صوتي.. الشيخ القزابري يلقي قصيدة فيها مواعظ وحكم ومدح لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
هوية بريس – المقرئ عمر القزابري
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين..
أحبابي الكرام:
هذه قصيدة يسر الله سبحانه وبحمده نظمها للعبد الفقير..وهي من مائة وأحد عشر بيتا…فيها مواعظ وحكم ومدح لسيدي وتاج راسي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم..وأن ينفعنا بها يوم القيامة بفضله ومَنِّه وكرمه…
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…
محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري
يَا جَارَةَ الأََيْك…!
ياجارة الأيك قد زاد الجوى ألمي/ فصرت ألتمس الأضواء في العَتمِ
طال البعاد وسوط الشوق أرقني/عز الرقاد فما نومي بمنتظمِ
فلا ديار صباي البعد يحجبها/ ولا الأنين شفى قلبي من السّقمِ
إن الحبيب وإن شطّت مضاربه/ فذكره في فمي يجري مع الكلمِ
ياسائلا عن سبيل الفوز تنشده/ أعلاك بالعزم من أغناك بالكرم
لا تقصدن سوى مولاك من أحد/ فهو الكريم مقيت الخلق بالنعمِ
طوبى لمن أعتق النفس التي أسِنَت/ من ربقة الإثم أو مستنقع التُّهمِ ..
قد خالف النفس إذ تدعوه في لججً/ قد غلها بوثاق الخوف والندمِ..
والمرء مادام ذا حزم يوجهه / نحو البدار فما أحراه بالحُزُمِ..
فكم أضعت من الأعمار في عبث/ حتى أتاك نذير الشيب بالهرم
فعد سريعا فإن العمر منصرم/ ولا تسوف وحاذر أخذ منتقم
إن النفوس لها إن أهملت صهلٌ/ فعارضِ الجُدُلَ المرخاة باللجُمِ
ياسعد عبد وعى ثم سعى عجلا/ إن المنيب عن القطاع في صمم..
يمشي على وجل لله منكسرا/إن يجترئ جاهل يسْتغنِ بالسَّلمِ
وإن سجى ليله والناس في فُرُشٍ/ طوى فراشا وقام الليل لم يَنَمِ
إن الخلاص مع الإخلاص مقترن/ فلا تراء وقل ياخير معتَصَمِ
اجعل رضاك سبيلا لست أخطئه/ واجعل سلوكي بصدق القصد يلتئمِ
فإنما أنفس الأعمال ما خلصت/ وإنما توزن الأعمال بالخِتمِ
وارفع أكف الدعا في كل نازلة/ كالكرب في فزع أو جسم ذي سقمِ
والزم طريق الهدى لا تستسغ بدعا/ ياويح مبتدع ذاق الهوى فظمِ
يبغي شراب الهدى من منبع أسِنٍ/ يا غبنه قد أتى سُبْل الردى فعمِ
وإن أتى يزدهي يوما بحادثة/ ليست من الهدي ردت حسرة فرُمِي
وعارض النفس واحذر أن تنيخ لها/ إن المنيخ يضاهي ذلة البهُمِ
فإن تخالف هواك النجم تبلغه/ وإن تطع شهوة تركض مع النّعمِ
كم جوعة جلبت نفعا لذي سغب/ وكم طعام أصاب المرء بالألم..
فلتهتبل فرصة التمهيل في قُرَبٍ/ فرب مصطبح أمسى مع الرِّممِ
إن السعيد الذي يسعى لخالدةٍ/ تزينت بالرضى والحور والخدمِ..
فيها مُقام الهنا فالنفس راضية/ ورؤية المصطفى عينا بلا لثُمِ
والحور في طرب واللحن منسكب/ يافرح مستمع للصوت والنغمِ
نحن الخوالد في سعد فلا سخط/ نحن النواعم في صمت وفي كلمِ
وفوق ذلك من قرب ومن كرم/ يوم المزيد فما أعلاه من كرمِ
فازرع بذور التقى فى همة ورجا/ فمستحيل الجنى يدنو لذي هممِ..
واجعل جليسك ذكر الله مرتويا/ واملأ كؤوس المنى بالذكر واغتنمِ
فالذكر يجلو قلوب الخلق من صدإ/ والذكر يرقى بهم حتما ذُرى سَنمِ
إن المريد له ورد يذكره / فإن غفلت فذا من قلة الفهَمِ..
فكيف يبغي دراك القوم منزلة/ من قد تمنى وصالا وهو في حلمِ
فجدّ سيرا أخي نحو الحمى رغَبا/ وطهر القلب واحذر زلة القدمِ
إن الصّدوق له وجد يشوقه/ إلى رياض الهداة الغر والخيمِ..
إن المعاصي وإن ألوانها سلبت / فإنها نقم في صورة النعمِ
فمن يرم بالمعاصي نيل مقربة/ يكن كمن يبتغي نسلا لذي عقمِ
شتان ما بين مستهد وذي جنفٍ/ ما أبعد المعتدي عن رتبة النُّجمِ
فمن يرد رفعة فالنجم هادية/ ومن يرد عبثا يستكف بالفحَمِ
ماكان أغناك عن إثم خلوت به/ مرت لذاذته يا خسر مجترمِ…
ما أبعد الله عنه مقبلا أبدا/ إن البعيد بعيد القصد والعُزُمِ
فاصحب من الناس من يدعو إلى ورع/ بالقول والحال تملك أروع الشيمِ
وعود النطق منك الحسن تنثره/ أو كن صموتا تحصل روعة الحكم
واحفظ لسانك لا تطلقه في حُرَمٍ / من يقتحم حرم الأعراض يُقتَحَمِ
وكن عفيفا ولا تثقل على أحد/ إن العفيف رفيع القدر والشممِ
ولا تصاحب ثقيلا كن على حذرٍ/ إن الثقيل لشمس الأنس كالغِيمِ
فإن يغادر فإنّ القلب في فرحٍٍ/ وإن يلازم فإن الروح في غُممِ
وإن ينح باكيا فالصم تسمعه/ وإن يضاحك يشابه طعنة الألمِ
وإن بدا ناطقا فالأذن في صمم/ وإن بدا ساكتا فالنفس في سلمِ
ولا تسل أحدا ديْنا لنازلةٍ/ إلا اضطرارا وحاذر غير ذي كرمِ
إن البخيل حريص مقتر لصب/ صلد ضنين شديد اليبس والقتَمِ
قد يفقد العقل إن أبديت مسألة/ وقد يُصاب مع الأيام بالسقمِ..
قد يظهر الناس حبا للورى كذبا/ فإن بدت شدة فالحب في عَدمِ
لقد سئمت من الأقوال أسمعها/ لا تغترر بكلام الناس كلهمِ
واقصد إلها إذا سدت منافذها/ فهو الذي قد رعى والخلق في نسمِ
إذا كروب ألمت يوم نازلة/ فالناس عند نزول الكرب في وجمِ
فالبعض من ألم أضناك في فرح/ والبعض من حسد إن تسْلُ يَتهمِ
أما كريم السجايا فهْو في ألمٍ / يفديك بالنفس والأعراض والذّممِ
لكن ذا أندر الأصناف في زمن/ فيه المصالحُ أغلى من ذوي رحِمِ..
فالمستحيل كما قد جاء عن سلف/ عنقاء غول وخل للوفاء نُمِي
فلا تثق بكلام الناس تسمعه/ فإنما تنفع الأضواء في ظُلمِ
والبس ردا خلق تعرج به قمما/ للقرب من سيد العربان والعجمِ
صلاح نفسك بالأخلاق مرتهنٌ/ فطهر النفس بالأخلاق والقيمِ
وإن أردت المعالي دونها نجُمٌ/ فاقبس خصال الهدى من مرشد الأممِ
نبينا طاهر القلب الذي طهرت/ به العوالم من رجس ومن أثُمِ
أخلاقه الغر في نصّ الكتاب أتت/ عظيمة الوصف في قولٍ لذي عِظمِ
فكيف بعد ثناء الله ذي كرمٍ/ يطيق مدحا له أحبابه بفمِ
صلى إله الورى رفعا لرتبته/ وقد أتى قسمٌ أعظم بذي قَسمِ
لعمرك القوم في سكر وفي سفهٍ/ فلذ بمن قد كفاك المكر واعتصمِ
لقد بلغتَ من الأخلاق ذروتها/ فلا يدانوك في حِلم ولا كرمِ
وكيف يدرك من رقاه ذو كرمٍ/ حتى رقى في سناء قمة القممِ
فقد حماك الذي أعطاك فاتحة / وقد رعاك الذي آواك في يتُمِ
إذا سخى منفقا فالجود منهمرٌ/ والكف من كرمٍ أندى من الدّيمِ
لقد أتى سائل يمتاح أعطية/ فعاد مستفردا بالإبْلِ والغنمِ
بيانه السحر في آذان سامعه/ صراطه المنقذ الوضاء في ظُلمِ
وقوله الحق في سلمٍ وفي حرَبٍ/ ووصفه اللطف في لاءٍ وفي نعمِ
يبيت يتلو يناجي ربه رغبا/ وغيره من سراب الوهم في رغَمِ
ورحمة منه في كل الدنا سكبت/ فالكون في فرح والقلب في رنَمِ
ما للجمال تهادت عند رؤيته/ وللحمام هديل غير منعجمِ
والطير تسجع والأغصان مائسة/ والروح مشرقة والنفس في سلمِ
بك استقمنا على نهج نلازمه/ فنحن حول الحمى نسقى فلم نُضمِ
غنى كياني وتاهت أحرفي خجلا/ ياليتني عنده من أصغر الخدمِ
فكل حرف له في مقولي زجلٌ/ وكل نبض يثير القلب في نغمِ
محمد كامل الأوصاف في نسقٍ/ محمد قائد الأبطال والنُّجُمِ
محمد معدن الإخلاص في ورعٍ/ محمد فائق الإحسان والكرمِ
محمد حجة الخلاّقِ قد ظهرت / محمد خير من يمشي على قدمِ
محمد سيد القراء أحسنهم/ محمد أوصل الأرحام للرحمِ
محمد أحرف الأنوار قد جمعت/ محمد أعظم الإكرام والنعمِ
محمد أجمل الأسياد قاطبة / محمد خير ضحَّاك ومبتسِمِ
محمد رحمة الباري ونعمته/ محمد منقذ الأفراد والأممِ
محمد تحفة الأزمان ما عرفت/ عِدلا له في جمال القول والحِكمِ
محمد نور البطحاء بعد دجى/ أكرم بنور أراح الكون من سخمِ
محمد زينة الدنيا وبهجتها/ محمد بلسم الأحزان والغُممِ
محمد سيد الأجواد مرسلة/ يداه بالجود فاق السحب في كرمِ
محمد أصدق العُبَّاد في لجأٍ/ محمد أحفظ الأبرار للحُرمِ
محمد إن قضى فالعدل شيمته / في عزة ظهرت في منظرٍ سنِمِ
وإن عفى فالعتاة الشرس في طمع/ إذ عفوه صار وصفا غير منكتمِ
كم أذهب الله بالمختار من شبهٍ/ كم أنقذ الله من فردٍ ومن أممِ
محمد يوم أن بدت بشائره/ عم العبير ولاح النور في الظّلمِ
محمد تعبق الأطياب من عرق/ أزكى من المسك في طيب وفي نَسمِ
له الشفاعة والحوض العظيم غدا/ وسؤله أمتي أي رب لا تَسُمِ
فيستجاب الرجا والكل في عجبٍ/ ياسعد متبع يافوز ملتزمِ
إن الذي لرسول الله متبعٌ/ يحسو كؤوس الرضى والمستريب ظمي
هذي حروف براها الوجد في شغف/ والنفس إن يسبها حادى السهى تهمِ
وقفت بالحب أهديها على خجلٍ/ ومن يردد نشيد الحب يغتنمِ
إن جاء دوري لحين الفصل أنثرها/ حديث حب سرى من مهجةٍ بدم
مولاي صل على خير الورى أبدا/ والآل والصحب والأتباع كلهمِ
واجعل صلاتي عليه رحمة وسنى/ ينير قبر أبي والأم والرّحمِ