كورونا.. رابطة علماء المغرب العربي تدعو إلى التكافل وتثمن التدابير المتخذة من طرف الدول المغاربية
هوية بريس – متابعات
علقت رابطة علماء المغرب العربي على انتشار وباء كورونا في العالم، وكشفت الرابطة في بيان توصلت “هوية بريس” بنسخة منه،أنها تتابع مع الجميع تطورات الأحوال في البلاد المغاربية خاصة والبلاد الإسلامية عامة، بل وفي سائر بلاد الدنيا في ظل انتشار هذا الوباء المستجد كوفيد-19، وترى أن من واجبها التوجه لعموم المسلمين بما يلي:
1 – ما تشهده بلداننا وسائر بلدان العالم من الابتلاء العظيم، والبلاء العميم، يستوجب من المسلمين جميعا التضرع إلى الله عز وجل والقنوت في الصلوات ودعاءه وحده كي يكشف عن الناس ما حل بهم. قال الله تعالى : ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)) [الأنعام: 42].
2 – تهيب الرابطة بالجميع لجعل هذا البلاء محطة فارقة للتفكر في سنن الله في الخلق التي لا تتبدل ولا تتغير قال الله تعالى : {سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا}[الأحزاب: 62]. ومن سنن الله أن الظلم مؤذن بالخراب، والفساد مؤذن بالعقاب. قال الله تعالى {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا}[الإسراء: 16]، وتدعو – في هذا السياق – عقلاء الناس إلى التعاون على دفع الظلم والعدوان، ومحاربة الفساد والطغيان.
3 – لمواجهة تداعيات انتشار هذا الوباء المستجد تدعو الرابطة المسؤولين وجميع المسلمين إلى إنشاء صناديق للتكافل وتفعيل صناديق الزكاة، والإكثار من الصدقات ومظاهر التكافل المعهودة في شعوب أمتنا الاسلامية في أوقات الشدة والبلاء، ويستحب لأغنياء المسلمين تقديم زكاة أموالهم في مثل هذه الأحوال، وذلك لسد حاجة الفقراء والمعوزين خاصة وأن جل الدول الاسلامية طبقت الحجر الصحي مما ألجأ شريحة من الناس الذين يعيشون على يومياتهم إلى القعود في بيوتهم وأحالهم على البطالة، وصير كثيرا منهم غارمين. قال تعالى: ((وسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْارْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) [آل عمران: 133، 134].
4 – توصي الرابطة جميع الناس بالتزام كل التدابير الوقائية التي اتخذتها حكومات بلدانهم من حجر صحي وحظر للتجول وغير ذلك، واحترام ما تصدر من تعليمات رسمية لما في ذلك من المصلحة العامة ودفع للضرر عن النفس والغير، وأن يفعل المسلمون ذلك صابرين محتسبين مع اعتقاد أنه لا يصيب العبد إلا ما كتب الله له. فعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: سألتُ رسول الله ﷺ عن الطاعون فأخبرني أنه: (عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكث في بلده صابراً محتسباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد) رواه البخاري. قال ابن حجر رحمه الله: “اقتضى منطوقه أن من اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد وإن لم يمت ” [فتح الباري (194/10)].
5 – تثمن الرابطة ما اتخذته حكومات الدول الاسلامية عامة والدول المغاربية خاصة من تدابير وقائية للحد من انتشار الوباء، ومن ذلك إغلاق كل المؤسسات والمرافق التي تشهد تجمعات بشرية بما في ذلك المساجد، لكنها تلتمس من المسؤولين الحرص على ضمان أداء الفرض الكفائي فيما يتعلق بالجمع والجماعات بما يقتضيه الحال وبما لا يتنافى مع الحجر الصحي، وتقترح الرابطة إقامة الجمعة في مسجد واحد في كل بلدة بعدد تصح بهم شرعا تعينهم الجهات المسؤولة من القيمين التابعين للمؤسسات الرسمية، وإقامة الجماعات بالامام والمؤذن، وقد أخذت بهذا بعض الدول الإسلامية كدولة ماليزيا وهي مثال يحتذى، ولا يخفى ما في هذا من حفظ الدين وإقامة شعائره الظاهرة ولو في الحد الأدنى، و”الميسور لا يسقط بالمعسور”.
6 – تذكر الرابطة الحكومات الاسلامية بتقوى الله وتطبيق الشريعة في بلدانهم، فتعطيل الشريعة من أعظم الظلم، وأظهر المنكر الذي يستوجب العقوبة من الله، قال الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}[المائدة :44] {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}[المائدة: 45] {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [المائدة:47]، فبالتوبة والاستغفار يكشف البلاء بإذن رب الأرض والسماء، فما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.
7 – تدعو الرابطة الجميع للتعاون على إنجاح التدابير المتخذة لمواجهة الوباء ومنع المستهترين بالإجراءات والتعليمات الوقائية من الاستمرار في استهتارهم، وتدعو السلطات إلى التعامل مع تلك الخروقات بما يناسب من وسائل الردع والتعزير، وذلك لدفع المفسدة والضرر الذي يمكن أن يترتب على تلك الخروقات، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)) رواه ابن ماجة والدارقطني، والقاعدة المتفق عليها بين الفقهاء (الضرر يزال).
8 – تدعو الرابطة السلطات إلى مراقبة الموظفين والمنتسبين للدوائر الحكومية وبعض التجار المحتكرين الذين يستغلون مثل هذه الظروف لابتزاز الناس وإلحاق الضرر بهم، فوجب اتخاذ التدابير اللازمة لإزالة كل أثر للرشوة والاحتكار والمحسوبية كي لا يعان الشيطان على ضعاف النفوس فتنفلت الأمور ويخرج الوضع عن السيطرة لا قدر الله.
وفي الختام نسأل الله عز وجل أن يرفع عنا هذا البلاء، وأن يحسن للمصابين منا العزاء، إنه سميع مجيب الدعاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رابطة علماء المغرب العربي
الجمعة 2 شعبان 1441هـ
الموافق 27 مارس 2020م.اهـ
جزاهم الله خيرا