حقيقة ابن عربي الحاتمي الصوفي ردا على مادحه عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)

04 أغسطس 2015 11:54
حقيقة ابن عربي الحاتمي الصوفي ردا على مادحه عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)

حقيقة ابن عربي الحاتمي الصوفي ردا على مادحه عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)

هوية بريس – ذ. طارق الحمودي

الثلاثاء 04 غشت 2015

مما كتبه “لويس مينار” و”تيموثي فريك” و”بيتر غاندي” و”ألان ألفرد” و”جاك ماتر” في أبحاثهم القيمة أن الأمر بدأ بهرمس مثلث العظمة في بابل، الذي انتقل إلى مصر، ونشر الاعتقاد بأن الله مجرد عقل مجرد غير موصوف بصفة كمال، وأنه بتفكيره في نفسه فاضت عنه هذه الكائنات، بدأ بالكواكب الآلهة ونفوسها، إلى آخر حشرة؛

وانتشر هذا الفكر “الغنوصي” في الشرق كله، في الصين والهند والشام، وانتقل من بعدُ إلى اليونان في قصة معروفة، وتمثلته في بلاد المسلمين بعض الفرق الشيعية الباطنية كالإسماعيلية، وتولى كبر ذلك إخوان الصفا الذين نقل فكرَهم إلى بلاد أفريقية طبيب يلقب “ساعة” في آخرين، ثم منها نقل هذا الفكر إلى الأندلس من قبلُ على يد بعض الصابئة الحرانيين المتفلسفين عباد الكواكب، ثم على يد ابن مسرة، ثم الرعيني، ثم ابن العريف، ثم… ابن عربي الحاتمي.

كان ابن عربي ممن يعتقدون وحدة الوجود، كمن سبقه، ومعناها أن الموجود الوحيد هو الله، وأن كل ما سواه، أي العالم، إنما هو صورة له كصورة أحدنا في المرآة، فلا وجود للعالم، وإن شئت قلت: العالم هو نفسه الله، كما يقال عن صورة المرء في مرآة بيته: إنها نفس صاحبها، وتعدد الكائنات سببه تعدد المرايا!!!

ويتفرع عن هذا أن كل حركة وسكنة في الكون، سواء كانت إيمانا أو كفرا، كلها صور لفعل الله، كما يحرك أحدنا يده، فتتحرك صورة يده في المرآة، ومعنى هذا أن كل ذلك مما يحبه الله تعالى لأنه فعله عن إرادته، فلا فرق بين الكفر والإيمان، فلا تكليف ولا حساب ولا عقاب، وهو ما سيسمى من بعد “وحدة الأديان“، إلى درجة أن جعلوا فرعون موسى من أهل الإيمان، لأنه علم أنه صورة من صور الرب الأعلى !!

وألف ابن عربي كتبا كنى فيها عن مذهبه على طريقة التصوف الفلسفي الباطني الإشراقي، كالفتوحات المكية والفصوص وغيرها، وقد انتقد العلماء قديما وحديثا كفرياته في كتبه، وما نقل عنه، فألف برهان الدين البقاعي (ت 885هـ) “تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي” وألف السخاوي (ت902هـ) كتاب “القول المنبي عن ترجمة ابن عربي”، وهو أوفى كتاب في بيان حال ابن عربي، وقد حُقق بعضه، وألف تقي الدين الفاسي (ت832هـ) صاحب “العقد الثمين” كتاب “تحذير النبيه والغبي من الافتتان بابن عربي”، وقد عقد لترجمته فصلا في “العقد الثمين” استخلصه علي حسن الحلبي ونشره في جزء مفرد.

وقد افترق الناس فيه أربع فرق، فرقة وافقته، وهم أتباعه وشكله، فحكمها حكمه وفرقة خفي حاله عليها فحسنت ظنها به، وتأولت كلامه بتكلف بارد، وحملته على موافقة العقيدة والشريعة، وفرقة ضللته بل كفرته، وهم عشرات المحققين من مختلف المذاهب الإسلامية، ذكر منهم السخاوي في “القول المنبي” نحو 140 كما يقول شيخنا بوخبزة في صحيفة سوابق، وفرقة من المستشرقين اليهود والنصارى، ومن شاكلهم من الحداثيين المستغربين العرب مدحوا فكره، وروجوا لمصنفاته، ليهدموا عقائد الإسلام.

قال رفيقي مادحا ملخصا موقفه من ابن عربي الحاتمي: “عقيدة ابن عربي عندي هو ما نظمه في شعره حين قال:

لولا جمالِك ما تهتك سر عاشق***بل كل معشوق عليكِ دليل

ولا يدري المسكين أن ابن عربي على طريقة التصوف الفلسفي الذي يخاطبون الله ويصفونه بصفات النساء -ولذلك وضعت الكسرة تحت اللام في “جمالِك” وتحت الكاف في “عليكِ”!!!- حتى سموه “ليلى”، والعياذ بالله، كما قال بعضهم من أهل المغرب”:

أتطلب ليلى وهْي فيك تجلّتِ***و تحسبها غيرا وغيركَ لَيْسَتِ

ولا يدري رفيقي -ربما لعدم معرفته بحقائق التصوف الفلسفي- أن العشق عندهم غير العشق الذي فهمه… على قبحه… فالعشق عندهم… عشق انجذاب الكائنات للعقل المجرد الذي فاضت عنه على طريقة فلاسفة الهند واليونان، ومن خبر تاريخ الفلسفة ومدارسها وفكرها لم يخف عنه هذا، وقد يكون الجهل بهذا سببا في تلاعب المرء بدينه.

ولكي لا أطيل، يرجى مراجعة الكتب التي أشرت إليها سابقا، فإنها كافية لبيان حقيقة ابن عربي، وزاجرة عن مدحه وتعظيم قدره، بل مقنعة بوجوب فضحه والتحذير من عقيدته وفكره.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M