لا لحركة “هي”.. بل نعم لحركة “نحن”
هوية بريس – د.محمد عوام
طلعت علينا حركة سمت نفسها بحركة “هي”، تعلن أنها ستقوم بوقفة احتجاجية من أجل حقوق المغربيات، هل تدرون ما هي هذه المطالب؟ على رأسها، والعهدة على الراوي “كود”، والواقع يصدقه، “إصلاح جدري وشامل لمدونة الأسرة، تعديل حداثي لها، سوف يطالبون بالمساواة والمناصفة الشاملة في الإرث، ويجرمون تزويج القاصرات، والحق في الإجهاض، وإلغاء تجريم الزنا التي يسمونها بالحريات الفردية ومناهضة العنف…”.
هذه هي مطالب حركة “هي”، والحق أنها ليست مطالب تخدم قضية المرأة، فترفع عنها من معاناتها، وتضمن لها حقوقها المهضومة، إذ نعرف أن كثيرا من النساء يشتغلن في المصانع والمزارع والمعامل بأجر زهيد، وعمل شاق وشديد، بلا حد أدنى من الحقوق، ولا حتى الالتزام بساعات العمل القانونية، والحق في الضمان الاجتماعي، وغيرها من الحقوق التي تحفظ كرامة المرأة، وتراعي أنوثتها وظروفها الاجتماعية والصحية والنفسية.
كل هذه الحقوق التي هي عبارة عن حبر على ورق، تغض حركة “هي” الطرف عنها، وتشيح بوجهها عنها، لترفع مفاسد إيديولوجية، لا يقرها دين، ولا قانون، ولا خلق، ولا عقل سليم، وإنما تقرها العقول المريضة المؤدلجة، المرتمية في حمئة الحداثة اللادينية، حقوق مناهضة القيم الدينية للشعب المغربي، والاستنكاف على إسلامية الدولة، والتنكر لتاريخ هذا الشعب المسلم.
دائما يطالبون بالمساواة في الإرث، لا يكلون ولا يملون، فهل فعلا يمثل الإرث عائقا للنهوض بأوضاع المرأة المزرية أم أن المتاجرة به في المزايدات الدولة وفق أجندة غربية تدعو لرفع هذا الشعار الإيديولوجي، وتغييب الحقوق الحقة ذات المصداقية؟
كم يمثل الإرث في المنظومة الحقوقية حتى تسلط عليه هذه الأضواء إذا ما قورن بالمساواة في توزيع الثروة الوطنية، والقضاء على الطبقية الفاحشة، والتسلط على المال العام، وغير ذلك مما يسكتون عنه، ولا يحركون شفاههم خوفا من أن يغضب عليهم أسيادهم في الداخل والخارج؟
ثم هل المرأة المغربية المسلمة تبرمت يوما ما من الإرث وغضبت من أحكام الله تعالى أم أن مشكلتها مع الظلم الذي يمارس عليها؟ فلماذا هذا الحقد الأعمى الخبيث على الشريعة الإسلامية وأحكامها الربانية.
ولا يخفى على لبيب أن هؤلاء أكبر الجهال بأحكام الإرث ومنظومته التشريعية، فلا يدركون منه شيئا، ولا يفقهون فيه كوعا من بوع، وإنما هي الحداثة في أخس صورها، وأحط مظاهرها، حقد على القيم، وكراهة للإسلام، وبغض لأهله، وسم زعاف على تاريخه.
أما قضية الحريات الفردية، فمتى كان العقلاء يستسيغون الزنا، ويدعون إلى نشره وحمايته والتقنين له، إنها نكسة ضمير، وسوءة خلق أن يتجرأ أمثال هؤلاء للدعوة إلى الفاحشة، فيخربون بها المجتمع، فكم من فتاة جنوا عليها بأفكارهم الضالة، وصوروا لها الجحيم نعيما، جحيم الزنا والفساد، فلما تورطت وحملت، قالت مع نفسها: يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا، ولا أريد أن أحكي من واقعنا المؤلم، الوقائع والشواهد، فالناس يعرفونها.
لهذا فعلى المجتمع المغربي أن يمثلوا حركة “نحن”.
نحن المغاربة الشرفاء الأحرار، ذووا التاريخ المجيد، والشرف الحميد، نرفض أن يمس ديننا، أو تلغى أحكام ربنا الثابتة القطعية، فهي من لدن حكيم خبير، رحمن رحيم، شرعها بحكمة، فمن ابتغى بغيرها بديلا، أو رام إليها تعطيلا، وصدا وصدودا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، فلا يمثلنا البتة، فلا هو منا ولا نحن منه، لأنه خرج عما أجمعت عليه الأمة قاطبة.
فحركة نحن لا ترى في مطاب حركة “هي” إلا دعوة صريحة للفساد، الذي سيقضي -لا قدر الله- على البلاد والعباد، فلذلك ينبغي فضحه ومقاومته، وكشف خلفيته الأيديولوجية والاستعمارية والتبعية والاسترزاقية، فلا للمتاجرة بمعاناة المرأة ومأساتها.
فنحن نرى إصلاح أوضاع المرأة المزرية بتمتيعها بالزيادة في الأجرة، واحتساب العمل المنزلي وتربية الأبناء، فتعمل أقل من الرجل سواء في الإدارات العمومية أو الخاصة.
والتمتع بعطل زائدة لا سيما في المناسبات الدينية، كما تمتع شهريا بخمسة أيام عطلة مراعاة لنفسيتها، وتمتع بسنة كاملة أثناء الولادة حتى تستريح جيدا، وتعتني برضيعها ومولودها الجديد، لا أن تتركه من شهره الثاني في رياض الأطفال، وهي مشغولة البال، منكسرة الحال، متوترة في الأعمال، وأن يفرق بينها وبين الرجل في سن التقاعد، فيكون سنها أقل من الرجل، وإذا ترملت ولا دخل لها فتتكفل الدولة بالنفقة عليها نفقة تامة، لا أن تدفع لها الفتاة على سبيل الصدقة، كما تتكفل بأبنائها إذا هي توفيت وتوفي أبوهم، حتى لا يتشردوا ويضيعوا، وغيرها من الحقوق.
فهذه هي الحقوق المسكوت عنها من قبل الحداثويين، الذين لا يرون في الحداثة إلا ما تحت إزارها وسرتها، لا ما فوق رأسها وهامتها، فتنقلب عندهم الموازين، فلا يرون في الأسفل إلا أنه المنقذ من “الضلال” والمنجي من الهلاك، فيقعون في الحمأ المسنون، فهم بذلك يعمهون.
فالأسوياء يفكرون بعقولهم، والمختلون والأغبياء يفكرون ببطونهم وفروجهم، فبئس للحداثة إن كانت على هذا المنوال.