إنه يوم عاشوراء
د. رشيد نافع
هوية بريس – الإثنين 04 نونبر 2013م
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه الشرفاء.
وبعـد:
فبمناسبة اقتراب يوم عاشوراء أحببت تذكير الأحبة ببعض مسائله الهامة فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أولا: تعريف اسم (عاشوراء):
كذا بالمد على المشهور وحكى القلعي قصرهما فتعقبه النووي بقوله: وهو شاذ أو باطل. وقال القاضي عياض في (مشارق الأنوار): عاشوراء اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية، لأنه ليس في كلامهم فاعولاء.
ومعنى عاشوراء أي اليوم العاشر من المحرم.
ثانيا: الحث على صيامه:
وردت جملة من الأحاديث الصحيحة التي تأكد استحباب صيام هذا اليوم ومن هذه الأحاديث:
1ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: ثم كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه. رواه الشيخان.
2ـ وعن بن عباس ـرضي الله عنهماـ ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا اليوم الذي تصومونه؟!). فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فنحن أحق وأولى بموسى منكم) فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه. رواه الشيخان.
ثالثا: أي يوم يصام في عاشوراء:
يتعين على من صام يوم عاشوراء صيام يوم قبله أي (تاسوعاء) أو بعده (الحادي عشر) وذلك لما ثبت عن عبد الله بن عباس ـرضي الله عنهماـ قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: ثم يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صمنا اليوم التاسع). قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
رابعا: ثواب من صام عاشوراء:
بين ذلك ما ثبت عن أبي قتادة قال مرفوعا: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله). رواه مسلم.
خامسا: الحكمة من زيادة صوم عرفة في التكفير عن صوم عاشوراء:
ذكر بعض العلماء أن الحكمة في زيادة صوم عرفة في التكفير عن صوم عاشوراء أنه من شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصوم عاشوراء من شريعة كليم الرحمن موسى عليه السلام وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل كما لا يخفى.
سادسا: بدع لا أصل لها تتعلق بيوم عاشوراء:
1ـ نقل أنه من السنة الاكتحال يوم عاشوراء.
2ـ تخصيص يوم عاشوراء بصلاة. قال ابن تيمية: (وصلاة يوم عاشوراء وأمثال ذلك من الصلوات المروية عن النبى صلى الله عليه وسلم مع اتفاق أهل المعرفة بحديثه أن ذلك كذب عليه ولكن بلغ ذلك أقواما من أهل فظنوه صحيحا فعملوا به وهم مأجورون على حسن قصدهم واجتهادهم لا على مخالفة السنة وأما من تبينت له السنة فظن أن غيرها خير منها فهو ضال مبتدع بل كافر والقول الوسط العدل هو ما وافق السنة الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم
أما من الجهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد والكذب بالكذب والشر بالشر والبدعة بالبدعة فوضعوا الآثار فى شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب وتوسيع النفقات على العيال وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسما كمواسم الأعياد والأفراح).
3ـ الاغتسال والتعييد بالمصافحة وإعداد بعض ألوان الطعام الخاصة كأكلة (عاشوراء): فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عما يفعله الناس فى يوم عاشوراء من الكحل والاغتسال والحناء والمصافحة وطبخ الحبوب وإظهار السرور وغير ذلك إلى الشارع فهل ورد في ذلك عن النبي حديث صحيح أم لا ؟!
وإذا لم يرد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا؟! فأجاب:
(الحمد لله رب العالمين لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا لا عن النبي ولا الصحابة ولا التابعين لا صحيحا ولا ضعيفا لا في كتب الصحيح ولا في السنن ولا المسانيد ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا ان من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام وأمثال ذلك. ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم على الجودي ورد يوسف على يعقوب وإنجاء إبراهيم من النار وفداء الذبيح بالكبش ونحو ذلك.
ورووا في حديث موضوع مكذوب على النبي أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب ولكنه معروف من رواية سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال بلغنا انه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته وإبراهيم بن محمد بن المنتشر من أهل الكوفة وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان).
4ـ اتخاذ يوم عاشوراء يوم حزن وعزاء: وهذا مسلك الروافض لأن الحسين رضي الله عنه قُتل يوم عاشوراء.
قال شيخ الإسلام: (فصارت طائفة جاهلة ظالمة إما ملحدة منافقة وإما ضالة غاوية تظهر موالاته وموالاة أهل بيته تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية.. فكان ما زينه الشيطان لأهل الضلال والغي من اتخاذ يوم عاشوراء مأتما وما يصنعون فيه من الندب والنياحة وإنشاد قصائد الحزن ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب وإثارة الشحناء والحرب وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين وكثرة الكذب والفتن في الدنيا ولم يعرف طوائف الإسلام اكثر كذبا وفتنا ومعاونة للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية فانهم شر من الخوارج المارقين وأولئك قال فيهم النبي: يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان) وهؤلاء يعاونون اليهود والنصارى والمشركين على أهل بيت النبي وأمته المؤمنين كما أعانوا المشركين من الترك والتتار على ما فعلوه ببغداد وغيرها بأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ولد العباس وغيرهم من أهل البيت والمؤمنين من القتل والسبي وخراب الديار وشر هؤلاء وضررهم على أهل الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام).
نسأل الله أن يعجل بالنصر المبين، ويتقبل منا صالح الأعمال.