٍّ أساس للقضية، يتبنّى السيسي الحل السياسي والإبقاء على الأسد ضمن فترة انتقالية.

وأما عن العلاقات المصرية الإيرانية، فتصريح هيكل تطرّق إلى ضرورة التحالف مع إيران.

وقطعا ازدادت الحاجة إلى ذلك التحالف بعد اتفاقية النووي الإيراني، والانتعاشة الاقتصادية المتوقعة لإيران، ما يجعلها مصدرا جديدا لـ(رُزٍّ فارسيّ).

* وفي الوقت نفسه سوف يلقى هذا التحالف ترحيبا أمريكيا، وسيكون وسيلة لتخفيف الضغط الدولي على مصر إزاء سياستها الأمنية القمعية في الداخل.

 كما أن السيسي سيحظى بدعم الشيعة على إثر ذلك، سواء في الداخل أو الخارج، وقد بدأ ذلك بالفعل وظهر في تصريحات عمائم الشيعة الذين يرون في السيسي إماما للمسلمين.

* أُذكركم بما طرحته في مقالة سابقة من أن التاريخ يكتب الآن، وأن الرايات تتمايز.

فبعد أن دعمت أمريكا طهران وتركتها تنوب عنها في مراقبة ومواجهة دول السنة في المنطقة، سوف تمتاز الأنظمة الحاكمة إلى فسطاطين، إما مع السعودية (محور الحلف السني)، وإما مع إيران الشيعية..

وكلٌ له أهدافه وأجنداته.

وترقبوا معي مزيدا من تمايز الرايات، وانحياز الأنظمة إلى الفسطاطين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M