المسيرة الخضراء… دروس في الوحدة والإبداع والانتماء
رشيد وجري
هوية بريس – الثلاثاء 10 نونبر 2015
المسيرة الخضراء هي مسيرة سلمية كبرى نجح فيها المغرب باسترجاع أقاليمه الصحراوية من المحتل الإسباني في 06 نونبر 1975. وهي من الأحداث الوطنية البارزة والمهمة والمتجددة، شارك فيها كل المغاربة ذكورا وإناثا ممثلين لربوع الوطن، ولا زالوا يشاركون إلى يومنا هذا، وما الاحتفالات المتميزة والمتنوعة بهذه الذكرى الأربعين لسنة 2015 في كل قرية وكل مدينة من وطننا العزيز كل بطريقته الخاصة إلا دليلا على المشاركة الواسعة والتلقائية لجميع أطياف المجتمع المغربي.
ولا شك أن المسيرة الخضراء حدث متجدد وذكرى حبلى بالدروس والعبر مليئة بالفوائد والدرر نذكر منها لا الحصر:
- درس كبير في الوحدة والاتحاد والتلاحم الوطني الكبير، فكل شرائح المجتمع انخرطت، وتنخرط في إحياء هذه الذكرى الغالية كل بطريقته الخاصة والمتاحة فهناك من جسد الحدث وهناك من كتب عنه وهناك من غنى للحدث وهناك من صفق له وهناك من فتح صفحة في المواقع الاجتماعية الافتراضية للتعريف بالقضية الوطنية الأولى وهناك من شاركه وهناك من رسم وهناك… وهناك…
- درس ثاني متمثل في الإبداع والتجديد وعبقرية مبدع المسيرة الخضراء الملك الحسن الثاني رحمه الله،. فحرصا منه على حقن الدماء و تجنيب المنطقة حربا مدمرة مفتوحة على كل الاحتمالات، اتخذ قراره الحكيم القاضي بتنظيم مسيرة سلمية خضراء بعيدا عن منطق الحرب و العنف والدماء فاتحة الباب أمام صوت العقل و الحوار لتسوية النزاعات ولو كانت مفتعلة… وهي سابقة في عصرنا الحديث، عصر استعراض الترسانات العسكرية…
- درس ثالث كبير في الانتماء والوطنية، فالوطنية ليست شعارات جوفاء وليست هتافات حسناء، بل هي انخراط فعلي في الدفاع عن الوطن، في بنائه، وتنميته، إذ الوطنية الحقة حب صادق وعمل يجني الوطن ثمرته الطيبة.. والإخلاص للوطن في الداخل والخارج انتماء، وإتقان العمل انتماء، والجد والاجتهاد انتماء، وحسن القيام بالواجب والمسؤولية انتماء، والتفوق في الدراسة رغبة في خدمة الوطن انتماء، والدفاع عن الوطن عن أرضه وأهله انتماء، والالتزام بآداب التعامل وحسن الخلق مع الغير انتماء، واحترام الدين الإسلامي والقيم والمبادئ النبيلة وثوابت الوطن انتماء لوطن يستحق منا الكثير…
- درس رابع في السمع والطاعة لولي الأمر فما أن خطب الملك الحسن الثاني رحمه الله آنذاك بدعوة المواطنين والمواطنات إلى الانخراط في المسيرة الخضراء لتحرير أقاليمنا الصحراوية الجنوبية حتى هبّ المواطنين والمواطنات للمشاركة الفعلية والطوعية، ففاقوا العدد المحدد (350 ألف) بكثير وكثير …
- درس خامس في التعاون والتضامن بين أفراد الشعب المغربي، حيث مرت المسيرة الخضراء في جو من التعاون والتضامن بين المشاركين في المطعم والملبس والغطاء و…
- درس سادس في التضحية والفداء، فالمشاركون والمشاركات قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل تحرير الوطن والدفاع عن وحدته وأراضيه…
- درس سابع في معرفة وتعرية أعداء الوطن الحقيقيين في الداخل والخارج، فحدث المسيرة الخضراء كشف بالملموس عن المناوئين والحاقدين على المغرب والمغاربة، وأعداء السلم والسلام وكشف عن المرتزقة الذين يصطادون في الماء العكر، يتاجرون بآلام الناس؟؟؟
- درس آخر في النظام والانتظام والانضباط، فرغم كثرة الحشود المشاركة في المسيرة الخضراء، على تنوعها وتعددها، فقد عرفت انتظاما قل نظيره، وما أحوجنا إليه في الوقت الحاضر، حتى نصطف صفا واحدا لبناء وتنمية مغرب آمن يسع الجميع…
لا ندعي أبدا أننا جردنا كل الدروس والعبر المستخلصة من هذا الحدث الوطني العظيم الذي يفتخر به كل المغاربة في شمال المغرب وجنوبه في شرقه وغربه، هذا الحدث المتجدد الذي يجب أن نحسن استثماره واستغلاله لتربية النشء على حب الوطن الحقيقي، في ضخ مزيد من دماء الوطنية في شرايينهم، وشرايين شباب وشاباتنا؟؟؟
بلى إن المسيرة الخضراء، مسيرة مستمرة في الزمان ومتجددة في المكان، فهلموا جميعا أيها الأحرار للانخراط في مسيرات أخرى على شاكلتها تحت عنوان:
- مسيرة التنمية والبناء والإنجاز والعطاء لهذا الوطن الحبيب.
- مسيرة الوحدة والاتحاد والتعاون والإسعاد لأجل المصلحة العامة.
- مسيرة الديموقراطية والحرية والإخاء والعدالة الاجتماعية.
- مسيرة لتحرير ما بقي من أراضينا الغالية، في سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وغيرها.
- مسيرة محاربة الفساد والاستبداد والظلم والقهر والارتداد.
- مسيرة لمحاربة كل أعداء الوطن، سواء كانت داخلية أو خارجية، كانت بشرا أو غيره، مسيرة لمحاربة الفقر والجهل والأمية والتهميش واللامبالاة والحكرة و…
- مسيرة من أجل غد أفضل للإنسان المغربي الأبي في القرية المنسية والمدينة المقصية، فوق الجبل الوعر وفي أسفل الوادي بالقعر، في الواحة الصحراوية وفوق الكثبان الرملية في الدوار والدشر و”القصر” وفي …
بلى لقد احتلت القضية الوطنية ولا تزال تحتل صدارة الأولويات في مملكتنا المحروسة منذ إعلان المسيرة الخضراء، بفضل الإجماع الشعبي والرسمي على مغربيتها، وعدم التفريط في حبة رمل منها، رغم كيد الخصوم والمناوئين والمغرضين. ولا شك أننا سنفحم ونقهر كل الأعداء إذا ساهمنا كل من جانبه في تنمية ورقي وازدهار هذا الوطن الغالي.
وختاما ذكرى المسيرة الخضراء مناسبة وطنية غالية لزرع وتعزيز قيم فضيلة كثيرة في نفوس الناشئة من قبيل: قيمة التضحية والوفاء والوحدة والصمود، والتضامن والتعاون، والإرادة والوطنية الحقة والانتماء والإبداع والتجديد… علينا أن نحسن استثمارها في خدمة الوطن وقضاياه على مدى الزمن.